أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-9-2018
2656
التاريخ: 31-3-2016
3130
التاريخ: 25-9-2018
2564
التاريخ: 29-3-2016
7016
|
تمارس السلطة المركزية في بريطانيا بعض مظاهر الرقابة على ما تقوم به الهيئات المحلية من نشاط إداري ، يُمكننا أن نردها إلى ما يأتي :-
الفرع الأول
الرقابة على التصرفات المالية
إن أي سلطة محلية لا تستطيع تنفيذ ما ترسمه من مخططات ومشاريع محلية إلا إذا توافر لها من المال ما يكفي تكاليف ذلك التنفيذ وهذا ما لا يحتاج إلى المزيد من البيان . على إن الذي قد يحدث أحياناً هو عجز ميزانية الوحدة المحلية عن تحمل النفقات التي تنجم عن تنفيذ مشروع معين من أجل النهوض بمرفق من المرافق المحلية ، أو أي نشاط إداري تمارسه السلطة المحلية (1). فهل يشكل هذا عقبة تعوق سير السلطة المحلية في تنفيذ مخططاتها ؟
جوابنا عن هذا التساؤل هو النفي البات فعلى السلطات المحلية ألا تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذا الوضع ، بل ان هناك طرقاً قانونية تتمكن بواسطتها السلطات المحلية من ان تحصل على المبالغ التي تحتاج إليها لتغطية تلك النفقات .
فلقد أجاز المشرع في بريطانيا للسلطات المحلية حق اللجوء إلى الاقتراض كما أباح لها فرض رسوم وعوائد إضافية ، ذلك بجانب ما تقدمه السلطة المركزية لتلك السلطات من مساعدات مالية مختلفة (2) ،كل هذهِ وسائل دعم لميزانيات الهيئات المحلية ، تساعدها على تنفيذ ما تراه من مشروعات في مختلف المجالات .
يلزم بعدئذٍ أن نتناول بالشرح تلك الوسائل ، مبينين – على وجه الخصوص – مدى حرية السلطات المحلية في اللجوء إليها ، ومدى التدخل الذي تتيحه تلك الوسائل للسلطة المركزية في نشاط السلطات المحلية في هذا الشأن ، على التفصيل الآتي :-
أ- المنح المالية من السلطة المركزية
إن علاقة التعاون بين كل من السلطة المركزية والسلطات المحلية ، التي تُعد من سمات التنظيم الإداري المحلي في بريطانيا ، تظهر بشكل واضح فيما تقدمه الاولى من مساعدات مالية للهيئات المحلية ، ليتسنى لهذه الإنفاق على تنفيذ مشروعاتها المحلية ، من اجل النهوض بجميع مرافقها . وهذا ما يكفل بطبيعة الحال للسلطات المحلية قدراً من الاستقرار ، وعدم التخوف مما قد يترتب على تنفيذ ما تعتزم القيام به من مشاريع من إرهاق لميزانيتها ، بشكل قد يحول دون التمكن من الخروج بتلك المشاريع إلى حيز الوجود ، بالرغم من أهميتها البالغة بالنسبة إلى الوحدة المحلية في بعض الأحيان (3) .
والمعونات التي تحصل عليها الهيئات المحلية في بريطانيا تنقسم إلى نوعين :
النوع الأول / معونات عامة( General grants ) وهي المعونات التي يجوز للسلطة المحلية ان تنفقها على جميع المرافق المحلية دون تخصيص ، فهي إذن مجرد دعم لميزانية الوحدة المحلية، يساعدها على التوسع في ممارسة نشاطها الإداري بصورة عامة (4) .
النوع الثاني / معونات خاصة
وهي على العكس من الأولى ، معونات مخصصة لمرفق معين ، فيجب ان تسخر للنهوض به ، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات التي تضمن له مستوى أفضل ، سواء من حيث كيفية أداء المرفق لخدماته ، أو من حيث توسيع دائرة هذهِ الخدمات حتى تعم جميع المستفيدين من المرفق في الوحدة المحلية .
