أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-25
867
التاريخ: 13-10-2014
7055
التاريخ: 25-11-2014
2191
التاريخ: 2024-06-05
609
|
إنّ العلة من وراء تكرار الأمر بتذكر النعم كثرة أسباب الغفلة من هذا المنطلق فإنه يتكرّر الإفصاح عن ذكر النعم الإلهية والتفكير فيها وشكرها كي تتم إزالة كل مسببات الغفلة حتّى إذا باتت على وشك الوقوع بودر إلى دفعها، وإذا وقعت فعلاً عُمد إلى رفعها. هذا بالإضافة إلى حقيقة كون الأمة الإسرائيلية اللدودة كانت ولا تزال محتاجة إلى تكرار الموعظة البليغة.
من الجدير بالذكر أن ياء المتكلم في {نعمتي} وكذا ضمير الفاعل "ت" في {أنعمت} هما علامة على أن النعم تتنزل من عند الله ومن العالم العلوي. من هنا فقد تعدى الفعل {أنعمت} بالحرف "على".
إن من أبرز النعم الوافرة التي كان الله سبحانه وتعالى قد أعطاها لبني نعمة الفضيلة والتفضيل على شعوب العالم: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 47]. هذه الأفضليّة نابعة إما من وفرة نعمهم المادية والمعنوية وإما من بعث الكثير من الملوك والأنبياء من بينهم؛ فقد وهب الملك والملكوت لأناس من أمثال سليمان وداود (عليهما السلام)، وصارت من نصيبهم معجزات قل أو انقطع نظيرها في الأمم الأخرى، من قبيل انشطار البحر، وغرق آل فرعون، وفي النهاية الخلاص من كل أصناف العذاب والآلام.
من خلال هذا البيان يمكننا القول إنّ ذكر النعمة الخاصة المتمثلة بأفضليتهم على العالمين بعد ذكر النعمة العامة وتقديمها على سائر مصاديق الأخيرة، هو بسبب الأهميّة الخاصة لهذه النعمة وبروزها المميز من بين باقي النعم، حيث يُعد في هذه الحالة من قبيل ذكر الخاص بعد العام لأهمية الخاص وإن النعم الأخرى التي يتم الإشارة إليها في الآيات اللاحقة ما هي إلا توضيح وتفصيل لنغمة الفضيلة العالمية، ذلك لأنه لو طرح السؤال التالي: كيف فضل بنو إسرائيل على سائر البشر؟ لتمت الإشارة في الجواب إلى ما اسبغ عليهم من نعم وجرت معهم من معجزات، مثل شق البحر، وانفلاق الحجر وانفجار عيون متعددة منه، ونزول المن والسلوى، والخلاص من قبضة آل فرعون، و...الخ. في هذه الحالة فإن نعمة الأفضلية على العالمين ليست هي في عرض سائر النعم بل هي جامعة لها، كما انه بالنسبة لهذه الكلمة: {نعمتي} في جملة: {اذكروا نعمتي التي ...} فهي من قبيل ذكر المبين بعد المجمل.
والملاحظة الجديرة بالاهتمام فيما يخص نعمة التفضيل على العالمين هي على الرغم من أن بني إسرائيل باتوا مفضلين على شعوب الأرض لكنهم، بسبب كفران هذه النعمة العظيمة، فإنّهم استكانوا وهانوا إلى الأبد أمام سكان العالم وابتلوا بالذلة والمسكنة والخلافات الداخلية: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61] ، {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [المجادلة: 14] ، {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: 64].
هذه النقطة بحد ذاتها توضح نقطة أخرى تخص كلمة العالمين ؛ وذلك لأن النتيجة المُستخلصة من كونهم صاروا أذلاء ومستكينين ومغضوباً عليهم خلال العهود والأعصار التالية هي أن المراد من {العالمين} عالم زمان نبي الله موسى (عليه السلام) فقط، وليس كل العوالم والأزمنة إلى يوم القيامة. لاسيما إذا التفتنا إلى أن القرآن الكريم نفسه يقول بخصوص امة الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]. ومن خلال هذا البيان يتضح معنى الآية: { وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الدخان: 32].
تنويه:
1. المقصود من تفضيل اليهود هو بيان فضيلتهم في الجملة؛ أي: إننا منحناكم الأفضلية العالمية في بعض الأمور؛ ككثرة الأنبياء وبعث الملوك. الخ وليس على كافة الصعد، وليس لهذه الخصوصية منافاة كون فضيلتهم عالمية؛ لأنه الممكن أن تكون من بين الأمصار والأعصار أمة هي أفضل من بني إسرائيل من جهات أخرى لكنها لا تضاهيهم من حيث كثرة الأنبياء والملوك.
2. إن المعيار في فضيلة بني آدم وكرامتهم خلافة الله ؛ وخليفة الله ذلك الشخص المطيع لحكم المستخلف عنه، وإلا فإن الإنسان الطاغي والباغي يتحتم عليه أن يتحمل ضربات سياط: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ} [الأعراف: 179] الموجعة بدلاً من ترنيمة الكرامة العذبة فالميزان في فضيلة بني إسرائيل هو مقاومتهم ووقوفهم بوجه طغيان آل فرعون وهامان من جهة، واستقامتهم تجاه آل قارون من جهة أخرى كي يضطلعوا، في ظلّ التوحيد، بمسألة إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأرض وليعلموا أن عاقبة الأمور هي بيد الله وإلا فسيحيق : الطرد، والطعن، واللعن، من قبل الباري تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 60]. {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [المائدة: 78]
3. إن محور الفضيلة المذكورة في الآية ليس هو أفضلية "جميع" بني إسرائيل على جميع الأقوام والأسم حتى المعاصرين لهم، بل إن المدار هو رجحان: "مجموعهم" على "مجموع" الآخرين. لذا فإنه إذا كان لبعض أفراد الأمم الأخرى أفضلية على بعض اليهود، حتى في زمان نزول التوراة وعصر حضور كليم الله ، فليس في ذلك من تناف مع محتوى الآية.
خلاصة القول، أولاً: كان بنو إسرائيل يتمتعون بكمالات مادية ومعنوية، من جملتها كثرة ما عندهم من أنبياء وملوك. ثانياً: اقتصرت بني إسرائيل على حقبة تاريخية معينة؛ وذلك لأنهم قد ابتلوا في الفترات اللاحقة بالصغار والذلة. ثالثاً: شكلت كثرة الأنبياء والملوك نعمة عالمية بالنسبة لبني إسرائيل؛ إذ لم تتمتع ولا تتمتع أي أمة قبلهم وأي شعب بعدهم بتلك الكثرة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
السيد السيستاني يستقبل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق
|
|
|