الوعي: المجال الكهرومغناطيسي وميكانيك الكم Consciousness: Electromagnetic Field and Quantum Mechanics |
893
11:42 صباحاً
التاريخ: 2023-04-13
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-12
980
التاريخ: 2023-04-12
1297
التاريخ: 2023-04-13
1286
التاريخ: 2023-04-12
885
|
يتألف الحاسوب الرقمي من عدة ملايين من المفاتيح الكهربائية التي عند غلقها (توصيل) ستمرّر وعند فتحها (قطع التوصيل) ستوقف التيار الكهربائي، وبالتالي ستُوجد بتا (bit) واحدًا يمثل حالة تقابل بين نعم / لا أو 1 / 0. مجاميع من مثل هذه المفاتيح ترتب بطريقة معينة لتُشكّل بوابات منطقية ودوائر منطقية وتمكّن من تنفيذ التعليمات التي يُزوّد بها الجهاز بشكل برامج من خلال وحدة المعالجة المركزية (Central Processing Unit) (CPU) والذاكرة. وتتمكّن الحواسيب الرقمية المتطورة من القيام بمئات مليارات العمليات الحسابية والمنطقية خلال ثوان قليلة. وبذلك فهي تتفوق على الدماغ البشري في هذا المجال. لكن هذه الحواسيب لا تتمكن من الإدراك الذي يتمتع به الدماغ. صحيح ثمة تشابه بين المنظومتين؛ فالجهاز العصبي يتألف من مليارات الخلايا العصبية التي تقابل الترانسترات في الحاسوب؛ باعتبارهما يمثلان بوابات منطقية، وفي الحالتين تتصل هذه البوابات المنطقية عبر شبكة معقدة تضم الكثير جدًّا من الدوائر المنطقية. كما يمكن اعتبار الدماغ بمثابة وحدة المعالجة المركزية، ويضم الذاكرة أيضًا. وحتى عند ربط حوالي مليار حاسوب عبر العالم من خلال الإنترنت لا ينتج عنها ما يكافئ الوعي البشري، فهل الفرق ناجم عن زيادة تعقيد الجهاز العصبي الذي يضم 100 مليار خلية عصبية؟ أم أن عاملا آخرا وراء هذا الفرق المهم، يتساءل (2014) Johnjoe & Al-Khalili. كأن يكون الدماغ أقرب إلى الحاسوب الكمومي وليس الحاسوب التقليدي. وكان عالم الرياضيات الإنكليزي روجر بنروز قد قال سنة 1989 م بفكرة أن العقل البشري هو حاسوب كمومي.
ما الفرق بين الحاسوب التقليدي والحاسوب الكمومي؟ الحاسوب التقليدي يعتمد البت كوحدة معلومات وينتج عن حالة من حالتين مترابطتين هما: 0 و1، وكلما زاد عدد البتات في الجهاز، زادت قدرته الحاسوبية بصورة خطية. فمثلا زيادة 1 بت إلى 10 بتات الموجودة في الحاسوب، ستزيد من قدرته الحاسوبية بمقدار 10 / 1، ومضاعفة عدد البتات من 10 إلى 20 ستضاعف القدرة الحاسوبية للجهاز. أما الحاسوب الكمومي فإنه يعتمد البت الكمومي أو ما يُعرف بـ كيوبت (qubit). وحيث إن الكيوبت ناتج عن حالة كمومية لجسيم أو ذرة مثلًا، فهو يُظهر الخواص الكمومية المتمثلة بالتراكب الكمومي. وبالتالي فإنه مقارنة بالبت التقليدي سيكون 0 و1 و01 بنفس الوقت. كما يُظهر خاصية التشابك الكمومي؛ حيث تكون جميع الكيوبتات مترابطة، وإن تغيير حالة أحدها سيغير حالة الجميع؛ بناءً على ذلك فإن القدرة الحاسوبية للحاسوب الكمومي تكون أسية، وهي زيادة