النظريات المتعلقة بالدولة

لا يمكن ان تحدد أهمية الوطن العربي ومصادر الخطر المحيطة به ما لم نسترجع الذاكرة الى النظريات الجيوبوليتيكية ذات العلاقة بالتحليل الجيوستراتيجي لموقعه الجغرافي, فالنظريات هذه ظهرت أكثرها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الاول من القرن العشرين. وقد أشارت أغلبها الى خطورة موقع الوطن العربي من خلال التحليل الجغرافي والتاريخي لهذا الموقع، وبشكل خاص من خلال الدراسة المستفيضة لبيئته الجغرافية, وكان الهدف من هذه الدراسات تنبيه القوى الاستعمارية والامبريالية وتوجيه أنظارها نحو حتمية نهوض بعض الأمم - والامة العربية من بينها - التي تتمتع بتاريخ عريق وبخصائص حضارية موحدة قل أن تتصف بها شعوب العالم الأخرى. هذه النظريات الاستراتيجية هي نظرية القوة البرية لـ (هالفورد ومن ماكندر) ونظرية القوة البحرية لـ (الفريد ماهان) ونظرية الارتطام لـ (نيقولاس سبايكمان) ونظرية القوة الجوية لـ ( الكسندر دي سفر سكي). فاذا لم نفهم محتوى هذه النظريات والافتراضات التي تتعلق بها وارتباط هذه الافتراضات الوثيق بموقع الوطن العربي- الذي غالباً ما أفترض كتاب هذه النظريات حشره تحت مصطلح الشرق الأوسط محاولة منهم لطمس معالمه الجغرافية المتميزة واذابة شخصيته العربية المستقلة- فسوف لن نستطيع التوصل الى تحليل دقيق لمهام تواجد القواعد الاستعمارية والامبريالية العالمية وغيرها من القوى في منطقة الوطن العربي اليوم ولا يمكن فهم هذه العلاقة الموضوعية مبدئياً الا عند الوقوف خلف الأسس والمعطيات الجيوستراتيجية التي تتمتع بها هذه النظريات وارتباط ذلك بمسرح الوطن العربي الجغرافي لتقييم مؤهلاته الدولية.