عناصر رسالة المنظمة

حدد (Campbell &Yueng ,1991) اربعة عناصر لرسالة المنظمة هي :

1- الغرض Purpose : ويعبر عن سبب وجود المنظمة.

2- الستراتيجية Strategy: وتحدد نوع العمل الذي تمارسه المنظمة وتتنافس في حدوده مع المنظمات الاخرى المماثلة، والمركز الذي تخطط المنظمة للوصول اليه، والمقدرة المميزة التي تسعى الى امتلاكها لتحقيق الاهداف الستراتيجية.

3- القيم Values : وتمثل مجموعة المعتقدات والمبادئ الاخلاقية التي تشكل ثقافة المنظمة وتحدد معايير السلوك فيها.

4- معايير السلوك Behavior standards: وهي السياسات وموجهات السلوك التي تساعد العاملين في المنظمة على اداء اعمالهم بالطريقة الصحيحة.

اما (David, 1989 ) فقد اشار الى (9) عناصر تتضمنها رسالة المنظمة، الشكل (6-2) وهي (الزبائن، والاسواق ، والمنتجات او الخدمات، والتكنولوجيا، والانطباع العام، وادارك المنظمة لامكاناتها، والفلسفة، والعاملون، واهداف البقاء والنمو والربحية.

وقد وسع (Bart, 1997) القائمة لتشمل (20) عنصراً من خلال اضافة عدد من الاهداف المالية واهداف البقاء، ثم عاد بعد عام ليضاعف هذا العدد ليصبح (40) عنصرا (Bart, 1998 ) وفيما يلي شرح موجز لعناصر الرسالة وفقا لنموذج (David , 1989):

1- المنتجات (او الخدمات)  :Products or servicesيتعلق هذا العنصر بتحديد جودة المنتجات او الخدمات التي تقدمها المنظمة ومواصفاتها والطريقة التي تميزها عن منتجات او خدمات المنظمات المماثلة. ولكي يتحقق هذا الامر فلا بد ان يكون توجه المنظمة نحو الاسواق وليس المنتجات او الخدمات نفسها وذلك لإعطاء المرونة الكافية للمدراء للتصرف بحرية واستثمار الفرص التي يمكن ان توفرها تلك الاسواق بطريقة جديدة ومبتكرة لإشباع حاجات زبائنها الحاليين والمرتقبين. 

ومن بين اهم الخصائص التي يمكن ان تركز عليها رسالة المنظمة فيما يتعلق بمنتجاتها او خدماتها هي الجودة العالية High quality والسعر المنخفض Low price، التكنولوجيا المتقدمة Advanced technology، خدمات ما بعد البيع After sale services ، المنتجات ذات المواصفات الخاصة Special qualifications التي يحددها الزبون.

2- الزبائن Customers: الزبائن هم الاشخاص والمنظمات الذين يقومون بشراء المنتجات (او الخدمات) التي تقدمها المنظمة. ويشكل هؤلاء الزبائن احد العناصر الاساسية التي تركز عليها رسالة المنظمة، لان نجاح واستمرار منظمات الاعمال في الاسواق يتوقف على مدى قدرتها على تلبية رغبات وحاجات هؤلاء الزبائن. 

وعادة ما تحدد المنظمات التي تسعى الى كسب ولاء زبائنها والاحتفاظ بهم في رسالتها الفئة التي تستهدفها من هؤلاء الزبائن والطرائق التي يمكن من خلالها اشباع حاجاتهم على نحو مميز مقارنة بالمنظمات الاخرى المنافسة. ولتحقيق ذلك تلجا اغلب المنظمات الى تصنيف الزبائن الذين يتعاملون معها الى فئات او قطاعات استناداً الى معيار او اكثر ، ومن ثم تقوم بتقديم منتجاتها او خدماتها الى فئة معينة او اكثر وفقاً لتلك المعايير. ومن بين تلك المعايير ما يأتي : 

- المعايير الجغرافية Geographical standards: حيث يتم تصنيف الزبائن جغرافياً حسب المناطق او الاقاليم، او المحافظات او المناخ او الكثافة السكانية.

- المعايير السكانية Demographical standards: حيث يتم التمييز بين الزبائن حسب المتغيرات السكانية كالعمر او الجنس، او مستوى الدخل او المهنة، او التعليم ، او الديانة او القومية.

