حقوق الوالدين على الاولاد
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 395 ــ 398
2025-10-26
34
ان اداء حقوق الوالدين من الصعوبة والدقة، والحاجة إلى التحمل والقابلية الاستثنائية ما لم يستطع عليها الا المؤمن الحقيقي الذي آمن بالله واليوم الآخر، وأي مؤمن؟ أنه المؤمن الذي جرى توضيح مواصفاته في كتاب الله: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 51، 52].
والآن تعالوا وانظروا الأمر الإلهي فيما يتعلق بحقوق الوالدين والذي جاء في سورة الاسراء: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23، 24].
لقد ورد تفسير هذه الآية الكريمة التي أردفت حقوق الوالدين بعد حق الله عز وجل وبيانها في الصفحة 157 من الجزء الثاني من كتاب الكافي نقلاً عن الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، وهذا التسلسل دليل على عظمة الأمر.
نظراً إلى أن مؤلف اصول الكافي الشيخ الكليني (رحمه الله) قد عاش في زمن الغيبة الصغرى، وان روايات هذا الكتاب ومضامينه قد أخذت عن رواة عاشوا على مقربة من عصر المعصوم، ونظراً لما فيه من تنظيم وترتيب، وما حظي به من اهتمام منذ تصنيفه وحتى الآن، ولمجرد كونه من المصادر المهمة لأصول الدين وفقه أهل البيت (عليهم السلام) فإنها يحظى بمنزلة خاصة تفتقد اليها سائر الكتب.
وبعد هذا التفسير للآية الذي جاء على لسان الامام الصادق (عليه السلام) ونقل في كتاب اصول الكافي لا اعتقد ان ثمة عذر أزاء حقوق الوالدين.
يقول الراوي: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23]، ما هذا الاحسان؟ فقال: الاحسان أن تُحسن صحبتهما وان لا تكلفهما أن يسألان شيئاً مما يحتاجان اليه وإن كانا مستغنين، أليس يقول الله عز وجل: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92].
واما قول الله عز وجل: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23]، قال: إِن قال: اضجراك فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما إن ضرباك، قال: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23]، قال: أن ضرباك فقل لهما: غفر الله لكما، فذلك منك قول كريم، ثم قال: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24]، قال: لا تملأ عينيك من النظر اليهما إلا برحمة ورقة ولا ترفع صوتك فوق اصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدم قدامهما.
وادع لهما وقل: {رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24].
وفي موضع آخر يقول تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 14، 15].
ملاحظة مهمة
لما بعث موسى جاءه الأمر أن يواجه فرعون برفق ويكلمه بلين، فسأل عن السبب، فسمع النداء أنه قد تحملك لمدة خمسة عشر عاماً، وتجرع المصاعب والمشقات لتربيتك مذ كنت رضيعاً حتى اصبحت شاباً، من هنا فهو بمثابة الاب بالنسبة لك، وعليك ان لا تتكلم معه بصوت عال أو تواجهه بعنف.
ورد بالمنهج في تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى: 6].
ان الله سبحانه وتعالى أوحى إلى رسوله (صلى الله عليه وآله): انني قد توفيت أباك وأنت في بطن أمك، وتوفيت أمك وانت طفلاً، لأنهما لو بقيا على قيد الحياة لضاق وسعك عن تحمل أعباء النبوة واعباء اداء حقوق الوالدين.
روايات في حقوق الوالدين
سأل الراوي أبا عبد الله الصادق (عليه السلام): (اي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله) (1).
وقال الصادق (عليه السلام): (ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين، يصلي عنهما ويتصدق عنهما ويحج عنهما ويصوم عنهما) (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الكافي: ج 2، ص 158.
2ـ الوسائل: ج 21، ص 491.
الاكثر قراءة في الأبناء
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة