أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-5-2021
1824
التاريخ: 2023-06-08
822
التاريخ: 2023-03-25
1011
التاريخ: 2023-06-08
967
|
كان أول قمرين صناعيين من نوع «سبوتنيك» بالفعل موضوعا للأغاني والقصائد، ولا سيما الكلبة لايكا المسكينة التي كانت على متن القمر الصناعي «سبوتنيك 2». لكن الظهور السريع لرحلات الفضاء المأهولة، المدفوعة بسباق الفضاء، جنبًا إلى جنب مع القومية وتعرف الجمهور بشكل أكبر على ما يُمكن أن يَمُرَّ به البشر في الفضاء، يعني أنَّ الإنتاج الثقافي المرتبط ببرامج الفضاء الحقيقية أصبح يتمحور بأكمله تقريبًا حول رواد الفضاء. وقد أضحى رُوَّاد الفضاء السبعة على مَثْن المركبة «ميركوري» أبطالا فور إعلان ناسا اختيارهم في أبريل 1959؛ إذ كان على رُوَّاد الفضاء أن ينتظروا الشهرة حين تحين رحلتهم الأولى، هذا إذا حصلوا على واحدة، فتلك كانت السرية التي هوس بها السوفييت. وضع الجانبان الأمريكي والسوفييتي مبادئ مُتوازية؛ إذ كان رواد الفضاء طيارين بطوليين، ذكوريين في الغالب، ومواطنين نموذجيّين، وآباء، ووطنيين، ومؤمنين حقيقيين بأنظمتهم السياسية. وبوصفهم ممثلين دوليين، كانوا مبعوثين للسلام، على الرغم من أنهم كانوا في الغالب ضباطًا في الجيش (في المجموعات الأولى). كانت هذه المبادئ مدعومة من الحكومة، لكنها كانت حقيقية أيضًا بالنسبة إلى العديد من الناس في الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وحلفائهم.11
كان النجاح الجماهيري لرواد الفضاء الأمريكيين يصل إلى درجة أن الطيار المقاتل / التجريبي أصبح على الفور صورة رائد الفضاء البطل في السينما والتليفزيون الأمريكي، مُزاحمًا بذلك التجسيدات السابقة للعلماء والمغامرين وغيرهم. ومن بعد هذا الوقت (وإلى حدٍّ بعيد من قبله أيضًا) كان العلماء الذين يظهرون في حبكات الأفلام، يميلون إلى أن يكونوا مهووسين أو مُعرقلين أو غير أكفاء أو أشرار. وعندما اختارت ناسا رواد فضاء من العلماء الحقيقيين بدءًا من عام 1965، وجدوا دورهم هامشيا، حيث كان رواد الفضاء الطيارون يُسيطرون تمامًا على المهام. ولم يصعد إلى الفضاء إلا أربعة فقط قبل عصر مكوك الفضاء.12
في الاتحاد السوفييتي، كان رُوّاد الفضاء ورثة للطيارين الأبطال السابقين، الذين حققوا مآثر مختلفة لستالين في الثلاثينيات. ومع ذلك، لم يؤكد إعلام الدولة على دورهم كطياريين بدرجة كبيرة، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنَّ الحزب الشيوعي كان يكره الفردية، وجزئيًّا إلى أنَّ روّاد الفضاء السوفييت كانوا طيارين مقاتلين صغار السن وعديمي الخبرة نسبيًّا. ومن ثُم صمَّم كوروليف ومهندسوه مركبة فضائية أوتوماتيكية بالكامل حيث كان لدى رائد الفضاء القليل من القُدرة على التحكم واضطرَّ رواد الفضاء في وقت لاحق إلى خوض صراع خلف الكواليس من أجل مزيدٍ من التحكم؛ حيث أصبحت المركبات أكثر تعقيدًا. كما وجدوا أنفسهم يُواجهون تحدِّيًا من قبل فئةٍ جديدة من رواد الفضاء المهندسين، غالبًا ما يتم اختيارهم من مكتب تصميمات كوروليف.13