على الرغم من الفائدة التي تجنيها الهيئات المحلية من حصولها على تلك المعونات ، فإن الخطر الناجم عنها لا يمكن تجاهله ، إذ إنها تمهد السبيل أمام السلطة المركزية للتدخل في شؤون الهيئات المحلية (5) .
ب –الاقتراض
قد تسعى السلطة المحلية- بالإضافة إلى حصولها على المساعدة المالية من السلطة المركزية –إلى الاقتراض كوسيلة أخرى تدعم بها مركزها المالي ، إذ يجيز القانون في بريطانيا للهيئات المحلية أن تقترض مبالغ معينة تساعدها على تنفيذ بعض المشروعات الإنشائية ، في نطاق تخصصها الاقليمي ، كبناء المستشفيات، والمساكن الشعبية ، واستصلاح الأراضي ، وغيرها من المشاريع التي تحتاج إلى تكاليف باهظة نسبياً .
بيد ان المشرع ، وإن أجاز للسلطات المحلية حق اللجوء إلى الاقتراض ، فإنه قيد حريتها في هذا الشأن، فألزمها ضرورة الحصول على موافقة السلطة المركزية (6) ، وهذا بطبيعة الحال ، ما يمهد طريقاً آخر للتدخل من جانب هذهِ السلطة في أعمال السلطات المحلية ، وبالتالي فهو يشكل مظهراً من مظاهر الرقابة على الهيئات المحلية في بريطانيا ، ذلك انه من حق الوزير المختص أن يتأكد أولاً من سلامة المشروع المراد الاقتراض من أجله ، حتى إذا ما صدّق على ذلك ، ظل يراقب مراحل تنفيذ المشروع ليتأكد من أن القرض قد خُصص فعلاً للإنفاق على هذا المشروع ، ثم مدى التناسب بين المبلغ المقترض ، وما يتطلبه هذا التنفيذ من نفقات .
ج- الرسوم الإضافية :-
للسلطة المحلية أن تفرض رسوماً إضافية على بعض الخدمات وهو ما يعد مصدراً من مصادر الدعم المالي للهيئات المحلية ، يساعدها على إيجاد مبالغ إضافية تمكنها من الإنفاق على مشروع معين إذا ما تراءى لها الالتجاء إلى هذهِ الوسيلة . على أن حريتها في اختيار هذهِ السبيل مقيدة أيضاً بتصديق السلطة المركزية على مثل ذلك النشاط من قبل الوزارة المختصة فبالنسبة مثلاً إلى رسوم دفن الموتى ، والأسواق العامة ، والمسالخ العامة ، يكون لوزارة الصحة حق الموافقة عليها ، أو رفضها (7) .
الفرع الثاني
التصديق
يُعد التصديق من أوجه الرقابة الفعالة التي تمارسها السلطة المركزية في بريطانيا على نوعين من أنواع النشاط ا لإداري الذي تقوم به الوحدات المحلية المختلفة (8) -:
النوع الأول / المشروعات المحلية التي ترى السلطة المحلية ضرورة تنفيذها في سبيل النهوض ببعض المرافق المحلية .
النوع الثاني / اللوائح المحلية .
فالسلطة المحلية ملزمة بعرض ما تسنه من لوائح محلية على السلطة المركزية لتقوم هذهِ بالتصديق عليها.
فلنستعرض إذن حق السلطة المركزية في التصديق على المشروعات المحلية واللوائح التي تسنها السلطات المحلية على النحو التالي :-
أ :-التصديق على المشروعات
من واجب السلطات المحلية أن تتخذ مختلف القرارات لما تريد إقامته من مشروعات محلية و ان تقوم بأعداد البرامج المتعددة من اجل توفير جميع أنواع الخدمات المرفقية لسكان الوحدة المحلية .