انفجارية؛ وبالتالي فإن زيادة كيوبت واحد سيضاعف من القدرة الحاسوبية له. ويشبه (2014) Johnjoe & Al-Khalili هذه الحالة بحالة القصة المعروفة عن رغبة الإمبراطور الصيني مكافأة مخترع الشطرنج؛ حيث عرض عليه مكافأة يحددها المخترع هذا الأخير طلب أن تُوضع في المربع الأول لرقعة الشطرنج حبة واحدة من حبات الرز، وفي المربع الثاني يُوضع ضعف العدد الأول (2) وفي الثالث (4) وهكذا وصولا إلى المربع الأخير رقم 64. وقد استخفَّ الإمبراطور بهذا الطلب واعتبره استهانة به. لكنه صعق عندما عرف أن الرقم سيصل إلى (1642) أي 9،223،372،036،854،775،808 حبة رز أو ما يساوي 230،584،300،921 طن من الرز وهذا يكافئ تقريبًا مجموع وزن الرز الذي أنتجه البشر طيلة تاريخهم. سنة 2019 م قامت شركة Google ببناء حاسوب كمومي Quantum supremacy يوظف 53 كيوبت (سعة حاسوبية = 253 أو حوالي 1016) حيث يقوم بمعالجه مهمةٍ خلال 200 ثانية يحتاج الحاسوب التقليدي الفائق لتحقيقها إلى 10000 سنة (2019,Arute et al). وفي حال نجح العلماء في بناء حاسوب كمومي يوظف 300 كيوبت، فستكون سعة ذاكرته تعادل 1080 والذي لا يمكن للحاسوب التقليدي الفائق أن يضاهيه إلا إذا صار حجمه بقدر حجم الكون كله. ويتوقع الفيزيائي Shai Machines من معهد الفيزياء النظرية في جامعة m1U ومن العاملين في بناء الحاسوب أن يتم إنتاج مثل هذا الحاسوب بعد 10 سنوات.
تنطلق أفكار (2014) Johnjoe & Al-Khalili عن دور ميكانيك الكم في الوعي من عمل القنوات الأيونية في عمل الخلايا العصبية؛ فهذه القنوات مسؤولة عن تكوين جهد الفعل (Action potential) الذي يمثل الإشارة العصبية التي تنقل المعلومات في الدماغ، وبذلك لها دور مركزي في معالجة المعلومات. وتتميز القنوات الأيونية بحجمها الصغير جدًّا؛ فهي حوالي 1.2 × 0.3 nm صغر الحجم هذا وتعاملها مع الأيونات المفردة، وخصوصيتها وسرعة نقلها للأيونات حيث تمرّر حوالي 100 مليون أيون في الثانية يؤهلها للعمل كمنظومة كمومية. وقد بين (2012) .Summhammer et al أن عمل قناة البوتاسيوم الأيونية KcsA في البكتيريا يتم عبر التماسك الكمومي في درجات الحرارة الفسلجية. واستنتج الباحثون أن التماسك الكمومي يلعب دورًا لا غنى عنه في نقل الأيونات عبر القنوات الأيونية للخلايا العصبية، وبذلك يكون جزءًا من عمل الدماغ، وأن حالات بوابة القناة يمكن أن تفسر على أساس حالات تقليدية تستند إلى عمليات كمومية تحتية في الدماع وحسب (2014) Johnjoe & Al-Khalili فإن القنوات الأيونية يمكن أن تلعب دورًا في حوسبة الخلايا العصبية؛ حيث إنها وراء أحداث جهود الفعل، فحالاتها تعكس حالات الخلايا العصبية؛ فعمل القنوات الأيونية مرتبط بحالة الإطلاق (Firing) أو الراحة للخلية العصبية؛ فعند حدوث الإطلاق تنفتح القناة الأيونية وتمر الأيونات، بينما عندما تكون الخلية العصبية في حالة الراحة، لا تتحرك الأيونات عبر القنوات الأيونية.
