أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-03
133
التاريخ: 6-03-2015
2205
التاريخ: 10-10-2014
1643
التاريخ: 16-11-2014
1718
|
في الصافي ، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار أقول : وهذا المعنى رواه الفريقان ، وفي معناه أحاديث أخر رووه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام).
- وفي منية المريد ، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.
أقول : ورواه أبو داود في سننه.
- وفيه ، عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : من قال في القرآن بغير علم جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار.
- وفيه ، عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.
أقول : ورواه أبو داود والترمذي والنسائي.
- وفيه ، عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : أكثر ما أخاف على أمتي من بعدي رجل يناول القرآن يضعه على غير مواضعه.
- وفي تفسير العياشي ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : من فسر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر وإن أخطأ فهو أبعد من السماء.
- وفيه ، عن يعقوب بن يزيد عن ياسر عن الرضا (عليه السلام) قال : الرأي في كتاب الله كفر.
أقول : وفي معناها روايات أخر مروية في العيون والخصال وتفسير العياشي وغيرها.
قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : من فسر القرآن برأيه ، الرأي هو الاعتقاد عن اجتهاد وربما أطلق على القول عن الهوى والاستحسان وكيف كان لما ورد قوله : برأيه مع الإضافة إلى الضمير علم منه أن ليس المراد به النهي عن الاجتهاد المطلق في تفسير القرآن حتى يكون بالملازمة أمرا بالإتباع والاقتصار بما ورد من الروايات في تفسير الآيات عن النبي وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم على ما يراه أهل الحديث ، على أنه ينافي الآيات الكثيرة الدالة على كون القرآن عربيا مبينا ، والآمرة بالتدبر فيه ، وكذا ينافي الروايات الكثيرة الآمرة بالرجوع إلى القرآن وعرض الأخبار عليه.
بل الإضافة في قوله : برأيه تفيد معنى الاختصاص والانفراد والاستقلال بأن يستقل المفسر في تفسير القرآن بما عنده من الأسباب في فهم الكلام العربي ، فيقيس كلامه تعالى بكلام الناس فإن قطعة من الكلام من أي متكلم إذا ورد علينا لم نلبث دون أن نعمل فيه القواعد المعمولة في كشف المراد الكلامي ونحكم بذلك : أنه أراد كذا كما نجري عليه في الأقارير والشهادات وغيرهما ، كل ذلك لكون بياننا مبنيا على ما نعلمه من اللغة ونعهده من مصاديق الكلمات حقيقة ومجازا.
والبيان القرآني غير جار هذا المجرى على ما تقدم بيانه في الأبحاث السابقة بل هو كلام موصول بعضها ببعض في عين أنه مفصول ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض كما قاله علي (عليه السلام) فلا يكفي ما يتحصل من آية واحدة بإعمال القواعد المقررة في العلوم المربوطة في انكشاف المعنى المراد منها دون أن يتعاهد جميع الآيات المناسبة لها ويجتهد في التدبر فيها كما يظهر من قوله تعالى : {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } [النساء : 82] ، وقد مر بيانه في الكلام على الإيجاز وغيره.
فالتفسير بالرأي المنهي عنه أمر راجع إلى طريق الكشف دون المكشوف وبعبارة أخرى إنما نهى (عليه السلام) عن تفهم كلامه على نحو ما يتفهم به كلام غيره وإن كان هذا النحو من التفهم ربما صادف الواقع ، والدليل على ذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الرواية الأخرى : من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ فإن الحكم بالخطأ مع فرض الإصابة ليس إلا لكون الخطأ في الطريق وكذا قوله (عليه السلام) في حديث العياشي : إن أصاب لم يؤجر.
ويؤيده ما كان عليه الأمر في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن القرآن لم يكن مؤلفا بعد ولم يكن منه إلا سور أو آيات متفرقة في أيدي الناس فكان في تفسير كل قطعة قطعة منه خطر الوقوع في خلاف المراد.
والمحصل : أن المنهي عنه إنما هو الاستقلال في تفسير القرآن واعتماد المفسر على نفسه من غير رجوع إلى غيره ، ولازمه وجوب الاستمداد من الغير بالرجوع إليه ، وهذا الغير لا محالة إما هو الكتاب أو السنة ، وكونه هي السنة ينافي القرآن ونفس السنة الآمرة بالرجوع إليه وعرض الأخبار عليه ، فلا يبقى للرجوع إليه والاستعداد منه في تفسير القرآن إلا نفس القرآن.
ومن هنا يظهر حال ما فسروا به حديث التفسير بالرأي فقد تشتتوا في معناه على أقوال : أحدها : أن المراد به التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها التفسير ، وهي خمسة عشر علما على ما أنهاه السيوطي في الإتقان : اللغة ، والنحو ، والتصريف ، والاشتقاق ، والمعاني ، والبيان ، والبديع ، والقراءة ، وأصول الدين ، وأصول الفقه ، وأسباب النزول وكذا القصص ، والناسخ والمنسوخ ، والفقه ، والأحاديث المبينة لتفسير المجملات والمبهمات ، وعلم الموهبة ، ويعني بالأخير ما أشار إليه الحديث النبوي : من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم.
