أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-08
868
التاريخ: 18-2-2022
1673
التاريخ: 6-6-2016
3321
التاريخ: 2023-09-11
665
|
آراء الباحثين والمختصين بخصوص أصل السومريين
يرى طه باقر
أن السومريين هم إحدى الجماعات المنحدرة من بعض الأقوام المحلية في وادي الرافدين في عصور ما قبل التاريخ البعيدة وأنهم عرفوا باسمهم الخاص أي السومريين نسبة الى اسم الإقليم الذي استوطنوه أخيراً في القسم الجنوبي من العراق، أي أن التسمية لاحقة للاستيطان ومشتقة من اسم موضع جغرافي ولا تحمل مدلولاً قومياً، يؤيد هذا أن كثيراً من الأقوام التاريخية التي اشتهرت في وادي الرافدين وأسهمت في تكوين حضارته وأحداث تاريخية سميت بأسم المواضع حلت فيها مثل الأكديين نسبة الى (أكد) أو (أكادة) العاصمة أسسها سرجون الأكدي والبابليين نسبة الى مدينة بابل والآشوريين نسبة الى مدينة أشور على ما يرجح، كما يمكن تتبع أصول الحضارة السومرية الى جذورها الأولى في عصور ما قبل التاريخ مما نوهنا به مراراً، ثم يردف قائلاً: «إن السومريين لم يكونوا أقدم المستوطنين في السهل الرسوبي من جنوبي العراق بل جاوروا أقواماً أخرى وفي مقدمتهم الساميون، وبخلاف ما ذهب اليه البعض من نسبة الأصل الجبلي الخارجي الى المهد الذي نزح منه السومريون، لا نجد في المآثر السومرية وعلى رأس ذلك آدابهم وأساطيرهم وشعائرهم الدينية ما يشير إلى أصل غريب عن بيئة وادي الرافدين الطبيعية، ولا سيما القسم الرسوبي منه بل طابع حضارتهم المميز مشتق من بيئة تهرية ذات أحراش وقصب وتخيل وأثل وطمى وغرين وفيضانات وسهول، إلى غير ما هناك مما سبق أن نوهنا به من أثر البيئة الطبيعية في حضارة وادي الرافدين .
ويؤكد الأستاذ طه باقر :
"ويبدو مما عرضناه من آراء عن أصل السومريين ومهدهم أن ذلك من القضايا التي لم تستطع حلها الدراسات اللغوية والاثارية وأن كل ما قيل ويقال بشأنها مجرد تخمين وافتراضات لا يمكن البرهنة عليه ولا رفضه بوجه قاطع ".
إن رأينا بهذا الخصوص يعتمد على حقيقة عدم وجود أدلة قاطعة يمكن أن تدلنا عن أصل السومريين وزمن استيطانهم جنوبي العراق وكما رأينا من تضارب الآراء حول تلك (المشكلة) والتي يجمع الباحثون المختصون في النهاية، أن ما جاؤوا يتعدى آراءهم الخاصة والتي بلوروها بشكل أو بآخر معتمدين على تخمينات ودلائل معينة، فبعض الباحثين اعتمدوا في إرجاع السومريين الى منطقة عيلام المجاورة على تشابه نمط حياة تلك المنطقتين وتشابه الظروف الطبيعية فيهما بالإضافة الى غرابة لغتيهما عن السامية وكون السومريين والعيلاميين من الأقوام غير السامية والبعض الآخر من الباحثين يعتمد على تشابه طرز الفخار بين تلك المنطقتين في إرجاع أصل السومريين الى الأراضي الإيرانية، بل لم يكتف الباحثون بذلك بل ذهب بعضهم إلى إرجاع أصل السومريين الى هنغاريا وأوروبا الوسطى تاركين لخيالهم الواسع الحكم في هذا المجال الشائك، وحيث إنه لا يوجد دليل على صحة ما جاؤوا به فالمنطق يفترض التفكير السليم في هذا المجال، وبهذا فمن باب أولى أن نفترض أن السومريين هم امتداد لشعب عاش منذ أقدم العصور في وادي الرافدين، وأما ما يعتمد عليه الباحثون في تطور معين إرجاع أصل السومريين الى منطقة ما بعيدة عن وادي الرافدين فنحن نقول: إن كل ما حصل من تطور في جوانب معينة من حضارة وادي