وحيث إن مجموع عمليات الإطلاق واللاإطلاق للخلايا العصبية في الدماغ تؤسس لأنشطة الدماغ، فإن مجموع عمليات تدفق الأيونات الكمومي! إلى داخل الخلية أو خارجها (عمل القنوات الأيونية) يمكن أن يشترك في عمل الدماغ. لكن عمل القنوات الأيونية بشكل منفرد لا يمكن أن يفسِّر تكوين العملية الدماغية المترابطة. ولتحقيق ذلك لا بد من ترابط عمل القنوات الأيونية من خلال التشابك الكمومي للأيونات فيها، وتلك الموجودة في الخلايا العصبية القريبة. لكن هذا برأي الباحثين غير ممكن بسبب حدوث فك التماسك في ظروف الحرارة الفسلجية والرطوبة والأنشطة المرتبطة مع البيئة. التماسك والتشابك المطلوبان حسب هذين الباحثين يتأتى من خلال القنوات الأيونية الفولتية البوابة، والتي تنفتح وتنغلق بفرق الفولتية أو المجال الكهربائي. والدماغ يسوده مجال كهربائي ناتج عن النشاط الكهربائي لمجموع الخلايا العصبية، وهو ما يتم تحسسه وتسجيله في تقنيات مسح الدماغ الروتينية؛ مثل التخطيط الكهربائي للدماغ Electroencephalography (EEG) أو التخطيط المغناطيسي للدماغ (Magnetoencephalography (MEG. هذا المجال الكهربائي يمكن أن يحل مشكلة الترابط المعروفة في تكوين الوعي. والمجال أي مجال مثل المجال الكهربائي أو المجال المغناطيسي يكون حالة من الطاقة مستمرة في الفضاء، ويمكن أن تحقق شغلًا؛ فمجال الجاذبية يحرِّك الكتل، والمجال الكهربائي أو المغناطيسي يحرّك الجسيمات المشحونة؛ مثل الأيونات في القنوات الأيونية. وحيث إن الكهربائية والمغناطيسية هما خاصيتان لظاهرة واحدة؛ يولدان المجال الكهرومغناطيسي، كما أن المادة والطاقة قابلان للتحول؛ أحدهما إلى الأخرى حسب معادلة آينشتاين الشهيرة E = mc2 ينتج عن ذلك أن طاقة المجال الكهرومغناطيسي للدماغ مرتبطة بمادة الدماغ (الخلايا العصبية) وهي تنتج عن عمليات الإطلاق للخلايا العصبية؛ لذا فهي ستشفّر معلومات مماثلة بالضبط لما تشفّره الخلايا العصبية من أنماط إطلاق. لكن بينما تبقى الومضات العصبية ضمن الخلايا العصبية، تُوحد الأنشطة الكهربائية المتولدة عن كل الومضات كافة جميع المعلومات ضمن المجال الكهرومغناطيسي للدماغ، والذي يرتبط مع الأيونات المتماسكة كموميا في القنوات الأيونية الفولتية البوابة. وهكذا يبدو أن المجال الكهرومغناطيسي الذي ينتج عن نشاط الخلايا العصبية كما مر ذكره، ينسِّق إطلاق الخلايا العصبية حيث يُزامن إطلاق مجاميع منها سوية مكوِّنا ما يشبه الحلقة الدورية ذاتية المرجعية، والتي يعتقد أنها مكون أساسي في الوعي.
وحسب الباحثين (2014) Johnjoe & Al-Khalili فإن حالات عدم التركيز أو اللاوعي تتضمن أيضًا إطلاقات الخلايا العصبية كما في حالات الوعي، لكن الحالات الأولى تنتج عن إطلاقات عصبية غير متزامنة، بينما حالات الوعي تنتج عن إطلاقات عصبية متزامنة بفعل المجال الكهرومغناطيسي. وهكذا يبدو أن الوعي ينتج عن عمليات تتضمن بصمات ميكانيك الكم من خلال عمل القنوات الأيونية، وفعل المجال الكهرومغناطيسي التقليدي. وحيثُ إن جميع الخلايا بما فيها خلايا البكتيريا تمتلك قنوات أيونية في أغشيتها، فيمكن لهذه الآلية أن تفسّر الوعي الذي تُظهره جميع الأحياء.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|