أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-5-2020
2126
التاريخ: 22-12-2020
2071
التاريخ: 2-2-2017
2236
التاريخ: 2024-05-05
801
|
نتطرق الآن إلى متابعة جزء من المعارف والتعليمات الإسلامية التي يمكن أن تساعد على تحقيق هذا الهدف العظيم (إيجاد الوحدة الفكرية بين بني البشر):
- مبدأ التوحيد يشكل أساس جميع المعارف الإسلامية، ولقد حطم الإسلام الأرباب المتفرقين، الذين هم علامة لتشتت الأفكار والآراء، ويعتبرون عاملاً مؤثراً في إيجاد التفرقة الاجتماعية، ولقن معتنقيه أن الذات الإلهية المقدسة لا تعرف الفرقة والتعدد، فذاته بسيطة وصفاته عين ذاته.
وكما هو معلوم فإن أحد عوامل التفرقة بين الناس في العصور المنصرمة هو مسألة الاعتقاد بآلهة متعددة، فكان لكل قوم أو طائفة أو شعب أو مدينة إله أو آلهة تنتصر بمجرد انتصار القوم وتغلبهم على أعدائهم، ويعترف بها رسمياً، وتتعرض للنسيان والاندثار بمجرد انهزامهم.
كما قال (البرمالة) في حديثه حول العقائد الدينية للكلدانيين :
كانت مدن (كلدة) في البداية كمصر، لكل منها إلهها الخاص، وبعد تأسيس الدويلات الكبيرة انتشرت عبادة آلهة المدن المتعددة، وصار إله العاصمة رب الأرباب! ففي فتوحات حمورابي وبعد أن صارت بابل عاصمة كلدة آنذاك، صار إلهها مردوخ رب ارباب كلدة؛ ولأن مدينة آشور كانت عاصمة الدولة الأشورية، أصبح إلهها رب أرباب الأشوريين فقط(١).
ولم يكن المصريون يعبدون عدة آلهة مشتركة، بل كانت لكل مدينة إله على حدة، ومع ذلك فقد راجت عبادة بعض الآلهة في جميع أنحاء مصر، فلو ارتفعت مكانة مدينة معينة وسطع نجمها، سطع نجم آلهتها(2).
ولقد ظهر النموذج الكامل للأرباب المتفرقين في مسقط رأس الإسلام (الحجاز) وخصوصاً في مكة، فكانت هذه الآلهة مصدراً لجميع أنواع الفرقة والاختلافات الفكرية والاجتماعية، ووضوح ذلك لا يحتاج إلى دليل.
وجاء الإسلام لينهي هذا الوضع المأساوي بتعليماته ومعارفه النيرة فعلم المسلمين شعار التوحيد (لا إله إلا الله).
قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84].
وقال أيضاً: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: 93].
ولقد نشر الإسلام مظاهر التوحيد في جميع الكون من خلال تعليماته ونظر إلى العالم كوحدة واحدة، خالقها واحد: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ } [الملك: 3]، وصرح بوحدة مصدر الحياة: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]، وقال بشأن بداية خلق السماوات والأرض: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30].
ومع ان الرتق المذكور في الآية أعلاه كان قد فسر بعدم نزول المطر والفتق بمعنى هطول المطر، وهذا يتناسب مع عبارة: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا} إلا أن الواضح هو أن هذين المعنيين لكلمتي (الرتق) و(الفتق) مجازيان، وعليه فما قلناه هو المعنى الظاهري للآية، والمراد من حقيقة الرؤية هي الرؤية بالتفكر والتعقل، والتي تدرك بالتدقيق والتعمق في نظام الكون، والآيات التي تلتها من هذا القبيل أيضاً: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ} [الأنبياء: 31].
وبذلك حطم الإسلام قاعدة أخرى من قواعد الشرك الأساسية، وقواعد الاعتقاد بتعدد الآلهة؛ لأن الاعتقاد المذكر ينشاً على الأغلب من الاعتقاد باستقلال الكائنات في ذاتها عن بعضها، وبالتالي الاعتقاد بوجود خالق مدبر مستقل لكل واحدة على حدة.
وقد جاء في التعليمات السماوية أن رب آدم وخالق هذا الكون غير منفصل عن مخلوقاته، أي في الوقت الذي يختلف عنهم فإنه لا يفارقهم أيضاً. قال تعالى : {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} [الواقعة: 85] وقال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]. وقال الإمام علي عليه السلام: (مع كل شيء لا بمفارقة، وغير كل شيء، لا بمزايلة)(3).
_____________________________________________
(١) البرمالة - تاريخ الأمم الشرقية، ج ١ ص ٨١.
(٢) البرمالة - ص٤١.
(3) نهج البلاغة ـ الخطبة الأولى.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|