المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



الزهراء ( عليها السّلام ) قبل فتح مكة  
  
1640   02:36 صباحاً   التاريخ: 14-5-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 3، 101-103
القسم : سيرة الرسول وآله / السيدة فاطمة الزهراء / مناقبها /

منذ أن دخل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) المدينة المنورة كان دائبا على هدم أركان الجاهلية واستئصال جذورها وضرب مواقعها ، فكانت حياته في المدينة المنوّرة كما كانت في مكة حياة جهاد وبناء ، جهاد المشركين والمنافقين واليهود والصليبيين ، وبناء الدولة الإسلامية العظيمة ، ونشر الدعوة وتبليغها في كلّ بقعة يمكن لصوت التوحيد أن يصل إليها ، فراح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يحارب بالكلمة والعقيدة تارة ، وبالسيف والقوة تارة أخرى ، وبالأسلوب الذي يمليه الموقف وتفرضه الحكمة .

وهكذا جاهد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وقاتل في مرحلة حرجة صعبة ، لم يكن يملك فيها من المال والجيوش والاستعدادات العسكرية ما يعادل أو يقارب جيوش الأحزاب وقوى البغي والضلال التي تصدّت لدعوة الحق والهدى ، بل كانت كلّ قواه قائمة في إيمانه وانتصاره بربّه وبالفئة المخلصة من أصحابه .

والذي يقرأ تاريخ الدعوة وجهاد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وصبره واحتماله ؛ يعرف عظمة هذا الإنسان المبدئي ، ويدرك قوّة عزيمته ومدى صبره ورعاية اللّه ونصره له ولأولئك المجاهدين الذين حملوا راية الجهاد بين يديه ، فيكتشف مصدر النصر والقوة الواقعيين .

ولقد مرّت هذه الفترة الجهادية الصعبة بكامل ظروفها وأبعادها بفاطمة ( عليها السّلام ) وهي تعيش في كنف زوجها وأبيها ، تعيش بروحها ومشاعرها ، وبجهادها في بيتها ، وفي مواساتها ومشاركتها لأبيها ، في شدّته ومحنته ، فقد شهدت جهاد أبيها وصبره واحتماله ، شاهدته وهو يجرح في ( أحد ) وتكسر رباعيته ، ويخذله المنافقون ، ويستشهد عمّ أبيها حمزة أسد اللّه ونخبة من المؤمنين معه .

روي أنّه لمّا انتهت فاطمة ( عليها السّلام ) وصفيّة إلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) - بعد معركة أحد - ونظرتا اليه قال ( صلّى اللّه عليه واله ) لعلي ( عليه السّلام ) : « أمّا عمّتي فاحبسها عنّي وأمّا فاطمة فدعها » فلمّا دنت فاطمة ( عليها السّلام ) من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ورأته قد شج وجهه وادمي فوه ، صاحت وجعلت تمسح الدم وتقول : اشتد غضب اللّه على من أدمى وجه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، وكان ( صلّى اللّه عليه واله ) يتناول في يده ما يسيل من الدم فيرميه في الهواء فلا يتراجع منه شيء[1].

وكانت فاطمة ( عليها السّلام ) تحاول تضميد جرح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وقطع الدم الذي كان ينزف من جسده الشريف ، فكان زوجها يصبّ الماء على جرح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وهي تغسله ، ولما يئست من انقطاع الدم أخذت قطعة حصير وأحرقتها حتى صار رمادا فذرّته على الجرح حتى انقطع دمه[2].

ويحدّثنا التأريخ عن مشاركة فاطمة ( عليها السّلام ) بروحها ومشاعرها لأبيها في كفاحه وصبره وجهاده في أكثر من موقع .

فقد روي أنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قدم من غزاة له ، فدخل المسجد فصلّى فيه ركعتين ، ثم بدأ - كعادته - ببيت فاطمة قبل بيوت نسائه ، جاءها ليزورها ويسر بلقائها ، فرأت على وجهه آثار التعب والإجهاد ، فتألّمت لمّا رأت وبكت فسألها ( صلّى اللّه عليه واله ) : « ما يبكيك يا فاطمة ؟ » فقالت : « أراك قد شحب لونك » فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) لها : « يا فاطمة إنّ اللّه - عز وجل - بعث أباك بأمر لم يبق على ظهر الأرض بيت مدر ولا شعر إلّا دخله به عزّا أو ذلا يبلغ حيث يبلغ الليل »[3].

وليست هذه العاطفة وتلك العناية والمشاركة مع الأب القائد والرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه واله ) من ابنته فاطمة ( عليها السّلام ) هي كلّ ما تقدّمه لأبيها من إيثارها له واهتمامها به ومشاركتها له في شدّته وعسرته ، إنّها جاءت يوم الخندق ورسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) منهمك مع أصحابه في حفر الخندق لتحصين المدينة وحماية الإسلام ، جاءت وهي تحمل كسرة خبز فرفعتها اليه فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « ما هذه يا فاطمة ؟ » قالت : « من قرص اختبزته لابنيّ ، جئتك منه بهذه الكسرة » فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « يا بنيّة أما إنّها لأول طعام دخل في فم أبيك منذ ثلاث »[4].

هذه صورة مشرقة لجهاد المرأة المسلمة تصنعها فاطمة في ظلال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، فهي تشارك بكلّ ما لديها لتشد أزر الإسلام وتكافح جنبا إلى جنب مع أبيها وزوجها وأبنائها في ساحة واحدة وخندق واحد ، لتدوّن في صحائف التأريخ درسا عمليا تتلقاه الأجيال من هذه الامّة المسلمة ، فتتعلّم حياة الإيمان التي تصنعها عقيدة التوحيد بعيدة عن اللهو والعبث والضياع .

 

[1] بحار الأنوار : 20 / 96 ، وروى أحمد بن حنبل في مسنده : 5 / 334 ما في معناه .

[2] فضائل الخمسة : 3 / 161

[3] فضائل الخمسة ( الفيروزآبادي ) : 3 / 161 ، وحلية الأولياء لأبي نعيم : 2 / 30 ، وكنز العمال 1 / ح 1448.

[4] ذخائر العقبى : 47 ، وفضائل الخمسة : 3 / 161 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.