أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-1-2022
1303
التاريخ: 18-1-2022
1499
التاريخ: 25-7-2019
1954
التاريخ: 3-9-2020
2874
|
لا تستطيع الحياة الاقتصادية في بلد صناعي كبير أن تعمل بشكل سليم بدون نظام مكثف وسريع للاتصال الجماهيري. وعندما نفكر في مدى الاتساع القارئ للولايات المتحدة الأمريكية حيث يزيد عرضها على ٣٠٠٠ ميل ، وتغطى ساحتها نوعيات عديدة من الأراضي والسكان والأحوال المعيشية ، فإننا تكتشف الارتفاع الملحوظ في درجة الالتحام الاقتصادي. إن سكان الصحارى في أريزونا يقودون نفس نوعيات السيارات ويلبسون نفى طرازات الأحذية ، ويتناولون نفس نوعيات طعام الإفطار ، تماما مثل أقرانهم الأمريكيين في نيو إنجلند الباردة ، وهم يفعلون ذلك بسبب عاملين رئيسيين في الحياة الأمريكية المعاصرة هما وسائل نقل جيدة لتحريك البضائع من المصنع ، ونظام متقدم جذا للإعلان والتسويق .
ويتحتم على دارسي الاتصال الجماهيري أن يكونوا على وعي بدور وتأثير الاعلان . وقد ذكرنا من قبل ثلاث وظائف لعمليات الاتصال وهي إبلاغ ، وتحفيز ، وإقناع الجمهور . ويؤدي الإعلان هذه الوظائف الثلاثة ، لأنه يبلغ القراء والمستمعين ما يتعلق بالمنتجات التي يعرضها الصانع والتاجر للبيع ، ويحفزهم بإثارة رغيتهم في اقتناء هذه السلع. وعندما يكون الإعلان ناجحا فإنه يقنعهم بضرورة شراء السبع بأسرع ما يمكن او بمجرد حاجتهم إليها .
ومنذ تأسيس الولايات المتحدة عاش الأمريكيون حياة اقتصاد الوفرة ، فيما عدا فترات قليلة من الهبوط . ومع تزايد عدد السكان وتوجههم غربا ، برزت الحاجة إلى البضائع والخدمات بشكل تلقائي . ولكن النمو السكاني غير كاف وحده لتحقيق نمو المشروعات الصناعية والتوسع الاقتصادي إذا لم يتعلم الأمريكيون الحاجة إلى منتجات هذه المصانع . وتؤدي رغبتهم في اقتناء المنتجات الجديدة وحرصهم الواضح على شرائها إلى تشجيع المنتجين على تطوير إنتاج سلع جديدة جذابة . وفيما عدا استثناءات قليلة فإن الشركات التي تصرف الأموال للإعلان عن بضائعها ، تكبر وتحقق ربحا أكثر من منافستها التي لا تفعل ذلك ، وقد وصل هذا الدرس إلى البيوت بإحكام لدرجة أن ممارسة الأعمال الحديثة أصبحت تقود معظم الشركات الناجحة إلى تخصيص نسبة مئوية محددة من إيراداتها للصرف على الإعلان ، وأصبحت ميزانية الإعلان ضرورية لإدارة العمليات المالية للشركات تماتا مثل الأموال المخصصة للأجور ، وتكاليف تشغيل المصنع ، وتوزيع المنتجات.
ولسنا نبالغ في شيء إذا قلنا أن الإعلان يلعب دورا رئيسا في رفع مستوى الحياة الأمريكية بشكل راسخ، وهو المستوى الذي ارتفع الآن إلى أقصى درجة يمكن أن يصل إليها في اية دولة أخرى على مدى التاريخ . ولا يمكن لأى استثمار اقتصادي حر مثل اقتصادنا أن يبقى بدون إعلان .
أما من وجهة نظر المستهلك فإن الإعلان المتنافس للشركات المتنافسة يوسع أمامه نطاق الاختيار ويوفر له الوقت والمال ، فهو يستطيع عن طريق قراءته أو نظرته إلى الإعلان عن السيارات الجديدة أن يعرف المعالم الجديدة التي يقدمها كل طراز من السيارات . وأن يشاهد الصور الفوتوغرافية الملونة لتصميمات الهيكل . وإذا كانت ميوله الشخصية وتأثيرات جماعته الاجتماعية قد اعطته فكرة عابرة وغير محددة عن بيع سيارته القديمة هذا العام وشراء سيارة جديدة ، فإن الإعلان يدفعه إلى التنفيذ . فيقوم بزيارة معارض السيارات التي تجتذبه أكثر من غيرها ، كما أن الفرص المناسبة ستجعله يعود إلى منزله وفي جيبه عقد الشراء.
