أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-7-2022
1285
التاريخ: 24-2-2022
2044
التاريخ: 24-5-2017
3175
التاريخ: 20/11/2022
1152
|
إن الشاب الذي يترعرع في كنف الإسلام، ويربى جسمه وروحه في ظل توجيهات الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وتعاليمه ، يكون إنساناً حقيقياً يتمتع بكل ما يضمن له سعادته وهناءه في الحياة . فهو يملك ثروة الإيمان والأخلاق ، ولا يفكر إلا بالطهر والفضيلة ، وله نفس هادئة ومطمئنة بفضل اتكاله على الله سبحانه وتعالى ، لا تثنيه شدائد الحياة ، ولا تفقده صعابها شخصيته المعنوية ، يعمل بجد ونشاط دون تقاعس أو إهمال ، ولا يتهرب من المسؤولية، يتمتع بكل ما في الحياة من لذائذ بصورة مشروعة وفق ما تقتضيه المصلحة العامة والخاصة ، دون أدنى شعور بالكبت والحرمان . وحري بنا أن نقول: إن الشاب الذي يربى على المنهاج التربوي للإسلام، يكون قادراً على إشباع كل رغباته وميوله بشكل سليم ، وبلوغ درجة تليق به من الكمال.
وفي هذه المحاضرة سنحاول بحث بعض الأساليب التربوية للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام)، على الصعيدين العلمي والعملي ، بهدف إطلاع الشباب على المنهاج التربوي في الإسلام فيما يخص إحياء الميول والرغبات وتعديلها ، وإفساح المجال امامهم للاقتداء بها وصولا إلى النجاح والسعادة.
تأتي المعرفة الإلهية والوجدان الاخلاقي في إطار الميول والرغبات الفطرية التي تولد مع ولادة كل إنسان ، وتضرب بجذورها في أعماق كل الشعوب والمجتمعات.
إن الناس يدركون بالفطرة أن ثمة قدرة ثابتة لن تتغير في هذا العالم المليء بالمتغيرات، ولن يؤثر فيها كل ما يستجد على هذا العالم، ولن تتغير مهما طال الزمان وتغير ، وتلك القدرة الحقيقية هي قدرة الله الأزلية.
والإنسان بما يضمره من رغبات ودوافع فطرية ، يرغب في معرفة المزيد عن تلك القدرة الحقيقية، لينحني تعظيماً وإجلالاً لها .
قال تبارك وتعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30].
عن زرارة قال: سألت لإمام الباقر (عليه السلام) ما الحنيفية؟ ، قال : هي الفطرة التي فطر الناس عليها، فطرهم على معرفته(1).
(يقول جون . بي . كايزل: كلما مضينا في حياتنا ازددنا حرصاً على معرفة مبدأ وجود الكون، وازددنا إصراراً على إدراك حقيقة الخالق وجماله ونعمه وما يربطنا به، وانصرف اهتمامنا من الماديات إلى المعنويات ، ومن الذات إلى الكون. لنرى أن مبدأ الحياة متغير، وأن كلا منا ينتقل كل سبع سنوات من مرحلة إلى مرحلة، أي أنه متغير ، وأن الأشجار تجف والزهور تذبل ، والأصدقاء والأقارب والأهل يموتون ، والآداب والعادات والتقاليد وما إلى ذلك مما له علاقة بالمجتمعات تنقرض وتزول ، إذن، ما هو الثابت الذي لا يموت؟.
لقد سعى الإنسان بفكره كثيراً لأن يعرف المبدأ الثابت والخالد الذي لا يتغير في هذا الكون المليء بالمتغيرات ، حتى توصل إلى هذه الحقيقة وهي أن ما هو أزلي وباق في هذا الكون المتغير ، هو الخالق أو بتعبير آخر مسبب الخلقة)(2).
إن الإنسان يدرك بفطرته المبادئ، الأولية للمساوئ والمحاسن دون حاجته إلى مربٍّ أو معلم ، ويميل بطبعه نحو المحاسن مجتنباً المساوئ . وقد عبر القرآن الكريم عن هذا الميل الفطري الناتج من الهداية التكوينية الإلهية .(الإلهام الإلهي).
قال تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7، 8].
عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} قال بين لها ما تأتي وما تترك(3).
