نظرية فون ثيونن:

وضع " فون ثيونن Von Thunen " أساس فكرة إقليمه في كتابه عن" الدولة المنعزلة " الصادر في عام 1826، وكان هذا الكتاب خلاصة تجربته في إدارة مزرعة خاصة كان يمتلكها ، ويتمثل إقليم " ثيونن " في أن دولته المنعزلة التي تشبه دويلات الإقطاع في أوربا العصور الوسطي تتألف من مدينة واحدة محاطة بظهير زراعي، بينهما علاقة وثيقة تتمثل في اعتماد المدينة اعتمادا تاما على ظهيرها في الحصول على حاجتها من المنتجات الزراعية، واعتماد الظهير على المدينة اعتمادا تاما في تصريف فائض إنتاجه.

وتتسم البيئة الطبيعية في هذا الإقليم بالتجانس ، كما تصلح كل أجزاء الظهير لإنتاج الحاصلات الزراعية والحيوانية التي تنتج في العروض الوسطي اما سكان الإقليم فيتميزون بالنشاط والرغبة في مضاعفة دخولهم النقدية ، ومن ثم يوائمون بين منتجات حقولهم من ناحية وحاجة سوق المدينة من ناحية أخرى وهو السوق الذي ينقلون إليه هذه المنتجات باستخدام العرية والحصان وسيلة النقل المتاحة في عصر" ثيونن".

وفي ضوء الخصائص السابقة توصل " ثيونن" إلى أن نمط الزراعة حول المدينة يتطور في نطاقات تأخذ شكل الحلقات أو الدوائر التي تتخذ من المدينة مركزا لها ، بحيث تلعب تكلفة النقل الدور الحاسم في تقرير امتداد الحلقات بعيدا عن مركزها وهو المدينة ، حيث تمثل هذه التكلفة متغيرة متحركة في حين تتشابه بقية عناصر الإنتاج في كل أجزاء الإقليم ، ومن ثم يتحدد ربح المزارع بالمعادلة : ر= س . (ك من) حيث تعنى (ر) الربح ، و(س) سعر البيع ، و(ك) تكلفة الإنتاج ، وإن تكلفة النقل.

وقد بلغ عدد حلقات ثيونن" على أساس المعادلة السابقة ست حلقات هي:

الحلقة الأولى: وهي الأقرب إلى المدينة وتتخصص في انتاج السلع سريعة التلف

كاللبن والخضروات ، والتي تتمدد باستمرار الطلب على منتجاتها ومن ثم يدفع سكان المدينة لمزارعي هذه الحلقة أسعار تشجعهم على إنتاج هذه المنتجات في هذه الحلقة بدلا من الحبوب وغيرها، لأن وسائل التبريد أو التعليب لم تكن معروفة بعد.

الحلقة الثانية: وتتخصص في انتاج أخشاب الوقود أو التدفئة، ويعتمد حدها الخارجي على مدى الطلب على الأخشاب وعلى تكلفة النقل.

الحلقات : الثالثة والرابعة والخامسة : وتتخصص في انتاج الحبوب وغيرها من المحاصيل ، وتتميز بوجود نوع من " الدورة الزراعية " حيث تترك أجزاء منها بدون زراعة ، خاصة في الحلقتين : الرابعة والخامسة ، أي كلما بعدت المنطقة عن المدينة.

الحلقة السادسة: وتتخصص في انتاج المراعي وتربية الحيوان ، وتصدر منتجات الألبان التي لا تتلف بسرعة كالأجبان إلى سوق المدينة، كما تصدر الحيوانات التي تساق إلى هذه السوق دون أن تنقل لتقليل نفقات النقل .