وعلى نطاق أصغر ، نلاحظ وضوح الأهمية المالية للإعلان في الحياة اليومية إذا راقبتا إحدى ربات البيوت وهي تقرأ اعلانات البقالة في جريدتها ، فتقوم اعداد قائمة مشتريات العطلة الأسبوعية من هذه الإعلانات حيث تجد أحد محلات السوبر ماركت يعرض سعرا خاصا للصابون بينما يقدم محل آخر قريب تخفيفا لأسعار اللحم المعد للشواء . وقررت أن تمضي أولا إلى المحل الذي يعرض اللحوم ، ولكنها قد تمر أيضا على المحل الذي يقدم سعرا خاصا للصابون . ولو لا الإعلانات فإن ربة المنزل لم تكن لتجد هذه التخفيضات إلا بعد بحث مطول بين رفوف المحلات إذا توفر لها الوقت ، أو أما لم تكن لتعثر عليها فتدفع ثمن اللحم كاملا بأحد الأسواق الأخرى الثابتة الأسعار - إما تستطيع عن طريق فحص الاعلانات أن تتسوق بسرعة وبفاعلية مع توفير حقيقي للمال .
كيف يستفيد المحل إذا صرف المال على الإعلان لاجتذاب الزبون الذي يشتري البضائع بأسعار مخفضة مما يؤدي إلى الإقلال من هامش الريح بالنسبة لهذه الأصناف ؟ إن الإجابة على هذا السؤال تتضمن سر الاعلان عن الأسعار ، لأن ربة المنزل توفر المال بالنسبة للأصناف المعلن عنها ولكنها تكون قد انجذبت إلى المحل حيث تقع تحت إغراء شراء أصناف إضافية لم تكن تريدها فتشتريها أيضا . ويخلق الإعلان حركة للزبائن في السوق ، ومن بدعيات التجارة أنه كلما زادت الحركة في المحل كلما زادت المبيعات ، وهذه المبيعات الإضافية تتجاوز الاحتياجات الطبيعية التي تساعد على بناء اقتصادنا المزدهر .
وينقسم الإعلان في الولايات المتحدة إلى نوعين ، قومي ومحلي ، ويستخدم الإعلان القومي بمعرفة أرباب الصناعات لإبلاغ الجمهور على مستوى الدولة كلها ، أو أكبر عدد منه في أحد الأقاليم عن مميزات منتجاتهم . وفي بعض الأحيان تكرس إحدى الشركات حاجتها الإعلانية لخلق صورة لنفسها في عقول الجماهير مما يؤكد الثقة بها ، أو إقامة المودة معها ، أو خدمتها للجمهور أفضل من الاعتماد على بث رسالة مباشرة عن بيع منتجاتها . وهذا هو ما يطلق عليه اسم " إعلان المؤسسات " الذي لا يمكن قياس نتائجه المباشرة على خريطة المبيعات . وتستخدم الهيئات الكبرى كذلك إعلان المؤسسات لاجتذاب الرأي العام نحو الشؤون المتعلقة بسياسات الاقتصاد القومي ذات الأهمية للناس . ويستخدم المعلنون القوميون التليفزيون والمجلات والجرائد والإذاعة لتكثيف إعلاناتهم . ويتم وضع الحملات الإعلانية بمعرفة الوكالات الإعلانية الضخمة التي تنتشر مكاتبها الرئاسية على طول شارع ماديسون في مدينة نيويورك وتكسب هذه الوكالات أموالها أساسيا بالحصول على نسبة من الثمن الذى تحدده وسائل الاتصال للمساحة أو الفترة الإعلانية .
