أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-6-2016
4424
التاريخ: 2023-08-28
697
التاريخ: 2023-06-08
868
التاريخ: 2023-09-14
706
|
إِنَّ فكرة وضع تليسكوب في الفضاء فكرة قديمة، حيث أصبح واضحًا في القرن التاسع عشر أنَّ الغلاف الجوي المضطرب للأرض يَحدُّ من الرؤية. وقد تخيل العديد من رواد الفضاء الأوائل مثل هذا التليسكوب دائمًا كمرصدٍ يُديره الإنسان في الفضاء. ونظرًا إلى حالة التكنولوجيا قبل عام 1650، لم يكن بوسعهم تصور تليسكوب يعمل عن بعد، كما أنهم لم يتوقعوا التأثيرات الثورية على المجال التي ستتأتى من فتح الطيف الكهرومغناطيسي بأكمله، منه أشعة جاما العالية الطاقة إلى تردُّدات الراديو الطويل الموجة.
بدأ علم الفلك الفضائي، على غرار فيزياء الفضاء، بالرحلات التي أُرسلت فيها صواريخ «في-2» بعد الحرب. والتقطت إحدى تجارب معمل أبحاث البحرية الأمريكية في أكتوبر 1946 الصور الأولى لطيف الأشعة فوق البنفسجية للشمس بأطوال موجية يحجبها الغلاف الجوي. في خمسينيات القرن العشرين، وبصواريخ تجارب أصغر وأرخص وحمولات قابلة للاسترجاع، قام العلماء باستكشافات مبدئية للشمس والسماء بالأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية. لكن الأدوات كانت صغيرة، وكانت دقة الصورة ضعيفة، ودقة الإشارة منخفضة، لذلك لم يكن بإمكانهم سوى جمع بيانات أولية مسح حول ما ينبعث بتلك الأطوال الموجية. 11
كما هو الحال في قطاعات أخرى، كان سباق الفضاء سببًا جوهريا في التحول؛ لأنه حرر فجأة أموال الدولة لبناء مركبة فضاء فلكية لم يكن ليتم تمويلها لولا ذلك. كانت الولايات المتحدة في الصدارة، بينما استثمر السوفييت أموالاً أقل، ربما بسبب نقص الموارد أو الأولوية السياسية. وبحلول السبعينيات من القرن العشرين، أصبحت مؤسسات علوم الفضاء الأوروبية واليابانية عُنصرين فاعلين مُهمَّين أيضًا.
بعد وقت قصير من تشكيلها وضعت ناسا خططًا لسلسلة من مراصد الفضاء: الجيوفيزيائية والشمسية والفلكية. تضمَّنت المركبة الفضائية الشمسية قسمًا يَتَّجِه باستمرار نحو الشمس، مما يوفر بيانات أكثر دقة حول غلافها الخارجي الحار جدا والعواصف والانفجارات التي حدثت على سطحها الظاهري أو فوقه. كانت المراصد الفلكية المدارية (OAO) هي الأكبر والأصعب. وقد كافحت الجامعات والشركات من أجل الوفاء بالمتطلبات الملحة للمعدات في نطاقات أطوال موجية وأنظمة تحكم جديدة يمكنها توجيه التليسكوب بدقة إلى موقع سمائي واحد لفترات أطول. ولم يكن من الممكن تحقيق أي من المهمتين بدون الاستثمار الضخم للحزب الباردة في التقنيات العسكرية الموازية. 12
فشل المرصد الفلكي المداري الأول بشكل كارثي بعد فترة وجيزة من الوصول إلى المدار في عام 1966 وحمل المرصد الفلكي المداري الثاني في عام 1968 تجربتين تليسكوبيتين واحدة من جامعة ميشيجان والأخرى من مرصد سميثسونيان للفيزياء الفلكية في نفس الموقع مع جامعة هارفرد في كامبريدج، ماساتشوستس، منذ عام 1955. أخذ عالم الفلك من جامعة هارفرد فريد ويبل برنامج سميثسونيان البائد تقريبًا ووسعه إلى أكبر مؤسسة فلكية في العالم في أقل من عقدين من خلال الاضطلاع بكل المشروعات التي لها صلة بالفضاء والتي يُمكنه الحصول عليها. وعلى النقيض من ذلك، كان مديرو المراصد الأرضية الأمريكية الكبيرة لا يزالون يسيطرون على المجال الفلكي ويولون اهتمامًا ضئيلا بعلم الفلك الفضائي أو بالدعم والرعاية الحكومية، وهو ما لم يكن متاحا لهم تاريخيا. 13
لم يقبل علماء الفلك إلا متأخرًا ظهور علم الفلك الراديوي بعد الحرب العالمية الثانية، الذي عزّزه توفر الخبرة وتكنولوجيا الرادار. والآن أصبح هناك توسع في نطاق الطول الموجي بأكمله، وهو الأمر الذي نشأ من الصعود فوق الغلاف الجوي للأرض. وبحلول السبعينيات من القرن الماضي، جعلت مزايا فهم الظواهر الفلكية – لا سيما فيما يتعلق بالأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة والأشعة السينية وأشعة جاما التي تُنتجها العمليات العنيفة في الكون – تحول المجال الفلكي أمرًا حتميًّا وصحيا.
