المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الحرية والشعور بالمسؤولية  
  
1879   08:51 صباحاً   التاريخ: 11-5-2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : حدود الحرية في التربية
الجزء والصفحة : ص85 ـ 90
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

تلعب الحرية المنضبطة دوراً أساسياً في مجال التربية وبدون ذلك لا يمكن تحقيق الأفضل منها. يحتاج المجتمع إلى أفراد يحسنون الفهم والتصميم ويطبقون ما يستخلصونه من الأمور.

ومن الأهداف المطروحة في التربية الإسلامية هي تربية أفراد يشعرون بالمسؤولية ويتحملون عبء الواجب بصورة جيدة ويحسنون أداءه. تعيين التكليف والمسؤولية بدون رعاية الحرية أمر قبيح. الأطفال في المحيطات الجيدة والصالحة يكتسبون العمل الحسن، وفي الجو العاطفي والمقرون بالعدل والحرية يصبح الطفل حراً وقادراً على تحمل المسؤولية.

توفير هذه الأجواء ليس من واجب الوالدين فقط وإنما هي مسؤولية جميع من يعيش في المجتمع الإسلامي ويستطيع تقديم الخدمة للآخرين.

التعهد ومسؤولية الإنسان

الإنسان حسب ما أشار اليه القرآن الكريم موجود مكلّف: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب: 72]، ومتعهد: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[يس: 60]، ومسؤول: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الإسراء: 34]، ويجب ان يكون متقبلاً لهذه الأمور وأن يسخر نفسه لذلك. مساحة هذه المسؤولية واسعة وتحيط بجميع أمور الفرد وأبعاد وجوده ومن هنا يجب عليه أن يعد الجواب المناسب في الحضرة الإلهية.

إن قبول المسؤولية والتعهد، والأهم منه رعاية وإجراء ذلك يحتاج إلى الشعور بالحرية والاطمئنان والى استعمال القابلية الموجودة فيه. إن تجربة الشعور بالمسؤولية تحتاج إلى أن يكون الفرد حراً لكي يستطيع امتحانها وتطبيقها. لا شك أن درجة السؤال يجب أن تتناسب مع مستوى الحرية المعطاة للأفراد في مسؤولياتهم وقدرتهم على الاختيار.

نعم المسؤولية قائمة على الحرية، والحرية من هذا الجانب هي انعدام المانع عن طريق حركة المسؤول. ويجب أن يكون الطفل واعياً في أداء وظائفه ومسؤولياته وهنا سيتجلى طريقه بوضوح وفي نفس الوقت يجب ان يكون مقتدراً لكي يسير قدماً بجرأة وحرارة وبدون أي معرقل.

تمرين المسؤولية

من أجل تهيئة الأرضية اللازمة للحرية والمسؤولية يجب تشجيعه على التمرن، ومثال ذلك: مشاركته في بعض أعمال البيت وإعطائه جزء من المسؤوليات الدائمية، يجب تشجيعه على أداء وظائفه بصورة حسنة وحتى إن تعرض إلى الإحباط لا نقوم بلومه وإشعاره بعدم لياقته لذلك.

أداؤه للمسؤولية يجب أن يكون بصورة واعية وحرة وبعيداً عن التسرع أو نجعله يلجأ إلى تقليد الأطفال الآخرين، يجب منحه الفرص اللازمة لإظهار ابتكاراته في مسؤوليته، واستخدامه لعقله وإيمانه في ذلك وفي النهاية لا نتركه بلا حساب يتقدم به.

يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار فهمه وشعوره واستطاعته وحجمه في تحمل المسؤولية وحين المباشرة بذلك يجب عليه ازالة الموانع من طريقه وأن نسأله الرأي في كيفية العمل وأن نفسح له المجال بإعطاء رأيه في النزهات والاستضافة والبيع والشراء لممارسة تمرين المشاركة بالرأي لو كان العمل الموكول له صعباً وثقيلاً عليه يمكنه رفض ذلك بصراحة.

الوقت والعمر المناسب لهذا التمرين

ما هو العمر المناسب لبدء تمرين المسؤولية؟ الجواب هو:

ابتداء من قدرة الطفل على الإدراك وعلى أداء وظيفته وسعيه.

يمكن أن تطلب من الطفل وهو بعمر 2-3 سنة أن يفرش سفرة الطعام وأن يضع الملاعق والشوكات والمنشفة في أماكنها المناسبة وعلى السفرة إلى أن يصل الأمر إلى القيام ببعض الأعمال الجزئية للعائلة ومساعدة الأب والأم، مثلاً إعطاء الحب إلى الطيور، وإبعاد الحيوانات المؤذية عن البيت و... الخ.

