أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-19
898
التاريخ: 2-4-2021
1717
التاريخ: 25-9-2021
1829
التاريخ: 1-10-2021
2583
|
للموصلات الفائقة اسم منطقي على غرار أشباه الموصلات. فالموصل الفائق هو مادة موصلة للكهرباء دون أي مقاومة ظاهرية على الإطلاق. وهذا يجعلنا أقرب إلى الحصول على الحركة الأبدية؛ وليس هذا بشيء نحصل عليه دون مقابل، ولكنه مثال نادر لحصولنا على كلّ ما ندفع ثمنه في الفيزياء، دون بخس أو نقص. ويمكن تفسير الأمر بحدوث تغير يجعل أزواجا من الإلكترونات تترافق وتتحرك معًا. ومع أن كل إلكترون له حركة مغزلية مقدارها نصف عدد صحيح؛ ومن ثم تتَّفق مع إحصاء فيرمي-ديراك ومبدأ الاستثناء. فيمكن في بعض الحالات أن يسلك زوج الإلكترونات مسلك جسيم واحد ذي حركة مغزلية صحيحة ولا يتقيَّد هذا الجسيم بمبدأ الاستثناء، ويخضع لإحصاء بوز-أينشتاين نفسه الذي يصف سلوك الفوتونات بلغة ميكانيكا الكم.
اكتشف عالم الفيزياء الهولندي كامرلينج أونيس التوصيل الفائق سنة 1911، عندما وجد أن الزئبق فقد كلَّ مقاومته الكهربية عند تبريده إلى ما دون 2.4 درجات على مقياس درجة الحرارة المطلقة (4.2 درجات كلفنية أو -269 درجة مئوية). حصل أونيس على جائزة نوبل عن أبحاثه في درجات الحرارة المنخفضة سنة 1913، إلا أن ذلك كان عن بحث آخر، وهو تحضير الهيليوم السائل، ولم يُقدَّم تفسير مقنع لظاهرة التوصيل الفائق إلا سنة 1957 عندما وضع كلٌّ من جون باردين وليون كوبر وروبرت شريفر نظرية حصلوا عنها على جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1972. (6) يعتمد التفسير على الطريقة التي تتفاعل بها أزواج الإلكترونات مع الذرات في شبكة بلورية. يتفاعل إلكترون مع البلورة وعلى أثر هذا التفاعل يُعدَّل تفاعل البلورة مع الإلكترون الآخر في زوج الإلكترونات. وهكذا، فإنه على الرغم من أنها تميل بصورة طبيعية إلى التنافر أحدها مع الآخر، فإن زوج الإلكترونات يكون ارتباطًا ضعيفًا يكفي لتفسير التغير من إحصاء فيرمي - ديراك إلى إحصاء بوز - أينشتاين. ولا تستطيع كلُّ المواد أن تصبح موصلات فائقة، وحتى في المواد التي تستطيع ذلك سيؤدي أي اضطراب بسيط من الاهتزاز الحراري للذرات في البلورة إلى كسر إقران الإلكترونات، وهو السبب وراء عدم حدوث هذه الظاهرة إلا عند درجات الحرارة المنخفضة جدا، في نطاق يتراوح بين 1 كلفن إلى 10 كلفن. وتصبح بعض المواد موصلات فائقةً تحت إحدى درجات الحرارة الحرجة التي تختلف من مادة لأخرى لكنها لا تختلف في المادة الواحدة، وفوق درجة الحرارة الحرجة هذه ينكسر إقران الإلكترونات وتصبح المادة ذات خصائص كهربية عادية.
تتأكَّد النظرية بحقيقة أن المواد التي تكون موصلات جيدة في درجة حرارة الغرفة ليست هي أفضل الموصلات الفائقة. «فالموصلات العادية» الجيدة تسمح للإلكترونات بحرية الحركة؛ ويُعزى ذلك على وجه التحديد إلى أنها لا تتفاعل كثيرًا مع ذرات الشبكة البلورية، ومع ذلك فإنه من دون حدوث تفاعل بين الإلكترونات والذرات فلا سبيل إلى اقتران الإلكترونات الذي يؤدي بدوره إلى توصيل فائق فعّال في درجات الحرارة المنخفضة. ولسوء الحظ، فإنه لا بد من تبريد الموصلات الفائقة قبل أن تصبح صالحة لأداء هذه المهمة؛ ذلك لأن الاستخدامات المتوقعة للموصلات الفائقة الأكثر توافقًا يسهل تخيلها، وأوضح مثال على ذلك ببساطة هو نقل الطاقة على طول الكابلات دون حدوث أي فقد في الطاقة. كما تؤدي الموصلات الفائقة مهام أخرى. فالفلزات الموصلة في حالتها الطبيعية يمكن اختراقها بواسطة مجال مغناطيسي، ولكن الموصلات الفائقة تنشئ تيارات كهربية على سطحها تتنافر مع المجال المغناطيسي وتفصله، وهي الحائل المثالي دون حدوث التداخلات غير المرغوب فيها من المجالات المغناطيسية، ولكنها غير عملية ما دام أنه من الضروري تبريدُ الحائل إلى بضع درجات كلفنية. وعند فصل مُوصلين فائقين بواسطة عازل ما، يمكنك أن تتوقع عدم سريان أي تيار بينهما، ولكن تذكر أن الإلكترون يخضع لقواعدِ الكَم نفسها التي تسمح للجسيمات بأن تخترق أنفاقًا إلى خارج النواة. فإذا كان الحاجز رقيقًا بما فيه الكفاية، فإن احتمال اجتياز أزواج الإلكترونات للفجوة يصبح كبيرا، لكنه لا يعطي نتائج منطقية. ولا تُنتج مثل هذه الوصلات التي تُسمى وصلات جوزيفسون تيارًا كهربيًّا في حال وجودِ فرق جهد عبر الحاجز، ولكن يوجد تيار كهربي في حالة انعدام الجهد الكهربائي (الفولتية) من جانب إلى آخر. ويمكن إعداد وصلة جوزيفسون مزدوجة، وذلك بأخذ قطعتين من الموصل الفائق وتشكيل كلٌّ منهما على هيئة شوكة رنانة وضغط الطرفين المزدوجين معًا مع فصلهما بطبقة بينية من العازل وذلك لمحاكاة سلوك الإلكترون في تجربة «الشق المزدوج» وفقًا لميكانيكا الكم، وسنناقش هذه التجربة بالتفصيل في الفصل التالي، وتمثل هذه التجربة حجر الزاوية لعدد من أغرب سماتِ عالَمِ الكَم.
