مشكلات الحدود السياسية فى المغرب العربي- مشكلة الحدود بين الجزائر والمغرب |
1435
01:05 صباحاً
التاريخ: 18-5-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-5-2022
1150
التاريخ: 26-3-2018
1966
التاريخ: 27-1-2016
3307
التاريخ: 7-10-2020
2095
|
مشكلة الحدود بين الجزائر والمغرب:
إن مشكلة الحدود بين المغرب والجزائر تعتبر من أكثر مشكلات المغرب العربي تعقيدا نظرا لأنها أدت إلى خلق نزاع انتهى إلى صدام مسلح بين الدولتين منذ عام ١٩٦٣. فقد اختلفت الدولتان حول منطقة (تندوف) التى كانت تحت يد الجزائر عند استقلالها، والتي كانت المغرب تعدها جزءا من أراضيها واقتطعتها فرنسا وضمتها للأراضي الجزائرية؛ نظرا لأن المغرب كانت تحت الحماية الفرنسية مؤقتا، بينما كانت الجزائر تعدها جزءا من فرنسا، مما جعل من هذه مشكلة بعد نجاح الجزائر فى التحرر من فرنسا، ولا سيما أن ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية أقر ببقاء الحدود بين الدول الأفريقية على الوضع الذى كانت عليه عندما كانت فى حوزة الاستعمار لمنع الصدام بين الدول الأفريقية بعد استقلالها .
وقد استند المغرب على ما عرضته فرنسا أثناء الثورة الجزائرية من رغبة فرنسا بتسوية المشكلات الحدودية، لكن المغرب رفضت النقاش فى هذا الموضوع قبل أن تتحرر الجزائر. وقد تم الاتفاق فى هذا الخصوص بين المغرب وحكومة الجزائر المؤقتة وقتها على أن يتأجل البحث فى موضوع الحدود إلى ما بعد انتصار الثورة الجزائرية، وقد اعتبر المغرب هذا الاتفاق مع الجزائر على أنه اعتراف جزائرى بأن للمغرب حقوقا على جزء من الأراضي الجزائرية المتاخمة فى منطقة «تندوف».
وقد اكتسبت منطقة «تندوف» أهمية خاصة كعامل مؤثر فى علاقات البلدين بعد أن تأكد وجود خام الحديد فيها بنسبة تبلغ نحو ٧٥ وبكميات ضخمة وهو بالإضافة إلى إنتاج موريتانيا يمثل نحو50% من احتياجات دول السوق الأوربية المشتركة من الحديد المستورد. وقد أوصت الشركة المنتجة بنقل الحديد بعد استخراجه إلى ميناء «أغادير» المغربي لقربه من «تندوف»، ولكن الحكومة الجزائرية رفضت ذلك وأصرت على نقله عبر أراضيها من ميناء «وهران» فى غرب الجزائر.
وكانت المغرب قد وقعت اتفاقا سريا فى عام ١٩٦٢ مع شركة فرنسية أخرى للقيام بنفس الأبحاث التى قامت بها الشركة الفرنسية الأخرى فى الجزائر بهدف الاستغلال المشترك لحديد المنطقة بين المغرب والجزائر، ولكن هذا الاتفاق لم يحالفه النجاح. وقد زاد من تعقيد المشكلة اختلاف أنظمة الحكم، فالمغرب يحظى بتأييد الغرب وبخاصة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، بينما يتحالف النظام الجزائري مع المعسكر الشرقي الاشتراكي.
وقد تعقد الموقف عندما رأت الجزائر أن قوات طلائع استكشاف مغربية قد توغلت إلى أن وصلت إلى منطقة «حاس البيضا» فى سبتمبر عام ١٩٦٣ وأخذت تتوغل خلف الحدود الجزائرية إلى مسافة نحو 50كم، الأمر الذى أثار الجزائر وتأزم الموقف إلى أن عقد اجتماع بين الدولتين فى أكتوبر عام ١٩٦٣ فى مدينة «وجدة» انتهى إلى الاتفاق على ترك الموضوع لبحثه فى اجتماع على مستوى القمة بين الدولتين. ولكن القتال تجدد مرة أخرى فى بلدة «بونو» و«حاس بيضا» و«تنجوب» و«حاس بغير» الأمر الذى اعتبره المغرب اعتداء من القوات الجزائرية على الأراضي المغربية، واتفق على تشكيل لجنة مشتركة بينهما لمناقشة المشكلة، ولكن الأمر تطور وتكررت الاشتباكات المسلحة بين الدولتين فى مثلث حاس البيضا وتنجوب وبرج لطفى، وبذلك دخل النزاع مرحلة جديدة جعلت كلا من الطرفين يحشد ما لديه من قوات، واستطاعت القوات المغربية الاستيلاء على «حاس البيضا وتنجوب» ولم يستطع أى من الجانبين تقديم ما لديه من وثائق تؤيد حقه لأن الوثائق الخاصة بهذه المناطق فى حوزة فرنسا منذ احتلالها للدولتين.
وقد حاولت الدولتان الحصول على هذه الوثائق من فرنسا ولكنها راوغت فى تلبية هذا الطلب بحجة أن عملية البحث عن هذه الوثائق تحتاج إلى وقت طويل، ولذلك تمسكت الجزائر بحجة قانونية ((وضع اليد)).
