أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-10-2021
2738
التاريخ: 1-4-2022
1379
التاريخ: 11-4-2016
1764
التاريخ: 10-4-2016
2558
|
لا بد من ان يكون للقانون غاية او هدف معين ، بوصفها الباعث على وجوده والتي تبين حدوده وتوضح كيفية تفسيره وطريقة تطبيقه ، فتتخذ فكرة الاستقرار من كفاية القاعدة القانونية قواماً لها ، ومتى ما كانت هذه القاعدة كافية لحكم الرابطة القانونية تهيأ لها الاستقرار عن طريق اعتماد الاشخاص عليها ، وهو امر ضروري جداً في مجتمع سريع التطور ، حيث يكون الاعتماد على كفاية القاعدة القانونية من اهم الوسائل لضمان حقوق الاشخاص وحماية مصالحهم ، فضلاً عن ان كفاية هذه القاعدة يعد اداة فعالة لضمان تنفيذ الالتزامات ، التي يفرضها القانون ، والاحكام التي تصدرها المحاكم (1).
ونتناول في هذا الموضوع معنى القاعدة القانونية وصفاتها ، ومعنى استقرار القاعدة القانونية ، فضلا عن اوجه التشابه والاختلاف بين استقرار المعاملات المالية واستقرار القاعدة القانونية ، وهو ما سيكون مضمون الفروع الثلاثة الاتية .
الفرع الاول
معنى القاعدة القانونية وصفاتها
تعرف القاعدة القانونية بانها مجموعة من المبادئ تنظم وضعاً قانونياً معيناً يتناول حقاً معيناً او ممارسة لحق بصورة تضمن حسن وسلامة استعمال هذا الحق ، وتنبع القاعدة القانونية من صميم الحياة الانسانية والاجتماعية وتهدف الى المحافظة على هذه الحياة عبر تحقيق العدالة في التعامل (2) .
وان المصدر الرئيس للقاعدة القانونية هو النص القانوني الصادر عن السلطة التشريعية والذي يعرف بالقانون ، ويتصف هذا القانون بالعمومية والتجريد وبكونه لا يتغير بسهولة ، فالطابع الدائم هو الملاصق لطبيعته ، وان تطبيقه على الوقائع التي هي بطبيعتها متغيرة مع الزمان والمكان والاشخاص ، لذا يستلزم احياناً ، اما تفسير النص بصورة تجعله يلائم الوقائع المستحدثة المعروضة امام القضاء ، او اللجوء الى العرف لا عطاء النص بعده العملي (3).
وكون القاعدة القانونية تتسم بالعمومية والتجريد ، من شأنه ان يحقق لها الاستقرار القانوني ، ويعد امراً ضرورياً ومهماً في المجتمعات التي تتسم بسرعة التطور ولاسيما في العصر الحديث ، اذ يكون الاعتماد على كفاية القاعدة القانونية من اهم الوسائل لضمان حقوق الاشخاص وحرياتهم ومصالحهم ، وكذلك فان كفاية القاعدة القانونية اداة فعالة لضمان الالتزامات التي يفرضها القانون والاحكام التي تصدرها السلطات القضائية (4) .
وتتصف القاعدة القانونية باستقرارها واستمرارها طالما ان المشرع لم يعدلها او يلغها ، فالاستقرار والاستمرار يؤمنان انتظام العلاقات القانونية وثبات الاسس التي يقوم عليها تعامل الاشخاص ، فاستقرار القاعدة القانونية ينعكس على المجتمع ليولد استقرار التعامل بين الاشخاص ، وهذا هو هدف القاعدة القانونية (5).
ويسعى القاضي الى تحقيق العدالة بين المتخاصمين بعد مقارنة الحقائق مقارنة عقلية ومنطقية ، وهذه المقارنة تخلق السابقة القضائية (6).
وان تكريس القضاء للقاعدة القانونية واعتماده لها واستقراره على اعمالها ، عند فصله في المنازعات المعروضة امامه ، لا يفيد فقط طرفي النزاع ، وانما عموم اشخاص المجتمع الذي سينظم علاقاته مع الآخرين في ضوء ما تقرره المحاكم من مبادئ وقواعد قانونية (7) . ويرى البعض ان المبدأ القضائي المتضمن للسابقة القضائية والصادر من المحكمة العليا يكون واجب الاتباع من المحاكم الدنيا ما لم يعدل او يلغى بقرار جديد من المحكمة العليا (8) . وعلى الرغم من اهمية هذا الرأي واثره في تحقيق استقرار المعاملات ، الا اننا نعتقد عدم امكان اعماله في القضاء العراقي لا نه لا يأخذ بالسوابق القضائية .
