أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-1-2022
1579
التاريخ: 11-1-2022
1893
التاريخ: 3-1-2022
1618
التاريخ: 31-12-2021
1605
|
النظرية الماركسية (نظرية وحدة الحياة الاقتصادية):
ترى هذه النظرية أن المصالح الاقتصادية هى القوى الموجهة والمحركة للحياة السياسية والاجتماعية؛ ولذلك تعد وحدة المصالح الاقتصادية الأساس الأول فى تكوين الأمة إذ إنه لا أمة بدون حياة اقتصادية مشتركة.
والواقع أن الجوانب الاقتصادية ذات أثر قوى فى أحداث التاريخ واتجاهاته، وهى تلعب دورا هاما فعالا فى حياة الأفراد والجماعات. ولكن رغم ذلك فإنه من المغالاة أن يتخذ من العامل الاقتصادي الدعامة الأولى فى نشأة الأمة، وأن تجعله حجر الزاوية فى بناء صرحها.
فالمصالح الاقتصادية يمكن أن تكون عاملا للربط، كما أنها كثيرا ما تكون سببا فى الخلاف وعاملا للفرقة بين أناس آخرين وأحداث الحياة السياسية والاجتماعية. والحياة الاقتصادية ليست كل شيء بالنسبة للإنسان، وإنما توجد العوامل الفكرية والعاطفية والنزعات الإنسانية التى تقوم بدور هام، وتحدث أثرا فعالا فى حياة الأفراد والجماعات بجانب المسائل الاقتصادية. وهذه العوامل المعنوية تؤثر فى الحياة الاقتصادية وتكييف اتجاهاتها فى أحيان كثيرة. والأحاسيس القومية والعواطف الوطنية تتجرد من الماديات وتسمو عليها، فهي لا ترتبط بالمنافع والمصالح الاقتصادية.
ولا شك فى أن الأفراد إذا كانوا يهدفون فى تصرفاتهم إلى تحقيق المنافع الذاتية والمصالح الشخصية، واستحوذت فكرة المنفعة على عقولهم وسيطرت على أعمالهم، فإن ذلك يؤدى حتما إلى تفكك الروابط الاجتماعية داخل الأمة بدلا من تماسكها، بينما الملاحظ أن المشاعر الوطنية والقومية والعواطف تدفع الناس إلى إنكار الذات والتضحية بالنفس فى سبيل الذود عن مقدسات الوطن وحماية الأمة من أعدائها، كما تهون على الأفراد الجود بالنفس احتسابا للوطن ومحافظة على كيان الأمة، كما تدفعهم إلى التضحية بالمسائل الاقتصادية. والتاريخ مليء بصور البطولات والتضحيات التى لم تلق بالا إلى المنافع المادية، وإنما كان هدفها تحقيق المعاني السامية والحفاظ على تراث الأمة.
وفى الواقع تعد المصالح الاقتصادية ذات أهمية بالنسبة إلى تكوين الأمة ولكنها أقل فى أهميتها من العوامل الأخرى التى تسهم فى نشوء الأمم؛ وذلك لأنها تخضع عادة لسلطان الحكومات. ومعنى ذلك أن الشعوب تستطيع أن تحافظ على لغتها وأن تحمى تاريخها أمدا طويلا، ولكنها لا تستطيع مقاومة سيطرة الحاكمين من الناحية الاقتصادية .
وقد اهتم الزعيم السوفيتي «ستالين» بهذه النظرية واعتبرها من الأسس الضرورية لتكوين الأمة وبدأ فى الترويج لها منذ خام ١٩١٣ .
والواقع أن تركيز ستالين على الجانب الاقتصادي يرجع إلى المذهب الماركسي الذى يقوم على أساس تعليل وتفسير الوقائع التاريخية والحوادث الاجتماعية بالعوامل الاقتصادية، وصارت ترجع كل أمر إلى الاقتصاد، ولم تعر أى اهتمام للعوامل الفكرية، فتخطت بذلك التفكير حدود الحقيقة وبعدت عن المنطق والصواب، وبالتالي فقدت قيمتها. وبالتالي فإن وحدة المصالح الاقتصادية لا تصلح لأن تكون أساسا من أسس نشوء الأمم؛ وذلك لأن المصالح الاقتصادية تعد نتيجة من نتائج تكوين الأمم وليست عاملا من عوامل تكوينها.
وفى ضوء ما ذكر يمكننا القول بأن أهم العناصر أو الأسس التى تقوم عليها الأمة تنحصر فى اللغة ووحدة التاريخ وهذا ما استقر عليه الرأى عند كثير من الباحثين. وهذا الاتجاه يجمع بين النظرية الألمانية التى تأخذ بوحدة اللغة، وبين النظرية الفرنسية التى ترى أن وحدة التاريخ من شأنها أن تؤدى إلى وحدة المشاعر والآلام والآمال والثقافة مما يشعر الأفراد بأنهم أبناء أمة واحدة متميزة عن الأمم الأخرى، ويدفعهم هذا الوضع المتميز إلى الإرادة والمشيئة والرغبة المشتركة فى العيش معا كما يرى رينان فى النظرية الفرنسية.
وأنصار فكرة التوفيق بين النظريتين الفرنسية والألمانية يستبعدون الدين ووحدة الحياة الاقتصادية عادة والبيئة الجغرافية كمقومات أساسية لنشوء الأمة. ففيما يتصل بالدين يلاحظ أن بعض الأمم نشأت دون التقيد بالدين أو المذاهب المختلفة ويعتمدون فى رأيهم هذا على وحدة ألمانيا التى جمعت بين الكاثوليك والبروتستانت، كما أن وحدة الدين والمذهب لم تمنع انفصال المجر عن النمسا، والنرويج عن السويد، كما أن اتحاد المسلمين مع المسيحيين فى ألبانيا ظل قائما بعد انفصالها عن الدولة العثمانية الإسلامية.
ولكن لا يمكن إهمال جانب الدين كأحد مكونات الأمة بل يعد عاملا هاما من عوامل نشوئها، وليس أدل على ذلك من قول الله تعالى كما ذكرنا:
﴿ وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ (سورة المؤمنون:52 ) ، وقوله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) ﴿ال عمران 110 ﴾, وفى قوله تعالى : (انَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ ..) (البقرة 213﴾
وبالتالي لا يمكن الجرى وراء النظريات التى تستبعد هذا العامل الهام، وإنما نستطيع أن نقول أن اللغة والتاريخ المشترك إلى جانب الدين من العوامل الأساسية لتكوين الأمم. وفى نفس الوقت فإن الحياة الاقتصادية والأصل الجنسي والبيئة الجغرافية لا شك أنها تعد من العوامل المساعدة التى تلعب دورا هاما فى نشوء الأمم إلى جانب الأسس التى أشرنا إليها.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|