- المعايير السلوكية Behavioral standards: ويتم تصنيف الزبائن بموجب المؤشرات او المعايير الخاصة بسلوك الزبائن كدوافع الشراء، العادات والتقاليد، الجودة، السعر، الشراء بكميات صغيرة او كبيرة، الشراء المباشر او الشراء باستعمال الوسائل الاخرى.

ومهما يكن من امر فان رسالة المنظمة يجب ان تتضمن فئة الزبائن الذين تستهدفهم لغرض تطوير الستراتيجية المناسبة لإشباع حاجاتهم الحالية والمتجددة . 

3- الاسواق Markets: يمثل السوق البعد الجغرافي لنشاط المنظمة وهو المساحة الجغرافية التي تخطط المنظمة لبيع منتجاتها او تقديم خدماتها فيها. وقد تكون الاسواق محلية Local او اقليمية Regional او عالمية Global حيث يعتمد ذلك على قدرة المنظمة على التنافس مع المنظمات المماثلة. فالمنظمات الصغيرة عادة ما يقتصر نشاطها على الاسواق المحلية بسبب قلة مواردها وامكاناتها وبالتالي ضعف قدرتها على المنافسة في الاسواق الخارجية، في حين تنظر المنظمات الكبيرة الى العالم كله باعتباره سوقاً مستهدفاً لمنتجاتها او خدماتها لاسيما بعد انتشار شبكات الاتصال العالمية التي اصبحت الوسيلة الاكثر استعمالاً لعقد الصفقات التجارية. وبشكل عام فان ما ينبغي الاشارة اليه هو ان رسالة المنظمة يجب ان تتضمن وصفاً للأسواق التي سوف تتعامل معها لكي يكون ذلك مرشداً او موجهاً لصانعي الستراتيجية لصياغة  الستراتيجيات التي تتناسب مع توجهات المنظمة بما يتناسب وخصوصية الاسواق التي يمكن ان تتنافس فيها.

4- الانطباع العام Public image: وهو الصورة الذهنية التي تحرص المنظمة على تكوينها لدى الاطراف المتعاملة معها معتمدة في ذلك على ابراز مجموعة الصفات والخصائص التي تميز منتجاتها او خدماتها عن منتجات او خدمات المنظمات العاملة في نفس القطاع من النشاط. ومن الطبيعي ان تحرص المنظمة على خلق الانطباع الذي يزيد من قدرتها التنافسية في السوق من خلال التركيز على القطاعات الاكثر اهمية لنجاح المنظمة. والاتي بعض الامثلة على الصور التي ترغب المنظمات بتكوينها عن منتجاتها او خدماتها لدى بعض اصحاب المصلحة.

- الزبائن: الجودة العالية، السعر المناسب، خدمات ما بعد البيع، السرعة ، المتانة، مثال (ولتحقيق رسالتها، فان المنظمة تستعمل التقنية المتقدمة لانتاج سلعة باسعار منخفضة مع الالتزام بمستوى عالي من الجودة).

- المجتمع: المسؤولية الاجتماعية، المحافظة على البيئة، الالتزام بقيم المجتمع وثقافته. مثال (وتشعر المنظمة ان لديها مسؤولية تجاه مجتمعها المحلي في انتاج سلعة نظيفة لا تسبب اي اضرار للبيئة التي تعمل فيها).

- المؤسسات المالية: المركز المالي القوي، السيولة الكافية، الالتزام بتسديد القروض في الاوقات المحددة. مثال (وان المنظمة حريصة على تسديد ديونها في الاوقات المحددة ودون اي تاخير).

- الدولة : الالتزام بالسياسة العامة للدولة، دفع الضرائب، الالتزام بالقوانين والنظم. مثال: (وان المنظمة تلتزم في كل انشطتها بالقوانين والانظمة والتعليمات التي تصدرها الدولة).

5- ادراك المنظمة لإمكاناتها Self concept: يتوقف نجاح المنظمة على ما تمتلكه من موارد وقابليات ومقدرات جوهرية تمكنها من تحقيق ميزة تنافسية مستدامة تتفوق من خلالها على الاخرين. وعلى المنظمة ان تدرك نقاط القوة التي تمتلكها حتى تتمكن من صياغة الستراتيجيات التي تساعدها في تعظيم الاستفادة من تلك النقاط في اغتنام الفرص التي توفرها البيئة الخارجية اولاً ولتكون مرشداً للمدراء في عملية تخصيص مواردها والالتزام بقواعد واضحة عند تنفيذ تلك الستراتيجيات ثانياً.

