الوفاء للأم وفاء لأنفسنا وعدم الوفاء لها يعني عدم الوفاء لأنفسنا |
2008
11:04 صباحاً
التاريخ: 12-3-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-8-2017
3143
التاريخ: 3-1-2018
2336
التاريخ: 2024-08-29
258
التاريخ: 2-9-2016
1803
|
هل هذا هو معنى الوفاء؟ ألا تسألين نفسك من ربى هذه الشجرة اليانعة؟ ومن هو الذي غرسها واعتنى بها؟ ألا تسألين من اعتنى بهذه الشجرة حتى أعطت ثمارها؟ هذه الشجرة التي تستظلين الآن بفيئها؟ لقد سقت هذه الشجرة وهي لم تزل صغيرة. سقته بدم قلبها ودموع عينيها وغذّتها وأطعمتها حتى كبرت ونشأت واعتنت بها وحافظت عليها بعينها وأذنها ويدها ورجلها وشعرها ووجهها بكل رغبة وشوق. نعم لقد تحمل هذا الفلاح العذاب والعناء والألم لكي تنمو هذه الغرسة وتكبر وتثمر. لقد تحمّلت الأم الجوع والعطش والتعب ليرتوي طفلها ويشبع ويلبس ولتقيه الحرّ والبرد وسهرت لياليها لكي ينام براحة وهدوء. لقد ربته واحتضنته في حجرها لتحميه من الأخطار حتى كبر واشتد ساعده وصار شاباً قوياً وشجرة مظلّلة مثمرة، فهل يكون جزاء هذا الفلاح وهو الأم أن يحرم من التفيؤ بظل هذه الشجرة والاستراحة في بستانها؟ هل هذا هو معنى الوفاء؟!
الرسالة:.. زوجتي ربة بيت بارعة وصاحبة ذوق رفيع وذات خبرة واطلاع ونظيفة وطيبة، وخلاصة القول إن فيها الكثير من الصفات الحسنة، ولكن مع كل هذه الصفات الجيدة فإن فيها صفة تضايقني وتنغص عليّ حياتي. فوالدتي تعيش معنا وطبقاً لما يفرضه عليّ الواجب (الديني والأخلاقي والإنساني) فإني أقوم بتفقدها وآخذ لها الفاكهة والأشياء التي تحتاجها كما أقدم لها بعض النقود. ولكن زوجتي لا ترتاح لهذا الأمر وتقول: هل أنت ابنها الوحيد حتى تهتم بها كل هذا الاهتمام وعندما تأتي إلى البيت تقوم أولاً بزيارتها وتفقدها؟ فأقول لها: إنها والدتي وأنا ابنها. فتقول لي زوجتي: إذا كانت هذه وظيفة الابناء، فلماذا لا يقوم أشقاؤك الآخرون بمثل ما تقوم به انت؟! مع أنهم أكبر منك سناً؟! إنك تعطي حقنا لوالدتك. اذا كان عندك مال إضافي فعليك أن توفره لتضمن مستقبل أطفالك..
وخلاصة القول إني إذا أردت أن أتفقد أحوال والدتي او أحد أقاربي واخذ لهم بعض الهدايا فإنها تغتاظ وتحتجّ عليّ وتنزعج كثيراً إلى درجة أني أضطر أحياناً لإخفاء مساعداتي لوالدتي وأقربائي الأمر الذي يجعلني أواجه مشاكل من نوع آخر..
كلا يا أخي العزيز! تصرفك ليس خاطئاً. بل إن توقعات زوجتك ليست في محلها ولا هي مقبولة فهي تريد أن تحرم والدتك منك وتطردها من بستان اهتمامك بها ورعايتك لها وحرمانها من التفيؤ بظل ابنها العزيز.
لذلك فمن واجبك وواجب جميع أشقائك أن تستضيفوا والدتكم وتعتنوا بها وتقدموا لها كل خدمة ممكنة وتكرسوا وجودكم لخدمتها فإن لها أعظم الحقوق عليكم لأن وجودكم نما وترعرع وتغذى بدم قلبها. وإذا كان أشقاؤك لم يقوموا بواجبهم المقدس هذا فإنهم بذلك يتنكرون لفضل والدتهم عليهم وتضحياتها من أجلهم وبالتالي مذنبون. ولكن ذلك لا يعني سقوط التكليف والواجب عنك بل إن مسؤوليتك في رعاية والدتك والاهتمام بها تصبح أكبر وأكثر ضرورة. ومن الواجب عليك أن تنفق على والدتك بالشكل المتعارف عليه - إذا لم تكن تملك إيراداً مالياً ولا تستطيع الإنفاق على نفسها - أي كما تدير شؤون حياتك وتنفق على أسرتك وبيتك عليك أن تدير شؤون والدتك وتنفق عليها وتدبر معيشتها ولا تجعلها محتاجة مادياً ومعنوياً تعاني من ضنك العيش ومن الفقر والفاقة. إسع كما كنت تفعل في السابق لجعل رضا والدتك مقدماً على رضاك ورضا زوجتك وأولادك.
