أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2016
2713
التاريخ: 2-9-2018
1819
التاريخ: 2023-02-12
919
التاريخ: 20/9/2022
1994
|
لقد منحنا نحن البشر السيطرة الكاملة على أمر هام واحد: عقلنا. نحن لا نملك أي سيطرة على أفكار الآخرين، لكن عقلنا هو العالم الوحيد الذي نتمتع فيه بالسيادة الكاملة.
بالتالي فإن سر السيطرة على الحياة يكمن في السيطرة على العقل. لكن انتشار التفكير السلبي في العالم يعد مؤشراً واضحاً على أن الناس يكافحون من أجل الاستفادة من هذه النعمة، ويعانون بنتيجة ذلك من تأثيرات النظرة الكئيبة إلى الحياة. نجد أولئك الناس في كل مكان حولنا - جالسين في المقاهي، أو يمشون على الأرصفة، أو يتنقلون في الأسواق، أو يعملون في مكاتبهم، أو ينتظرون الحافلة، أو يركبون القطار. ويا ليتني أستطيع الذهاب إلى كل منهم لأشير له إلى عقليته السلبية وأشرح له كيف ستؤدي إلى نتائج غير سعيدة.
ما يزعجني أن الناس يسمحون للتفكير السلبي بالسيطرة على عقولهم مع أنهم يملكون القدرة على تغييره. ويرجع ذلك إلى أن عقولهم أصبحت معتادة على هذه الأنماط الفكرية، التي تمارس جاذبية مغناطسية مستمرة لظروف تشاؤمية إضافية.
في ما يلي مثال على إحدى الطرق التي يتفاعل فيها الأشخاص عادة مع ملاحظات الآخرين ويشكل إيضاحاً لتأثيرات التفكير السلبي. يسقط عقل المفكر السلبي في نمط تشاؤمي يؤدي إلى التعاسة. هذا يعني أنه حين يسمع ملاحظة عن نفسه، حتى لو لم يكن يُقصد منها الأذى، يمكن أن تؤدي لديه إلى رد فعل سلبي. إذ يقرر عقله أن يربط دلالة سلبية بالكلام الذي قيل ويسمح له بالتمسك برد الفعل هذا لسنوات عديدة.
يوضح ذلك كيف أن الرغبة الباطنية في أن يكون المرء غير سعيد تمارس جاذبية طبيعية باتجاه البؤس والشؤم. وكما أن قوة الجاذبية الطبيعية لا تتطلب قوة إضافية لسحب عربة إلى أسفل منحدر، فإن عقل المفكر السلبي، حين يُترك بمفرده، يسحب العقل بشكل طبيعي إلى دوامة من الحزن.
لأوضح كيف يتجلى هذا الميل الذهني في حياتنا اليومية. وإن وجدت أن إحدى هذه الحالات تعكس نمط تفكيرك، فإن الخطوة الأولى والحاسمة التي يجب عليك اتخاذها لتبدأ تحولك الذاتي تتمثل في فهم الطريقة التي يقودك فيها هذا النمط من التفكير إلى التعاسة.
مثال على ذلك، يملك بعض الناس نمطاً في التفاعل مع نجاحات الآخرين بحسد واستياء. فعندما يتفوق أحد الزملاء وينال ترقية مثلاً، ينسبون نجاحه إلى استخدامه التملق او غيره من وسائل إرضاء المديرين. وعندما تبدأ علامات النمو المربح بالظهور على شركة إحدى الصديقات، قد يحاولون التقليل من قيمة قدراتها كرائدة أعمال ويعزون نجاحها إلى الحظ. ويعبرون بانتظام عن حسدهم ومرارتهم لمن حولهم، كما يميلون إلى الاعتقاد من دون أدنى شك أن النجاح سيكون حليفهم هم أيضاً.
كيف يؤدي هذا النمط إلى الانهزامية؟ بحسب تشخيصي كمستشار روحي، فإن عاطفتي الحسد والاستياء تخربان فرص نجاحنا إن سمحنا لهما بالبقاء في أذهاننا. فعندما تراودنا أفكار الحسد أو نعبر عن استيائنا، فإننا ندمر فرص نجاحنا. وفي كل مرة نعطي ملاحظة سلبية عن قدرة شخص آخر أو عن حسن حظه، فإننا ننكر رغبتنا الداخلية في تحقيق أحلامنا. ذلك أن مثلنا العليا تحتاج إلى التعزيز الإيجابي التأكيدي بدلاً من الأفكار المدمرة، إن كنا نود تحقيقها.
