أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-10-2018
5551
التاريخ: 10-8-2017
1785
التاريخ: 9-3-2020
2084
التاريخ: 2023-02-09
1343
|
على الرغم من عدم وجود اتفاقية دولية منشأة للشركات متعددة الجنسية ومن خلالها تستمد تلك الشركات مركزها القانوني الدولي، الا ان الاعتراف بالشخصية القانونية الدولية للشركات متعددة الجنسية يجد اساسه في القانون الدولي للتنمية، وإذ هو في حقيقته فرع من فروع القانون الدولي العام. بدأت اكثر قواعده بالظهور والتطور بشكل واضح في ظل منهج التعاون الاقتصادي الذي تبنته الامم المتحدة في ميثاقها عام 1945 (1).
وعلى حد تعبير الدكتور محمد طلعت الغنيمي "فنحن الان نعيش في مرحلة تنظيم المجتمع الدولي وليس في مرحلة تأسيسه. لهذا يجب ان تختلف نظرتنا الى مشكلة الشخصية القانونية الدولية عن تلك التي كان ينظر بها الفقهاء الاوائل إلى المشكلة نفسها. لقد اوجد الفقهاء السابقون أشخاص القانون الدولي الأصول، ومهمتنا الآن هي التعرف على اشخاص القانون الدولي الفروع" (2).
ان الشركات متعددة الجنسية تحتل مكانة مرموقة من بين الموضوعات الرئيسة التي يغطيها القانون الدولي للتعاون الاقتصادي، الذي يعد من اكثر مجالات القانون الدولي تطورا، لهذا من الطبيعي ان تسعى الشركات متعددة الجنسية للإسهام في اجراءات وضع القواعد الدولية الناشئة. ولهذه المساهمة اشكال متعددة منها :
1- تؤدي الشركات دورا قياديا بدخولها في اتفاقيات قانونية عبر قومية مع الدول ذات السيادة، كاتفاقيات الامتيازات النفطية وعلى الرغم من انها لا تصنف ضمن الاتفاقات الدولية الا ان مدد وشروط هذه الاتفاقات تقدم سوابق مهمة في العلاقات الدولية الاقتصادية.
2- تسعى الشركات متعددة الجنسية الى ممارسة نفوذ مباشر على المواقف القانونية الدولية والسياسات الخارجية لحكومة بلادها، اذ من السهل التأثير في هذه الحكومات ما دامت مهتمة بحماية استثمارات مواطنيها في الخارج. وبالتأثير في المحيط القانوني الذي تتم فيه هذه الصفقات المتعلقة بتلك الاستثمارات.
3- تؤثر الشركات متعددة الجنسية وبصورة مباشرة في الية تدفق السلع والخدمات في التجارة الدولية، مما يتيح لها ممارسة ضغوط اقتصادية على الدول او التجمعات الاخرى في المجتمع الدولي، مما يسهل حدوث التغييرات في العلاقات الدولية الاقتصادية او الاحكام التي تنطبق على تلك العلاقات.
4-التاثير غير المباشر للشركات متعددة الجنسية في تدفق الافكار القانونية والبحوث في مجالات القانون الدولي العام التي تؤثر في عملياتها، وهذا يكون عن طريق مؤلفات اعضاء الدوائر القانونية التابعة للشركة او بإعطائها مكافأة خاصة للأبحاث التي يجريها رجال القانون، وللمعاهد المنشأة لهذا الغرض (3).
ولو تفحصنا القانون الدولي العام جيدا لوجدنا ان منح الشخصية القانونية الدولية للشركات متعددة الجنسية يجد صداه في افراد قواعد دولية تتعلق بهذه الشركات ضمن نطاق القانون الدولي المعاصر ومنها :
1- اتفاقية البنك العالمي لتسوية المنازعات الاستثمارية بين الدول ومواطني الدول الاخرى المبرمة عام 1965، ويتم فصل المنازعات التي تثور بين الدول المذكورة امام المركز الدولي لتسوية المنازعات الدولية.
2- منح المشروعات الخاصة الحق في الطعن في القرارات الصادرة عن الاجهزة التنفيذية للمجموعة الاوربية.
3- التنظيم الدولي الشامل للاستثمارات والشركات متعددة الجنسية في اطار منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
4- مدونة السلوك المتعلقة بالاستثمارات الاجنبية في اطار مجموعة الانديز.
5- اتفاقية انشاء الوكالة الدولية لضمان الاستثمار عام 1985 (4).
6- القرار المرقم (S.VI) 3201 : اعلان حول اقامة نظام اقتصادي دولي جديد. وقد نصت فقرات القرار الاربع على جملة مبادئ منها تنظيم ومراقبة نشاط الشركات متعددة الجنسية (5).
ومنذ عام 1995 تجري مناقشة اتفاقية الاستثمار الدولي بسرية تامة في قاعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECP) ومن اهم بنود هذه الاتفاقية المتعلق بموضوع الشركات متعددة الجنسية ما يلي :
1- تسهيل الاستثمار الدولي للشركات في كل مكان من العالم.
2- منع الاضرار التي تصيب الشركات في حالة وقوع الاضطرابات الاجتماعية.
3- في حالة تأميم المشاريع الوطنية يحق للشركات المطالبة بالعودة او التعويض.
4- الدول حرة في توقيع الاتفاقية، ولكن ما ان توقع عليها فأنها تلتزم بها لمدة عشرين عاما، مع حق الانسحاب بعد مرور خمس سنوات.
5- بموجب الاتفاقية يمكن لاية شركة مقاضاه اية دولة موقعة في محكمة دولية (6).
