أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-28
741
التاريخ: 2023-09-16
915
التاريخ: 18-2-2022
1772
التاريخ: 20-5-2021
1831
|
المراصد الفلكية في الحضارة الإسلامية
يفخر أبناء آسيا الوسطى المعاصرون بأهم المراصد الفلكية في تأريخ الحضارة الإسلامية، وهما مرصد مراغة شرقاً ومرصد سمرقند غرباً، وكلا المرصدين له أهميته وتاريخه العلمي، والواقع أنهما كانا في سياق منظومة من المراصد تتابع ظهورها على مدى قرون عدة إن الاهتمام بالأرصاد الفلكية له في الحضارة الإسلامية أسباب علمية وعملية عدة، لقد عرف العرب جهود علماء الحضارات القديمة في الفلك، وحاولوا تدقيقها وإعادة النظر فيها وتجاوزها إلى مزيد من المعرفة الدقيقة.
وكانت الاهتمامات العلمية ذات طابع ديني أيضاً، وذلك لأن تحديد القبلة أمر ضروري لإقامة الصلاة في موعدها بدقة، وأدى هذا المتطلب الديني إلى الاهتمام بصناعة المزاول لقياس الوقت، وإلى ظهور ما يسمى باسم علم الميقات.
ولكن بحوث العلماء في الحضارة الإسلامية تجاوزت هذه المتطلبات العملية إلى البحوث الفلكية الأساسية، وكان المرصد أو (بيت الرصد) أو (الرصد خانة) من أهم المؤسسات العلمية. فالعلماء المبكرون كانوا يقومون بأرصادهم الفردية، ثم بدأت المراصد تؤسس لتكون مؤسسات علمية للدراسات الفلكية العلمية، وهناك فرق بين علم الفلك Astronomy بوصفه علماً دقيقاً يقوم على الحقائق والقياسات العلمية من جانب، وعلم التنجيم Astrology وما يرتبط به من افتراضات وتصورات حول الإنسان ومصيره، وعلاقة ذلك بالكواكب وحركتها من الجانب الآخر ثمان وعشرون حركة :
المراصد الفلكية مؤسسات علمية تختص بدراسات (علم الفلك) أو (علم الهيئة)، أو (علم المدار السماوي)، تقوم المراصد بالقياسات الدقيقة، وتقدم معلومات عن حركة الكواكب جمعها العلماء في جداول منظمة، يسمى الواحد الزيج وهي كلمة فارسية أو باسم القانون. نجد كلمة (الزيج) في كتاب البتاني الذي اهتم به الأوروبيون وترجموه إلى اللاتينية، كما تعرف كلمة (القانون) بهذا المعنى عند البيروني في كتابه القانون المسعودي.
كانت هذه القياسات الفلكية تتم طبقاً لخطة علمية، تقسم السنة الشمسية إلى فترات زمنية محددة، كان عددها في الأغلب ثمان وعشرين حركة، وهذا التقسيم مكن العلماء من مقارنة المعلومات حول الكواكب بدقة، وفي هذا السياق نجد - مثلاً - منازل القمر، ونجد تسجيل معلومات عن الكواكب الثابتة الأخرى ليلة بعد ليلة منذ بداية الشهر القمري وحتى نهايته.
وكانت هذه القياسات تسجل بدقة تتابع ظهور بعض الكواكب على الأفق يوما بيوم، كما تسجل حركة الشمس أيضاً، التسجيل والقياسات كانا أساساً لاستخراج القوانين العلمية.
لقد أفاد العلماء المسلمون من تراث اليونان والهنود، وأضافوا إلى ذلك معلومات كثيرة من خلال القياسات الدقيقة والتصحيحات، وكانت المراصد موقع العمل العلمي، وهذه الجهود تتجاوز مجرد تسجيل المعلومات إلى التوصل إلى قوانين منتظمة، عرفوا زيج بطليموس الذي يمثل علم الفلك عند اليونان، كما عرفوا زيج السندهند، وذكروا - أيضا – جهود علماء الفرس في القرنين الخامس والسادس للميلاد، وأنها سجلت في (زيج الشاه).
إن الاهتمام بالأرصاد في الحضارة الإسلامية قديم، هناك معلومات عن أرصاد مهمة قام بها علماء كبار في إطار الحضارة الإسلامية، ويبدو أن القرن الثاني الهجري الثامن الميلادي عرف بداية هذه الجهود في مدينة جنديسابور، تلك المدينة التي كانت مركزاً قديماً مهماً لعلوم اليونان على مدى عدة قرون قبل الإسلام، ولكن الأرصاد التي وصلت إلينا نتائجها كانت في خلافة المأمون، الخليفة العباسي على مدى السنوات (208- 218 هـ).
