المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الامطار في الوطن العربي
2024-11-05
ماشية اللحم في استراليا
2024-11-05
اقليم حشائش السافانا
2024-11-05
اقليم الغابات المعتدلة الدافئة
2024-11-05
ماشية اللحم في كازاخستان (النوع كازاك ذو الرأس البيضاء)
2024-11-05
الانفاق من طيبات الكسب
2024-11-05

ديناميكا الدوران dynamics of rotation
3-10-2018
الحسين بن عمر بن يزيد
23-6-2017
تفسير الاية (1-8) من سورة الانشراح
1-2-2018
نوبات الغضب عند الطفل
6/11/2022
معامل الامتصاص
22-8-2017
معنى الحسد
28-9-2016


المشكلات المدرسية / الغيرة  
  
2331   09:23 صباحاً   التاريخ: 2023-03-04
المؤلف : د. محمد أيوب شحيمي
الكتاب أو المصدر : مشاكل الاطفال...! كيف نفهمها؟
الجزء والصفحة : ص132 ــ 141
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / مفاهيم ونظم تربوية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-2-2017 2138
التاريخ: 15-12-2020 2319
التاريخ: 17-2-2017 3871
التاريخ: 24-4-2017 4428

ـ مفهوم الغيرة:

هي حالة انفعالية، يشعر بها الشخص ويحاول إخفاءها إذ لا يمكن الاستدلال عليها إلا من خلال أنماط سلوكية معينة وهي مزيج من الشعور بالفشل والانفعال الغضبي، وتأتي نتيجة الخيبة في الوصول إلى غرض ما (مادي أو معنوي)، نجح في الوصول إليه إنسان آخر فتتوجه هذه الغيرة نحو ذلك الشخص.

قد يكون هذا الشخص، زميلاً، أو جاراً، أو أخاً، وهذا ما يجعل الشعور بالنقص يدخل عاملاً ثالثاً في الغيرة إلى جانب العاملين السابقين (الفشل والغضب).

وتظهر الغيرة في السلوكيات المتمثلة بالثورة والنقد والعصيان والهياج أو من ناحية ثانية بالانطواء، والامتناع عن المشاركة والخجل، وكلها مظاهر للشعور بالنقص.

وقد يخفي الطفل مظاهر الغيرة من أخيه المولود الجديد، بأسلوب تعويضي مصطنع بعد أن يشعر بأن مكانته الشخصية قد ضعفت عند والديه، فيقبل على تقبيل أخيه وضمه إليه كعملية إخفاء لهذه الغيرة، وقد تظهر الغيرة في أمر سلبي كالاعتداء والضرب والتخريب، وهذا ما يجعل من اكتشافها أمراً صعباً.

وترتبط الغيرة بضعف الثقة بالنفس، فهي غالباً ما تصيب أولئك الذين ترجرجت ثقتهم بأنفسهم، لذلك فاحتمال ظهور الغيرة أمر نادر عند أولئك الذين نمت وتوطدت ثقتهم بأنفسهم، بينما تظهر جلية عند من يعانون الشعور بالنقص، ولا سيما ذلك النقص الذي لا يمكن التغلب عليه كنقص الجمال أو القدرة العقلية أو الجسمية.

- والغيرة تنشأ في السنوات الأولى للطفولة عندما يشعر الطفل بأن بعض امتيازاته المادية والمعنوية بدأت تتضاءل، وتتحول إلى طفل آخر، فيبدأ الشعور بالقلق، والكراهية لبيئته، وقد يتجه بهذه الكراهية لأمه ويميل إلى الانتقام، ويلجأ إلى سلوكيات معينة لإعادة جذب الأنظار إليه فيعمد إلى البكاء، أو إلى التظاهر بالمرض، والذين يتمتعون بامتيازات كثيرة هم أكثرهم عرضة للغيرة، لأن قسماً من هذه الامتيازات لسبب أو لآخر، ونتيجة لتغير الظروف المعينة ستزول، مما يجعل صاحبها معرضاً للغيرة. ويصاب فيها عادة الأطفال، الذين بولغ في تدليلهم من قبل الأهل. وتظهر الغيرة بين الأخوة بشكل ملحوظ.

 ويرى بعض الباحثين أن الطفل يغار من أبيه لأنه يحظى باهتمام أمه، التي تمنح هذا الأب اهتماماً زائداً، فيكبت الطفل هذه الغيرة، لكن الطفل يبدأ بعملية مواءمة، فيزيد هو الآخر من صلاته بأبيه، وهو مصدر المال، والغذاء، والألعاب، واللباس، وتتحول الغيرة تحولاً إيجابياً إلى حب وتقدير.