وقد تدخلت جامعة الدول العربية فى هذا النزاع لمعالجة الموقف فى أكتوبر عام ١٩٦٣ وأصدرت قرارا بوقف العمليات العسكرية، ودعوة الدولتين إلى سحب قواتهما العسكرية إلى مراكزها السابقة قبل نشوب القتال، وتشكيل لجنة وساطة لفض النزاع، ووقف الحملات الدعائية لضمان خلق جو من الهدوء والاستعداد النفسي لحل النزاع.
وقد تشكلت لجنة الوساطة من البلدين المتنازعين ومن كل من ليبيا وتونس ولبنان، وأصدرت اللجنة قراراتها بوقف إطلاق النار وسحب قوات الطرفين المتنازعين إلى ما وراء الحدود، وعلى أن تتعهد الجزائر بعدم وضع قوات فى «حاس البيضا وتنجوب» بعد انسحاب القوات المغربية منها، ثم عقد اجتماع بين الطرفين لحل المشكلة بالطرق السلمية، كما عقد مؤتمر فى «باماكو» يوم ٢٩ أكتوبر عام ١٩٦٣ حضره رؤساء الجزائر والمغرب وأثيوبيا ومالي حيث تقرر فى هذا المؤتمر وقف القتال بين الدولتين فى منتصف ليلة ٢ نوفمبر عام ١٩٦٣ ، وتحديد منطقة منزوعة السلاح بواسطة لجنة رباعية من ممثلين للدول الأربع المشتركة فى المؤتمر، وتعيين مراقبين من الدولتين لضمان سلام وحياد هذه المنطقة، وتشكيل لجنة تحكيم يتولى وزراء خارجية دول منظمة الوحدة الأفريقية اختيارها، وتكون مهمتها تحديد المسئولية عن بدء العمليات العسكرية بين البلدين ودراسة مشكلة الحدود بينهما، ووقف الحملات الدعائية، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لكل منهما. لكن المغرب رفضت الانسحاب من «حاس البيضا وتنجوب» وطالبت بإجراء استفتاء فيهما، وهذا ما رفضته الجزائر، ولذلك لم يتوقف القتال بينهما إلا فى يوم ٤ نوفمبر١٩٦٣.
وكان من نتيجة هذا الصراع أن الجزائر استفادت من عرضه على منظمة الوحدة الأفريقية التى كان عدد كبير من أعضائها يتعاطف معها ويتمسك بتوصيات مؤتمر «داكار» بضرورة حل المشكلات الحدودية فى أفريقيا بالطرق السلمية، بينما كان أهم مكسب للمغرب هو الاعتراف بوجود مشكلة حدود بينها وبين الجزائر ويجب تسويتها وهو ما سعت إليه طويلا أثناء الثورة الجزائرية وبعد الاستقلال .
وقد تم بحث النزاع فى اجتماع منظمة الوحدة الأفريقية فى ١٥ نوفمبر عام ١٩٦٣ والذى انتهى إلى تشكيل لجنة تحكيم لدراسة المشكلة وتقديم المقترحات للطرفين لتسوية المنازعات .
وقد انعقدت لجنة التحكيم فى يناير عام ١٩٦٤، وانتهت إلى تحديد المنطقة المنزوعة السلاح بين الطرفين، وأمكنها عقد اتفاق بين الجزائر والمغرب فى١٩ فبراير عام ١٩٦٤ تضمن عودة قوات البلدين إلى مواقعهما الأصلية قبل الاشتباكات. وقد تم تنفيذ ذلك بالفعل. وقد واصلت اللجنة جهودها لحل النزاع بشكل نهائي، فعقدت عدة اجتماعات كان من نتيجتها تحسن العلاقات بين الدولتين.
ولكن التوتر عاد من جديد عندما أعلنت الجزائر فى ٨ مايو عام ١٩٦٦ تأميم مناجمها ومن بينها منجم «غارة حبيلات» الذى يقع فى المنطقة التى تطالب بها المغرب، وقد اعتبر هذا التأميم انتهاكا لمهمة لجنة التحكيم الأفريقية الخاصة بنزاع الحدود بين الدولتين.
ولكن الجزائر اعتبرت أن هذا التصرف من جانبها من صميم السيادة الجزائرية على أراضيها، وهكذا تجدد النزاع بين الجانبين. وقد عقدت جلسات لجنة التحكيم الأفريقية لبحث الموقف فى أديس أبابا فى ٢٦ يوليو عام ١٩٦٦ وأحالت اللجنة الأمر إلى البلدين للاتفاق على حل فيما بينهما، ولذلك بقيت أسباب النزاع قائمة.
ومما زاد من الخلاف التصريح الذى أدلى به مندوب الجزائر فى الأمم المتحدة بضرورة اشتراك الجزائر فى أى إجراء يخص الصحراء الغربية (الصحراء الإسبانية) مما اعتبرته المغرب يشكل تنسيقا بين الجزائر وموريتانيا وأسبانيا ضد المغرب.
وقد ظل الأمر كذلك إلى أن توصل الجانبان إلى إبرام اتفاق لإعادة رسم الحدود بموجب معاهدة «إيفران» فى ١٥ يناير عام ١٩٦٩ وصدر تصريح مشترك فى ٢٧ يناير عام ١٩٧٠ بهذا المعنى، وانتهى الأمر بتوقيع اتفاقية الحدود بين رئيسي الدولتين على هامش مؤتمر القمة الأفريقي بالرباط، وقد صادقت الجزائر على هذا الاتفاق فى مايو ١٩٧٣، بينما صادقت عليه المغرب فى ٢٢ يونيو ١٩٩٢ وبذلك انتهت مشكلة الحدود بين الدولتين.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|