ووجد رواد الفضاء الذين طاروا أنفسهم عالقين في معضلة. وبما أن الدعاية السوفييتية كانت تُروِّج لأنَّ كلَّ المهام التي أُنجِزَت في الفضاء كانت ناجحة وكل شيء يسير وفق خُطة مُسبقة، وكل تفاصيل المركبات الفضائية والصواريخ من أسرار الدولة، فقد أُجبروا على التلاعب أو عدم الأمانة أمام الجماهير، في الوقت الذي كانوا يعتبرون نماذج تُجسّد «الصدق الاشتراكي». وقد بدأ هذا مع جاجارين، الذي اضطر إلى التستر على إعادة دخوله المروّعة بسبب فشل المعدات، بالإضافة إلى قذفه وهبوطه بمظلة لأنَّ مركبة «فوستوك» الفضائية لم تستطع أن تُبطئ بما يكفي ليهبط ركابها بأمان على الأرض. وكانت قواعد الطيران الدولية تتطلب أن يهبط في مركبته لكي تُسجل هذه الرحلة كأول رحلة فضائية مأهولة، لذلك أمر السوفييت جاجارين بالكذب بشأنها. وأصبح بطلًا قوميا وعالميا، وقام بجولة في العديد من البلدان وألقى العديد من الخطابات للحزب، ومع ذلك كان عليه تحمل جميع الأكاذيب التي حُوصِر هو وزملاؤه فيها. وربما يكون هذا التوتر والضغط النفسي قد أسهم في إدمانه الكحول وعلاقاته النسائية المتعدّدة، على النقيض تماما من الصورة التي رسمها له الجمهور.14
إنَّ سلسلة النجاحات التي ساقتها الدعاية السوفييتية من عام 1961 إلى عام 1965 لم تُهيِّئ الجمهور السوفييتي للوفيات المفاجئة والكوارث المفجعة التي وقعت في وقت لاحق من هذا العقد، والتي انتهت بالفشل في مواكبة أي من النجاحات التي حققها رواد فضاء المركبة «أبولو» في القمر. كان ثمَّة ثلاث وفيات صادمة بشكل خاص؛ ألا وهي: وفاة سيرجي كوروليف على طاولة العمليات في يناير 1966 في سن التاسعة والخمسين (كشف نعيه أنه كان حتى الآن كبير المصممين المجهول ولكن المشهور في الوقت ذاته)، ووفاة فلاديمير كوماروف أثناء تحطّم مركبته الفضائية «سويوز 1» في أبريل 1967، ووفاة يوري جاجارين في حادث طائرة تدريب في مارس 1968. فيما يتعلق بالوفاة الأخيرة على وجه الخصوص، تداول المواطنون السوفييت نظريات المؤامرة والشائعات في مجتمع غارق فيها بالفعل بسبب عدم وجود صحافة نزيهة. أما «الحماس الكوني» الحقيقي الذي انتشر على نطاق واسع في أوائل الستينيات، عندما كان الاتحاد السوفييتي يبدو الأول في العالم، ولم يكن المجتمع الشيوعي المثالي بعيدًا جدًّا، فقد تحول إلى تشكك سنوات ركود الاتحاد السوفييتي السابق، وأخيرًا إلى الحنين القومي الروسي إلى الأيام الخوالي في الفضاء. أما بالنسبة إلى برنامج الفضاء المأهول الفعلي، فإنَّ التحول إلى محطات الفضاء في السبعينيات وما بعدها لم يستطع ببساطة الحفاظ على نفس المستوى من الاهتمام لدى الجمهور، على الرغم من أنها كانت تُثير الاهتمام أحيانًا على نحو متقطع. مثل رواد الفضاء الأمريكيين في عصر المكوك، تمَّ تبجيل رواد الفضاء عندما يتم التعامل معهم كأفراد، لكنَّ أسماءهم أصبحت غير معروفة للجمهور.15