لكن رغم ذلك يجب الا توجه العناية التامة من الزوجين بعضهما لبعض على حساب الأطفال الذين يراقبون بعين ناقدة، وذلك خوفاً من إصابتهم بالغيرة المكبوتة التي تظهر في أعمال طائشة وغير مقبولة، وهذا يظهر كثيراً عند الأطفال الذين ينامون في غرفة واحدة مع والديهم.

ومن أبرز أنواع الغيرة عند الأطفال، الغيرة من المولود الجديد، وننصح الأبوين هنا بوجوب تنظيم المواليد، فلا تكون الفترات متقاربة، حتى ينعم الطفل بطفولته ويشبع حاجاته إلى الحب والعطف والحنان من والديه، قبل ولادة الأخ الجديد، وكذلك لا يجب أن تكون فترات الولادة متباعدة كثيراً بحيث تتكرس امتيازات معينة للطفل الأول، يصعب انتزاعها منه، أو التقليل منها، والمفضل أن تكون الفترة بين ولادة وأخرى هي من 3- 4 سنوات، وفي هذه الأحوال فإن على الأم أن تهيئ الأجواء لاستقبال المولود الجديد، وأن تجيب على أسئلة الطفل حول ما في بطنها - وهذا تمهيد للتربية الجنسية - فتتحدث عن ولادات الحيوان والنبات وتشوق الطفل بأن أخاً ورفيقاً، سيكون له مشاركاً في اللعب والتسلية، وسوف يتعاونان معاً في المدرسة والبيت.

وبعد ولادة المولود الجديد، فعلى الأم ألا تنصرف بكليتها لهذا المولود لأنه لا يحتاج بعد إلى العطف، وعليها أن تبقى على صلة عاطفية ودية مع الطفل الأول، ولا تقلل من اهتمامها به، وإذا ما جرى الفطام فليكن بطريقة تدريجية مشفوعة بكثير من الرعاية والعطف، وألا تكون قسرية فجائية، تشعر الطفل بالتحول الفوري من مرحلة إلى مرحلة أخرى فيضطرب سلوكه وتسوء حالته النفسية: فتهيئة الأجواء النفسية لاستقبال المولود الجديد من قبل أخيه المولود الأول أمر ضروري لاتقاء الغيرة المنتظرة.

وتعود الغيرة في بعض أسبابها إلى الموازنة بين الأولاد، على أساس الذكاء أو التحصيل المدرسي، أو التفوق، أو الجمال، أو البنية القوية، فإذا ما أخفق أحد الأولاد، فلا يجب موازنته بأخيه المتفوق - وإن كنا نعتقد - أننا نحثه أو ندفعه للاقتداء بأخيه، لكن ذلك يؤجج الغيرة في صدره مقرونة بالنقمة، ويشعره بالنقص والمهانة، والأجدر بنا أن نشجعه دون أن ننكر عليه طاقاته، أو نوازيه بأخيه، لأن لكل استعداداته وميوله، ونواحي تفوق معينة يختلف فيها عن الآخرين أخوة كانوا أو غير أخوة.

كذلك لا يجب أن نقلل من قيمة الهوايات التي تميز كل طفل عن الآخر فلكل هواية قيمتها وتأثيرها، فالتفوق في كرة القدم أو في ألعاب الجمباز والجيدو مثلاً تستحق التقدير من الأهل، وكذلك النحت والتصوير، وهذه تحصن معنويات الولد، وتزيد من ثقته بنفسه وتحميه من الشعور بالنقص والغيرة، التي تولد في نفسه تجاه أخيه المتفوق دراسياً.

ويجب أيضاً عدم تفضيل البنين على البنات، ومنحهم الامتيازات، لأن ذلك يولد في نفوس البنات الغيرة والنقمة، التي تتحول عند بعضهن في الحالات السيئة إلى كراهية للرجال، في المستقبل مما ينغص عليهن حياتهن الزوجية.

في غالبية الأسر، يعامل الطفل المريض معاملة مميزة، فيغدقون عليه بأنواع اللعب، والألبسة والحلوى، كعملية تعويضية، وفي هذا المجال يشعر الأطفال الآخرون بالغيرة، لذلك يجب التنبه إلى هذا الأمر، وترك الأمور تسير سيراً طبيعياً، باستثناء العناية الطبية اللازمة، فهي واجبة، وحبذا لو كلف الأخوة الباقون بمهمة إحضار الهدايا والألعاب فتمنع هذه الطريقة الغيرة، وتحول العلاقة بين الأخوة إلى أثرة ومودة.

