أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-08
206
التاريخ: 2023-05-11
1166
التاريخ: 2023-08-08
1334
التاريخ: 3-12-2015
1970
|
إنّ "البلاء" في ذيل الآية: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [البقرة: 49] هو بمعنى الامتحان، وأن المشار إليه في قوله: {ذَلِكُمْ} قد يكون نعمة نجاة بني إسرائيل من سطوة آل فرعون أو نقمة العذاب الذي كان يسلطه الأخيرون عليهم؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى يختبر الإنسان بالخير مثلما يختبره بالشر {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35] حيث المراد من كون شيء شراً بالنسبة لشيء آخر هو عدم كونه مُستساغاً ومناسباً له؛ كما يروي أمين الإسلام عن قول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) عندما مرض فعاده إخوانه فقالوا: كيف تجدك يا أمير المؤمنين؟ قال: "بِشرَ". قالوا: ما هذا كلام مثلك! قال: "إن الله تعالى يقول: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةٌ} ...." فاستدل بمحتوى الآية على ذلك (1).
ويُستفاد أيضاً من الآية: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر: 15-16] مثلما أن الإنسان المريض يكون مبتلى بالسقم والمرض فإن الإنسان السليم يكون مبتلى بالسلامة والصحة وأنه ما من شيء في الكون إلا ويكون "بلاء" و"بلوى". فتارة يمتحن الله سبحانه وتعالى المرء بالسلامة كي ينظر هل كان شاكراً لهذه النعمة ومنتفعاً منها أم لا، وتارة أخرى يختبره بالمرض كي يرى هل كان صابراً محتسباً أم لا، وبتعبير فإنه يعطي الحسنة والنعمة حيناً كي يؤوب الإنسان بشكره إلى الله، ويبتلي بالسيئة والشدة حيناً آخر كي ينيب الإنسان إليه بالصبر: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168] ، كما يقول بخصوص سائر الأمم: {أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف: 94] ؛ وذلك لأن الإنسان إذا تسلّح في الجهاد الأكبر بالنحيب والتضرع فإنه سيجرد عدوه الباطني من السلاح. وإن أراد أحد التغلب على صنمه الداخلي فعليه التسلّح وسلاح المرء في هذا الميدان هو البكاء وسلاحه البكاء. فمن لم يكن من أهل الضجيج والأنين فهو مخمور ومغرور ولن يكون مراقباً لله في أعماله بل سيكون دائم الاغترار بنفسه والإنسان المغرور سيكون مآله إلى الفشل.
يقول الباري عز وجل في الآية مدار البحث: كان ذلك بلاء عظيماً تحملتموه مظلومين وقد استنهضنا موسى الكليم ليهرع لنجدتكم، فأبلغوا هذا البلاء العظيم إلى المقصد بالشكر واجتازوا امتحانه كي تزدادوا في النعمة وإلا ابتليتم بعذاب شديد؛ كما أعلن بصراحة على لسان الكليم في سورة "إبراهيم": {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]. وبالأخص عندما يكون البلاء عظيماً فإن كفرانه يكون عظيماً أيضاً، والكفران العظيم يتبعه عقاب عظيم. على أساس ذلك فإن الله سبحانه وتعالى يتحدث عن بني إسرائيل بأسلوب خشن فيقول: سيتسلط على رقابهم نفر لن يرحموهم أبداً إلى يوم القيامة: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [الأعراف: 167] وسيأتي في الآية 61 من هذه السورة أيضاً {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61]
يُستشف من هاتين الآيتين أولاً: أن نسل بني إسرائيل باقون إلى يوم القيامة، وثانياً: أنهم يعيشون ما حيوا في ذلة وهذا لا يتنافى مع التقدم الظاهري لإسرائيل المعاصرة والصهاينة الحاليين؛ فأي ذلة أكبر من أن يلقوا حول رقابهم حبل التذلل والخنوع لأمريكا (2).
تنويه: ينقسم اليهود إلى بضع طوائف:
أ: الذين اعتصموا بحبل الله ويعيشون على نهج التوحيد والقرآن يذكر هذه الطائفة بخير فيقول: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ} [آل عمران: 113].
ب: الذين تركوا حبل الله وهم محرومون أيضاً من حبل الناس، وهؤلاء متورطون بالذلة.
ج: الذين على الرغم من حرمانهم من حبل الله، إلا أنهم تمسكوا بحبل الناس، ومن هنا ففي ذات الوقت الذي يتمتعون فيه بعزة نسبيّة فهم يعانون من ذلّة نفسية. ولعل بالإمكان من باب النموذج - الإشارة إلى مسألة أن قوم يهود، مع كل ما يتمتعون به من تاريخ عريق، ليس لديهم اليوم دولة مستقلة في أيّ بقعة من بقاع الأرض.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. مجمع البيان، ج7-8، ص74.
2. البلد الأمين، ص 191؛ ومفاتيح الجنان، دعاء كميل بن زياد.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يواصل إقامة دوراته القرآنية لطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف
|
|
|