بدأ التحرُّر من وهم برنامج الفضاء المأهول في الولايات المتحدة في أواخر الستينيات أيضًا، الفضل في ذلك إلى حدٍّ كبير إلى أعمال الشغب الحضرية والفقر والجريمة ويرجع والانغماس في مستنقع فيتنام، مما أدى إلى تزايد المقاومة لإنفاق أموال الضرائب على الفضاء، وتزايد عدم الثقة بالنُّخب التكنوقراط والسياسيين. وقد عكست سنة إنجاز «أبولو» المجيدة من أواخر عام 1968 إلى أواخر عام 1969 مؤقتًا تراجع الدعم الشعبي لوكالة ناسا، لكنها لم تُغيّر المسار العام. وفي أعقاب «أبولو 11» مباشرةً، أظهرت استطلاعات الرأي دعمًا ضعيفًا لإجراء المزيد من عمليات الهبوط على سطح القمر، ناهيك عن البرامج الطموحة مثل الذهاب إلى المريخ. ونشأت في ذلك الوقت نظرية المؤامرة التي تقول إنَّ عمليات الهبوط تلك كانت مُزيَّفة، مما يعكس إيمانًا بكذب الحكومة الفيدرالية في عهد فيتنام وووترجيت واستعانت إدارة نيكسون بالرأي العام وخفضت ميزانية وكالة ناسا أكثر، مبقيةً على المكوك فحسب. ومن ثَم تحولت الوكالة اليائسة إلى التأكيد على النتائج الثانوية لأبحاث الفضاء وإسهامها في تنظيف البيئة في الثمانينيات، ساعدت الرحلات المكوكية المبكرة في إعادة بناء الفخر الوطني والاهتمام برحلات الفضاء، لكن رواد الفضاء ظلُّوا مجهولين، فيما عدا عددًا قليلًا وهم الذين حققوا إنجازات بارزةً مثل سالي رايد التي أصبحت في عام 1983 أول امرأة أمريكية تصعد إلى الفضاء.16
كان الجنس، وكذلك العِرق، يُعقدان دائمًا الصورة الفائقة الذكورة لرائد الفضاء الطيار البطل. وقد تعارض رفض وكالة ناسا للطيارين من النساء في أوائل الستينيات مع رحلة فالنتينا تيريشكوفا في عام 1963، مما جعل الولايات المتحدة تتطلع إلى الوراء إلى دعاة الحركة النسائية في الداخل والخارج، على الرغم من أنها لم تُغيّر الدعم الذي تقدمه لوكالة ناسا بشكل ملحوظ حتى الآن. وعانت وكالة ناسا من مشكلة علاقات عامة أخرى في سلاحها الأبيض بالكامل؛ إذ فشل المرشح الأسود المحتمل الذي دفعته إدارة كينيدي في التقدم في مدرسة الطيران التجريبي للقوات الجوية إما بسبب إمكانياته المحدودة بسبب التمييز، بناءً على مَن تستمع له. وقد أسهم عدم وجود رواد فضاء سود في الانخفاض الحاد في الحماس للفضاء في مجتمع الأمريكان الأفارقة في أواخر الستينيات، على الرغم من أنَّ الدافع الأساسي لهذا الانخفاض كان هو الشعور بأنَّ الأموال كانت تُبَدَّد على القمر عندما كان من الممكن إنفاقها على الفقراء والمدن الداخلية (الأحياء ذات الدخل المنخفض) – وهو شعور يشارك فيه معظم الليبراليين واليساريين البيض.17
عندما سمح برنامج المكوك بإعادة فتح وكالة ناسا لتجنيد رواد الفضاء في منتصف السبعينيات، كان ذلك في بيئة سياسية وثقافية وقانونية مختلفة. كان التمييز على حسب الجنس والعرق الآن قد أصبح غير قانوني رسميًّا، مما أثمر عن اختيار أول رواد الفضاء من النساء والسُّود في عام 1978. ومع ذلك، كان رد فعل وسائل الإعلام على أول رائدة فضاء يُعتبر جنسانيًّا ويفتقر إلى الحساسية إلى حدٍّ بعيد، وكان المهندسون الذكور في وكالة ناسا في كثير من الأحيان جَهَلَةً إلى حد ما.18