ولا يجب أن يغيب عن بالنا أبداً موضوع الفروق الفردية بين الأطفال، حتى بين التوأمين.

بعد ذلك كله يجدر بالآباء والمدرسين ألا يوقدوا جذوة الغيرة في نفوس أبنائهم أو تلامذتهم، لأن الغيرة، قلق في النفس، ونقمة على الآخرين، وانسحاب من المجتمع وشعور بالاضطهاد والدونية، يتحول أحياناً إلى انفجارات غضبية عدوانية تقود أحياناً إلى التخريب والجنوح.

بعض الأطفال لا تظهر عليهم مظاهر الغيرة بتاتاً، فهؤلاء أجدر بالرعاية لأنهم ربما يكبتون ذلك في لا وعيهم، وهو سيظهر لا محالة بطرق لاشعورية، لذلك يجب الاهتمام بهم ومنحهم العطف الكافي، كذلك فإن الإشادة المتكررة ببعض الأولاد والمبالغة في ذلك من قبل الأهل، يجعل الغيرة تدب في قلوب الأخوة الباقين فالأهل والحالة هذه مدعوون لعملية توازن عاطفي سليمة بين الأخوة حفاظاً على حس توافقهم الأسري والاجتماعي وسلامة صحتهم النفسية.

والغيرة ظاهرة منتشرة في جميع شعوب الأرض، وهي عند الكبار ذات تأثير بالغ الخطورة، فكثيراً ما تعمي الغيرة البصيرة، وتكون سبباً في ارتكاب الجرائم أو تعصف أحياناً بواقع الحياة الأسرية.

وتختلف قوة الغيرة باختلاف النفوس وطبيعة تكوينها، وكل منا مهما بلغ شأنه يشعر بالغيرة، (على أننا نعتبر غيرتنا أحد العيوب الكبيرة التي يجب أن نسترها أو نعمل على إخفائها، لأنه عيب ونقص نجتهد في إخفائه رغم وجوده فينا)(1).

ومن أطرف الأوصاف التي يوردها أحد الغيورين معترفاً بقوله (إني كمثل الكيميائي الذي يشرب أحد الأحماض ليرى بعينه تأثيره عليه، ويدرس مفعوله في بدنه، وهو يعلم سلفاً العناصر التي يتركب منها، ولكنه مع كل هذا يشرب الحامض، ويلاحظ مفعوله فيه وهو يحرق جسده، وينخر عظامه(2).

والغيرة إذا نمت، تحولت إلى عقدة يصبح علاجها مستحيلاً، وهي لا تصغي للعقل ولا للمنطق، ولا تؤثر فيها التجربة، وحتى عندما نتحدث عن بعض المواقف التي أثارت غيرتنا فنحن نتكلم بجمل قصيرة وعبارات موجزة تمشياً مع نظرية إخفاء هذه المشاعر أو ما يدل عليها.

وما يدعيه بعض المحللين من أن الغيرة ضرورية للمجتمعات لأنها تخلق روح التنافس وزيادة الإنتاج، فلا يعقل أن يتولد الإنتاج والتقدم من الغيرة التي تحمل صفة الشر والقسوة وتمهد للهدم والتدمير، وهناك فرق كبير من الغيرة والمنافسة الشريفة القائمة على التعاون وتبادل الثقة.

والغيرة رد فعل عنيف، ونزوة قاسية، وعاطفة قوية تتحول إلى ما يشبه المرض النفسي والعقلي، ولم تستطع الأبحاث تحديد سبب (هذه الجرثومة)، فتحدث الكثيرون عن نتائجها، وقلة هم الذين تحدثوا عن نشأتها وتكوينها، حتى إن بعض الكتب تحدثت عن صعوبة كبت أو مقاومة أو كبح الغيرة، وحتى (فرويد)، لم يشر إلى هذه المسألة إلا بكلام مقتضب جداً، وكل ما توصل إليه الباحثون هو (أن الأصل في الغيرة، يكمن في الجروح التي أصابت نفس الشخص أثناء الطفولة، وعدم استعداد هذه الجروح للالتئام وقبولها للتهتك متى تهيأت الظروف)(3).

والغيرة تولد مع الطفل، تنمو مع نموه، وتنطلق، وقد لازمت الإنسان الأول منذ بدء الخليقة، وأما أعراض الغيرة فأول ما تبدو في سلوكيات الرجل البدائي من خلال حرصه الشديد على ما يملك ومحاولته القيام بالعدوانية حفاظاً على ذلك، والغيرة تتسبب أحياناً بخللي في العقل، وتهيج في البدن، وتعمل على غليان الدم في العروق، وتوتر الأعصاب، ولإفرازات الجسم تأثير كبير على الغيرة ونشاطها.

