أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-1-2022
1901
المنظمات الدولية- المنظمات الحكومية الدولية- المنظمات الحكومية الدولية العالمية- أهداف الأمم المتحدة
التاريخ: 21-1-2022
1335
التاريخ: 20-11-2020
2156
التاريخ: 18-9-2021
1786
|
المنهج التاريخي
وعن طريقة يتم دراسة تطور الدولة حتى بلغت بناؤها السياسي الحالي، وقد يكون هذا المدخل مفيدا في بعض الحالات الخاصة، فالتحليل التفصيلي للوكسمبرج لابد من تفسير التطور هذه الدوقية، واثر هذا النمو على شكلها الحالي، وعيب هذا المدخل التاريخي هو الخوف من أن يضيع باحث الجغرافية السياسية وسط خضم من الأحداث التاريخية، تبعده عن اتجاهه، ويصبح في هذه الحالة غير مميز عن باحث التاريخ السياسي، والعيب الثاني هو خشية الخروج بأحكام عامة، أو مبادئ نتيجة دراسة حالات خاصة.
إن دراسة مشكلات الماضي في الجغرافيا السياسية تشكل الخلفية التاريخية التي لا غنى عنها لوصل تحليل مشكلات الحاضر بالماضي، لما في ذلك من عبر، خصوصا وأن الحياة أو بالأحرى الحضارة هي سلسلة متواصلة من الاضافات على الماضي المؤدي الى الحاضر - المستقبل. وفي هذه الدراسة التاريخية يتناول البحث تطور نمو الدولة من القلب الى الأطراف، مركزا في الوقت نفسه، على الطرق التي يؤخذ بها لجذب وضم الأقاليم المختلفة وصولا إلى الحدود الحالية. وبالطبع فالظروف الطبيعية والحضارية للمنطقة التي تقع فيها الدولة موضوع البحث تشكل الإطار الجغرافي - التاريخي للتحليل في الماضي هنا، حيث تبرز أهمية علاقات الأرض بالدولة، مثل الجبال والصحاري والمستنقعات والأنهار والبحيرات ودورها الايجابي كحدود طبيعية في حماية الدولة المعنية تجاه الدولة الأخرى أو دورها السلبي الحائل دون تخطي الدولة المعنية لها الى حدود اخري، بالإضافة إلى ذلك هناك بالنسبة للعلاقات بين الأرض والدولة سهولة أو صعوبة الاتصال بين القلب والأطراف في الدولة، حيث يبرز كبير تأثير مركز عاصمة الدولة بالنسبة لباقي الأراضي فيها.
في كل ما ذكرنا يبدو جليا كبير دور الوسط الجغرافي في التطور التاريخي السياسي للدولة ورسمه لمسلسل الجغرافيا السياسية التاريخية فيه، وبالتالي الأخذ بالحتمية الجغرافية والتاريخية في تفسير سير أحداث الماضي، إنما دون إمكانية اسقاطها على سير أحداث الحاضر لتفسيرها، كون التاريخ يعيد نفسه، إنما بأشكال جديدة هي الانعكاس لمضمونها الجديد. هذا المضمون الجديد المتأتي عن تطور قوى الانتاج ) من جراء التطور التكنولوجي والتكتيكي ( وعلاقات الانتاج المنبثقة عنها وما تؤدي اليه من تطور أيديولوجي ينتهي إلى تعبئة الطبقة الاجتماعية ) الطبقة العاملة ( التي تصبح قوة مادية.
ويبدو لنا أن خير مثال لما نحن بصدده هنا هو الدولة اليهودية اليوم في فلسطين، والتي لا يفيد دراسة ماضيها لإضاءة ظروفها الحاضرة وتفسير ما أقدمت عليه من عمل اغتصابي بحق العرب وأراضيهم بل يفيد الديماجوجية والكذب الجيوبولتيكي، الذي هو في مصلحة اليهود والصهيونية وليس في مصلحة العرب، حيث الحق والحقيقة التاريخية والقانونية والانسانية.
