فكرة الدولة:

من الأمور المهمة التي يجب على دارس الجغرافيا السياسية أن يبدأ بها دراسة الدولة، هو الهدف و الفرض الأساسي من قيام الدولة The fundamental purpose of a state ، أو ما يعرف بمبرر وجودها؛ والذي يعد أساسا وراء تكوينها، لذا تعد فكرة الدولة عنصر محوري لفهم مراحل بناء منطقة الدولة و ظهورها ككيان سياسي موحد.

وتمثل فكرة الدولة عند برستون جيمس مجموعة من الأهداف التي يوالي لها معظم السكان ويؤمنون بها لدولتهم، وتتسم بديناميكيتها واختلافها من وقت لأخر، لأن الدول تغير وتطور أفكارها المسيطرة على السكان من فترة لأخرى, وتتميز فكرة الدولة بأنها تقوم على الأهداف الغني يعتنقها السكان ويتطلعون بها لدولتهم، والتي تغذي الولاء للدولة والوطن داخل هؤلاء السكان، فهي أساس الوحدة والتماسك داخل الدولة، بمعنى أنها تعد بمثابة الحبل السري الذي يربط السكان بالدولة ويحفظ بقاءها وحياتها.

وعلى العموم كلما كانت فكرة الترابط بين السكان ومنطقة الدولة نابعة من مبررات قوية، فإنها تظل حية في نفوس المواطنين وحافزا لهم على الانصهار في بوتقة الدولة، فحياة الدولة تتوقف إلى حد كبير على مدي إدراك و وعي وإخلاص المواطنين للفكرة والهدف الذي قامت من أجله الدولة.

ويشكل مفهوم هارتشهورن فمما يتعلق بفكرة الدولة سلسلة من خمسة عناصر مترابطة وهي الفئرة السياسية، القرار، الحر، المجال، والساحة السياسية.

وتتمثل الفكرة السياسية political idea في مبرر وجود الدولة أي أن مبرر الوجود يعد جزء من فئرة الدولة ولا يكافئها، أما القرار decision فهو الاتفاقيات التي تقرر تطبيق الفكرة السياسية، والتحرك Movement يتمثل في التدابير المطلوبة لتفعيل القرار وانتاج المجال لا۴16 ، والساحة السياسية political area تمثل إقليم الدولة التي قامت بالفعل حاملة أهداف و أعمال السكان بشأن دولتهم.

تتفق تلك العناصر مع نظرية المجال الموحد لجونز، التي طورها عن نظرية التكامل الإقليمي لهارتشهورن، و يعدها الكثير مدخلا من مداخل البحت لدراسة الدولة في الجغرافيا السياسية، إلا أنه اعتبرها نظرية تمثل فكرة بناء المنطقة السياسية للدولة، بمعنى أنها تمثل مراحل تطور ونشأة الدولة وظهورها على الخريطة السياسية للعالم. لذا يعد مفهوم هارتشهورن أكثر إقناعا ويمثل إطارا عاما يمكن من خلاله دراسة " فكرة الدولة " لكل دولة في العالم من بداية نشأتها وحتى آخر تطوراتها، لأنها تحفظ ديناميكية واختلاف الأفكار التي تسيطر على السكان بشأن دولتهم من فنترة لأخرى علي مدي تاريخها، وتوفر هذه النظرية (فئرة الدولة) إطارا محددا لمعالجة فئرة الدولة في الجغرافيا السياسية.

وتطبيق هذه النظرية ) فكرة الدولة ( بعناصرها على الدولة يحتاج إلى توجه و دراسات تاريخية، تحتاج إلى مرونة في التطبيق حتى لا يحيد الباحث عن الجغرافيا، وعليه لا يستطيع الجغرافي السياسي أن يسقط من اعتباره عنصر الزمن، على الأقل بالنسبة لدراسة عملية بناء منطقة الدولة ) فكرة سياسية، قرار، تحرك، مجال، ساحة ( وكيفية ظهورها على الخريطة الدولية، و قد دعت لذلك لوسيان فيقر بقولها " إن مسألة وجود الدول والأمم القائمة ينبغي أن تكون على رأس الموضوعات التي تعالجها الجغرافيا السياسية التاريخية " )، وفي هذا تأكيد على أهمية فكرة الدولة بعناصرها.