لمساعدتك على فهم التأثير السلبي لهذه المشاعر، فكر في كيفية تأثيرها على المحيطين بك. فبتعبيرك عن استيائك وحسدك، تعطي الآخرين انطباعاً عن شخصية حسودة وامتعاضية. ومعظم الناس لا يرغبون في مشاركة حظوظهم ونجاحاتهم مع شخص سيتفاعل معهم بتلك الطريقة. وكنتيجة طبيعية لأفكارك وملاحظاتك، سيبدأون بتجنبك والتوقف عن دعوتك إلى لقاءاتهم.
معظم الأشخاص الذين يجدون أنفسهم في وضع كهذا لا يفهمون سبب نبذ هذا العدد الكبير من الناس لهم. وفي بعض الأحيان، يعتبرون أنهم يتمتعون بسمات محببة، كالذكاء والجمال والبلاغة، وحتى أخلاقيات العمل العالية، ولذلك لا يفهمون سبب استبعادهم باستمرار. وكلما نُبذوا أكثر، ازدادوا غرقاً في التفكير السلبي. لكن من وجهة نظر المراقِب الخارجي، يكمن مصدر مشاكلهم بوضوح في موقفهم الاستيائي والحسود.
يمكننا إلقاء نظرة على مثال آخر لنفهم كيف يؤدي نمط التفكير السلبي إلى التعاسة. غالباً ما يشعر أصحاب النظرة التشاؤمية بالحاجة إلى إثبات معتقداتهم السلبية بطريقة من الطرق. وهذا أحد الأسباب التي تدفع كثيراً من الناس إلى زيارة الوسطاء أو العرّافين. فالقراءة الروحانية التي تؤكد أفكارهم التشاؤمية بمستقبل تعيس تمنحهم إحساساً زائفاً بالأمان. إذ يشعرون أن هذه المعرفة المسبقة ستساعدهم على الاستعداد لشقائهم أو على الأقل تحمله. ولهذا السبب، يكونون على استعداد لدفع ما يتراوح بين عشرين إلى ثلاثين دولاراً لسماع من يقول لهم إنه من المتوقع أن يعانوا من مرض خطير في العام المقبل، أو الطلاق في غضون خمس سنوات، أو الوفاة خلال السنوات العشر المقبلة، أو سقوط أحد أولادهم ضحية حادث سيارة.
بالطبع، لا يمكننا تغيير مصيرنا. فحياتنا تتبع مساراً عاماً خارجاً عن سيطرتنا. لكن الهدف من حياتنا ليس الاستسلام للتنبؤات المشؤومة، بل يجب أن نقرر كيف نوجه أنفسنا أمام ما تجلبه لنا الحياة. فقبول التنبؤات السلبية يشبه تماماً إنكار الهدف الحقيقي الذي وُجدنا لنعمل من أجله. وهذا بالطبع نمط آخر من أنماط التعاسة. فنحن البشر قادرون على توجيه حياتنا في الاتجاه الذي نختاره من خلال اكتساب السيطرة على عقولنا.
وكمثال أخير في هذا القسم، أود أن أطرح قضية شائعة جداً، ألا وهي المشاكل المالية. في الأساس، تتلخص المشاكل المالية في مسألة تراكم الديون. لذلك، يقوم الحل البديهي على وضع ميزانية عمومية كإجراء احترازي ضد الإنفاق غير المقصود الذي يتجاوز ما تكسبه. على الرغم من ذلك، يستمر بعض الناس بهدر مبالغ كبيرة من المال الذي لا يملكونه على المقامرة أو الاستثمارات عالية المخاطر، ليُغرقوا أنفسهم في دوامة متفاقمة من التدمير الذاتي. ويبدو الأمر كما لو أنهم يطاردون باستمرار شيئاً يغريهم للسقوط عن حافة الهاوية. هذا الشيء هو التعاسة، وما يغريهم هو انجذابهم اللاواعي إليها.
ما أهدف إليه هنا هو نشر الوعي حيال هذه الحالة الصامتة التي تجلب المعاناة لكثير من الناس. وأملي أن يتمكن الكثيرين من اتخاذ الخطوات اللازمة للتخلص من أنماط التعاسة التي يعانون منها والسيطرة على حياتهم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|