من ناحية أخرى، ألهمت رحلة تيريشكوفا الكثير من النساء والفتيات في الكتلة الشرقية، ولكن الدعاية حول كيف أظهرت تلك الرحلة مساواة المرأة بالرجل في المجتمعات الاشتراكية تم تقويضها بواسطة الإحجام عن إرسال النساء إلى الفضاء لمدة تسعة عشر عاما. وأرسل السوفييت أخيرًا سفيتلانا سافيتسكايا إلى الفضاء في عام 1982 بِهدَفٍ واضح وهو منع سالي رايد من أن تُصبح ثاني امرأة تصل إلى الفضاء. بمرور الوقت، قامت برامج المكُوك والمحطة الأمريكية والسوفييتية / الروسية بتطبيع التنوع الجنسي والعرقي للطواقم (جزئيا من خلال إطلاق أفراد الطاقم من العديد من الدول الأخرى)، ولكن حتى يومنا هذا لم تستبدل نموذج رائد الفضاء الطيار الذكوري في الثقافة الشعبية. 19 ولا يزال أيضًا الارتباط في أذهان العامة بين رحلات الفضاء المأهولة و«برنامج الفضاء» منتشرًا حتى الآن، لدرجة أنه عندما انتهى برنامج المحوك في عام 2011، اعتقد العديد من الأمريكيين أنَّ وكالة ناسا قد أُغلقت.
__________________________________________________
هوامش
(11) Michael J. Neufeld, ed., Spacefarers: Images of Astronauts and Cosmonauts in the Heroic Age of Spaceflight (Washington, DC: Smithsonian Institution Scholarly Press, 2013), especially the contributions of Margaret A. Weitekamp, Matthew H. Hersch, James Spiller, Andrew Jenks, and Trevor S. Rockwell.
(12) Matthew H. Hersch, “‘Capsules Are Swallowed’: The Mythology of the Pilot in American Spaceflight,” in Neufeld, Spacefarers, 35–55, and his Inventing the American Astronaut (New York: Palgrave Macmillan, 2012).
(13) James T. Andrews and Asif A. Siddiqi, eds., Into the Cosmos: Space Exploration and Soviet Culture (Pittsburgh: University of Pittsburgh Press, 2011), especially Asif A. Siddiqi, “Cosmic Contradictions, Popular Enthusiasm and Secrecy in the Soviet Space Program,” 47–76, and Slava Gerovitch, “The Human inside a Propaganda Machine: The Public Image and Professional Identity of Soviet Cosmonauts,” 77–106.
(14) Slava Gerovitch, Soviet Space Mythologies: Public Images, Private Memories, and the Making of a Cultural Identity (Pittsburgh: University of Pittsburgh Press, 2015); Andrew Jenks, “The Sincere Deceiver: Yuri Gagarin and the Search for a Higher Truth,” in Andrews and Siddiqi, Into the Cosmos, 107–132; Andrew L. Jenks, The Cosmonaut Who Wouldn’t Stop Smiling: The Life and Legend of Yuri Gagarin (Dekalb: Northern Illinois University Press, 2012).
(15) Maurer, Richers, Rüthers and Scheide, Soviet Space Culture, especially Asif A. Siddiqi, “From Cosmic Enthusiasm to Nostalgia for the Future: A Tale of Soviet Space Culture,” 283–306; Andrews and Siddiqi, Into the Cosmos.
(16) Matthew D. Tribbe, No Requiem for the Space Age: The Apollo Moon Landings and American Culture (New York: Oxford University Press, 2014); Neal, Spaceflight in the Shuttle Era, 63–98. For the best biography of an astronaut, see James R. Hansen, First Man: The Life of Neil A. Armstrong (New York: Simon & Schuster, 2005).
(17) Weitekamp, Right Stuff, Wrong Sex; Neil M. Maher, Apollo in the Age of Aquarius (Cambridge, MA: Harvard University Press, 2017), 10–53, 137–182.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|