الفرع الثاني
معنى استقرار القاعدة القانونية
ان منع كل فرد من اقتضاء حقه بنفسه بالقوة ، وهو الاسلوب الذي كان سائداً في العصر البدائي ، فيستتب الامن عندما ، يكف الاشخاص عن اللجوء الى العنف في سبيل الحصول على حقوقهم ، يلجئون الى السلطات العامة للفصل فيما ينشأ بينهم من منازعات ، وببلوغ هذا الهدف فان المشرع لا يترك للقاضي تنظيم العلاقات بين الاشخاص حسب كل حالة على حده ، بل يضع قاعدة عامة تنظم بها حالة نموذجية تندرج تحتها كل الحالات التي تتفق في الطبيعة والنوع مع تلك الحالة النموذجية (9).
وتعني فكرة استقرار القاعدة القانونية ( الامن القانوني ) ضرورة التزام السلطات العامة بتحقيق قدر من الثبات النسبي للعلاقات القانونية ، وحد ادنى من الاستقرار للمراكز القانونية المختلفة ، بهدف اشاعة الامن والطمأنينة بين اطراف العلاقات القانونية من اشخاص قانونية عامة وخاصة ، بحيث يتمكن هؤلاء الاشخاص من التصرف باطمئنان وترتيب اوضاعهم ، على ضوء القواعد والانظمة القانونية القائمة وقت قيامها بأعمالها ، دون التعرض لمفاجأة او تصرفات مباغتة صادرة عن السلطات العامة يكون من شأنها زعزعة هذه الطمأنينة او العصف بهذا الاستقرار ، كأن تقرر السلطات العامة تطبيق قواعد قانونية جديدة بأثر رجعي ، او تقرر المساس بالحقوق المكتسبة للافراد التي استمدوها بطريق مشروعة من القوانين القائمة (10) . ويحدد القانون في النظام القانوني اولاً واخيراً الاثار التي تترتب على مسلك معين بحيث يكون في مقدور كل شخص ان يدرك سلفاً نتائج اعماله (11) .
ويقصد بالاستقرار القانوني او استقرار القاعدة القانونية ان يكون القانون محدداً ومنضبطاً ، ولا يترك فرصة لتعدد الاراء ، ولا يتغير بصورة مفاجئة او على فترات قريبة ، او هو استمرار الحجة للقاعدة القانونية بصفة دائمة بحيث تظل القاعدة القانونية ملزمة للناس كافة في كل مكان وزمان (12).
ويمثل الاستقرار القانوني القاعدة القانونية الجامدة والتي تعرف بانها " قاعدة ذات صياغة ثابتة المضمون وغالباً ما تكون كمية ، لا تتغير ولا تتبدل الا بإرادة المشرع ، وهي تحول دون وجود سلطة تقديرية للقاضي سواء بصورة مطلقة ام بصورة نسبية " ، وان اللجوء الى الصياغة الجامدة يكون لتأكيد الافضلية ، اذ ستحسم دقائق وتفصيلات المشاكل العملية ، فيستقر التعامل ويطمئن الاشخاص (13).
ولكي لا يؤدي الامن القانوني الى جمود القواعد والانظمة القانونية ، عبر تقييد السلطات العامة عن التدخل والقيام بالإصلاحات التشريعية والادارية التي تفرضها المصلحة العامة ، فأن سياسة التشريع التي تطبقها السلطة التشريعية في القوانين التي تسنها ، يجب ان تحقق التوازن والموائمة بين اعتبارين ، اولهما قابلية الحياة القانونية للتطور والتغير في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها ، ، وثانيهما حق الاشخاص في الاعتماد على قدر كاف من وضوح القواعد القانونية والتزام جميع السلطات العامة التشريعية والتنفيذية والقضائية ، بضمان الثبات النسبي والاستقرار للمراكز القانونية لهؤلاء الاشخاص واحترام حقوقهم المكتسبة وتوقعاتهم المشروعة المبنية على اسس موضوعية مستمدة من الانظمة القانونية المعلنة رسمياً من السلطات العامة (14).
