أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-1-2023
1287
التاريخ: 21-3-2021
1456
التاريخ: 2023-10-16
1027
التاريخ: 9-3-2016
1597
|
إن أهمية أعمال إيفرت التي نُشرت سنة 1957، تتمثل في أنه أخذ هذه الفكرة التي تبدو خيالية في مظهرها، ووضعها على أسس رياضية لا تقبل الشك، مستخدمًا قواعد نظرية الكم. فأن نخمن شيئًا عن طبيعة الكون هذا أمر، لكن أن نطوّر هذه التكهنات ونضعها في نظرية للواقعية كاملة ومتسقة مع نفسها فهذا أمر آخر. ولم يكن إيفرت في الواقع هو أول شخص يتكهن بهذا الشكل، مع ما قد يبدو أنه توصل لأفكاره مستقلا تمامًا عن أي اقتراحات عن الواقعيات المتعددة والعوالم المتوازية، ومعظم التكهنات التي زادت زيادة كبيرة في الحقيقة منذ سنة 1957 - قد ظهرت على صفحات الخيال العلمي. وقد استطعت أن أقتفي أثر أول نسخة من ذلك نُشرت لأول مرة في صورة سلسلة في مجلة سنة 1938، وهي فرقة الزمان لجاك ويليامسون.
ومعظم قصص الخيال العلمي موضوعة في إطار الواقعيات «المتوازية» مثل انتصار الجنوب في الحرب الأهلية الأمريكية، ونجاح الأرمادا الإسبانية في إلحاق الهزيمة بإنجلترا، وهكذا. وبعض هذه القصص يصف مغامرات بطل ما يسافر عبر الزمان، من واقع بديل إلى واقع آخر، وقليل من هذه القصص يصف بلغة عبثية، كيف ينفصل عالم بديل عن عالمنا. وتتناول قصة ويليامسون الأصلية عالمين بديلين لا يصل أيهما إلى واقعية محسوسة إلا عند وقوع حدث معين من زمن حرج في الماضي؛ حيث يفترق طريقا العالمين (وهناك أيضًا سَفر «توافقي» عبر الزمان في هذه القصة، كما أن الحدث دائري مثل الجدل). وتردد الفكرة انهيار الدالة الموجية كما وصفت في تفسير كوبنهاجن المتعارف عليه، وتتضح ألفة ويليامسون مع الأفكار الجديدة في ثلاثينيات القرن العشرين من المقطع الذي يشرح فيه أحد الأشخاص ماذا يحدث:
بإحلال موجات الاحتمالية بدلا من الجسيمات المتماسكة أصبحت خطوط العالم للأشياء غير ثابتة، ولم تعد ممراته البسيطة موجودة. ولدى الجيوديسيين توالد لا نهائي من الفروع المحتملة حسب اللاتحديدية تحت الذرية.
وعالم ويليامسون هو عالم للواقعيات الشبحية حيث يجري الحدث البطولي بينما ينهار أحد هذه العوالم ويختفي لدى اتخاذ القرار الحاكم، ويُخْتار شبح آخر ليصبح واقعا محسوسًا. وعالم إيفرت واحد من الواقعيات المحسوسة العديدة، الذي تتساوى فيه كل العوالم بنفس الدرجة؛ حيث أيضًا، وللأسف، لا يستطيع حتى الأبطال الانتقال من واقع إلى الواقع المجاور له لكن نسخة إيفرت عن العالم واقع علمي وليست خيالا علميا. دعونا نعد مرةً ثانية للتجربة الأساسية في فيزياء الكم، تجربة الثقبين وحتى في إطار
تفسير كوبنهاجن المتفق عليه، ومع أن قليلين من طهاة الكم على علم بذلك، فإن نسق التداخل الذي يظهر على شاشة تلك التجربة عندما يمر جسيم واحد فقط عبر الجهاز قد شرح على أن الأمر تداخل بين واقعين تبادليين يمرُّ في أحدهما الجسيم خلال الثقب (أ) وفي الآخر يمر خلال الثقب (ب). وعندما ننظر إلى الثقبين نرى جسيمًا واحدًا يمر خلال أحدهما وليس هناك تداخل ولكن كيف للجسيم أن يختار من أي الثقبين يمر؟ بالنسبة لتفسير كوبنهاجن فإن الاختيار عشوائي، وهو ما يتفق مع احتمالات الكم، ويلعب الرب النرد مع الكون في ظنه. وبتفسير العوالم المتعددة فإن الجسيم لا يختار. وبالمواجهة فالاختيار على المستوى الكمي ليس للجسيم نفسه فقط، بل ينشطر كل الكون إلى نسختين. يمر الجسيم في أحد الكونين خلال الثقب أ ويمر في الآخر خلال الثقب ب. وفي كل كون هناك المشاهد الذي يرى الجسيم يمر خلال ثقب واحد فقط. ويصبح العالمان بعد ذلك وللأبد منفصلين تمامًا ولا يتداخلان، وهذا هو السبب في عدم وجود تداخل على شاشة التجربة.