وليست الإلكترونات وحدها التي تستطيع الارتباط ببعضها لصنع بوزونات زائفة تتحدى قوانين الفيزياء العادية في درجات الحرارة المنخفضة. ولكن ذرات الهيليوم أيضًا يمكنها القيام بعمل مماثل جدًّا، وهذا هو الأساس وراء خاصية معينة من خصائص الهيليوم السائل تُسمَّى السيولة الفائقة. عندما تهز فنجانًا من القهوة بشكل دائري ثم تتركه لحاله، تتباطأ الحركة الدوامية الدوارة للسائل ثم تتوقف، نظرًا لوجود قوة السيولة المكافئة لقوى الاحتكاك أو اللزوجة جرّب الأمر نفسه مع الهيليوم المبرَّد إلى ما دون 17.2 كلفن ولن يتوقف الدوران أبدًا حتى لو تركته تمامًا لحاله، وقد يتحرك السائل لأعلى على جانب الإناء وفوق حافة الإناء، وبدلا من المرور بصعوبة عبر أنبوب ضيق، فإن الهليوم الفائق السيولة يتدفق بسهولة أكثر إذا ازداد الأنبوب الذي يمر خلاله ضيقًا. ويمكن تفسير كل هذا السلوك الغريب طبقًا لإحصاء بوز - أينشتاين، ومرةً أخرى، على الرغم من صعوبة إيجاد استخدامات عملية لهذه الظاهرة بسبب درجات الحرارة المنخفضة اللازمة، فإن سلوك الذرات عند هذه الدرجات المنخفضة مثله مثل سلوك الإلكترونات في التوصيل
شكل ۷-۲: تحدث أشياء غريبة عند وصلة جوزيفسون عند الفصل بين قطعتي الموصل الفائق بواسطة طبقة عزل. وفي ظل الظروف المناسبة تستطيع الإلكترونات أن تخترق الحاجز عبر نفق.
الفائق يقدم فرصةً لرؤية العمليات الكمية في أثناء حدوثها. وإذا وضع قليل من الهيليوم الفائق السيولة في إناء صغير عرضُه 2 ملم أو نحو ذلك، وجرى تقليب الإناء بحركة دورانية فإن الهيليوم سيظل ساكنا في البداية. وعندما تزداد سرعة الدوران، وعند إحدى قيم الزخم الزاوي الحرجة يحدث للهيليوم كله تدفق زاوي، ويتغير من حالة كمومية إلى أخرى. ولا يُسمَح بحالةٍ بينية - تقابل نوعًا من الزخم الزاوي البيني - طبقًا لقواعدِ الكَم، ويمكن رؤية المجموعة الكاملة لذرات الهيليوم، وهي كتلة مرئية أكبر كثيرًا من الذرة المفردة أو جسيماتِ عالَمِ الكَم، وهي تسلك وفقًا لقواعد الكم. وكما سنرى لاحقا، يمكن أيضًا تطبيق التوصيل الفائق على أجسام ذات مقاييس بشرية، وليست ذرية. ولكن نظرية الكم ليست محدودة بعالم الفيزياء، ولا حتى العلوم الفيزيائية. وكما تذكر فقد أصبحت الكيمياء كلُّها الآن مفهومة بلغة قواعدِ الكَم الأساسية. والكيمياء هو علم الجزيئات، وليس عالم الذرات المفردة والوحدات الفرعية من الذرات، ويشمل ذلك أهم الجزيئات في حياتنا جميعًا وهي الجزيئات الحيَّة، بما في ذلك جزيء الحياة، الحمض النووي (الـ «دي إن إيه»). كما أن فهمنا الحالي للحياة نفسها له جذور راسخة في نظرية الكم.
شكل ٧-٣: يمكن إعداد زوج من وصلات جوزيفسون لإنشاء نظام شبيه بتجربة الشقين المستطيلين للضوء، وفي هذا التكوين يمكن رصد التداخل بين الإلكترونات، وهو أحد المؤشرات الكثيرة للطبيعة الموجية لهذه «الجسيمات».
هوامش
(6) Bardeen had already made a name for himself in 1948 for his work with William Shockley and Walter Brattain on an invention that got the three of them the Nobel Prize in 1956. This little invention was the transistor, and Bardeen is the first person to have won the physics prize twice
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|