يرغب الأطفال بالقيام بأعمال الكبار وهذه الرغبة بناءة وذات قيمة، لو استطعنا توجيه هذه الرغبة سيصبح الطفل أكثر استعداداً لأداء المسؤوليات، وهذا يساعد على تخفيف صعوبة توجيهه في مراحله المقبلة والحساسة، أما لو أخطأ بمورد ما يجب علينا تخفيف الموقف وتشجيعه على انتخاب الطريق الأصلح بصورة مناسبة وملائمة، وتقديم التذكير له، وفي بعض الأحيان قد يستوجب الأمر إلى اللوم ولكن بشرط عدم توجيه صدمة لحيثية وشخصية الطفل وأن لا نستعمل أسلوب الجبر والاستبداد.

وذكر هذه النكتة ضروري أيضاً وهي أن على الطفل أن يستقبل المسؤولية الملقاة عليه ومنذ الصغر ويعتبرها واجباً كما أن الآباء عليهم واجبات في حياتهم ولديهم مسؤوليات.

وليس من المنطق أن يتوقع الإنسان كلمات الثناء والمديح على كل عمل يقوم به أو تعطى له جائزة على ذلك.

وفي نفس الوقت لأجل ترغيب الطفل للقيام بمسؤولياته وخدمته لا بأس في تحسينه وتشجيعه وهنا يجب التكثير من مناسبات وموجبات الترغيب وإضافة بعض الشيء على مساحة حريته لتهيئته بقبول مسؤولية أكبر.

في حل المسائل

تظهر أحياناً أثناء تمرين المسؤولية بعض الصعاب التي تحتاج إلى خبرة لحلها، ونحن لا نبغي أن يبقى الطفل طفلاً إلى الأبد وأنه لا بد منه أن يكون متسلطاً على مستقبله عاجلاً أم آجلاً وأن يتغلب على مشاكله، لهذا يعتبر التمرين من إحدى طرق الحل والكشف التي تستحق العناية، يأخذ الوالدان والمربون بيد الطفل منذ بداية حياته ويضعون يده بأيديهم ويجعلون من أنفسهم سراج هداية وإنارة لطريقه وبدون أي كلل أو تعب ويسعون إلى طلب حل يتناسب مع استيعابه لكل مشكلة تعترضه بدون أن يسببوا له تعباً ذهنياً أو شعوراً سلبياً ويساعدوه في اختيار الطريق الصحيح أو يجعلوه قريباً من الحل عن طريق ارشاده وهدايته، للتوفيق في هذا المجال يحتاج إلى تخطيط وبرمجة حتى أنه في بعض الظروف يخلق الآباء أو المربون مشاكل مصطنعة ويطلبون منه الحل ويستمر هذا البرنامج إلى أمد بعيد وحسب أدوار عمره المختلفة حتى يصلون به الى المرحلة المناسبة لحل المشاكل.

من الضروري أحياناً تشخيص عدة مسؤوليات تتناسب مع عمره واستيعابه ونموه ونترك له المجال لاختيار أحدهما أو اثنين منهما وهذا الأمر مهم في بناء الأرضية اللازمة، وكذلك في تضمين توفيقه بنسبة أعلى، لأنه من الطبيعي أن الإنسان يكون موفقاً في الأعمال التي يختارها وفقاً لرغبته.

وعلى أي حال فأنه سيصبح فرداً حراً ومستقلاً ويصل إلى مرحلة النمو والاعتماد على الذات بصورة أسرع ويصبح مستقلاً في قراره وعمله، وان استقلاله سيكون في نهاية سنة (21)، الحادية والعشرين من عمره كحد أعلى(1).

السيطرة والتعليم

هناك بعض النكات المهمة حسب اعتقادي حول موضوع تحويل مسؤوليةٍ لفرد ما ومراقبتها والسيطرة عليها ونعرض قسم منها باختصار.

- اعطاء الحرية بصورة تتناسب مع المسؤولية وهذا أصل مهم وعقلائي.

- تدريب الطفل على كيفية إجراء المسؤولية لأنه يتمتع في هذا الخصوص بذهنية خالية.

- الاهتمام بذوق ورغبة الفرد في انتخاب المسؤولية والأخذ بنظر الاعتبار قابليته على الاستيعاب.

- مرافقته في أداء المسؤولية لأن الوحدة تسبب له الخمول والكآبة وأحياناً تكون خطراً.

- السيطرة عليه بصورة مباشرة أو غير مباشرة بدون اشعاره بالإهانة.

- استثمار الفرص في اعطاء الحرية ومنعها والتدريب على ذلك أيضاً

- الالتفات إلى مسؤولية المدرب في مجال بناء الأفراد وبعيداً عن المخاطر.

- تمرين المسؤولية يشمل الصغير والكبير وأثناء العمل وعلى الدوام.

- يصاحب بعض المسؤوليات بعض الصعاب لهذا يحتاج إلى تمرين أكثر في هذه الحالات.

- الامتناع عن الضرب والشتم حين الاشتباه وهو أمر يُبتلى به الجميع لأننا معرضون للخطأ كذلك.

- التشجيع والتقدير على الأعمال والنشاطات أثناء أداء الواجب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ نهاية ثلاثة مراحل. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.