وهي لكي تقوم بذلك على أكمل وجه يجب ان تكون في ممارسة تلك النشاطات خاضعة لرقابة السلطة المركزية التي تكمن في قيام الوزارة المعنية بالتصديق على بعض المشاريع المحلية فمن المعتاد ان تفرض النصوص على الهيئات المحلية واجب إعداد المشروعات و المقترحات التي تتحدد بواسطتها نوايا السلطات المحلية في كيفية القيام بواجباتها المنوطة بها بموجب تلك النصوص ، و تعرض على الوزير المختص حيث يكون له الحق في التصديق على المشروعات المحالة إليه من الهيئات المحلية أو ان يرفض ذلك (9) .
ونرى من خلال هذا التصديق بأنه الإدارة الفعالة التي تستطيع بها السلطة المركزية بسط رقابة حقيقية على نشاط الهيئات المحلية فيما يتعلق بكيفية إدارة المرافق المحلية ، و مدى سلامة المخططات التي تزمع تنفيذها في المستقبل بالنسبة إلى هذه المرافق .
و يجب ان لا يفهم من التصديق من الوزارة المعنية على المشروع المقترح من السلطة المحلية إنه سيف مسلط عليها ويعرقل حركتها و نشاطها و إنما هو أمر يؤكد علاقة التعاون و الارتباط المحمود بين كل من السلطة المركزية وال سلطة المحلية .
فاللامركزية المحلية لا تعني إطلاقا خلق محلية مستقلة تماماً عن السلطة المركزية ، وبمنأى عن أي اتصال بها ، بل إن الاتصال المبني على أساس الاحترام المتبادل والعلاقة القائمة على مد يد العون والمساعدة المادية والمعنوية من قبل السلطة المركزية ، بقصد تحقيق الكفاءة الفنية والإدارية للهيئات المحلية والعمل على تهيئة الجو الملائم لها (10) .فالرقابة التي تمارسها السلطة المركزية على المشروعات التي تقوم بها الهيئات المحلية في بريطانيا والتي تتمثل في حق التصديق عليها . هي الوسيلة التي تضمن انسجاما وتناسق اً في العمل الإداري على المستوى المحلي ، ثم مسايرة للظروف والملابسات العامة في الدولة بحيث إنه إذا ما أتضح للسلطة المركزية ( الوزير المختص ) إن هيئة محلية ما لم تضع في حسبانها ذلك الاعتبار حين إعدادها لمشروع محلي معين ، أو رجحت مصلحة هيئتها المحلية على المصلحة العامة ، جاز عدم التصديق عليه . فكان هذا الحق مظهراً من مظاهر الاتصال المطلوب بين كل من السلطة المركزية والسلطات المحلية ، لا يقضي على ما يجب أن تتمتع به الهيئات المحلية من استقلال في ظل التنظيم اللامركزي المحلي ، بقدر ما يكون أداة تتمكن بها السلطة المركزية من التحكم فيما قد يحدث من انحراف في النشاط الإداري المحلي (11).
ب – التصديق على اللوائح المحلية :
من حق السلطات المحلية في بريطانيا إصدار لوائح محلية لتنظيم بعض المسائل في نطاق تخصصها الاقليمي . ويُعّد هذا النشاط – كما قرر الفقيه شستر – مظهراً للتفويض التشريعي ، تمارسه السلطات المحلية بموجب قوانين متعددة صادرة عن البرلمان . وكذلك فإن حق المبادرة في إصدار تلك اللوائح موكول للهيئات المحلية بصورة عامة ، إلا في بعض الحالات، حيث يكون للوزارات المعنية الحق في أن تطلب من السلطات المحلية إصدارها (12) .
إن إصدار اللوائح من قبل السلطات المحلية يخضع للتصديق من السلطة المركزية ولذلك يجب على السلطة المحلية فور الانتهاء من صياغة اللائحة أن تُحيلها إلى الوزارة المعنية للموافقة عليها (13) وعلى هذهِ الوزارة حين قيامها بذلك أن تراعي مسألتين :-
1) أن لا تقوم بتعديل اللائحة فهي إما أن تقبلها جملة أو ترفضها جملة .
