أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-9-2020
1340
التاريخ: 2024-10-01
178
التاريخ: 2023-04-30
717
التاريخ: 2023-05-08
889
|
كتب الفيزيائي الألماني دانيال غبرييل فهرنهايت عام 1724 يقول: «قبل زهاء عشر سنوات قرأت في تاريخ العلوم أنَّ غوليوم أمونتون الشهير استعان بمقياس حرارة من اختراعه، فاكتشف أن الماء يغلي بدرجة حرارة ثابتة، فأخذتني فورًا رغبة جارفة بأن أصنع أنا نفسي مقياسًا مثله، حتى أرى بعيني هذه الظاهرة الطبيعية الجميلة وأقتنع بصحة هذا الاختبار.» 74 وكما وجدنا سابقًا أن فهرنهايت كانت له لقاءات مع رومر وتأثر بتجاربه أيضًا، والتي سيضمن نتائجها في مقياسه.
(إلى اليمين) فهرنهايت وهو يُجري تجاربه على مقياسه الحراري. (مصدر الصورة: http://www.nndbd/people/950/000029863)) (إلى اليسار) مقارنة حديثة بين مقياسي درجات الحرارة الفهرنهايتي والمئوي. ولا يزال مقياس فهرنهايت مستخدمًا في الولايات المتحدة وبعض دول الكومنويلث البريطاني، مع كل تعقيداته. (مصدر الصورة: http://en.wikipedia.org/wiki/Thermometer).
إن الذي دفع فهرنهايت للعمل في هذا المجال ارتكاز بعض المقاييس على ظاهرات طبيعية تتكرر دائمًا عند درجة الحرارة نفسها، وفي ظل ضغط جوي ثابت، وهو ما نجده من اختيار أعضاء أكاديمية ديل شمنتو لنقطتهم الدنيا (برد الشتاء) ونقطتهم العليا (حر الصيف). وكان يعني لهم برد الشتاء درجة حرارة الثلج أو الجليد في أقسى أيام الصقيع، أمَّا حرُّ الصيف فقد استخدموا درجة حرارة بقرة أو أيل. واقترح أحد الأعضاء أن تُتخذ درجة حرارة الهواء أثناء الصقيع كنقطة دنيا، ودرجة ذوبان الزبد كدرجة عليا. 75
في البداية حاول فهرنهايت أن يُحْسِن انتقاء نقطتين ثابتتَين، فاتخذ من درجة تجمد مزيج الجليد والماء والملح والأمونياك نقطة دنيا، واتخذ من درجة حرارة جسم الإنسان السليم من المرض نقطة عليا؛ كونها موثوقةً أكثر من درجة غليان الماء – بحسب اعتقاده 76 – وحَدَّدها بقيمة اعتباطية هي 96 درجة 77 بدلًا من الدرجة 98 (والتي تقابل فعليًّا الدرجة °37 مئوية) التي تُستخدم اليوم. كما أنَّ فهرنهايت استخدم الزئبق كسائل للتمدد بدلا من الكحول أو الماء؛ بناءً على ما سبق قرر أن الجليد الخالص يذوب عند الدرجة 32 (تُقابل صفرًا مئوية)، وأن درجة غليان الماء تُعادِل 212 درجة (تقابل 100° مئوية). وقال مُنتقدًا ما توصل إليه: «لعلَّ هذه النتيجة تفتقر إلى الكمال من وجوه عديدة، ولكنها استطاعت تحقيق رجائي، وكنتُ قرير العين فكريا وأنا أراقب دقة هذا الجهاز.» 78
بعد ذلك اعتقد فهرنهايت بطريقة ما أنَّ وجود ثلاث نقط ثابتة أفضل من اثنتين كنقاط مرجعية لتصميم مقياس الحرارة، فكان منه أن اختار مزيجًا متجمدًا من الماء وملح البحر (0F°)، وجليدًا ذائبًا في الماء وحده (32F°)، ودرجة حرارة جسم الإنسان (96F°). فيما بعد عدل ذاك المقياس بشكل طفيف، بحيث يضع الماء المغلي عند 212F°؛ أي تماما 180 درجة فوق الجليد الذائب. لا يمكن للمرء أن يحول بين نفسه وبين اعتبار أن 180° هي رقم دقيق على الأقل عندما تكون الدرجات درجات قوس. من ناحية ثانية فإنَّ ميدلتون، الذي يصف تطوير مقياس الدرجة الفهرنهايتية ببعض التفصيل، لم يُشر إلى تلك المقارنة والنتيجة أنها من المحتمل عَرَضية. 79
ثمَّة أمرٌ مهم كان يُدركه فهرنهايت نود الإشارة إليه، وهو أن درجة غليان الماء تتوقف على الضغط الجوي، وهي الفكرة التي سيرتكز عليها الفيزيائي الإنكليزي وليم هايد ولاستون -1766)1828م) في صُنع مقياس مزدوج لدرجة الحرارة والضغط معًا (ترموبارومتر) واستعمله لاحقًا كمقياس للارتفاع. 80
تم إرسال مقاييس حرارة فهرنهايت من أمستردام، موطن الصانع، إلى كافة المدن الأوروبية؛ لأنها مصنوعة بعناية وكذلك تعرض إمكانية مقارنة ممتازة، وأحرزت استخداما واسعًا ولا سيما في إنكلترا، فكان أن منحت إنكلترا فهرنهايت الشرف في عام 1724م وذلك بانتخابه عضوًا في الجمعية الملكية. 81
_____________________________
هوامش
74- ويلسون ميتشل، الطاقة، ص29.
75- المرجع السابق نفسه، ص 30.
76- بيريلمان، ياكوف، لماذا؟ اسأل الفيزياء، ترجمة: إسكندر منيف وبسام الحسين، ط1، دار شعاع، حلب، 2001م، ص 143.
77- لقد اختار هذا الرقم بالذات لأنه سهل القسمة عليه ؛ أي 4 × 24 = 96، والرقم 24 هو عدد ساعات اليوم؛ أي إن مقياسه مقسَّم فعليًّا لأربعة أقسام، وتقابل 96 الدرجة 35.5 درجة مئوية؛ أي أنقص بدرجة ونصف من درجة حرارة جسم الإنسان الحقيقية.
78- ويلسون، ميتشل الطاقة، ترجمة: مكرم عطية، دار الترجمة والنشر لشئون البترول، بيروت، 1971م، ص 30.
(79) Muller, Ingo, A History of Thermodynamics, p. 4
80- فوربس، ر. ج.، وديكستر، إ. ج.، تاريخ العلم والتكنولوجيا، ط 2، ترجمة: أسامة أمين الخولي، ج 2، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1992م، ص 44.
81-Barnett, Martin K., The Development of Thermometry and the Temperature Concept, p.296-299
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|