أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
2466
التاريخ: 2023-12-17
993
التاريخ: 27-04-2015
2440
التاريخ: 14-11-2014
1826
|
عرّف اللغويون معنى التأويل في اللغة ، وأوضحوه بشكل محدد ودقيق ، نذكر من تلك التعاريف : قالالفيّومي في المصباح المنير [آل الشيء (يؤول) (أولا) و(مالا) رجع].
وقال ابن الأثير في النهاية : (و التأويل : هو من الشيء يؤول الى كذا ، أي رجع ، وصار اليه ...).
وقال الراغب الأصفهاني : (التأويل من الأول ، أي الرجوع الى الأصل. ومنه الموئل للموضع الذي يرجع إليه. وذلك هو ردّ الشيء الى الغاية المرادة منه ، علما كان أو فعلا ، ففي العلم نحو : {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران : 7] ... وفي الفعل كقول الشاعر : وللنوى قبل يوم البين تأويل) وقوله تعالى : {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الأعراف : 53] أي بيانه الذي هو غايته المقصودة منه.
وقوله تعالى : {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء : 59] قيل أحسن معنى وترجمة (1).
ولقد ساهم علم التأويل مساهمة فعّالة وأساسية في فهم آيات الاعتقاد ، لا سيما المتعلّقة بصفات اللّه تعالى.
وقد حدثت على مرّ العصور معركة فكرية حامية حول منهج التأويل وما أنتجه من فكر ومعرفة ، وعرّض الفكر الشيعي لنقد حاد من خصومه ، بسبب اهتمامه بالتأويل ، واعتماده أساسا في حفظ التوحيد نقيّا من التشبيه والتجسيم.
ومن الواضح تأريخيا أن التأويل منهج علمي اسلامي عام وليس منهجا شيعيا أو معتزليا خاصا ، كما يتصور البعض. هو وسيلة تعبيريّة من صميم الطبيعة اللغوية ، لذا فمنهج التأويل فرضته حقائق علمية ولغوية ، وليس منهجا مرتجلا عبثيا. ومن دراسة وتحليل معنى وتعريفات التأويل ، وما ورد في الكتاب والسنة فيه ، والوقوف على مصاديقه ، وموارد انطباقه ، والنتائج الفكرية التي أفرزها هذا المنهج ، نستطيع أن نستنتج الآتي :
1- إنّ التأويل اسلوب معرفي عام يستعمله العقل البشري لاكتشاف الغوامض مما يشير اليه اللفظ أو الحدث أو الرمز ، فقد اعتاد الناس ولأسباب فنيّة أن يعبّروا عن مقاصدهم أحيانا بطريقة لا تكشف إلّا بالتأويل ، كما أنّ بعض الأفعال والحوادث الصادرة عن الانسان أو الحيوان أو النبات أو الجماد إنّما هي رموز تكشف عن حقيقة غير مصرح بها في ذلك الفعل أو الحدث ، واستنتاجها هو التأويل.
2- ان التأويل هو منهج نطق به القرآن ، وبالتالي فهو منهج مشروع ، لو أحسن استخدامه وتطبيقاته بعيدا عن المحاذير التي حذّر منها القرآن بقوله : ... {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ } [آل عمران : 7].
3- ان طبيعة البيان القرآني حوت المحكم والمتشابه ، كما نص القرآن على ذلك ، وأن المتشابه يحتاج فهمه في كثير من الأحيان الى التأويل والى ردّه الى المحكم.
4- انّ هناك معان عقيدية ترتبط بالذات الإلهية ، وبعالم الغيب وهي منزّهة عن المادية والحسّية ، لا بدّ من تفهيمها الإنسان ، وذلك التفهيم يقتضي التعبير عنها بألفاظ لغوية ، كصفة الحب والعلم والحياة والسمع والبصر واليد والكرسي والاستواء والغضب والارادة والمكر والخديعة والكراهية والأسف والسخط والرضا ... الخ وصف اللّه سبحانه نفسه بها.
والمتلقي حين يتعامل مع تلك الصفات تعاملا ظاهريا ، وفق اللفظ الظاهري ، فإنه يقع في الشرك ، ويفهمها من خلال فهمه للصفات الإنسانية ، فلا يفرّق بين مصاديق تلك الصفات ، فبعضها ، حسب دلالتها الحسيّة ، تعبّر عن صفات انفعالية كما في عالم الانسان النفسي والانفعالي كصفة المكر والخديعة والغضب.
أمّا حين يوصف بها الخالق العظيم فيجب تنزيهه عن مشابهة الخلق ، وعن كل قبيح ، فهو سبحانه وصف نفسه بقوله : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : 11].
ودعا في موارد عديدة من كتابه الكريم الى التسبيح ، وأكّد أن كل ما في هذا الوجود من عوالم إنّما هو مسبّح يشهد بتنزيهه عن مشابهة المخلوقين ، فليس علمه كعلم المخلوقين ، ولا حبّه وإرادته وغضبه ورضاه ، كالذي يحدث في النفس الانسانية ، وليس مكره وخديعته كالصفة الأخلاقية الذميمة عند الانسان ، وليس بين الحقيقتين إلّا الاشتراك اللفظي دون المعنوي ، فمعنى المكر الذي وصف اللّه به نفسه سبحانه ، هو إيقاع المجرمين في حبائل جرائمهم ، من حيث لا يشعرون.
وحين يستعمل القرآن تلك الألفاظ لوصف التعامل الالهي مع الانسان إنّما استعملها لأنها أدوات لتفهيم الفكرة للإنسان ، والتي تعين على إدراك صفات الذات والأفعال الالهية ادراكا تحدّده ضوابط التنزيه ونفي المشابهة ، وأن من ضوابط التنزيه هو التأويل - أي حمل الألفاظ على المعاني غير المنطبقة على المعاني الحسية المألوفة في عالم الانسان ، وبيان المقصود القرآني منها ، وفق ضوابط لغوية. وأسس قرآنية دالة على ذلك.
5- إن من مقتضيات التأويل في القرآن الكريم هو أن اللغة العربية لغة غنية بالمجاز ، وقد زخرت الآيات الكريمة بالمجاز الذي ينطلق من الاستعمال الحسي ليعبّر عن المجرّد المعنوي ، فكلمة اليد واليمين والوجه والعرش والكرسي ، التي استعملها القرآن في وصف الباري ، عزّ ذكره ، بها نفسه فقال : {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [الفتح : 10] .
{وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر : 67]... {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة : 115] .
{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة : 255] إنّ كل تلك المعاني إنّما هي معان مجازية ، فاليد في عالم الإنسان- مثلا- اسم لتلك الجارحة الحسية ، وبما أنها أداة القوة والاحسان- وغيرها من الأفعال كنّي بها عن الاحسان والقوّة ، فقيل {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [الفتح : 10]أي هو المهيمن والمتفوق عليهم.
ومن المفيد هنا أن ننقل آراء المفسرين من مختلف المذاهب الاسلامية ليتضح لنا أن علم التأويل منهج اسلامي عام أولا ، وثانيا هو طريقة موضوعية أفرزتها طبيعة اللغة العربية ، وضرورة لتفهيم المعنى المجرد بطريقة حسيّة ، وليس منهجا تحميليا ، لذا فان التحميل ليس تأويلا إنّما هو عبث وقول بغير علم ، هاجمه القرآن بقوله : {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران : 7] .
والمقصود بابتغاء تأويله. ابتغاء حمله على ما لا يحتمله النص ، بل هو تحميل وتحكم من المؤوّل؛ بغرض الفتنة والتحريف.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|