المنهج الإقليمي

يقوم هذا المنهج على أساس دراسة العوامل الطبيعية والبشرية والاقتصادية ثم يضفى على هذه الدراسة طابعا سياسيا، وذلك بتناول التاريخ السياسي للدولة وتقسيماتها الإدارية ومشكلاتها وتحليل حدودها السياسية وعلاقاتها مع الدول الأخرى، وهو بذلك يشبه الجغرافية الإقليمية، فإن الدولة تعد إقليما سياسيا واضح الحدود.

وقد اتبع (بومان) هذا المنهج فى كتابه (the new world) وتبعه الكثيرون، ويبررون اتباعهم لهذا المنهج بأن دراسة الدولة تحتاج إلى معلومات جغرافية كثيرة، وهذا ما يوفره هذا المنهج، ولذلك فإن من يسلك هذا المنهج يقوم بعرض معلومات كثيرة بعضها له علاقة بموضوع الدراسة، والبعض الآخر ليست له صلة به.

ورغم اختلاف المناهج المذكورة فى معالجتها لدراسة الجغرافية السياسية فإنها تلتقى جميعا فى عنصر واحد هو «المكان»؛ وذلك لأن المكان يلعب دورا هاما فى كثير من الظاهرات الجغرافية والسياسية. فرغم ثبات المكان فى حقيقته المجردة فهو عنصر متحرك ومتغير بصفة مستمرة من حيث ارتباطه بالإنسان لأن الإنسان فى جوهره عنصر متحرك. وعلى ذلك يجب أن نكيف المكان بعلاقاته التى هى ما يدور حوله البحث فى العلوم الجغرافية عامة، والبشرية والسياسية بصفة خاصة.

ويمكننا أن نلمس دور التغير بالنسبة للمكان فى الدراسة التى قام بها ماكندر حينما أجرى تعديلا على نظريته الخاصة بقلب الأرض مرتين، وكذلك جوتمان عندما تناول عامل الحركة الذى يساعد على فهم الدوافع والملزمات المؤدية إلى خطط وسياسات معينة، فقد أكد جوتمان على أن الحركة والأفكار القومية تعدان القوة الرئيسية فى الجغرافية السياسية، فهو يفهم الحركة على أنها تشمل المواصلات والنقل والتجارة الدولية، وبدون الحركة تنعدم العلاقات الدولية، فالحركة عامل متغير، ويترتب على هذا العامل تغيرات جذرية على المكان فيحوله من عنصر ثابت إلى عنصر نشط متغير ومتحرك.