ولقد اوضحت السيدة "ماريا دي كونيشا وتافاريز" اهداف هذه الاتفاقية في ثلاث نقاط هي :
1- يحق للشركات متعددة الجنسية الاستثمار في أي منطقة او قطاع او نشاطات وبدون اية قيود او تحديدات.
2- للشركة متعددة الجنسية مقاضاة الدولة والمطالبة بالتعويض في حالة حدوث أي خطوة او امرار أي قانون او اتخاذ موقف من قبل الحكومة او المجتمع او أي جهة اخرى تهدد الارباح الحقيقية التي تحصل عليها هذه الشركات. ويتم تحديد الاسس او القواعد التي يتم في ضوئها النظر في الدعوى من قبل الشركة المستثمرة وليس الحكومة المعنية، وعليه فان هذه الاسس هي ذاتية محضة ويحق للشركة المستثمرة المطالبة بتعديل القوانين اذا كانت لا تتفق مع توجهاتها.
3- تقوم الشركة المستثمرة باختيار المحكمة التي تنظر في النزاع وليس حكومة الدولة المضيفة (7).
كذلك فقد قامت اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة بوضع مجموعة قواعد يحدد بمقتضاها مسؤولية الشركات متعددة الجنسية وغيرها من مؤسسات الاعمال في مجال حقوق الانسان فهذه القواعد قد حددت مسؤوليات الشركة متعددة الجنسية في مجال حق العمل وحرية تكوين النقابات والاتحادات العمالية وكذلك في مجال البيئة وحقوق الطفل والمرأة وفي مجال القانون الدولي الانساني فضلا عن ذلك فان هذه القواعد قد حذرت الشركات من إفساد الحياة السياسية في الدول المضيفة بإرشادها المسؤولين وغيرها من الالتزامات التي يقع على عاتق الشركات الالتزام بها واذا ما خرقتها فأنها طبقا لقواعد المسؤوليات التي وضعتها اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الانسان تكون مسؤولة مسؤولية كاملة (8).
فضلا عما تقدم فان من مبررات منح الشركات متعددة الجنسية الشخصية القانونية الدولية هو تمتعها بسمات متعددة منها "كبر حجمها وتنوع انشطتها ومنتجاتها وتفوقها التكنولوجي والتشتت الجغرافي ومركزية الادارة العليا" (9).وغيرها من السمات التي تمتاز بها هذه الشركات فما دام المطلوب من الكوادر العاملة في الشركات متعددة الجنسية التنقل في أنحاء العالم كافة وان تتخلى عن كل نظرة تقف عند الحدود الوطنية فضلا عن اتصافها بانها دولية النشاط يجعل من الصعوبة بمكان تحديد الاطر والفضاءات القانونية التي تعمل وفقها هذه الشركات اذا بقينا متمسكين بانها شخص قانوني خاص.
اذن يمكن القول ان هذه العوامل مجتمعة او فرادى تعتبر مبررات لمنح الشخصية القانونية الدولية للشركات متعددة الجنسية اذا ما عرفنا انه ليس ما يمنع –من الناحية النظرية على الاقل- من زوال اشخاص القانون الدولي العام الحاليين وقيام اشخاص جدد ليسوا في حساباتنا ، بل ان الدولة باعتبارها شخص القانون الدولي النموذجي قد تفنى في المستقبل او قد تزول عنها الشخصية القانونية الدولية وهذا ليس بالأمر المستغرب (10). ويقوم مقامها اشخاص جدد.
________________
1- انظر د. عبد الواحد محمد الفار، احكام التعاون الدولي في مجال التنمية الاقتصادية، عالم الكتب ، القاهرة، بدون سنة طبع ، ص564.
2- محمد طلعت الغنيمي، الاحكام العامة في قانون الامم (قانون السلام)، منشاة المعارف، الاسكندرية، 1970 ، ص575.
3- انظر د. محمد مغربي، السيادة الدائمة على مصادر النفط: دراسة في الامتيازات النفطية في الشرق الأوسط والتغيير القانوني، ط1 ، دار الطليعة للطباعة والنشر بيروت ، 1973 ، ص72.
4- انظر د. محمد السعيد الدقاق، د.مصطفى سلامة حسين، التنظيم الدولي، ج1 (الاشخاص) دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1997 ، ص220-221.
5- انظر د. عبد المجيد العبدلي، قانون العلاقات الدولية، ط2، اوريس للطباعة، تونس، 2000 ، ص288. كذلك انظر د. عبد الواحد محمد الفار، احكام التعاون الدولي في مجال التنمية الاقتصادية، عالم الكتب ، القاهرة، بدون سنة طبع ، ص594.
6- انظر قيس حسون الملا، الاثار المحتملة للعولمة واتفاقية الجات على المصارف التجارية العراقية، رسالة دبلوم عالي، كلية الادارة والاقتصاد، جامعة بغداد، 1998، ص25.
7- انظر د. فرناندو سيكويرا، معركة سياتل التي انقذت العالم، بحث مقدم الى ندوة (من اجل عالم عادل وتقدم دائم) نظمتها بيت الحكمة من 5-7 اذار، بيت الحكمة بغداد، 2000، ص217.
8- انظر الاعلان المتعلق بقواعد مسؤوليات الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الاعمال في مجال حقوق الانسان، مسحوب من الانترنت على الموقع
http://www.umn.edu/humanrts/arab/commentary-aug2003.htm ص5-7
9- Marcel Merle, Firmes multinationals et Relations Internationales, Revue Egyptienne De Droit internationals, Vol.27, 1971. p6-9.
10- انظر د. محمد طلعت الغنيمي، الأحكام العامة في قانون الأمم، مصدر سابق، ص576.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|