لقد سجلت حركة الشمس والقمر تسجيلاً دقيقاً، والمقارنة كانت في البداية بين موقعين، مع مقارنة ذلك بالملاحظات الواردة في كتاب المجسطي لبطليموس.
وتنسب إلى عدد كبير من علماء القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي أرصاد متعددة قام بها بنو موسى الذين حاولوا استكمال كل كتب الفلك اليونانية بالحصول على مخطوطاتها من البيزنطيين، كانت مواقع هذه الأرصاد بين نيسابور شرقا ودمشق غرباً، وكان الهدف عمل (زيج ممتحن) يمثل إعادة النظر في القوانين المتداولة عند العلماء والمأثورة عن اليونان.
أما القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي فقد عرف عدة أرصاد في منطقة أكبر، استوعيت أيضاً مدن أصفهان والري في إيران والقاهرة في مصر، منها رصد القوهي وأبي الوفاء البوزجاني وعبد الرحمن الصوري والخجندي، ثم ابن يونس الذي أنجز بالقاهرة (الزيج الحاكمي) في عهد الحاكم بأمر الله.
أما في الأندلس:
فقد اهتم عدد من العلماء بالأرصاد، ومنهم مسلمة المجريطي الذي راجع الجداول الفلكية التي أعدها محمد بن موسى الخوارزمي وترجمت إلى اللاتينية نحو سنة 1120 م، وكان تأثيرها كبيراً في الغرب اللاتيني .
لقد وصل إلينا وصف لبناء المراصد الفلكية، كان موقع العمل في المرصد قاعدة كبيرة ومظلمة وبها فتحة صغيرة في السقف، التداريج المرسومة تسمح بقياس ارتفاع الشمس، وتستخدم هذه المراصد آلات رصدية متعددة، وهناك معلومات عن آلات تماثل ما كان معروفاً عند اليونان على النحو الذي سهل عمل مقارنات مع الأرصاد التي وصلت عنهم، وثمة معلومات آلات يبدو أنها من إنجاز الصين وبلاد الشرق الأقصى، وذلك مثل أنابيب الرصد التي ثبت وجودها في الصين منذ القرن السادس الميلادي وعرفتها المراصد في الحضارة الإسلامية، ويبدو أن المسلمين حصلوا عليها من الحضارة الصينية.
وصف ابن سينا (المتوفى 428 هـ/ 1037 م) الآلات المستخدمة في المراصد، وكان تصميم الآلات الرصدية وتطويرها مهمة علمية متخصصة، وعلى سبيل المثال كان مؤيد الدين العرضي (المتوفى 664هـ/ 1266 م) مسؤولاً عن تصميم الآلات في مرصد مراغة، وللعرضي رسالة في كيفية الأرصاد وما يحتاج إلى علمه وعمله من الطرق المؤدية إلى معرفة عودة الكواكب، وهذه الرسالة وصلت إلينا في عدة مخطوطات، تناول الغرضي فيها أدوات المرصد الفلكي في مراغة، وهذه الرسالة مصدر مهم لدراسة الآلات الفلكية في الحضارة الإسلامية حتى القرن الرابع الهجري، وكانت صناعة الآلات الفلكية – وفي مقدمتها الاسطرلاب - معروفة في غرب العالم الإسلامي، وقد وصلت إلينا عدة صور متقنة لاسطرلابات في مخطوطات عربية من أقطار متعددة، بعضها من الأندلس.
شكل (1): صورة من المخطوطات الفلكية الإسلامية
ويتضح أن عناية المشرق الإسلامي بالمراصد كانت كبيرة، كان مرصد أصفهان أول مرصد في وسط آسيا وفي عهد ملك شاه (1072/564 – 1092/485 ) وكان عمر الخيام الذي يعرفه العرب برباعياته ويذكره تاريخ العلم ببحوثه الفلكية أحد علمائه، وكان العمل في المرصد طبقاً لخطة محددة، على أساس علمي، لاحظ العلماء أن دورة كوكب زحل تستغرق ثلاثين عاماً، وأنه الأكثر بعداً عن الأرض، فوضعت خطة الأرصاد لمدة ثلاثين عاماً، وبدأ العمل بقوة.
أما مرصد مراغة فهو المرصد الذي أداره عالم كبير، هو نصير الدين الطوسي (1201/597 - 1274/672) إلى جانب عدد كبير من علماء الفلك ومصممي الآلات الفلكية كان تمويل إنشاء هذا المرصد سنة 1259/657 من أموال الأوقاف، استمر بناء المرصد أربع سنوات، وكان يتكون من منظومة أبنية على مساحة ستة آلاف متر، ضم المرصد مكتبة علمية متخصصة، احتوت نحو أربعين ألف كتاب، ومسبكة لصنع آلات القياس النحاسية.