وتعمل النظم القانونية الوضعية على بلوغ قمة الاستقرار القانوني لما تحققه من نتائج مهمة في البناء القانوني ذلك ان الاستقرار القانوني يعمل على تحقيق النظام والتوازن في المراكز القانونية داخل المجتمع فيسود النظام واليقين في العلاقات ، كما ان الاستقرار القانوني هو احد الدعائم الاساسية لحماية المجتمع من الاحكام الجائرة وغير المتوقعة والتي تفضي الى اضطراب مجريات الحياة ، ففي ظله تكون القاعدة القانونية واضحة ومحددة ، لذلك فاذا كانت مهمة تحقيق العدالة والصالح العام يشارك الاشخاص في تحقيقها مع الدولة ، فان قيمة الاستقرار القانوني تعتبر من الامور المقصورة على نشاط الدولة ، وهي التي تحدد مجال ونطاق ووسائل تحقيق الاستقرار القانوني بما يحقق النظام في المجتمع (15).
ومما سبق ، نرى ان الاستقرار القانوني هو تحقيق الثبات للقاعدة القانونية او النص القانوني وان تغير القانون ليطمئن الاشخاص ويشعروا بالأمان لمصير واثار العلاقات القانونية ، اي ان يتحقق للقاعدة القانونية الاستقلال على الرغم من تعديل القانون او الغاءه وصدور آخر بديل عنه .
الفرع الثالث
اوجه التشابه والاختلاف
نتناول كلاً من اوجه التشابه واوجه الاختلاف بين استقرار المعاملات المالية واستقرار القاعدة القانونية ، فيما يأتي :
اولاً : اوجه التشابه : يتشابه الاستقرار القانوني مع استقرار المعاملات المالية من حيث ان لفظ الاستقرار هو احد مفردات مفهومهما ويؤدي هذا الى اتحادهما من حيث المعنى .
ويتشابهان من حيث الغاية المتوخاة من كلاً منهما ، اذ تتمثل الغاية في وحدة النتيجة النهائية المترتبة على الآخذ بهما ، او العمل بمفهومهما ، والمتمثلة بتحديد التزامات الاطراف ، ومعرفة النطاق المسموح لهم به لمزاولة معاملاتهم ، فالغاية من استقرار المعاملات المالية ان يسود اليقين وتبث الطمأنينة في نفوس الاشخاص الى مصير المعاملات التي يقدمون عليها عبر معرفتهم مقدماً النتائج المترتبة على افعالهم ، اما في استقرار القاعدة القانونية فالغاية منه ان يتيقن الاشخاص لمصير المعاملات التي يقدمون عليها عبر معرفة النطاق المخصص لهما به في اجراء معاملاتهم ، كما ان استقرار القاعدة القانونية سيؤدي الى استقرار المعاملات وهذا هو هدف القاعدة القانونية (16).
ويتشابه استقرار المعاملات المالية مع استقرار القاعدة القانونية من حيث سلطة القاضي التقديرية ، اذ يتمتع القاضي بسلطة تقديرية واسعة لتحقيق استقرار المعاملات المالية فيما لو تطابق هدفه مع هدف التشريع في تحقيق ذلك ، والذي سينعكس على المجتمع عموماً عبر بث الطمأنينة في نفوس افراده ، كما ويتمتع القاضي بسلطة تقديرية واسعة عند اصدار الحكم سواء أكان في تفسير النص القانوني ام تكريس استقرار القاعدة القانونية عبر اعمال القاضي للقاعدة القانونية واعتماده لها واستقراره عليها (17) .
ثانياً : اوجه الاختلاف : وهذا التشابه لا ينفي وجود الاختلاف فيما بينهما ، ويمكننا تلمس ذلك عبر المفهوم والنطاق والحكمة والمصدر .
يختلفان من حيث المفهوم ، اذ يقصد بالاستقرار القانوني ان تتوفر للقاعدة القانونية اسباب الثبات ومؤيداته ، اما استقرار المعاملات المالية فيقصد به ، كما سبق ،هو ثبات آثار الوقائع الانسانية ، في الاموال ، بنفاذها او انحلالها .
ويختلفان من حيث النطاق ، اذ ان نطاق الاستقرار القانوني يتركز في توفير مستلزمات الثبات للقاعدة القانونية او النص القانوني ، في حين نرى ان نطاق استقرار المعاملات المالية يتركز فيما ينطبق عليه وصف الوقائع الانسانية التي يكون محلها المال .