وقد كتب الكثيرون فيما مضي أمثال راتزل وكيلن وهوسهوفر عن الدولة ككائن حي والقوانين التي تتحكم في نموها، ورغم التعميم، فعلي سبيل المثال ما هي القوانين المشتركة التي تحكمت في نمو السويد والهند وكوبا؟. فمثل هذا المدخل التاريخي للدولة قد يفيد في تحليل هذه الأقاليم كظاهرات سياسية معاصرة على سطح الأرض.
كما أن المنهج يجرجر الباحث وفق اسلوبه، الى تحقيق درجة من درجات الالتقاء بين حصيلة ونتائج الدراسات الجغرافية والدراسات التاريخية. ومن ثم يكون هذا الالتقاء هو، المنطلق الذي يتوجه منه البحث والدراسة، أو الذي يصنع الشكل والأسلوب، ويتوخى التوافق والتناسق من اجل استنباط جملة من القواعد العامة والأصول، التي تخضع لها السياسة، أو التي تحكم مسالة العرض العام للمشكلات السياسية.
وربما كان اخطر ما يعيب هذا المنهج، هو اللجوء الى وضع واقرار القواعد العامة، التي تكون بمثابة المقاييس والموازين. وما من شك في ان السعي الى تطبيقها لدى دراسة وتعميق المعرفة بكل مشكلة، يوحي بمعنى من معاني الحتم، وبتأكيد العوامل أو الدوافع الثابتة وصولا الى حد القوالب الجامدة. وهذا معناه أن متابعة الدراسة على ضوء هذا المنهج، تسقط من الحساب العوامل المتغيرة، ولا تكاد تحقق المرونة الكاملة أو الانطلاق الحر، في وضع بعض الأمور، التي تمس جوهر المشكلة السياسية في الاعتبار.
وما من شك في أن العوامل المتغيرة مفيدة، وأن المرونة في الدراسة التي تمس السياسة مطلوبة بإلحاح، وليس من المعقول أن تخضع كل مشكلة من المشكلات السياسية لأنماط ومقاييس وقوالب جامدة، تفرضها القواعد العامة المطلقة، بل أنه من الضروري آن توضع في الاعتبار أمورا معينة كثيرة ومحدودة، بالنسبة لكل مشكلة لأن المشكلات قد تتشابه، ولا تكاد تتماثل.
والاعتقاد الجازم ان التماثل بين المشكلات مستحيل، لأن العوامل البشرية المتغيرة، التي تكون عادة ضمن الأبعاد التي تبني وترتكز عليها المشكلات، لا يمكن ان تكون صورة طبق الأصل، ومن ثم يكون الفرق كبيرا بين المشكلات المتشابهة، وافتراض التماثل فيما بينها. وعندئذ لا تكاد تصلح القوالب الجامدة أو القواعد العامة، التي يصنعها المنهج التاريخي لتقييم المشكلات، أو لتقدير ما من شانه أن يكشف الغطاء عن وجهها الحقيقي، أو للغوص وراء الجذور العميقة لها.
ويتناول هذا المنهج الجانب التاريخي للدولة حيث يركز على فهم الماضي التحليل الاحداث الحاضرة، فهو يدرس كيف نشأت الدولة وتطورت، ثم كيف بسطت نفوذها على نطاقها الإقليمي، ثم يتناول بالدراسة حدود الدولة السياسية وكيف وصلت الدولة إلى هذه الحدود من خلال الخرائط التي توضح مراحل نمو الدولة من نواتها عبر التاريخ. ويتطلب اتباع هذا المنهج الإمام الكامل بالمعلومات التاريخية للدولة.
واتباع هذا المنهج ليس ضروريا لكل دراسة في الجغرافية السياسية، لكنه يفيد عند دراسة تطور شغل الدولة لنطاقها الإقليمي، ووصولها إلى حدودها السياسية للوقوف على التغيرات التي طرأت على علاقة الدولة بالأرض على مر الزمن، كما يهتم هذا المنهج بدراسة المعاهدات والاتفاقات التي تبرمها الدولة من وجهة نظر جغرافية، ومدى تأثير هذه المعاهدات على علاقة الدولة بالدول الأخرى.