الثاني : أن المراد به تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.
الثالث : التفسير المقرر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تبعا فيرد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفا.
الرابع : التفسير بأن مراد الله تعالى كذا على القطع من غير دليل.
الخامس : التفسير بالاستحسان والهوى : وهذه الوجوه الخمسة نقلها ابن النقيب على ما ذكره السيوطي في الإتقان ، وهنا وجوه أخر نتبعها بها.
السادس : أن المراد به هو القول في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذاهب الأوائل من الصحابة والتابعين ففيه تعرض لسخط الله تعالى.
السابع : القول في القرآن بما يعلم أن الحق غيره ، نقلهما ابن الأنباري.
الثامن : أن المراد به القول في القرآن بغير علم وتثبت ، سواء علم أن الحق خلافه أم لا.
التاسع : هو الأخذ بظاهر القرآن بناء على أنه لا ظهور له بل يتبع في مورد الآية النص الوارد عن المعصوم ، وليس ذلك تفسيرا للآية بل اتباعا للنص ، ويكون التفسير على هذا من الشئون الموقوفة على المعصوم.
العاشر : أنه الأخذ بظاهر القرآن بناء على أن له ظهورا لا نفهمه بل المتبع في تفسير الآية هو النص عن المعصوم.
فهذه وجوه عشرة ، وربما أمكن إرجاع بعضها إلى بعض ، وكيف كان فهي وجوه خالية عن الدليل ، على أن بعضها ظاهر البطلان أو يظهر بطلانه بما تقدم في المباحث السابقة ، فلا نطيل بالتكرار.
وبالجملة فالمتحصل من الروايات والآيات التي تؤيدها كقوله تعالى : (أفلا يتدبرون القرآن) الآية ، وقوله تعالى : {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ } [الحجر : 91] ، وقوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [فصلت : 40] ، وقوله تعالى : (يحرفون الكلم عن مواضعه) : النساء - 46 ، وقوله تعالى : {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء : 36] ، إلى غير ذلك أن النهي في الروايات إنما هو متوجه إلى الطريق وهو أن يسلك في تفسير كلامه تعالى الطريق المسلوك في تفسير كلام غيره من المخلوقين.
وليس اختلاف كلامه تعالى مع كلام غيره في نحو استعمال الألفاظ وسرد الجمل وإعمال الصناعات اللفظية فإنما هو كلام عربي روعي فيه جميع ما يراعى في كلام عربي وقد قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم : 4] ، وقال تعالى : {وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ } [النحل : 103] ، وقال تعالى : {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [الزخرف : 3].
وإنما الاختلاف من جهة المراد والمصداق الذي ينطبق عليه مفهوم الكلام.
توضيح ذلك أنا من جهة تعلق وجودنا بالطبيعة الجسمانية وقطوننا المعجل في الدنيا المادية ألفنا من كل معنى مصداقه المادي ، واعتدنا بالأجسام والجسمانيات فإذا سمعنا كلام واحد من الناس الذين هم أمثالنا يحكي عن حال أمر من الأمور وفهمنا منه معناه حملناه على ما هو المعهود عندنا من المصداق والنظام الحاكم فيه لعلمنا بأنه لا يعني إلا ذلك لكونه مثلنا لا يشعر إلا بذلك ، وعند ذلك يعود النظام الحاكم في المصداق يحكم في المفهوم فربما خصص به العام أو عمم به الخاص أو تصرف في المفهوم بأي تصرف آخر وهو الذي نسميه بتصرف القرائن العقلية غير اللفظية.
مثال ذلك أنا إذا سمعنا عزيزا من أعزتنا ذا سؤدد وثروة يقول : وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ، وتعقلنا مفهوم الكلام ومعاني مفرداته حكمنا في مرحلة التطبيق على المصداق : أن له أبنية محصورة حصينة تسع شيئا كثيرا من المظروفات فإن الخزانة هكذا تتخذ إذا اتخذت ، وأن له فيها مقدارا وفرا من الذهب والفضة والورق والأثاث والزينة والسلاح ، فإن هذه الأمور هي التي يمكن أن تخزن عندنا وتحفظ حفظا ، وأما الأرض والسماء والبر والبحر والكوكب والإنسان فهي وإن كانت أشياء لكنها لا تخزن ولا تتراكم ، ولذلك نحكم بأن المراد من الشيء بعض من أفراده غير المحصورة ، وكذا من الخزائن قليل من كثير فقد عاد النظام الموجود في المصداق وهو أن كثيرا من الأشياء لا يخزن ، وأن ما يختزن منها إنما يختزن في بناء حصين مأمون عن الغيلة والغارة أوجب تقييدا عجيبا في إطلاق مفهوم الشيء والخزائن.