حشد العرضي - وهو المكلف بالآلات - أفضل ما عرفه العصر من آلات القياس الفلكية، وطورها وأبتكر آلات جديدة، كانت خطة العمل المبدئية للأرصاد لثلاثين عاماً، ولكنها اختصرت إلى اثني عشر عاماً ، هي دورة المشتري، وأهم إنجاز لهذا المرصد هو الزيج الالخاني، وظل المرصد يعمل نحو خمسين عاماً.
وارتبط تاريخه بعلماء: منهم محيي الدين المغربي، وقطب الدين الشيرازي، وكان العلماء الفلكيون الذين عملوا في هذا المرصد كثيرين، وكانت هناك رغبة في جعل هذا المرصد مركزاً عالمياً، فالتقى فيه علماء من الأندلس ومصر وآسيا الصغرى، كما كان به - أيضاً - علماء من الصين يقدمون معارفهم في الطرق الصينية لحساب الأعياد، أشهر هؤلاء العلماء ابن أبي شكر المغربي الأندلسي(*) (المتوفى بعد 680 هـ/1281م) كان قد عاش في مصر، ثم عمل مع نصير الدين الطوسي في المرصد، ذكر له بروكلمان في تاريخ الادب العربي نحو عشرين عنواناً، منها: رسالة عن تقويم أهل الصين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) محيي الدين المغربي الأندلسي (عاش في القرن السابع هـ / 12-13م)
هو أبو الفتح محيي الدين بن محمد بن أبي الشكر المغربي الأندلسي، محيي ملة الدين المغربي، عـالم فلكي اشتهر في القرن السابع الهجري القرنين الثاني والثالث عشر الميلادي.
ولد في قرطبة ثم تنقل في البلاد العربية والإسلامية حيث استقر به المقام في مراغة بأذربيجـان عـمـل محــي الدين في مرصد مراغة، تحت رئاسة نصير الدين الطوسي، وصاحب عدداً من علماء عصره منهم المؤيد العرضي، والفخر المراغي، وقطب الدين الشيرازي، وكمال الدين الفارسي، ونجم الدين القزويني.
كان محيي الدين دقيقاً في أعماله، لذا رأى من الضروري التحقق من النظريات الفلكية التي ورثها من علماء اليونان ومن علماء الهند ومن علماء العرب والمسلمين. وقد قاء ذلك إلى تطوير الإسطرلاب والذي كان من أهم وسائل الرصيد أنذاك فكتب كتاباً آنذاك سماء كتاب تسطيح الإسطرلاب.
وقد درس محيي الدين المغربي كتاب شكل القطاع لنصر الدين الطوسي دراسة متأنية، وكتب كتابـه شكل القطاع الذي يمتاز بأصالة المعلومات التي يتضمنها خاصة فيما يتعلق بالمثلث الكروي القائم الراوية، والتي نال من تأليفه سمعة عظيمة في كل من المشرق والمغرب العربي.
وعندما طلب أبو الفرج غريغوريوس الملطي من محيي الدين المغربي أن يدرس كتاب المجسـطي لبطليموس، ويقدم ملاحظاته عليه، وجد بعد الدراسة الدقيقة أنه من الضروري كتابة كتاب حـول المجـسطي سماء خلاصة المجسطي، وأهدى نسخة منه إلى نصير الدين الطوسي، الذي أحسن تقديرها وأودع النسخة في مكتبة مرصد مراغة، لكي تكون مرجعاً علمياً لطلاب علم الفلك والباحثين، كما نال محيي الدين شهرة في كتابه تاج الأزياج وغنية المحتاج، الذي جمع فيه معلوماته الفلكية والجغرافية، ورتبها ترتيباً تأريخياً فريداً لذا صار كتابه هذا من أهم المصادر للطلاب والباحثين في مجال علم الفلك والجغرافية عبر العصور.
ترك محيي الدين عدداً من المؤلفات والمصنفات في مجال علم الفلك والرياضيات منها:
- أربع مقالات في النجوم
- كتاب عمدة الحساب وغنية الطالب
- كتاب زيج التقويم للكواكب - كتاب كفايات الأحكام على تحويل سني العالم.
- كتاب النجوم.
- كتاب الأحكام في قرانات الكواكب في البروج الأثني عشر.
- كتاب الجامع الصغير في أحكام النجوم.
- كتاب المدخل المفيد في حكم المواليد.
- كتاب مقدمات تتعلق بحركات الكواكب.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|