أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2018
1971
التاريخ: 13-1-2016
2468
التاريخ: 24-5-2020
2623
التاريخ: 21-4-2016
4309
|
إن من الحالات النفسية التي توجب انحراف الطبع عن المجاري المستقيمة هو الغضب، إن الغضب إذا استولى على الإنسان وحاصره اتخذ حالة العتو والعصيان والطغيان، وارتفعت الموانع عن تجوال الغضب في ساحة اختيار الإنسان وإرادته، فآذى بذلك صاحبه ما أمكنه. أن حجاب الغضب يحجب عين العقل في الإنسان ويسلبه قوة الإدراك. أن الغضوب قد يضطرب إلى حد أن يظهر في صورة حيوان لا إدراك له فيفقد إحساسه ورؤيته للواقع والحقيقة، فيرتكب أعمالاً وجرائم مهولة قد تؤدي به إلى الخسران الدائم، ولا يتوجه إلى ذلك إلا حينما يصطدم بالعواقب غير المحمودة ويقع في هوة الشقاء.
إن هذه الخصلة المشؤومة لا تعقب إلا الندم، إذ لا تهدأ فورة الغضب حتى تستولي على صاحبها النفس اللوامة فتقبح أعماله المتأججة بنار الغضب فتحكم عليه في محكمة العقل والوجدان، فتظهر على أثر حكمها عليه موجات من التأثر والأسف الشديد مقرونة بالألم في أعماق قلبه.
إن الغضب لا يحاصر روح الإنسان بالحزن والالم فحسب بل لا ينجو حتى الجسم ـ وهو محل راحة الروح والنفس والفكر - من عواقبه الخطيرة. عندما يشتعل لهيب الغضب المحرق في وجود الإنسان ينصب الدم إلى القلب فينتشر في عروقه، فيحمر لون وجهه، وتأخذه الرعدة والرعشة، وتتأهب جميع الأعضاء لعملية الانتقام، ثم تستتبع من أنواع الأمراض التهاب الأعصاب والسل الرئوي وأنواع النزيف الدموي. وأن من العوامل التي لها الأثر الكبير في عروض الغضب هو تسمم الدم الذي يحصل للإنسان على أثر اعتياده على شرب الخمور.
ولا ينبغي الغفلة عن أن وجود القوة الغضبية في حد اعتدالها شيء ضروري لا بد منه، وهي ما لم تتجاوز حدودها المعقولة ضرورة قطعية تعتبر سمة المروءة والفتوة، فإن الغضب الذي يحمل الإنسان على المقاومة في وجه الظلم والدفاع عن حقه والحقيقة لهو من المزايا السامية للإنسان.
إن حب الانتقام من الأمور التي تورث حياة الإنسان ظلاماً وقتاماً، وخرقاً لا يلتئم بين الناس. وأن هذا الإحساس المشؤوم غالباً يصحب الغضب ونحن إذا كنا نريد أن نعارض كل سوء بالمثل فنسكن إحساسنا بحب الانتقام بجراحات السنتنا التي نوردها على الخصم كان معناه أن نصرف حياتنا بصورة عامة في النزاع والمخاصمات والمضاربات في خط مستمر متسلسل، وفوق ذلك أنّا نفقد قوة إرادتنا ونتحمل عار ضعف الهمة.
إن الإنسان معرض للخطأ والنسيان، فإن كان هناك إنسان ثارت ثورة غضبه لخطأ كان منا فخير طريق لحمله على العفو عنا هو أن نعترف بخطيئتنا له. يقول دايل كارنيجي: (إذا تبين لنا أنا نستحق تأديباً او تأنيباً اليس الأفضل أن نستقبل العقوبة بأنفسنا فنعترف بالخطأ؟ أليس اللوم الذي نوجهه نحن إلى أنفسنا أنسب وأحرى من التوبيخ الذي يوجهه إلينا الآخرون؟، فلنبادر إلى الإعتراف بكل لوم مقذع يقصد الآخرون أن يوجهوه إلينا، لننطق به كي يجرد الخصم من سلاحه، فإنه من الممكن أن تأخذه الرقة حينئذ علينا بنسبة 90%، وأن يعفو عنا على أثر ذلك. أنه يستطيع أن يغطي على ذنبه كل أحد حتى السفهاء، أما الذي يعترف بذنبه فهو من أولئك الرجال المرموقين الذين يحسون في دخيلتهم من ذلك بلذة شريفة ونادرة. إذا كنا مطمئنين من أن الحق إلى جانبنا وجب علينا أن نسعى في تدبير صورة ملائمة نستميل الآخرين إلى جانب حقنا، أما إذا كنا خاطئين وجب علينا أن نعترف بالخطأ بصورة صريحة وفورية. وأن الخطأ في أعمالنا أكثر من الصواب شريطة أن تكون لنا بصيرة نبصر بها الخطأ من الصواب. أننا بعد الإعتراف بأخطائنا لا نصل إلى نتائج الاعتراف الطيبة فحسب بل نحس بلذة الاعتراف أكثر من السعي في الدفاع عن أنفسنا).
إن العفو يورث قلب الإنسان نور المسرة الواقعية وأمواجاً من العواطف والإحساسات الإنسانية النبيلة. بل أننا بالعفو والصفح نقهر الخصم على الخضوع والاستسلام، وأنه يورثنا الأمن والثقة بالنفس والآخرين، وأنه يشرق من خلاله نور المحبة والوئام، وهو يحمل الخصم على الائتلاف وترك الخصومة والنزاع.
إن العلم والتجارب من وسائل تقليل العنف وتهذيب الأخلاق، أنه إذا اتسعت دائرة معارف الإنسان تفتحت آفاق تفكيره فازدادت قدرته على مقاومة مخادعة النفس وأصبح من الصابرين وكثر عفوه وصفحه عن أخطاء الآخرين أكثر من غيره.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|