نظرًا إلى أنَّ المشروعات الفضائية والمشاريع الأرضية قد أصبحت أكبر حجمًا وأكثر تكلفة، فقد أجبرت أيضًا المجال الفلكي على تغيير سلوكه السياسي لضمان الحصول على تمويل الحكومة الأمريكية. وعمل المدافعون عن فكرة وجود تليسكوب فضائي كبير على تعبئة التحالف بين رواد الفضاء من خلال الدفاع عن دقته العالية للغاية وقدرته على الوصول إلى أعماق الكون بمجرَّد إزالة التأثيرات الضبابية للغلاف الجوي. هددت الخلافات في المجتمع العلمي حول قيمة هذا المشروع التي تصل إلى مليار دولار بوأد المشروع في أوائل السبعينيات من القرن العشرين بل إنَّ الكونجرس قام ذات مرة بإلغاء كل التمويل المخصَّص لهذا المشروع. ووصلت للفلكيين رسالة مفادها أنَّ عليهم أن يتحدوا وأن يتحالفوا مع مراكز وكالة ناسا، ومصانع الفضاء الجوي، والسياسيين الذين قد تستفيد مناطقهم، إذا أرادوا الحصول على تمويل لهذا المشروع. لقد تعلم علماء الكواكب نفس الدرس قبل ذلك بقليل. كان كلٌّ من برنامجي «فايكينج» و«فويدجر» نسخًا أقلَّ طموحًا من مشاريع وكالة ناسا التي ألغاها الكونجرس أو إدارة نيكسون بسبب الميزانيات الكبيرة جنبًا إلى جنب مع المعارك الداخلية الدائرة في المجتمع العلمي.14
تمت الموافقة على التليسكوب الفضائي في عام 1977 مع مرآة رئيسية أصغر إلى حد ما وأطلق عليه اسم «تليسكوب الفضاء»، بمشاركة وكالة الفضاء الأوروبية لتوزيع التكلفة. وليس من قبيل المصادفة، أنَّ حجم 94 بوصة (2.4 متر) كان متاحًا من مقاولي الأقمار الصناعية الخاصة بالتجسس الذين يعملون في مكتب الاستطلاع الوطني – واختارت وكالة ناسا المقاولين نفسهما، لوكهيد وبيركين إيلمر، لبناء التليسكوب. ويمكن أيضًا استيعاب هذا الحجم بسهولة أكبر في غرفة الحمولة الخاصة بمكوك الفضاء الذي كانت ناسا بصدد تطويره في ذلك الوقت. كانت الوكالة ملتزمة بمحاولة جعل المكوك هو نظام الإطلاق الوحيد في البلاد، ولكنها كانت تطمح أيضًا إلى تحويل رواد الفضاء إلى فنيين يمكنهم إصلاح الأقمار الصناعية وتحديثها في مدار الأرض المنخفض. وقد كانت تلك الاستراتيجية باهظة الثمن، لكنها في النهاية أنقذت تليسكوب هابل الفضائي (HST)، كما أُطلق عليه لاحقا، ومنحته حياة أطول وذات مردود علمي أكبر.
كما اتَّخذ علم الفلك الشمسي مسارًا شكله برنامج الفضاء المأهول؛ إذ ألغت وكالة ناسا مركبة فضائية شمسية أكثر تقدما في منتصف الستينيات لصالح مرصد «أبولوتليسكوب ماونت» الشمسي، الذي سيصبح جزءًا من محطة سكايلاب الفضائية التي تم إطلاقها في عام 1973. لقد تأخَّر إنشاؤه لسنوات وتكلف مبالغ أعلى بكثير من النسخة الآلية، لكن رُوَّاد الفضاء في أطقم المحطة الثلاثة جمعوا صورًا عالية الدقة رائدة للشمس عبر أطوال موجية متنوعة. لقد وضع هذا المرصد مخططًا للعلوم الشمسية لبقية السبعينيات من خلال تقديم رُؤى جديدة حول كيفية عمل المناطق الخارجية من الغلاف الجوي للشمس. كانت المركبة الفضائية الكبيرة التالية هي سولار ماکسیمم میشن (SMM)، التي جرى إطلاقها في عام 1979 لتواكب أحدث ذُروة في النشاط الشمسي، وهو هدف غاب عن الدورة السابقة بسبب جميع التأخيرات التي مُنيَت بها محطة «سكايلاب». تم تصميم «سولار ماكسيمم ميشن» (SMM) بشكل نمطي بحيث يمكن لرواد الفضاء إصلاحها. وجاء ذلك مفيدًا عندما حدث فيها عُطل بعد أقل من عام. في عام 1984، قام رواد فضاء المكوك بإصلاحها، واكتسبوا خبرةً من شأنها أن تكون ذات قيمة بالنسبة إلى هابل، ولكن في هذه الحالة كان من الأرخص إطلاق المزيد من المركبات الفضائية مقارنةً بإنفاق مئات الملايين من الدولارات المطلوبة لإطلاق مكُوك لإصلاح قمر صناعي واحد.15
شهدت الثمانينيات أيضًا توسعًا كبيرًا في علم الفلك في نطاق الأشعة تحت الحمراء، تحت الأطوال الموجية التي تراها العين المجردة، التي تنبعث عادةً من الأجسام الأكثر برودة في النظام الشمسي والكون، مثل النجوم الحمراء، وسُحب الغبار، والكويكبات، والمذنبات. وقد شجعت الحرب الباردة تطوير كاشفات الأشعة تحت الحمراء للصواريخ والأقمار الصناعية، بما في ذلك نُسَخ من جهاز اقتران الشحنات (CCD) على رقاقة من السيليكون حلت فيما بعد. محل الفيلم في الكاميرات للاستخدام المدني. لكنَّ الأمر استغرق بعض الوقت حتى يتم رفع السرية عن تلك الكواشف لاستخدامها في علوم الفضاء، ولذلك لم يؤت علم الفلك بالأشعة تحت الحمراء ثماره إلا في وقت متأخّر عن العمل العالي الطاقة.