2) أن لا تميل الوزارة إلى المغالاة في استعمال هذا الحق كأن ترفض التصديق لمجرد معاكسة السلطة المحلية أو شل حركتها في ممارسة هذا اللون من النشاط .
إن عملية التصديق أو الرفض من قبل الوزارة المعنية يجب أن تحكمها اعتبارات معينة (14) هي :-
1- عدم تعارض اللائحة المحلية مع نصوص قانونية أو دستورية ، احتراما لمبدأ الشرعية .
2- أن يكون من شأنها تحقيق هدف يعود على الهيئة المحلية بالنفع العام .
3- أن تكون هناك حاجة ماسة لإصدار اللائحة المحلية ، وليس لمجرد رغبة السلطة المحلية في القيام بهذا النشاط .
4- الا تتجاوز السلطة المحلية ، حين إصدارها للوائح ، الحدود التي رسمتها القوانين التي أجازت -للهيئات المحلية هذا الحق .
5- ألاّ يؤدي تطبيق اللائحة إلى الفوضى واضطراب في سير العمل الاداري في الهيئة المحلية
6- على الوزارة المعنية أن تتأكد من أن السلطة المحلية ، قد قامت بالإجراءات الشكلية المطلوبة .
7- عند إصدارها للائحة المحلية (15) .
من كل هذهِ القيود ، يتبين لنا بجلاء أن تصديق السلطة المركزية على ما تصدره السلطة المحلية من لوائح هو إجراء احتياطي وقائي . من شأنه مساعدة السلطة المحلية على أن تكون تصرفاتها في هذا المجال على نحو لا يعود بالضرر عليها أو على المصلحة العامة للدولة .
الفرع الثالث
التفتيش
يقع على عاتق السلطة المركزية عبء المحافظة على وحدة العمل الإداري وانسجامه في كل أنحاء الدولة وإليها تُسند مهمة الإشراف العام على مختلف المرافق في الدولة سواء أكانت محلية أم قومية .والتفتيش هو من أهم حلقات الاتصال بين السلطة المركزية والسلطة المحلية .
إن مهمة التفتيش تقع على عاتق المفتش (( حيث يتم تعيينهم من قبل السلطة المركزية منذ عهد بعيد )) (16) وتتحدد مهمة التفتيش في بريطانيا في المسائل التالية :-
1- وضع التقارير .
2- النصح والإرشاد .
3- التفتيش والمساعدات المالية .
1- وضع التقارير :-
من مهام المفتش الأساسية هي دراسة شاملة ومستفيضة للمرفق المكلف بتفتيشه وكتابة تقرير عنه ( وهو اختصاص وحيد للمفتش ) (17) وتقديمه للوزارة المعنية . ويتضمن هذا التقرير مثلاً مظاهر العيوب والنقص في المرفق والأسباب التي أدت إلى تلك النتيجة وبذلك تتمكن الوزارة المعنية من مناقشة السلطة المحلية حول ما ورد بالتقرير والتفاوض بشأن حلها .
2- النصح والإرشاد (18) - :
في مرافق معينة مثل التعليم والمطافئ وحماية الطفولة والأمن فإن تعيين المفتش لا يكون إلا بمرسوم ملكي أو قرار من مجلس الوزراء .
ومهمة المفتش هنا لا تقتصر على كتابة التقارير فقط وإنما تتعدى إلى إبداء الرأي والمشورة ولفت النظر إلى ما يلزم القيام به من أجل الوصول إلى مستوى أفضل بالنسبة للخدمات .
