الطريقة العراقية لمعالجة العقم في الدجاج

إن مشكلة تواجد الدجاج العقيم في قطعان الدجاج البياض (وكذلك في قطعان الأمهات) تعتبر مشكلة كبيرة وتؤدي لخسائر مالية للمربين وكذلك للاقتصاد الوطني لأن مثل هذا الدجاج غير منتج للبيض وهو يستهلك العلف ويشغل موقعا داخل قاعات التربية. هذا بالإضافة إلى أنه يميل عادتا إلى الرقاد (الكرك) وبذلك سوف يحجز مواقع معينة من أعشاش وضع البيض مما يعيق الدجاج المنتج من البيض في هذه المواقع علما إن كل فتحة عش تخصص عادة إلى 65 دجاجات بياضة. إن احتلال مثل هذه الفتحات تعني حرمان بقية دجاج القطيع من البيض فيها وهذا بدوره يزيد من فرص ظهور البيض الأرضي. أي أن الدجاج المنتج للبيض سوف يظهر أحيانا من البيض على الفرشة الارضية (خارج الاعشاش) وهذا ما يعرض البيض للاتساخ والتلوث المايكروبي من جهة وكذلك يعرضه للكسر من جهة أخرى. وقد تتضخم المشكلة عند تعرض مثل هذا البيض للكسر فيجتمع الدجاج لتناوله كوجبة غذائية لذيذة ومفضلة وبذلك قد تتفشى ظاهرة أكل البيض من قبل الدجاج وهي ظاهرة أو عادة صعبة التغلب عليها أحيانا.

مواصفات الدجاج العقيم

عند فحص الدجاج العقيم يلاحظ عليه خفة الوزن وعدم تطور العرف والداليتين (العرف صغير غير نامي) ويبدو عليها اللون الوردي الباهت. وان مقاييس الجسم للدجاج العقيم تؤكد على انه دجاج غير منتج وغير ناضج جنسيا رغم تجاوز العمر المناسب للبلوغ الجنسي (18 اسبوع). حيث يلاحظ ان المسافة بين عظمي الحوض لا تزيد عن إصبع واحد بينما تبلغ هذه المسافة اصبعين في الدجاج البياض العالي الانتاج. كذلك يلاحظ بان المسافة بين عظمي الحوض وعظم القص قصيرة لا تتعدى الأصبعين بينما تبلغ هذه المسافة 4-3 اصابع في الدجاج العالي الانتاج. وعند تشريح الدجاج العقيم يلاحظ بان المبيض صغير جدا وغير متطور ويبدو ككتلة من بيوض صغيرة بيضاء اللون فوق الكليتين. اما قناة البيض (Oviduct) فتبدو كأنبوب رفيع لا يزيد طوله عن 8 سنتمتر ووزنها عن 10 غرامات بينما يبلغ طول هذه القناة في الدجاج المنتج للبيض حوالي 67 سنتمترا ووزنها حوالي 77 غرام. ومن المدهش بان معظم الدجاج العقيم يلاحظ بانه راقد (كرك) رغم أنه لم ينتج أي بيضة سابقا.

محاولات معالجة الدجاج العقيم

لا توجد في الكتب والابحاث والمصادر العلمية أي طريقة لمعالجة الدجاج العقيم بل يكتفي المختصين بالتوصية بضرورة عزل او نبذ (Culling) الدجاج الغير المنتج في بداية الفترة الانتاجية ويؤكدون على ضرورة عزل 5-10 % من مجموع دجاج القطيع لأن بقائه غير مجدي ويؤدي لخسائر اقتصادية دون اي مردود مالي مرتجي منه. ويؤكد المختصين ايضا على ضرورة اتباع برنامج غذائي وبرنامج ضوئي مناسب خلال فترة الرعاية (Rearing period) يضمن ايصال القطيع للبلوغ الجنسي بعمر ووزن مناسب وعلى نسبة تجانس (Uniformity) عالية بين أفراد القطيع.

بالحقول الانتاجية جربت عدة طرق لعلاج مثل هذا الدجاج ففي احدى المشاريع تم عزله في قاعة واحدة وجهز بعلائق غنية بالبروتين والطاقة وعرض للإضاءة المستمرة (24 ساعة باليوم) مع امداده بالمزيد من الفيتامينات والمعادن مع العلف والماء الا أن المحاولة لم تنجح. كذلك جربت عملية تغطيس الدجاج الراقد بالماء يوميا ولمدة 4 ايام متتالية وعزله في اماكن خالية من الاعشاش وبدون فرشة مع توفير التهوية القوية ولم تنجح المحاولة ايضا. فبالرغم من أن بعض الدجاج قد خرج من مرحلة الكرك (الرقاد) الا انه لم يتحول الى دجاج منتج للبيض مطلقا. بعد ذلك لجات الى الطب العربي القديم ولاحظت ان معظم المعالجات الريفية تركز على ازالة الغدة الزمكية (التي يطلق عليها بالعامية اسم الندبة) وعلى كوي حراري لمنطقة الراس مع ازالة الريش الطويل لمنطقة الذيل. لذلك قررت جمع هذه المعالجات الثلاثة بعملية واحدة حيث تزال الغدة الزمكية ويكوي الراس ويزال ريش الذيل فكانت النتيجة مدهشة حيث تحول الدجاج العقيم الى دجاج منتج وعالي الانتاج من البيض خلال فترة قصيرة.