أما الإعلان المحل فهو الذي ينشره التجار في جرائد مدنهم الصغيرة ومحطاتها التليفزيونية والإذاعية وهو يوجه إلى جهور محدد وسهل الاستيعاب . ونادرا ما يظهر الإعلان المحل في المجلات لأن مثل هذه المدن لا يصل إليها إلا القليل من الدوريات ذات التوزع الذي يكفي لتغطية مدينة واحدة ، أما المتاجر المتعددة الفروع فإنها تستخدم البريد المباشر لتوزع مئات الآلاف من الإعلانات التي تسمى (البريديات Mailers) بكميات ضخمة - وأحيانا تطبع هذه الإعلانات المتعددة الصفحات بالجرائد في نفس الوقت . وما دامت الوظيفة الرئيسية للإعلان القومي هي عرض المنتجات على جمهور كبير مع إثارة رغبته في الشر ، فإن الإعلان المحلى يهتم كثيرا بالبيع المباشر الذي يعتمد على الدفع الفوري . ويركز الإعلان المحلى على الأسعار ؛ لأن السعر الجذاب هو الحافز الذى يحول الزبون المستعد من الاهتمام إلى الفعل .
ويعرض صانع السيارات طرازاته الجديدة في الخريف ، من خلال برنامج تليفزيوني تقدمه شبكة قومية واسعة الانتشار ، ويستضيف فيه الشخصيات المعروفة في مجال الترفيه مع لقطات ساحرة للسيارات المحاطة بالفتيات الجميلات . وهذا هو المدخل القومي . وبعد ذلك بعدة أيام يقوم تاجر السيارات في المدينة الصغيرة بشراء فترة زمنية في محطة تليفزيون مدينته الصغيرة ، ويظهر على الشاشة وهو يربت بإعجاب على حاجز صدام طراز جديد ، ويقول لكل مشاهد ٠ تستطيع أن تمتلك هذه السيارة مقابل ٥٠٠ دولار نقذا . تعال وشاهدها مساء اليوم ومعرضنا مفتوح حتى الساعة التاسعة مساء" . وهذه هي المتابعة المحلية.
وقد ينشر أحد المحلات إعلانا من نصف صفحة في جريدة محلية لمجرد الإعلان عن تخفيض في أسعار الجوارب الحريمي النايلون ، وهو يعلم أن التكلفة مربحة إذا كان الاعلان جذابا بما يكفى لجذب حشد غفير من النساء إلى داخل المحل . ومع أن الصنف المختار قليل الثمن إلا أن معظم النساء يعتبرونه ضروريا ، وغالبا ما تشتد الحاجة إليه . وعلى ذلك فإن الآلاف من القارئات اللائي يحسبن عميلات محتملات يهرعن تلقائيا إلى مثل هذا الأوكازيون، إذا كان الإعلان جذابا بما فيه الكفاية .
ويستطيع مدير المحل في نهاية اليوم أن يحسب بالضبط عدد أزواج الجوارب التي بيعت ثم يقارن ذلك بمبيعات يوم عادي . وبذلك يستطع أن يقيس درجة جاذبية إعلانه.
وعلى أية حال فقد يكون سعر الصنف شديد الانخفاض بحيث إن إضافة فكلفة الإعلان إليه تجعل المحل خاسرا في الأوكازيون الذي أقيم بالنسبة لصنف الجوارب الحريمي ومع ذلك فإن المغامرة تعتبر ناجحة إذا نظرنا إلى نسبة الزيادة في المبيعات الإضافية للمحل من البضائع التي كانت موجودة حينذاك ولم يعلن عن تخفيض أسعارها.
وهكذا ، فإن وسائل الاتصال الجماهيري تلعب دورا أساسيا في رواج العمل بالبلاد على كلا المستويين القومي والمحل للإنتاج والمبيعات وذلك بتقديمها وسائل نشر الرسائل الإعلانية . وهي تأخذ طرق أخرى في تشكيل النسيج الاقتصادي للبلد. إنها تقدم لجموع الناس من قادة الصناعة حتى العمال المعلومات الضرورية التي يعتمدون عليها في اتخاذ قراراتهم المتعلقة بالعمل أو الشخصية ٠ وهى تساعد الجمهور على الكشف عن مواقفه حيال الأمور الخاصة بسياسة الاقتصاد القومي ، كما تعمل كوسيلة لقياس الرأي العام حول الأعمال ، والعمالة ، والزراعة ، وغير ذلك من عناصر المجتمع . ولو لا سرعة وفعالية وسائل الاتصال الجماهيري ، فإن بلدا مثل هذا البلد الذي تعتمد عناصره وجماهيره على بعضها البعض ، قد يسقط سريعا في براثن الفوضى الاقتصادية والاجتماعية.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|