إن إبداء الرأي والمشورة لا يكون موجهاً للسلطة المحلية فحسب بل إن الوزارة المعنية تستعين دوماً برأي المفتش عن المرفق وكيفية أدائه لخدماته محلياً وبذلك تكون مهمته مزدوجة بمعنى أن يكون للمفتش الحق في أن يوجه السلطة المحلية إلى ما يراه ضرورياً من إجراءات لحماية المرفق (19) وله أن يقوم بمثل هذا الدور بالنسبة للسلطة المركزية ((الوزارة المعنية )) لتقوم هذهِ باتخاذ الإجراءات المناسبة على ضوء ما يُبديه المفتش من آراء ومقترحات ))
3- التفتيش والمساعدات المالية :-
عندما تقدم السلطة المركزية منحاً مالية للهيئات المحلية في بريطانيا ، فتنشأ علاقة بين هذهِ المنح وبين وظيفة التفتيش لأن الوزارة المعنية تعتمد اعتمادا كلياً على آراء المفتش وتقاريره لكي تقرر منح المعونة أو رفضها (20) وتعتمد أيضاً على المفتش بعد تقديم المنحة للهيئة المحلية بمعرفة كيفية تصرف السلطة المحلية في تلك المنحة ومدى ما حققته من تقدم في المرفق المخصصة له .
تلك هي أهم مظاهر التفتيش في بريطانيا ، والذي يبدو لنا واضحاً في هذا المجال أن التفتيش وإن عُدَّ مظهراً من مظاهر الرقابة المركزية ، فانه في حقيقة الأمر ، وجه مهم من أوجه التعاون والارتباط الوثيق بين كل من السلطة المركزية والسلطات المحلية ومساندة الأخيرة في الوصول إلى الدرجة المطلوبة من الكفاءة الفنية والإدارية ، بشكل يعود على جميع المرافق المحلية بالنفع العام .
الفرع الرابع
إصدار اللوائح
إن السلطة المركزية إضافة إلى إصدارها التشريعات والنصوص القانونية التي تحدد اختصاصات السلطات المحلية فأنها بالإضافة إلى ذلك تقوم عادةً بإصدار اللوائح التفسيرية المختلفة ، والسلطة المحلية عادةً هي ملزمة بمراعاة ذلك. فكما يقول الأستاذ Ashley (21) إن البرلمان عندما يحدد اختصاصات السلطات المحلية لا يضع التفاصيل الكاملة وإنما يكتفي بتحديدها بصورة عامة. ويترك للسلطة المركزية إصدار اللوائح التفسيرية وغير ذلك من الإجراءات التي تراها لازمة لتطبيق القانون على أساس سليم .
وأجازت الأخيرة للوزارة المعنية كذلك إصدار لوائح لتنظيم المرافق المحلية التي تدخل في اختصاصاتها حتى تتمكن بذلك من تحقيق أعلى مستوى من تقديم الخدمات .
إن السلطة المركزية عندما تضع تلك اللوائح فهي بذلك ترسم الطريق الذي يجب على السلطة المحلية إن تسلكه في كيفية ممارسة إحدى اختصاصاتها المحلية (22).
الفرع الخامس
تعيين بعض الموظفين المحليين
الأصل أن السلطات المحلية في بريطانيا يعود إليها أمر تعيين الموظفين في جهازها الإداري إلا في حالتين نرى في كلتيهما قيداً على هذه الحرية وهما (23) :
1- أن يفرض القانون على السلطات المحلية ضرورة تعيين بعض الموظفين في الجهاز الإداري المحلي، كالموظف المسؤول عن الصحة العامة، والمسائل المالية، فهنا تكون السلطة المحلية ملزمة بتنظيم جهازها الإداري على أساس وجود أولئك الموظفين .
2- ان تتدخل السلطة المركزية تدخلاً واضحاً فيما يتعلق بنشاط السلطات المحلية في تعيين موظفيها المحليين، هذا التدخل يتم عن طريقين :
أ- بأن تضع السلطة المركزية الشروط الواجب توفرها بالموظفين المحليين من حيث المؤهل الدراسي والخبرة العلمية وغير ذلك من الاعتبارات التي تراها السلطة المركزية المتمثلة بالوزارة المعنية .