الغدة الزمكية

تقع هذه الغدة عند قاعدة الذيل وفوق العضلات الرافعة لمؤخرة العجز. وتعتبر الغدة الزمكية (Uropygical gland) الغدة الوحيدة الموجودة على جلد الطيور وتعرف أيضا باسم الغدة الدهنية او الهندامية (Oil or preen gland) وسبب تسميتها بالغدة الدهنية لأنها تحتوي على سائل دهني مسؤول عن ترطيب ريش الذيل او اعطائه رونقا جميلا ولماعا ولهذا ايضا يطلق عليها اسم الغدة الهندامية ومن الناحية البنائية تعتبر هذه الغدة تركيبا نسيجيا مركبا وهي مركبة من فصين مرتبطين سويتا بنسيج ضام. وينتهي كل فص بقناة تفتح فوق حليمة زكمية مبتورة يعلوها حلقة ريشية وتعمل قناة كل فص على تفريغ التجويف المركزي من السائل الافرازي الزيتي. فعندما يريد الطير ان يتهندم فانه يدير راسه للوراء ويضغط بمنقاره على جانب الحلمة ويسحب الريشة الموجودة في قمتها وبذلك ينساب السائل الافرازي نحو المنقار. وفي الطيور المائية يكون هذا الافراز ضروريا لغرض حفظ الريش ومنع تبلله بالماء. ولقد اوضح الباحث خماس وجماعته 1990 بان افرازات الغدة الزمكية تحتوي على بعض الخمائر (Enzymes) المهمة في ايض الشحوم (Lipid metabolism) مثل خميرة حامض الفوسفاتيز (acid phosphatase). وكذلك قد تم التحقق من وجود خميرة (17-B hydroxysteriod dehydrogenase) في ظهارة الغدة الزمكية ولهذا يعتقد ايضا بان هذه الغدة مهمة في انتاج فيتامين D.

طريقة اجراء العملية على الدجاج العقيم

تنفذ عملية ازالة الغدة الزمكية لتحويل الدجاج العقيم الغير منتج للبيض الى دجاج بياض عالي الانتاج وفق الخطوات التالية:

• يعزل الدجاج العقيم من داخل قاعات التربية ويتم تمييزه وفق العلامات المعروفة مثل صفة الوزن وعدم تطور العرف والداليتين والمسافة بين عظمي الحوض وكذلك المسافة بين عظمي الحوض وعظم القص.

• ينقل الدجاج الى قاعة معزولة وتتم عملية ازالة الريش الطويل من منطقة الذيل مع ازالة الريش الناعم الموجود حول الغدة.

• تزال الغدة الزمكية بواسطة شفرة حادة ومعقمة وبذلك تنساب الافرازات الدهنية الموجودة داخلها.

• تكوي المنطقة بقطعة حديد مسخنة لغاية درجة الاحمرار.

• يتم كوي منطقة الراس بالقرب من الحافة الداخلية للعرف.

• لا يرجع الدجاج العقيم الى قاعات التربية الا بعد التأكد من تحوله الى دجاج منتج للبيض.

طريقة تنفيذ التجربة ميدانيا في الحقول

لقد تم عزل 1200 دجاجة عقيمة في أربع مواقع من مشاريع القطاع الخاص في كل مشروع دواجن اليوسفية الصويرة والتاجي والنهروان وبواقع 300 دجاجة عقيمة لكل مشروع. وكان جميع الدجاج من سلالة ايسار (Isa Brown) وبعمر يتراوح بين 6-7 أشهر. ربي الدجاج المعزول لمدة اسبوع قبل موعد اجراء العملية للتأكد من ان كل الدجاج عقيم ولا يقوم بإنتاج اي بيضة (نسبة الانتاج صفر). بعد أن تم اجراء العملية على الدجاج العقيم وفق الخطوات المشار لها سابقا وخضعت القطعان الأربعة للمراقبة لمدة خمسة أسابيع بعد موعد اجراء العملية لأجل تسجيل الملاحظات والتغيرات التي ستطرأ على شكل الدجاج ومقاييسه الجسمية وبالتالي لأجل تسجيل نسب انتاج البيض. حسبت نسبة انتاج البيض اسبوعيا تبعا لعدد الدجاج في يوم الحساب (production Hen Day) وذلك تبعا لما أورده الباحثين ناجي والعطار 1985. غذي الدجاج على علائق تجارية للدجاج البياض تحتوي على 18% بروتين و 2800 كيلو سعرة من الطاقة ممثلة. ولقد عرضت القطعان الأربعة لنفس النظام الضوئي المتبع في قاعات التربية (17 ساعة ضوء باليوم).

