أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-25
808
التاريخ: 2023-05-11
964
التاريخ: 2023-05-04
955
التاريخ: 2023-04-27
947
|
حدد الكونت رمفورد، في دراسته الحثيثة للظاهرة الحرارية، القدرة التوصيلية لعدد كبير من المواد الأولية، وكان اختياره للمواد شاملًا جدا؛ فهو يتراوح من المواد الصلبة المعدنية وغير المعدنية، عبر السوائل، والغازات إلى القماش والقش والتفاح المهموس وصلصة التفاح، وكان هذا الأخير بتركيزات مختلفة. أصل اهتمامه في هذه المسألة يمكن الاستدلال عليه من المقتطف الآتي من مقالته (المقالات): «عندما أتناول الطعام قد كنتُ غالبًا أُلاحظ بأنَّ صحونًا معيَّنة حافظت على حرارتها أطول بكثير من صحون أخرى، وأن فطائر التفاح ومزيج التفاح واللوز، وهو طبق شائع في إنكلترا، بقي حارا ولوقت طويل بشكلٍ مفاجئ. مفاجأة كبرى مع هذه الكمية الاستثنائية من الحرارة المتبقية؛ حيث يظهر التفاح ليستحوذ على ذلك، وكثيرًا ما يعود ذلك لذاكرتي، بأني لم أحرق فمي أبدًا بها، أو ألتقِ آخرين لهم الحظ السيئ نفسه. بدون جهد، إنما بشكل عبثي، حاولت أن أكتشف بأنه يوجد طريقة ما لتفسير هذا الأمر المدهش وبأسلوب مُرض.» 23
ثم يصف بشكل قوي في (المقالات) تجاربه التي أوصلته إلى مفهوم التوصيل الحراري. في تقاريره الأولى افترض بأنَّ الحرارة برُمَّتها ليست مُشعَّة، وإنما تم نقلها بالتوصيل. في مقالته (تجارب عن الحرارة) يقول: «إنَّ فحص القدرة التوصيلية للهواء، وفي سوائل مختلفة وأجسام صلبة، فيما يتعلق بالحرارة.» «لقد كانت نيتي منذ البداية أن أفحص القدرات التوصيلية للهواء والغازات الصناعية.» «هل تزيد الرطوبة من قدرة الهواء التوصيلية؟» «من هذه التجارب يظهر بأن القدرة التوصيلية للهواء تزداد كثيرًا بفعل الرطوبة.» «هذا بالتأكيد موضوع التحري ليس أقل إثارةً بحد ذاته من اهتمام النوع البشري، وأتمنى بأن ما قد أنجزته قد حث الآخرين على لفت انتباههم إلى حقل تم إهماله طويلًا من التحقق التجريبي. من ناحيتي، قَرَّرْتُ بألا أتخلى عنه.» حتى إنه اختبر االخلاء ووجد بأنه «ناقل سيئ للحرارة أكثر من الهواء العام.»24
ونتيجة للتجارب اللاحقة، التي صُمِّمَت بشكل متقن، استنتج رمفورد بأن السوائل والغازات لا تُوصل الحرارة، حسب رأيه: «مع أنَّ جسيمات أي سائل وعلى نحو انفرادي، يمكنها أن تتلقى حرارةً من الأجسام الأخرى، أو تتصل بها، إلا أنَّ التبادل الداخلي والتوصيل بالحرارة بين هذه الجُسيمات نفسها مستحيل بالتأكيد» أيضًا «عندما تكون الحرارة محمولة في الأجسام الصلبة، فإنها تعبر من الجسيمات بشكل واضح في كل اتجاه، لكن من المؤكد بأنَّ الحرارة ليست مرسلةً بالطريقة نفسها في السوائل.» يقول الباحث روبيسون nRobeso عن هذه التجارب: «لا يتوجب علينا أن نُهمل ملاحظةً متميزة على نحو فريد جدًّا، والتي سعى الكونت رمفورد لإثباتها بين القدرة التوصيلية للأجسام الصلبة والسوائل؛ أي إنه بينما تكون الحرارة محملة على طول الأجسام الصلبة، ومن جسيم إلى جسيم، طبقًا لقوانين نظامية مُعيَّنة، تكون الأجسام السائلة ساخنة في أجزائها المتباعدة فقط عند الانتقال الفعلي للجسيم الذي تلقى الحرارة من جسم حار عندما كان متصلا معه.» جدارة المؤلف وعبقريته دعمت رأيه بسلسلة من التجارب المثيرة والمخترعة جيدًا، والنتائج كانت غير متوقعة ومفاجئة جدًّا. كان جوزيف بلاك مأخوذا كثيرًا بهذا الرأي الجديد وبالكثير من الأهمية، وبدأ بفحصها بدقة وحذر، لكن أصابه انحطاط كبير في صحته. «من الواضح بأنَّ ما أثبتته تجارب الكونت رمفورد، بكون الحركة الداخلية – القابلة للإنتاج جراء التفاوت في الوزن النوعي والذي سببته تسخين الأجزاء الأدنى من السائل – ممنوعة، مواصلة التسخين غير محسوس تقريبًا، وهو ليس أكثر مما قد نتوقعه بواسطة المادة الصلبة لوعاء وبالإشعاع.» «لهذا، لا يوجد شيء في الرأي الذي طرحه الكونت رمفورد مع الحذر الشديد، الذي يكون مُتعارضًا وغير متسق مع أفكارنا الأكثر تميزا عن هذه الموضوعات، إنه حقل تحقق جميل، ويكون مفتوحا بشكل مبدع جدا بالنسبة للفلاسفة.» كان استنتاج رمفورد هذا قائمًا على أفضل دليل تجريبي متوفر وموجود جزئيا حتى عام 1880م. ويستحق ذكرًا واسعًا لأنه يُشير بأنَّ «كسرًا عشريًّا تاليا» لن يُحَسِّن فقط من الدقة بل قد يُعدِّل الأفكار بشكل ملحوظ. وحسب تخطيط تجاربه فقد استعمل رمفورد التشابه الجزئي (مماثلة) بين الحرارة والكهرباء، يسترعي الانتباه إليها. بقي قريبًا على اتصال مع صديقه السويسري مارك أوغسط بيكتي
M. A. Pictet (1752 – 1825م)، الذي كان أوّل من برهن على أن القدرة التوصيلية للجسم هي خاصية مستقلة عن الموضع الفيزيائي بهذا الوقت، وبشكل تقريبي عام 1810م، كان مفهوم التوصيل الحراري واضحًا بالكامل، وبشكل أساسي بسبب عمل رمفورد وبيكتي.25
إذن كانت تجارب رمفورد أكثر دقة ممن سبقه، فقد تمكّن من خلالها فتح باب الفصل بين مفهومي التوصيل الحراري والحمل الحراري أمام الباحثين اللاحقين.
__________________________________________
هوامش
23- Burr, Alex, C., Notes on the History of the Concept of Thermal Conductivity, p. 253
24- Thompson, Benjamin, Experiments upon Heat. By Major – General Sir Benjamin Thompson, Knt. F. R. S. In a Letter to Sir Joseph Banks, Bart. P. R. S., Philosophical Transactions of the Royal Society of London, Vol. 82 (1792), Published by: The Royal Society, pp. 50
25- Burr, Alex, C., Notes on the History of the Concept of Thermal Conductivity, pp .254-255
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|