وقد اتبع كثيرون من الألمان هذا المنهج في دراستهم تأثرا بفكرة راتزل عن الدولة ككائن حي، فصاغوا لها القوانين الجغرافية التي تتبعها لتتوسع وتنمو لتصل إلى الوضع الذي تسعى إليه.
ويركز هذا المنهج على عنصر الزمن كبعد أساسي في دراسته، وذلك بتتبع أثره في تغيير العلاقة بين البيئة والمجتمع، فهو يدور حول الماضي لتفسيره وليس المجرد سرد الأحداث التاريخية ليمكن فهم الأوضاع السياسية الحاضرة، والمشكلات القائمة في ضوء الماضي.
ويتميز هذا المنهج برسم مجموعة من الخرائط التي توضح مراحل نمو الدولة في نطاق الإقليم، فنمو الدولة من النواة ووصولها إلى حدودها السياسية القائمة يحتاج إلى اتباع المنهج التاريخي.
ويتناول هذا المنهج مدى التطابق بين كل من اللاندسكيب الطبيعي والبشري من ناحية، والظاهرات السياسية من ناحية أخرى ليرى إلى أي مدى قد أوجد التاريخ ما كان يجب أن يوجد أو العكس.
وقد اتبع وتلسى Whittlesey هذا المنهج في دراسته لنمو فرنسا وتطورها التاريخي. فقد بدأ بدراسة نمو فرنسا من نواتها الأولى إلى أن وصلت إلى صورتها الحالية مع الربط بين هذا النمو وبين البيئة الطبيعية للإقليم.
والعامل الزمني له تأثيره المهيمن على المكان. وليس ذلك بمعني أن المكان يتغير ولكن علاقات المكان هي التي ينتابها التغيير. فرقعة المعمور قد اختلفت
كثيرا عما كان معروفة منذ الغي سنة. والدول التي كانت موجودة في الماضي قد اختلفت تماما وحلت محلها قوى عالمية جديدة. والاتصالات العالمية والمعارف التكنولوجية مختلفة عما كان في الماضي وخلاصة القول أن انقطاع تاريخي جغرافي سلالي حضاري اقتصادي يفصل ويفرق تاما بين ما كان وما هو حادث في ارض فلسطين الحالية، ولهذا فإن الجغرافيا السياسية لمشكلة فلسطين الحالية يجب أن تركز تماما على وقائع اليوم وعلاقات الاساس والدول داخل الشرق الأوسط وخارجه وارتباط ذلك بالتأثيرات الاقتصادية لكل من العرب و اليهود على المستوي العالمي الاقتصادي ومدى استقطاب الرأي العام العالمي وانحيازه في كل دولة على حدة إلى أحد أطراف الصراع العربي الاسرائيلي من بين عوامل أخرى كثيرة.
والحقيقة أن بعض مؤيدي المنهج التاريخي ينتهون من دراساتهم الى وضع قواعد ومبادئ عامة يخضعون له الدول في نموها وتوسعها. لكن مثل هذه القواعد والمبادئ تشكل اخطر منزلق تنتهي اليه الجغرافية السياسية. ذلك لأنها " تحدد" و "تحتم اتجاهات وميول ومحاور للنمو والتوسع لا تحيد عنها الدولة في نموها، وفوق هذا فإن المبادئ تنمعن الدولة بمراحل لا تحيد عنها كما لو أن العلاقات المكانية والمواقع الجغرافية ثابتة جامدة.
وهذا غير صحيح بالمرة. إن كل شيء يتغير على مر الزمن نتيجة تغير الطاقات البشرية وما يترتب عليه من تغير حقيقي في قيمة المكان وأهمية الموقع الجغرافي, ومن ثم فإن اسقاط هذه القواعد والمبادئ المستمدة من احداث الماضي على حاضر الأمور يؤدي بالحكام والزعماء الذين يلتزمون بها الى اخطاء حياتهم وحياة شعوبهم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|