النتائج والمناقشة

ان اول ما يلفت النظر على الدجاج الذي اجريت عليه العملية هو التغير السريع الذي يطرا على شكله ومقاييسه الجسدية. فبعد مرور ثلاثة أيام من موعد اجراء العملية يبدا الوجه بالاحمرار ويبدأ العرف والداليتين بالنمو. وبنهاية الاسبوع الاول يبدو جميع الدجاج متورد الوجه ويتكامل التغير خلال الاسبوع الثاني.

يبدا انتاج البيض في مطلع الأسبوع الثاني ولكنه يزداد يوميا وبشكل سريع جدا حتى يتعدى نسبة 90% بعد مرور خمسة اسابيع من موعد اجراء العملية وكما هو موضح بالجدول رقم (۱). ويلاحظ من الجدول المذكور أن نسبة انتاج البيض كانت صفرا بالأسبوع الأول. وارتفعت نسب الانتاج في الحقول الأربعة من 6% بالأسبوع الثاني الى 49.8% بالأسبوع الثالث و 89.8% بالأسبوع الرابع ووصل معدل نسب انتاج البيض للحقول الأربعة الى 93٫6% في الأسبوع الخامس بعد موعد اجراء العملية للدجاج العقيم.

لا يوجد تعليل علمي دقيق لتفسير هذا التغير الهائل الذي يطرا على الدجاج العقيم بعد اجراء عملية ازالة الغدة الزمكية وذلك بسبب شحة المصادر العلمية والابحاث المتعلقة بهذا الأسبوع. ومع ذلك فمن المعتقد بان ازالة الغدة الزمكية واتلاف خلاياها بعملية الكوي سيعمل على استبقاء الخمائر (الانزيمات) المهمة في ايض الشحوم وكذلك الحوامض الدهنية المهمة لصنع البروستوكلاندينات (Prostoglandines) في داخل الدورة الدموية ومنع تمركزها وانجذابها الى داخل الغدة الزمكية والتي يلاحظ عليها التضخم في الدجاج العقيم. وأن مجمل هذه العملية ستؤدي الى تحفيز الغدة النخامية على افراز الهرمونات المحفزة للقند (الغدد الجنسية) مثل الهرمون المحفز.

لنمو الجريبات المبيضية Folical Stimulating Hormon) FSH) وهرمون التبويض Leutinizing Hormon) LH) وبذلك سوف يتحفز نمو البيض وسيقوم بدوره بإفراز الهرمونات الجنسية مثل هرمون الاستروجين وهرمون الاندروجين. فالهرمون الأول سيقوم بتغيير مقاسات الجسم للدجاج حيث يوسع المسافة بين عظام الحوض ويوسع المسافة بين عظام الحوض وعظم القص. ويقوم الهرمون الثاني (الاندروجين) بتحفيز نمو العرف وتورده في الدجاج وبذلك يتكامل الجهاز التناسلي ويتهيأ جسم الدجاجة العقيمة لإنتاج البيض. مع ذلك فان الاجابة المحددة عن سبب هذه التغيرات بانتظار بحوث ودراسات اخرى نأمل أن نقوم بها مع الاخرين ولنفتح امام العلم مجال بحثي جديد حول أهمية هذه الغدة وتحديد وظيفتها وفعاليتها.

الجدول رقم (1) نسبة انتاج البيض الاسبوعي محسوب على أساس H.D لأربعة حقول للقطاع الخاص خلال الأسابيع الخمسة التي اعقبت موعد اجراء العملية على الدجاج العقيم.

* نفذت العملية على الدجاج العقيم في حقول واقعة في كل من منطقة اليوسفية والتاجي والنهروان والصويرة في ضواحي مدينة بغداد. ضم كل حقل 300 دجاجة عقيمة نفذت عليها العملية.

تأثير العملية في الصفات الفسلجية للدجاج

لدراسة تأثير العملية في الصفات الفسلجية فقد تم جمع 20 عينة دم من الحقول قبل 6 اسابيع وبعد 6 أسابيع من موعد اجراء العملية لدراسة التغيرات الحاصلة في صفات الدم اشارت النتائج إلى أن عملية استئصال الغدة الزمكية ادت الى ارتفاع عالي المعنوية في عدد كريات الدم الحمر وحجم كريات الدم المرصوصة وتركيز الهيموكلوبين وعدد الصفيحات الدموية في حين لم يكن لها تأثير معنوي في عدد كريات الدم البيضاء من ناحية ثانية أن عملية الاستئصال أدت إلى انخفاض عالي المعنوية بنسبة خلايا النتروفيل الى الخلايا اللمفية وتركيز حامض البوليك والكلوكوز في حين ارتفع تركيز البروتين والكولسترول بصورة معنوية.

جدول 2 تأثير استئصال الغدة الزمكية في عدد كريات الدم الحمراء، حجم كريات الدم المرصوصة، تركيز الهيموكلوبين، عدد كريات الدم البيض ونسبة H/L للدجاج البياض.

جدول 3 تأثير استئصال الغدة الزمكية في عدد الصفيحات الدموية، تركيز الكلوكوز، تركيز حامض البوليك، تركيز البروتين وتركيز الكولسترول في الدجاج البياض.