يعتقد علماء النفس بأن قوة الإدراك الموجودة في ذات كل إنسان ، والتي يميز بواسطتها بين مبدئي الخير والشر، هي الضمير الأخلاقي .
«يقول جان جاك روسو: انظروا إلى كافة شعوب العالم ، وارجعوا إلى تواريخها، ستجدون أن ثمة ما يجمع بين كل تلك الشعوب مهما اختلفت قومياتها وألوانها وأطوارها وعاداتها وتقاليدها، ألا وهي مبادئ العدالة والمساواة والقوانين الأخلاقية ومفاهيم الخير والشر.
«ومن هنا يمكننا القول: إن هناك مبدءاً فطرياً في أعماق كل إنسان ، هو مبدأ العدالة والتقوى ، يحكم من خلاله على أعماله وأعمال الآخرين، ويحدد خيرها وشرها، رغم كل القوانين والعادات والتقاليد ، وهذا المبدأ هو ذاك الذي اسميه أنا بـ (الضمير).
ترى ، هل يوجد بلد في العالم يعتبر فيه التمسك بالإيمان والعقيدة والوفاء بالوعد والرأفة والشفقة وحب الخير والشهامة، جريمة؟ ، هل هناك بلد يكون فيه الإنسان الحسن الخلق منبوذاً والسيء الخلق محترماً؟ ، أيها الوجدان، أيتها الغريزة الملكوتية ، أيها الصوت السماوي الخالد، أيها الدليل المطمئن لهذه الكائنات الجاهلة ، أنت العاقل والحر. يا من لا تخطئ في حكمك بين الخير والشر ، يا من تقرب الإنسان من الله ، وتجعله ذا طبيعة حسنة، وتوفق بين أعماله والقوانين الأخلاقية، فلولاك ، لما أحسست بشيء في ذاتي يرفعني فوق البهائم ، وما يميزني عنها ليس سوى فكر مبعثر وعقل مشتت أضل بهما طريقي ، وأنهض من خطيئة لأقع في اخرى»(4) .
الميل إلى الايمان والأخلاق:
لقد سبق وذكرنا أن الجذور الرئيسية للغرائز والرغبات والأهواء النفسية الكامنة في ذات كل إنسان ، تعود إلى مرحلة الطفولة ، حيث تبدأ بالنمو بما يتلاءم ونمو جسم الطفل ، وتشتد هذه الغرائز قوة مع بلوغ الإنسان، شأنها شأن جذور المعرفة الفطرية والضمير الأخلاقي ، فهي كامنة في أعماق الطفل قلما تبرز بروزاً خفيفاً. ولكن بمجرد أن يصل الطفل إلى مرحلة البلوغ والشباب ، وتشتد قواه الجسمية والعقلية ، تبدأ هذه الجذور بالتفتح، لتوقظ في نفسه الميل إلى الإيمان والأخلاق.
«لم يكن ذهن الإنسان في مرحلة الطفولة مستعداً بعد لإدراك الحقائق الثابتة كالصدق والجمال والخير ومبدأ الخلق أي الخالق. فالطفل يكون متعلقاً بالماديات وعاجزاً عن إدراك المجردات ، ولهذا لا يمكن للطفل أن يفهم معنى الله الذي هو حقيقة تفوق كل الماديات ، وكذلك الدين الذي يتحسس الإنسان من خلاله علاقته بالله سبحانه وتعالى.
وتنحصر اهتمامات الطفل بكل ما يراه ويلمسه ويسمعه ويشمه ويتذوقه، ولا بد من مضي فترة زمنية معينة حتى يخرج الطفل من عالمه هذا ، ويبدأ بإدراك المجردات وكل ما من شأنه أن يوصله إلى مدبر الكون.
وقد أثبتت التجارب والاختبارات أن روح الإيمان بالدين تدب في ذات الإنسان من سن الثانية عشرة . ويشتد الإيمان بالحقائق والإحساس بالحاجة إلى العبادة لدى الأشخاص الذين يتمتعون بسلامة طبيعية ، مع تقدم أعمارهم ، ويبدأ تأثير الإيمان يطغى على أفكار الإنسان وأعماله كلما ازداد نمواً جسمياً وفكرياً»(5).
__________________________________
(1) بحار الأنوار ج2، ص87.
(2) البهجة، ص41.
(3) الكافي ج1، ص163.
(4) اميل ، ص204.
(5) البهجة، ص40 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|