والغيرة عند الأطفال تظهر بمظاهر عدة، منها: التودد الشديد لتغطية هذه الغيرة، أو ربما تتمثل بإضراب الطفل الغيور عن الطعام، أو التمارض، بقصد شد وجذب الانتباه إليه من قبل الوالدين كعملية تغطية للغيرة التي يشعر بها نحو أخيه والأفضل هنا ومنعاً لهذه الغيرة هو المساواة بين الأطفال وعدم تفضيل بعضهم على بعضهم الآخر ومهما كانت الدوافع.

وحتى بين الشعوب هناك نوع من الغيرة، ومما يقال في هذا الموضوع أن الإنجليز هم أقل الشعوب شعوراً بالغيرة، وهم المعروفون ببرودة طباعهم، أما الايطاليون والغربيون فهم مشهورون بالغيرة الشديدة التي تصل أحياناً إلى حد الجنون.

ويرى (أناتول فرانس)، أن الغيرة مكونة من عناصر مختلطة، مشوهة، وهي الشعور البغيض، الكريه، والقسوة الضالة، والغضب المريض، والثورة العاتية، وكلها تناقض قوانين الحياة والمجتمع.

أما قولهم أن الطفل يولد غيوراً فيرد عليها بعض العلماء، بأن الغيرة موجودة كجزء متمم لنفس الانسان تعيش معه من نشأته حتى مماته.

وتظهر عند الأطفال المعاقين جسدياً، لأنهم يشعرون بحرمانهم مما يتمتع بين أخوتهم، ويعمل الأهل على زيادة وتنمية هذه الغيرة على غير إرادة منهم، نتيجة سلوكهم الخاطئ وغير المنظم، وقد يضعون حداً لها بحسن تعاملهم ومساواتهم بين أطفالهم.

والأهل الذين تشغلهم طموحاتهم العلمية أو التجارية عن الاهتمام بأولادهم فإن الغيرة تنشأ في نفوس هؤلاء الأولاد، أكثر من بقية رفاقهم الذين يحظون باهتمام ورعاية والديهم بشكل أفضل مما يلقونه هم أنفسهم.

وتنشأ الغيرة عند الطفل المضطهد، الذي يوجه له الأهل الاهانات، والتوبيخ أمام أخوته، إما لتقصيره في المدرسة أو لقذارته، فيشعر بنوع من الحقد مقروناً بالغيرة من اخوته الذين لا يتعرضون لما يتعرض له من قبل الأهل.

ولدى معالجة ظاهرة الغيرة في إحدى العيادات النفسية للبالغين، وخالصة لحالات غيرة الأزواج، الواحد منهما على الآخر، تبين أن هذه العاطفة هي عقدة مركبة منذ الطفولة، وتبقى آثارها السلبية المدمرة للبالغين في حياتهم العامة، تؤرق مضجعهم محولة حياتهم إلى جحيم، ولطالما أدت إلى الانفصال بين الزوجين.

وكثيراً ما تنشأ عند الأطفال بسبب التمايز الجسماني لناحية الخلق، لناحية القصر أو الضعف، أو السمنة، فيغار الواحد من أخيه، وتزداد هذه الغيرة حدة، إذا قام الأهل بالمفاضلة بين الأخوة فيذكون هذه الغيرة ويزيدونها أشتعالاً.

والأم الحكيمة هي التي تستطيع أن تقيم توازناً بين الأخوين المتعاقبين، بحيث تتمكن من زرع المحبة والعطف في قلب الكبير نحو أخيه الأصغر، وهناك فئة من الأطفال تتغلب الغيرة عندهم على كل الإرشادات والنصائح، والغيرة كثيراً ما تترافق بجملة عادات سيئة أخرى مثل الحقد، والغضب، والكذب، ومن مظاهرها الاعتداء على الأخوة وتحطيم أدواتهم وألعابهم أو تمزيق ثيابهم أو سرقة حاجياتهم الخاصة والمساواة هنا هي الدواء الناجح لإزالة الغيرة أو وقف أثرها، وضعف الغيرة عند الطفل الأول، لا يدل زوالها، فهي جزء متمم للنفس، فسرعان ما تعود لتظهر بصور مختلفة تهيأت لها الظروف، وتستمر أحياناً في مراحل متقدمة من العمر.