ب- ولا تكتفي السلطة المركزية ايضاً بوضع الشروط الخاصة بالموظفين المحليين في بعض الوظائف او المراكز الحيوية في الجهاز الإداري المحلي وإنما يلزم تصديقها على التعيين كما يلزم موافقتها على إقالتهم، إذا ما رأت السلطة المحلية اتخاذ هذا الإجراء ضدهم (24) على أن السلطة المحلية لا يجدر بها أن تنظر إلى هذا الأمر باعتباره إجراء يكشف عجزها عن القيام بتعيين موظفيها مباشرة وإنما عليها ان ترى ذلك مظهراً من مظاهر التعاون الذي اشرنا إليه سابقاً وكذلك يجب الا يسئ الوزير المعني لسلطته في استعمال حقه بالتصديق على التعيين كأن يعترض على المرشح للوظيفة لوجود خلاف معه او لدافع عنصري او ديني او غير ذلك من الدوافع الأخرى، بل يجب دوماً ان يستهدف مصلحة الوحدة المحلية فيعين أكفأ العناصر فيها فإذا ما حاد الوزير المعني عن هذا الهدف أصبح مثاراً للحقد وعدم الارتياح من قبل السلطات المحلية .
الفرع السادس
الرقابة في حالة الامتناع أو الإهمال
أن أوجه الرقابة التي تمارسها السلطات المركزية على أعمال السلطات المحلية من نشاط في حدود اختصاصاتها المحلية والتي تعد مظهراً من مظاهر التعاون بينهما، لكن السؤال يثور ماذا لو أهملت السلطة المحلية القيام بأحد واجباتها الموكول إليها قانوناً، أو امتنعت عن ذلك ؟
في بريطانيا أعطى القانون للوزير سلطات تقصيرية (default powers ) يستطيع استعمالها من اجل الحيلولة دون توقف عجلة النشاط الإداري على المستوى المحلي (25) وذلك من خلال :
1- أن يصدر أمراً مباشراً إلى السلطة المحلية الممتنعة أو المهملة بأداء واجباتها بضرورة قيامها بالواجب المكلفة به وان تقاعست عن تنفيذه فللوزير الالتجاء إلى القضاء لإقامة دعوى المانداموس ( mandamus) (26) لإرغام السلطة المحلية على تنفيذ الأمر الصادر إليها .
2- أو أن يعطي القانون صراحة الحق للوزير المختص في أن يحل محل السلطة المحلية في القيام بالواجب الذي امتنعت أو أهملت السلطة المحلية عن أدائه أو أن يتصرف بدل هذه السلطة دون حاجة لتدخل القضاء( بشرط أن يخطرها بضرورة القيام بالواجب المكلفة به خلال مدة معينة و إلا استعمل الوزير المختص سلطاته التقصيرية المقررة له قانوناً) (27) .وهنا تبرز الرقابة المركزية المباشرة الفعالة بصورة واضحة أما في الحالة الأولى فالرقابة المركزية تكون بصورة غير مباشرة لتدخل القضاء في استصدار أمر بالتنفيذ .
مما تجدر الإشارة إليه في هذا الشأن أن الوزير المختص عند اختياره الطريق الثاني بالتنفيذ المباشر من قبله لا يعني أن تكاليف إنجاز العمل تقع على عاتقه وإنما تخصم من ميزانية الوحدة المحلية وله أن يفرض عقوبات معينة كسحب المعونة المالية المقررة للسلطة المحلية أو إنقاصها بما يعادل قيمة التكاليف .
____________
1- الأستاذ الدكتور ثروت بدوي ، تنظيم العلاقة بين هيئات الحكم المحلي والسلطة الإدارية المركزية ، بحث منشور في المجلة المصرية للعلوم السياسية ، عدد خاص عن الإدارة المحلية ، 23 يولي و 196 ،ص 75 .
2- الدكتور صلاح الدين صادق ، الحكم المحلي في إنكلترا ، موسوعة الحكم المحلي ، الجزء الثاني ، 1977 ،ص 249 .