الرافدين ما هو إلا عبارة عن معادلة طبيعية معروفة، وهو التطور الحاصل نتيجة التطور الطبيعي البطيء المتواتر للحضارة بشكل عام، فكون أن المعيد على مصطبة يجعلنا نظن أن أصل السومريين يصبح جبلي يكون الأمر مجرد اجتهاد واهم، وكون تشابه طرز الفخار في فترة ما نعتقد رجوع أصل السومريين الى إيران ذلك أيضاً مجرد وهم، وكون وجود أسماء بعض المناطق في الخليج العربي في أساطير السومريين السحيقة في القدم يجعلنا نتخذها كأساس لفرضية قدومهم من مكان ما في آسيا وصلوا الى جنوبي وادي الرافدين عن طريق تلك المناطق الخليجية، ذلك أيضاً لا يخرج عن نطاق التخمين الذي لم يؤخذ به من قبل معظم الباحثين، فكما قال الأستاذ طه باقر والدكتور جورج رو: إن كل ما جاء به السومريون لا يخرج عن وادي الرافدين حتى في العودة الى الدلائل الأنثروبولوجية والآثارية وحتى اللغوية، فكون اللغة غريبة ولا يوجد ما يشابهها في عائلة اللغات المعروفة لا يجعلنا نطلق فرضيات قد تكون مثيرة (للضحك) للغاية لا تليق بمكانة الباحث العلمي الذي يجب أن يعتمد على الدلائل العلمية الرصينة وإن لم تساعده تلك فيجب أن لا يخرج عن المنطق العقلاني الذي ينأى بالباحث عن خياله الواسع الخصب المثير مثل ما فعل د. بندنك بمؤلفه (الأعجوبة السومرية)، فأي اقتراض منطقي هذا الذي يرجع أصل السومريين الى هنغاريا أو الهنود الحمر في أمريكا (وهم في النصف الآخر من الكرة الأرضية) أو الباسفيك لمجرد تشابه ضئيل جدا بين تلك اللغات وإذا فرضنا جدلاً بأنهم جاؤوا من هنغاريا مثلاً فما الذي يجعلهم يجتازون كل تلك المسافة كي يستوطنوا الأهوار تاركين في طريقهم أراض مثلى للعيش فيها، وبهذا فإنه ليس بوسع أي باحث أن يثبت على رأي ما بهذا الخصوص خاصة الباحثين الذين يفترضون أرضاً قاسية المعيشة وهي حصول هجرة ما بعيدة للسومريين جاءت بهم الى جنوبي وادي الرافدين. كما ويجدر بنا أن نفترض المستقبل في ستساعدنا في أن كل ما في الأمر ما هو إلا تطور ما قاد الى تلك الدلائل التي اعتمد عليها الباحثون إرجاع أصل السومريين الى خارج وادي الرافدين، وإن ذلك التطور قد حصل بشكل طبيعي متدرج مما يؤكد أن أصل السومريين هو استيطانهم منذ أقدم العصور في وادي الرافدين وكما جاء به الأستاذ طه باقر والدكتور فاضل عبد الواحد على والدكتور فوزي رشيد والدكتور جورج رو (وبشكل ضمني) الدكتور هاري ساكز، هو نزوح السومريين من منطقة ما في وادي الرافدين، ربما تكون شمالي البلاد نتيجة لتزايد السكان وقلة الموارد بالنسبة الى عدد السكان، وبالنهاية فإن الأمر كله لا يعدو عن كونه مجرد افتراضات تنتظر دليلاً علمياً دامغاً يثبت ما جاءت به من نظريات، وربما التنقيبات التي ستجري في المناطق المعنية هذا المجال، وبالنتيجة فقد عبر الأستاذ الدكتور فرانكفورت عن حال الباحثين وهم يدورون في دائرة مفرغة في هذا الموضوع، عندما قال في معرض حديثه عما يعرف بـ(المشكلة السومرية) قبل أكثر من أربعين عاما :
إن المناقشة المسهبة لمشكلة أصل السومريين يمكن أن تتضح في النهاية أنها مجرد وهم (Chase of Chimera) لا وجود له مطلقا.
_______________
المصدر: وليد محمد الشبيبي ـ بغداد ۱۹۹۳ منتدى مجلة أقلام.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
في مستشفى الكفيل.. نجاح عملية رفع الانزلاقات الغضروفية لمريض أربعيني
|
|
|