ويختلفان من حيث الحكمة ، فالحكمة من الاستقرار القانوني ان يتحقق للقاعدة القانونية او للنص القانوني الثبات عند اللجوء الى الغاء التشريع وحتى تعديله قدر الامكان ، اما الحكمة من استقرار المعاملات المالية فهي اضفاء اليقين والثبات على مصير العلاقات المالية بين الاشخاص .
ومن حيث المصدر فمصدر الاستقرار القانوني يأتي من الفلسفة القانونية لاي بلد ، اما مصدر استقرار المعاملات المالية فيستلهمه القاضي من فحوى النص القانوني وغاية التشريع مستنداً في ذلك على درايته بالقانون واستخدام التفسير المتطور للنصوص القانونية .
___________
1- ينظر د. يس محمد محمد الطباخ ، الاستقرار كغاية من غايات القانون ، دراسة مقارنة ، المكتب الجامعي الحديث ، الاسكندرية – مصر ، 2012 ، ص 22 .
2 - ينظر د. مصطفى العوجي ، القاعدة القانونية في القانون المدني ، الطبعة الاولى ، مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع ، بيروت – لبنان ، 1992 ، ص 19 .
3- ينظر د. مصطفى العوجي ، القاعدة القانونية في القانون المدني ، مصدر سابق ، ص 43 .
4 - ينظر د. احمد عبد الحميد عشعوش ، قانون العقد بين ثبات اليقين واعتبارات العدالة ، مؤسسة شباب الجامعة ، الاسكندرية – مصر ، 1990 ، ص 6 - 7 .
5 - ينظر د. مصطفى العوجي ، القاعدة القانونية في القانون المدني ، مصدر سابق ، ص 133 .
6- ينظر د. صالح محسوب ، السوابق القضائية ودورها في الاستقرار القضائي ، بحث منشور في مجلة القضاء ، الاعداد 1 – 2 – 3 – 4 ، السنة الثالثة والخمسون ، مطبعة النورس ، بغداد – العراق ، 1999 ، ص 36 .
7- ينظر د. مصطفى العوجي ، القاعدة القانونية في القانون المدني ، مصدر سابق ، ص 133 .
8- ينظر د. صالح محسوب ، المصدر السابق ، ص 35 .
9- ينظر د. نعيم عطية ، القانون والقيم الاجتماعية ، دراسة في فلسفة القانون ، المكتبة الثقافية ، القاهرة – مصر ، 1971 ، ص 79 .
10- ينظر د. يسري محمد العطار ، دور الاعتبارات العملية في القضاء الدستوري – دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية ، القاهرة – مصر ، 1999 ، ص 245 – 246 .
11- ينظر د. احمد عبد الحميد عشعوش ، قانون العقد بين ثبات اليقين واعتبارات العدالة ، مؤسسة شباب الجامعة ، الاسكندرية – مصر ، 1990 ، ص 5- 6 .
12- ينظر د. يس محمد محمد الطباخ ، المصدر السابق ، ص 21 – 24 - 25 .
13- ينظر د. محمد شتا ابو سعد ، السلطة التقديرية للقاضي المدني في ضوء المعايير والقواعد القانونية المرنة والجامدة ، بحث منشور في مجلة مصر المعاصرة ، العدد 406 ، السنة السابعة والسبعون ، القاهرة ، 1986 ، ص 123 – 124 .
14- د. يسري محمد العطار ، المصدر السابق ، ص 246 – 247 .
15- ينظر د. يس محمد محمد الطباخ ، المصدر السابق ، ص 26 – 27.
16- الغاية او الهدف هي النتيجة النهائية التي تبغيها الادارة ، وهي احد اركان القرار الاداري ، ولمزيد من التفصيل راجع د. ماهر صالح علاوي الجبوري ، دار الكتب للطباعة والنشر ، الموصل - العراق ، 1989 ، ص 159 . وفي المعنى نفسه ينظر د. خالد خليل الظاهر ، القانون الاداري ، الطبعة الاولى ، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ، عمان – الاردن ، 1997 ، ص 189 .
17 - ينظر د. مصطفى العوجي ، القاعدة القانونية في القانون المدني ، مصدر سابق ، ص 133 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جمعية العميد تناقش التحضيرات النهائية لمؤتمر العميد الدولي السابع
|
|
|