شكل: أُطلق تليسكوب هابل الفضائي من مكوك الفضاء «ديسكفري» في 25 أبريل 1990. وتبيَّن أن تليسكوب هابل الفضائي لديه عيوب خطيرة، ولكن إصلاحات رواد الفضاء وتحديثاتهم سرعان ما حولته إلى أكثر المركبات الفضائية العلمية إنتاجية وأهمية على الإطلاق في مدار الأرض. وقد قدَّم إسهامات جوهريةً في فَهم أصل الكون ونشأته (المصدر: وكالة ناسا).
وفي عام 1983، أطلقت وكالة ناسا القمر الصناعي الفلكي بالأشعة تحت الحمراء، بإسهامات كبيرة من هولندا وبريطانيا. وقد وفَّر هذا القمر أول مسح في السماء بالكامل للأجسام المرئية في ذلك النطاق، واكتشف العديد من الكويكبات والمذنبات، والنجوم ذات الأقراص المعتمة حولها، والمجرات البعيدة التي تحوّل ضوءها إلى الأشعة تحت الحمراء من خلال تمدد الكون. أدَّى نجاح هذا القمر الصناعي إلى سعي وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية الحثيث إلى بناء تليسكوبات الأشعة تحت الحمراء الجديدة التي سيتم إطلاقها في التسعينيات من القرن العشرين وما بعدها. 16
بحلول الثمانينيات، ساعدت إسهامات التليسكوبات الفضائية، مدفوعة بسباق الفضاء خلال الحرب الباردة وبدعم من تطوير التكنولوجيا العسكرية، في تحويل علم الفلك والفيزياء الفلكية تحولا جذريًا. كما كان للاستثمارات الضخمة في المراصد البصرية والراديوية الأرضية أهميةٌ مُماثلة، وقد استفادت تلك التليسكوبات أيضًا من نفقات الحرب الباردة وتطوير التكنولوجيا. نتيجة لهذا الهجوم الأرضي والفضائي المشترك، تحسّن فَهمنا لأصول ونشأة الشمس والنظام الشمسي والكون بشكل ملحوظ، مما أنتج مجموعة جديدة كاملة من الأسئلة ليتم التحقيق فيها.
___________________________________________________
هوامش
(11) DeVorkin, Science with a Vengeance.
(12) David DeVorkin, “The Space Age and Disciplinary Change in Astronomy,” in Dick, NASA’s First 50 Years, 389–426; Robert W. Smith, “The Making of Space Astronomy: A Gift of the Cold War,” in Earth-Bound to Satellite: Telescopes, Skills and Networks, edited by A. D. Morrison-Low, Sven Dupre, Stephen Johnston, and Giorgio Strano (Leiden: Brill, 2011), 235–249.
(13) David H. DeVorkin, Fred Whipple’s Empire: The Smithsonian Astrophysical Observatory, 1955–1973 (Washington, DC: Smithsonian Institution Scholarly Press, 2018).
(14) Robert W. Smith, The Space Telescope: A Study of NASA, Science, Technology and Politics, revised edition with a new afterword (Cambridge: Cambridge University Press, 1993); W. Henry Lambright, “Big Science in Space: Viking, Cassini, and the Hubble,” in Exploring the Solar System: The History and Science of Planetary Exploration, edited by Roger D. Launius (New York: Palgrave Macmillan, 2013), 129–148.
(15) Karl Hufbauer, Exploring the Sun: Solar Science since Galileo (Baltimore: Johns Hopkins University Press, 1991), 160–312.
(16) Smith, “The Making of Space Astronomy.”
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|