وعليك أيضاً أن تقول لزوجتك بأن الاهتمام بالوالدة ورعايتها وتفقد أحوالها هو مظهر من مظاهر الإيمان ومن الصفات المحببة جداً عند الله ويؤدي إلى نزول الخير والبركة على الشخص ويجعل حياته سعيدة هانئة. وعلى العكس من ذلك فإن عدم الوفاء لوالدة الزوج وعدم إظهار المحبة والتعاطف معها يعكّر صفو الحياة الزوجية ويؤدي إلى حدوث نزاعات ومشاحنات بين أفراد الأسرة. وهنا نتساءل: إذا كنت أيتها الزوجة عديمة الوفاء والمحبة تجاه والدتك أو والدة زوجك فكيف تتوقعين أن يكون أولادك وأبناؤك أوفياء ومحبين لك؟ إن الأبناء يجب أن يتعلموا منك أنت أيتها الأم والزوجة درس الإحسان والوفاء لوالديهم، أليس كذلك؟ كان المفروض بزوجتك الكريمة الواعية صاحبة الذوق الرفيع أن لا تمنعك من تفقد والدتك والمثابرة على خدمتها والاهتمام بها. بل كان المفروض بها أن تتصرف كتصرف هذه الزوجة الشابة - التي سنقرأ رسالتها فيما يلي - وكثير من الزوجات الأخريات العاقلات المتفهمات الطيبات اللواتي لا يضمرن في قلوبهن أي نوع من الحسد والحقد والكراهية وتشجعك على القيام بواجبك كابن وكان المفروض بها هي أيضاً أن تؤدي إلى حدٍ ما حق والدة زوجها التي أنجبت وقدمت لها مثل هذا الزوج الطيب الكفؤ. ليتها أخذت العبرة من هذه الأخت الكريمة ولم تجعل حياتها مظلمة قاتمة يعلوها غبار الحسد ولم تجعل زوجها يعاني كل هذه الضغوط ومشاكل الحياة. لنقرأ الرسالة التالية:
الرسالة: قبل فترة تعرضت والدتي لحادث وعندما أخبروني أسرعت إلى المستشفى فوجدتها أصيبت بكسر في ساقها.. وعندما اقترحت أن تبقى والدتي في المستشفى لتوفير عناية ومعالجة أفضل لها ولكني اضطررت ونتيجة لإصرار زوجي أن أنقل والدتي إلى البيت حيث تعتقد أن والدتي لا تلقى الاهتمام والرعاية المطلوبة في المستشفى. وبالفعل جئنا بوالدتي إلى البيت وتولت زوجتي بنفسها الاهتمام بها ورعايتها وتقديم الخدمة لها بشكل يفوق ما يمكن أن تقوم به أية ممرضة حتى شفيت تماما. وقد أعربت والدتي عن شكرها وتقديرها لزوجتي وقالت: يا ليتني أنجبت ابنة مثل فلانة، ولكن مع الأسف لم أنجب بنتاً.
كم كنت أود أن تزورونا في بيتنا لتشاهدوا عن كثب الطريقة التي تتعامل بها زوجتي مع والدتي ومدى اهتمامها بها ورعايتها لها وبالتالي تطلعوا الناس على ذلك من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة. إني أود كثيراً أن أعرب أمامكم عن شكري لزوجتي على أخلاقها الحسنة وحبها لوالدتي في مساعدتها ورعايتها لها...
ونحن بدورنا نشكر هذه الأخت الفاضلة على حسن خلقها وتضحياتها، وكحسن ختام نشير إلى حديث مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: [من سرّهُ أن يُمدّ له في عمره ويزداد في رزقه فليبرّ والديه وليصل رحمه](1).
نسأله تعالى أن يوفقنا لنعرف قدر آبائنا وأمهاتنا أكثر فأكثر ونحسن إليهم ونقوم بخدمتهم ورعايتهم ما أمكننا ذلك فالإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طاب عليه السلام يقول: [بر الوالدين أكبر فريضة](2).
___________________________________________
(١) ميزان الحكمة ج10 باب الإحسان إلى الوالدين ص ٧٨ حديث ٢٢٣٧١ عن كتاب الترغيب والترهيب ج٣ ص ٣١٧ .
(٢) غرر الحكم ودرر الكلم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|