فعندما تمتلك المنظمة مهارات بشرية مدربة وكفوءة، فان ذلك يشكل ميزة تنافسية تحاول المنظمة ابرازها في رسالتها كأن تنص في رسالتها على (... والمنظمة تعتمد على المهارات العالية للعاملين في تقديم منتج على درجة عالية من الجودة والاتقان).

اما اذا امتلكت المنظمة تقنية متقدمة يمكن ان تتفرد بها بالمقارنة مع المنظمات الاخرى فانها قد تنص في رسالتها على (... والمنظمة تعتمد على تقنية متقدمة عالمياًً في تقديم منتج على درجة عالية من الجودة والاتقان).

وفي الحالتين فان هدف المنظمة واحد وهو تقديم منتج بمواصفات عالية، غير ان الوسيلة التي تستعملها المنظمة لتحقيق هذا الهدف مختلفة في الحالتين. ففي الحالة الاولى اعتمدت المنظمة على مهارات العاملين في الوصول الى المستوى المطلوب من المواصفات ، بينما اعتمدت على مستوى التكنولوجيا المتقدم لتحقيق نفس الهدف الستراتيجي في الحالة الثانية.

6- العاملون Employees: يمثل العنصر البشري مورداً مهماً واساسياً من موارد المنظمة واحد الوسائل التي تمكنها من تحقيق اهدافها. ولذلك تسعى المنظمات عادة الى اعداد البرامج التدريبية لتطوير مهارات وقدرات عامليها، وكذلك توفير المناخات التنظيمية التي تحقق درجة عالية من الرضا الوظيفي لدى اولئك العاملين وتزيد من التزامهم تجاه منظماتهم، والعمل على ان تعكس هذا الاهتمام في رسالتها كأن تشير الى (.. وان المنظمة حريصة على ان يحظى جميع العاملين بمعاملة عادلة وان يتوفر لهم المناخ التنظيمي المميز، وان يكونوا شركاء في الارباح التي تحققها المنظمة في عملها).

7- التكنولوجيا Technology: ينصرف معنى التكنولوجيا الى الوسائل التقنية التي تستعملها المنظمة لإنتاج منتجاتها او تقديم خدماتها الى الاسواق. ويتراوح مستوى التكنولوجيا التي تستعملها المنظمات من البسيطة التي لا تحتاج الى مهارات عالية، الى المتقدمة التي تحتاج خبرات عالية ومتقدمة جداً لاستعمالها. ويعتمد هذا المستوى على عوامل عديدة من بينها اهتمام الإدارة العليا للمنظمة في هذا الجانب ، ووجود ادارة بحوث قادرة على ملاحقة التطورات التقنية التي تحصل في العالم اولاً باول، وكذلك الميزانية المخصصة لأغراض البحث والتطوير. 

ويمكن ان تشكل التكنولوجيا المستخدمة من قبل المنظمات ميزة تنافسية ليس فقط على مستوى انتاج منتج بمواصفات متقدمة ، وانما يمتد ذلك الى المجالات الاخرى كالتسويق ، والتخزين، والنقل، والمناولة، والصيانة، ونظم المعلومات.. الخ والتي تنعكس بدروها على السرعة التي تقدم بها المنظمة خدماتها الى الزبائن او تخفيض التكاليف المرتبطة بتلك الانشطة وانعكاسات ذلك ايجاباً على اسعار بيع المنتجات او الخدمات المقدمة الى الزبائن. وتسعى المنظمات عادة الى اظهار المزية التنافسية التي يوفرها المستوى المتقدم من التكنولوجيا في رسالتها لتظهر تفوقها على المنظمات الاخرى المماثلة كأن تنص في رسالتها على (وان التكنولوجيا التي نمتلكها تساهم في تحقيق وفورات الحجم الكبير التي تمثل احد عوامل النجاح التي نحرص على بلوغها من اجل تقديم منتجات باسعار تنافسية بالمقارنة مع المنظمات الاخرى).  