والغيرة تتسبب في صراعات نفسية خفية داخل الفرد، وتمثل خطراً على علاقته بمن يحيط به في الوسط الاجتماعي (والفرد الغيور لا يعترف بغيرته والسبب في ذلك أن الغيرة ترتبط عنده بالشعور بالنقص والعجز والضعف، وينتج الشعور بالغيرة من الفشل أو الإحباط في تحقيق رغبة ملحة لدى الفرد كالنجاح أو التفوق)(4).

والذي يؤجج نار الغيرة شعور الفرد أن حقوقه مهدورة، وأنه مغبون، أو لشعوره بانتزاع بعض الامتيازات التي كان يتمتع بها، ويمكن التخفيف من عوامل الغيرة بإقرار المساواة بين الأطفال وتعويدهم على الأثرة وروح التعاون الجاد المخلص وتبادل الخبرات بروح رياضية وتقبل الفشل بنفس الروح أيضاً.

وكثيراً ما يشعر الطفل بالغيرة إذا ما رأى والديه منصرفين عنه، أو مهتمين بإشيائهما الخاصة أو بأخوته الباقين (وفي مفهوم الطفل الصغير، إنك إذا أعطيت حبك له، لا يمكن أن تعطيه لشخص آخر غيره، إلا إذا أخذته منه هو)(5)، والغيرة فضلاً عن ذلك (هي انفعال لا يمكن أن نخضعه لسلطة العقل الواعية هي شعور لا تجدي فيه المناقشة، والاقناع، والسبيل الوحيد إلى قهرها هو إحلال شعور آخر محلها)(6).

والجدير بالذكر أن مظاهر الغيرة الطفولية غالباً ما تتسلل عبر سنوات عمر الإنسان لتظهر في فترة متأخرة، لذلك يجب معالجتها منذ الصغر بالطريقة التي ألمحنا إليها، أي باستبدال هذا الشعور - عن طريق الاعلاء ـ بشعور آخر أكثر إيجابية.

ومن طريف ما يروى في هذا المجال: أن امرأة في الثلاثين من عمرها ما زالت تتخاصم مع شقيقتها وهما متزوجتان، وفي تحليل لحالتها قالت: إنها تذكر أن والديها دعيا نفراً إلى العشاء ذات يوم فاُجلست شقيقتها إلى مائدة الطعام مع الضيوف وهي ترتدي أبهى الحلل والزينة، وطلب إليها أن تتناول الطعام في المطبخ مع الصغار، واستطاع المحلل أن يعيد هذه الغيرة إلى تلك المرحلة الطفولية، إلى هذه الحادثة وأمثالها.

ويمكن في نهاية هذا الموضوع أن نوجز أسباب الغيرة بـ:

1- المفاضلة التعسفية من قبل الوالدين، بين الأخوة.

2- شعور الطفل بالضعف أو التقصير.

3- اضطراب الأجواء الأسرية.

4- التعلق الشديد من قبل الطفل بوالديه.

5 - ارتباط الغيرة بالأنانية، إذ كلما زاد الإحساس بالأنانية، تولدت الغيرة وازدادت هي أيضاً.

أما وسائل التعبير عن الغيرة فيكون في عدة وسائل:

1- بالصياح والعبث بأغراض الآخرين الذين يغار منهم.

2- بالاعتداء الجسدي.

3- بإزعاج الآخرين وإقلاق راحتهم.

4- تأخذ الغيرة بعد التقدم بالعمر. (أي بعد العاشرة)، شكل التجسس والوشاية والإيقاع بالآخرين.

5- وتظهر عند صغار الأطفال باصطناع الحب الزائد نحو الفريق الآخر لتعمية الأنظار عن الغيرة الدفينة، فما إن تتاح الفرصة للطفل الغيور، حتى يقوم بإيذاء أخيه، ضرباً أو عضاً.

أما العلاج لهذه الظاهرة فيمكن أن يكون على الشكل التالي:

1- المساواة بين الأخوة، وحسن المعاملة، وعدم التدليل الزائد.

2- عدم التعلق الزائد بالوالدين، وترك الأمور طبيعية بحيث تكون علاقة الطفل بوالديه طبيعية وعادية غير مبالغ بها.

3- هدوء الأجواء الأسرية، وبعدها عن الاضطرابات والخلافات.

4- مراعاة مبدأ الفروق الفردية بين الأطفال في هذا الموضوع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ محمد محمد جعفر، الغيرة، ص10.

2ـ المرجع السابق، ص33.

3ـ المرجع السابق، ص20.

4ـ د. عبد الرحمن العيسوي، الارشاد النفسي، ص44.

5ـ المصدر السابق، ص40.

6ـ أندريه آرتوس، طفلك، ذلك المجهول، ص98. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.