ثم إذا سمعنا الله تعالى ينزل على رسوله قوله : { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ } [الحجر : 21] ، فإن لم يرق أذهاننا عن مستواها الساذج الأولي فسرنا كلامه بعين ما فسرنا به كلام الواحد من الناس مع أنه لا دليل لنا على ذلك البتة فهو تفسير بما نراه من غير علم.
وإن رقت أذهاننا عن ذلك قليلا ، وأذعنا بأنه تعالى لا يخزن المال وخاصة إذا سمعناه تعالى يقول في ذيل الآية : {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر : 21] ، ويقول أيضا : {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الجاثية : 5] ، حكمنا بأن المراد بالشيء الرزق من الخبز والماء وأن المراد بنزوله نزول المطر لأنا لا نشعر بشيء ينزل من السماء غير المطر فاختزان كل شيء عند الله ثم نزوله بالقدر كناية عن اختزان المطر ونزوله لتهيئة المواد الغذائية.
وهذا أيضا تفسير بما نراه من غير علم إذا لا مستند له إلا أنا لا نعلم شيئا ينزل من السماء غير المطر ، والذي بأيدينا هاهنا عدم العلم دون العلم بالعدم.
وإن تعالينا عن هذا المستوى أيضا واجتنبنا ما فيه من القول في القرآن بغير علم وأبقينا الكلام على إطلاقه التام ، وحكمنا أن قوله : { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ } [الحجر : 21] يبين أمر الخلقة غير أنا لما كنا لا نشك في أن ما نجده من الأشياء المتجددة بالخلقة كالإنسان والحيوان والنبات وغيرها لا تنزل من السماء ، وإنما تحدث حدوثا في الأرض حكمنا بأن قوله : (و إن من شيء إلا عندنا خزائنه) ، كناية عن مطاوعة الأشياء في وجودها لإرادة الله تعالى ، وأن الإرادة بمنزلة مخزن يختزن فيه جميع الأشياء المخلوقة وإنما يخرج منه وينزل من عنده تعالى ما يتعلق به مشيته تعالى ، وهذا أيضا كما ترى تفسير للآية بما نراه من غير علم ، إذ لا مستند لنا فيه سوى أنا نجد الأشياء غير نازلة من عند الله بالمعنى الذي نعهده من النزول ، ولا علم لنا بغيره.
وإذا تأملت ما وصفه الله تعالى في كتابه من أسماء ذاته وصفاته وأفعاله وملائكته وكتبه ورسله والقيامة وما يتعلق بها ، وحكم أحكامه وملاكاتها ، وتأملت ما نرومه في تفسيرها من إعمال القرائن العقلية وجدت أن ذلك كله من قبيل التفسير بالرأي من غير علم ، وتحريف لكلمه عن مواضعها.
وقد تقدم في الفصل الخامس من البحث في المحكم والمتشابه أن البيانات القرآنية بالنسبة إلى المعارف الإلهية كالأمثال أو هي أمثال بالنسبة إلى ممثلاتها.
وقد فرقت في الآيات المتفرقة ، وبينت ببيانات مختلفة ليتبين ببعض الآيات ما يمكن أن يختفي معناه في بعض ، ولذلك كان بعضها شاهدا على البعض ، والآية مفسرة للآية ، ولو لا ذلك لاختل أمر المعارف الإلهية في حقائقها ، ولم يمكن التخلص في تفسير الآية من القول بغير علم على ما تقدم بيانه.
ومن هنا يظهر : أن التفسير بالرأي كما بيناه لا يخلو عن القول بغير علم كما يشير الحديث النبوي السابق : من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.
ومن هنا يظهر أيضا أن ذلك يؤدي إلى ظهور التنافي بين الآيات القرآنية من حيث إبطاله الترتيب المعنوي الموجود في مضامينها فيؤدي إلى وقوع الآية في غير موقعها ، ووضع الكلمة في غير موضعها.
ويلزمها تأويل بعض القرآن أو أكثر آياتها بصرفها عن ظاهرها كما يتأول المجبرة آيات الاختيار والمفوضة آيات القدر ، وغالب المذاهب في الإسلام لا يخلو عن التأول في الآيات القرآنية وهي الآيات التي لا يوافق ظاهرها مذهبهم ، فيتشبثون في ذلك بذيل التأويل استنادا إلى القرينة العقلية ، وهو قولهم : إن الظاهر الفلاني قد ثبت خلافه عند العقل فيجب صرف الكلام عنه.
وبالجملة يؤدي ذلك إلى اختلاط الآيات بعضها ببعض ببطلان ترتيبها ، ودفع مقاصد بعضها ببعض ، ويبطل بذلك المرادان جميعا إذ لا اختلاف في القرآن فظهور الاختلاف بين الآيات - بعضها مع بعض - ليس إلا لاختلال الأمر واختلاط المراد فيهما معا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يواصل إقامة دوراته القرآنية لطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف
|
|
|