8- فلسفة المنظمة Organization philosophy: تعكس فلسفة المنظمة مجموعة المبادئ والقيم والمعتقدات الاساسية والمواقف والاسبقيات التي تحكم سلوك الافراد داخل المنظمة وتشكل اطاراً مرشداً لعملية اتخاذ القرارات. وتنبثق هذه الفلسفة من داخل المنظمة ولا تظهر مرة واحدة، انما تمر بعدة مراحل الى ان تصبح مجموعة من المبادئ المرشدة والموجهة لعملية صنع القرارات في المنظمة. وهذه المبادئ يمكن بلورتها من خلال قيام المنظمة بالإجابة على مجموعة من التساؤلات من بينها (جواد، 2000) : 

• ما هي القيم التي ترغب ادارة المنظمة ان تعكسها للاخرين؟
• ما هي الادوار الادارية المطلوب تأديتها، وما هي درجة التخصص والاحتراف لهذه الادارة؟
• ما هي شروط وطبيعة ودرجة قوة العمل في المنظمة؟
• ما مدى المسؤولية الاجتماعية الذي يتوجب الوصول اليه؟
• ما هو دور البحث والتطوير؟
• ما هي درجة استقرار المنظمة؟
• ما هو اسلوب اتخاذ القرارات؟
• ما هو شكل الاتصال وكيف يتم تبادل المعلومات؟
• ما هي طريقة استعمال الموارد؟
• ما مدى تأثر الاداء بمتغيرات الزمن، والكلفة، والتكنولوجيا، والجهد المبذول؟
• ما مدى الحرية المتاحة للجماعات الضاغطة؟

ان الاجابة على التساؤلات المذكورة سوف تساعد المنظمة على صياغة المبادئ والقيم وانماط السلوك التي تشكل فلسفة المنظمة والتي يجب ان تحرص على اظهارها في رسالتها. وكمثال على ذلك ما نصت عليه رسالة شركة Nissan لصناعة السيارات من مبادئ تحكم سلوك الاشخاص، الجدول (6-2)، والمبادئ التي تحكم سلوك الشركة، الجدول (6-3).

9- اهداف البقاء ، الربحية، النمو Survival , profitability and growth objectives :

هناك ثلاثة اهداف اقتصادية تلعب دوراً اساسياً في صياغة الاتجاه الستراتيجي لمنظمات الاعمال وهي البقاء والربحية والنمو (Pearce & Robinson , 2005 ). وبغض النظر عما اذا كانت رسالة المنظمة تتضمن تلك الاهداف ام لا، فأنها تعكس اصرار المنظمة على ضمان بقاءها من خلال الربحية والنمو. فالمنظمة التي لا تستطيع ضمان بقاءها في السوق سوف لن تتمكن من تحقيق اي من اهداف اصحاب المصلحة. 

ان عدم تضمين رسالة المنظمة لهدف البقاء قد يؤدي الى تركيز توجه المنظمة نحو الاهداف القصيرة الامد، وبالتالي تحديد فترة بقاءها في السوق. وبشكل عام تمثل الربحية على الامد البعيد هدفاً اساسياً لمنظمات الاعمال ومؤشراً مهماً على مدى قدرتها على تلبية رغبات وتوقعات العاملين وحملة الاسهم. ومن الامثلة التي توضح توجه المنظمة نحو تحقيق الربحية على الامد البعيد هو ما جاء في رسالة شركة Hewlet Packard والتي ركزت في جانب منها على تحقيق ارباح كافية لتمويل نمو الشركة وتوفير الموارد التي تكفل لها تحقيق الاهداف الاخرى التي تسعى اليها.اما نمو المنظمات فانه يرتبط ارتباطاً وثيقاً ببقائها وقدرتها على تحقيق الارباح اذ اظهرت الدراسات الخاصة بتأثير الارباح في الستراتيجيات التسويقية ان النمو في الحصة السوقية يرتبط بربحية المنظمات. كما ان هناك اشكالاً اخرى للنمو فالنمو في عدد الاسواق التي تتعامل معها المنظمة، والتنوع في المنتجات او الخدمات التي تقدمها الى الزبائن، والتكنولوجيا التي تستعملها المنظمة في عملياتها الانتاجية جميعها يمكن ان تفعل فعلها في تحسين قدرة المنظمة على المنافسة.

وبالعودة الى رسالة شركة Hewlet Packard فانها تقدم مثالاً جيداً لاهتمام الشركة بهدف النمو عندما اشارت الى ان هدفها في النمو هو هدف جوهري لتحقيق الاهداف الاخرى للشركة. وان رغبتها في تحقيق ذلك الهدف لا يحد منها سوى الارباح التي تحقيقها الشركة، وقدرتها على تقديم منتجات ذات مواصفات تقنية تلبي الحاجات الحقيقية للزبائن. ويمكن توضيح عناصر الرسالة المذكورة من خلال الاطلاع على رسالة شركة الخطوط الجوية الامريكية Us Airways.