3- الدكتور صلاح الدين صادق ، الحكم المحلي في انكلترا ، مرجع سابق ، ص 250 .
4- انظر edition ,England ,1981 ,p.p.15 st,Local Government in Britain .Penguin Books,1: Tony Byrne : الحكم المحلي في بريطانيا ، ص 85 .
5- الدكتور صلاح الدين صادق ، الحكم المحلي في انكلترا ، مرجع سابق ،ص 252 .
6- إن وزارة الإسكان والحكم المحلي هي المختصة أصلاً بالتصديق على ما تعتزم السلطات المحلية عقده من قروض ،إلا إذا كان القرض متعلقاً بمرفق المواصلات –كإنشاء محطات للترام مثلا - فإن الوزارة المختصة في هذهِ الحالة هي وزارة المواصلات ، ولوزارة الحكم المحلي أن تتفاوض مع الوزارات الأخرى إذا ما كان المشروع المراد الاقتراض من أجله داخلاً في اختصاصها ، أنظر الدكتور صلاح الدين صادق ، الحكم المحلي في انكلترا ، مرجع سابق ،ص 255 .
7- أنظر Tony Byrne : الحكم المحلي في بريطانيا ، مرجع سابق ،ص 90 .
8- الاستاذ الدكتور ثروت بدوي : تنظيم العلاقة بين هيئات الحكم المحلي ، مرجع سابق ،ص 90 .
9- عبد الوهاب شكري: العلاقة بين السلطات المحلية، موسوعة الحكم المحلي، الجزء الأول، 1977 ، ص 782
10- .P.W ,Jackson Local Government .Third edition ,Butter worths,London,1976. الحكم المحلي ، ص 260 .
11- الدكتور صلاح الدين صادق : الحكم المحلي في انكلترا ، مرجع سابق ،ص 258 .
12- Chester : Central an Local Government ,P:50 .
13- المرجع السابق ، ص 51 .
14- P.W.Jackson الحكم المحلي ، مرجع سابق ،ص 261 .
15- Peter .G.Richards نظام الحكم المحلي ، ص 101 .
16- لقد خصص جهاز للتفتيش على كيفية تنفيذ قانون مساعدة الفقراء في الوحدات المحلية المختلفة في بريطانيا منذ عام 1834 راجع في ذلك المطبوعات الرسمية للحكومة المركزية رقم 2400 ، مرجع سابق ،ص 55 .
17- أنظر Tony Byrne : الحكم المحلي في بريطانيا ، مرجع سابق ،ص 91 .
18- المرجع السابق ،ص 92 .
19- الدكتور طاهر مرسي عطية : إدارة الحكم المحلي في مدينة لندن الكبرى ، دراسة مقارنة ، بحث رقم 10 ، المنظمة العربية للعلوم الإدارية ، القاهرة ،يناير ، 1979 ،ص 45 .
20- المرجع السابق ،ص 46 .
21- Ashly :Local and general government ,P.25.
22- الدكتور صلاح الدين صادق : الحكم المحلي في إنكلترا ، مرجع سابق ،ص 258 .
23- أنظر Tony Byrne : الحكم المحلي في بريطانيا ، مرجع سابق ،ص 92 .
24- آشلي : Ashley : Local and government, London ,1901. ص 30 .
25- P.W.Jackson الحكم المحلي / مرجع سابق ،ص 262 .
26- دعوى المانداموس Mandamus في النظام الانكليزي هي دعوى إدارية تُرفع أمام المحكمة المختصة لاستصدار أمر منها يجبر أحد الأشخاص العامة أو الأفراد على أداء خدمة عامة يناط بها قانوناً ،أنظر Ashley ، المرجع السابق ،ص 32 .
27- الأستاذ الدكتور تنظيم العلاقة بين هيئات الحكم المحلي والسلطة الإدارية المركزية المنشور في المجلة المصرية للعلوم السياسية ، في عدد خاص عن الإدارة المحلية ، صادر في 23 يوليو 1964 ، ،ص 75 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|