شکل 11-1: توحي عبارة «العوالم المتوازية بأن الواقعيات التبادلية تصطف بعضها بجانب بعض في الزمكان الفائق». وهي صورة زائفة.
اضرب هذه الصورة في عدد الأحداث الكمية التي تحدث طوال الوقت في كل منطقة من الكون، وسيعطيك هذا فكرةً عن عدم تقبل الفيزيائيين التقليديين لهذه الفكرة. ولكن - وكما فعل إيفرت منذ ٢٥ عامًا - فإن ذلك يُعد أمرًا منطقيا، ووصفا متماسكا بذاته للواقع الكمي لا يتعارض مع أي دليل من التجربة أو المشاهدة.
لم يُحدث تفسير إيفرت الجديد لميكانيكا الكم - بالرغم من رياضياته التي لا تقبل الشك - أي اضطرابات على سطح بركة المعرفة العلمية عندما نُشر سنة 1957. وقد ظهرت نسخة من أبحاثه في (مراجعات الفيزياء الحديثة) (1) وبجانبه نشر بحث آخر لويلر يلفت الانتباه إلى أهمية أعمال إيفرت. (2) إلا أن تلك الأفكار ظلت مهملة إهمالًا كبيرًا حتى التقطها برايس دي ويت من جامعة نورث كارولاينا بعد أكثر من ١٠ سنوات. وليس هناك سبب واضح لماذا استغرقت الفكرةُ كلَّ هذا الوقت ليتم الاقتناع بها، ولو حتى من القلة، ثم لاقت نجاحًا في سبعينيات القرن العشرين وبعيدًا عن الرياضيات المعقدة، شرح إيفرت بعناية في مجلة مراجعات الفيزياء الحديثة، أن الجدل حول انشطار الكون إلى عوالم عديدة لا يمكن أن يكون واقعيًّا؛ لأنه لا خبرة لنا بذلك، وأن الأمر كالإناء المثقوب لا يحتفظ بالماء داخله. وتخضع كل العناصر
شکل ۱۱-2: صورة أفضل ترى الكون ينشطر دائمًا مثل شجرة لها فروع. لكن ذلك ما زال صورة زائفة.
المنفصلة كحالات التطابق لمعادلة الموجة بعدم اكتراث تام لحقيقة وجودِ العناصر الأخرى، والغياب الكلي لتأثير أي فرع على الآخر، الأمر الذي يعني أن المشاهد لا يمكن أن يكون أبدًا على علم بعملية الانشطار. وجدل بهذا الشكل يماثل الجدل بأن الأرض لا يمكن أن تدور في مدار حول الشمس؛ لأنه إذا حدث ذلك يجب أن نشعر به. ويقول إيفرت: «في كلتا الحالتين، النظرية نفسها تتنبأ بأن خبرتنا ستكون في الحقيقة على ما هي عليه.»
هوامش
(1) Volume 29, page 454.
(2) Volume 29, page 463.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|