المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الطريق إلى إيجاد الوحدة الفكرية  
  
1462   02:06 صباحاً   التاريخ: 22-6-2022
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : الحياة في ظل الأخلاق
الجزء والصفحة : ص120ــ123
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

نتطرق الآن إلى متابعة جزء من المعارف والتعليمات الإسلامية التي يمكن أن تساعد على تحقيق هذا الهدف العظيم (إيجاد الوحدة الفكرية بين بني البشر):

- مبدأ التوحيد يشكل أساس جميع المعارف الإسلامية، ولقد حطم الإسلام الأرباب المتفرقين، الذين هم علامة لتشتت الأفكار والآراء، ويعتبرون عاملاً مؤثراً في إيجاد التفرقة الاجتماعية، ولقن معتنقيه أن الذات الإلهية المقدسة لا تعرف الفرقة والتعدد، فذاته بسيطة وصفاته عين ذاته.

وكما هو معلوم فإن أحد عوامل التفرقة بين الناس في العصور المنصرمة هو مسألة الاعتقاد بآلهة متعددة، فكان لكل قوم أو طائفة أو شعب أو مدينة إله أو آلهة تنتصر بمجرد انتصار القوم وتغلبهم على أعدائهم، ويعترف بها رسمياً، وتتعرض للنسيان والاندثار بمجرد انهزامهم.

كما قال (البرمالة) في حديثه حول العقائد الدينية للكلدانيين :

كانت مدن (كلدة) في البداية كمصر، لكل منها إلهها الخاص، وبعد تأسيس الدويلات الكبيرة انتشرت عبادة آلهة المدن المتعددة، وصار إله العاصمة رب الأرباب! ففي فتوحات حمورابي وبعد أن صارت بابل عاصمة كلدة آنذاك، صار إلهها مردوخ رب ارباب كلدة؛ ولأن مدينة آشور كانت عاصمة الدولة الأشورية، أصبح إلهها رب أرباب الأشوريين فقط(١).

ولم يكن المصريون يعبدون عدة آلهة مشتركة، بل كانت لكل مدينة إله على حدة، ومع ذلك فقد راجت عبادة بعض الآلهة في جميع أنحاء مصر، فلو ارتفعت مكانة مدينة معينة وسطع نجمها، سطع نجم آلهتها(2).

ولقد ظهر النموذج الكامل للأرباب المتفرقين في مسقط رأس الإسلام (الحجاز) وخصوصاً في مكة، فكانت هذه الآلهة مصدراً لجميع أنواع الفرقة والاختلافات الفكرية والاجتماعية، ووضوح ذلك لا يحتاج إلى دليل.

وجاء الإسلام لينهي هذا الوضع المأساوي بتعليماته ومعارفه النيرة فعلم المسلمين شعار التوحيد (لا إله إلا الله).

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84].

وقال أيضاً: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: 93].

ولقد نشر الإسلام مظاهر التوحيد في جميع الكون من خلال تعليماته ونظر إلى العالم كوحدة واحدة، خالقها واحد: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ } [الملك: 3]، وصرح بوحدة مصدر الحياة: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]، وقال بشأن بداية خلق السماوات والأرض: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30].

ومع ان الرتق المذكور في الآية أعلاه كان قد فسر بعدم نزول المطر والفتق بمعنى هطول المطر، وهذا يتناسب مع عبارة: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا} إلا أن الواضح هو أن هذين المعنيين لكلمتي (الرتق) و(الفتق) مجازيان، وعليه فما قلناه هو المعنى الظاهري للآية، والمراد من حقيقة الرؤية هي الرؤية بالتفكر والتعقل، والتي تدرك بالتدقيق والتعمق في نظام الكون، والآيات التي تلتها من هذا القبيل أيضاً: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ} [الأنبياء: 31].

وبذلك حطم الإسلام قاعدة أخرى من قواعد الشرك الأساسية، وقواعد الاعتقاد بتعدد الآلهة؛ لأن الاعتقاد المذكر ينشاً على الأغلب من الاعتقاد باستقلال الكائنات في ذاتها عن بعضها، وبالتالي الاعتقاد بوجود خالق مدبر مستقل لكل واحدة على حدة.

وقد جاء في التعليمات السماوية أن رب آدم وخالق هذا الكون غير منفصل عن مخلوقاته، أي في الوقت الذي يختلف عنهم فإنه لا يفارقهم أيضاً. قال تعالى : {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} [الواقعة: 85] وقال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]. وقال الإمام علي عليه السلام: (مع كل شيء لا بمفارقة، وغير كل شيء، لا بمزايلة)(3).

_____________________________________________

(١) البرمالة - تاريخ الأمم الشرقية، ج ١ ص ٨١.

(٢) البرمالة - ص٤١.

(3) نهج البلاغة ـ الخطبة الأولى. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.