أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-03-2015
8679
التاريخ: 3-03-2015
6926
التاريخ: 3-03-2015
1396
التاريخ: 3-03-2015
1693
|
(ما تحت أديم السماء أنحى من ابن عقيل)(1)، إنها القولة المشهورة التي أطلقها أبو حيان في حق تلميذه بهاء الدين عبد اللّه الرحمن العقيلي الهاشمي.
لازم ابن عقيل أثير الدين أبا حيان فكان من أجلّ من أخذ عنه، و هو ممن جمع بين علوم اللغة، و التفسير و الفقه. درس القراءات على التقي الصائغ، و الفقه على الزين الكتاني و العلاء القونوي، و لازم جلال الدين القزويني ثم ناب عنه في الحكم.
و من أشهر من قرأ عليه زوج ابنته شيخ الاسلام سراج الدين البلقيني، فكان جد قاضي القضاة جلال الدين و أخيه بدر الدين.
شرع في كتابة تفسير للقرآن الكريم، غير أنه لم يكمله، كما لم يتم مختصر الشرح الكبير في فقه الشافعية، و يكاد يقتصر ما عرف من كتبه، على مصنفيه في شرح الفية ابن مالك، و كتابه المساعد على تسهيل الفوائد.
و لما وصف محمد محيي الدين عبد الحميد شروح الألفية قال: (ففيها المختصر، و فيها المطول، و فيها المتعقب صاحبه للناظم يتحامل عليه، و يلتمس له المزالق، و فيها المتحيز له و المصحح لكل ما يجيء به، و فيها الذي اتخذ صاحبه طريقا وسطا بين الإيجاز و الإطناب، و التحامل و التحيز).
و من هؤلاء الذين سلكوا طريقا بين الطريقين بهاء الدين بن عقيل، فإنه لم يعمد إلى الإيجاز حتى يترك بعض القواعد الهامة و لم يقصد إلى الاطناب، فيجمع من هنا و من هنا، و يبين جميع مذاهب العلماء و وجوه استدلالهم، و لم يتعسف في نقد الناظم بحق و بغير حق، كما لم ينحز له بحيث يتقبل كل ما يجيء به وافق الصواب أو لم يوافقه (2).
و المطالع لهذا الشرح يلمس صحة ما قاله محمد محي الدين، مؤلف منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل، و ليس من الغريب أن ينال هذا الشرح حظوة عند الناس، و إقبالا من طرف المدرسين و الدراسين، إذ كان مؤلفه يريد أن يحقق نوعا من تصفية النحو و تقديمه غير مشوب بالمباحث الجانبية، و لذلك رأينا أن نسم صاحبه، بالنحوي التقليدي.
فلم يتوسع في التقديرات، و لم يطنب في المناقشات و إنما اكتفى بتوضيح نصوص الخلاصة، و تبيين أحكامها، و الاستدلال بالشواهد عليها. و إذا كان في المسألة خلاف بين
ص343
النحويين لخص أقوالهم و حججهم دون إسهاب و ربما رجح بعضها من غير إسهاب أو تعصب، و فيما يلي أمثلة من هذا النوع:
في شرحه لقول ابن مالك:
و خففت «إنّ» فقلّ العمل و تلزم اللاّم إذا ما تهمل
فعند قول ابن مالك:
و شاع نحو خاف ربّه عمر و شذّ نحو زان نوره الشّجر
يقول ابن عقيل: «شذ عود الضمير من الفاعل المتقدم على المفعول المتأخر، و ذلك نحو زان نوره الشجر فالهاء المتصلة بنور الذي هو الفاعل عائدة على «الشجر» و هو المفعول، و إنما شذ ذلك لأن فيه عود الضمير على متأخر لفظا و رتبة، لأن «الشجر» مفعول،
ص344
و هو متأخر لفظا و الأصل فيه أن ينفصل عن الفعل، فهو متأخر رتبة، و هذه المسألة ممنوعة عند جمهور النحويين، و ما ورد من ذلك تأولوه، و أجازها أبو عبد اللّه الطوال من الكوفيين، و أبو الفتح بن جني، و تابعهما المصنف، و مما ورد من ذلك قوله:
جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر و حسن فعل كما يجزي سنمّار (4)
ففي شرح قول ابن مالك:
أما كتاب المساعد فيقول عنه محققه الدكتور محمد كامل بركات: و قد امتاز هذا الشرح بتقارير وافية، و مناقشات موضوعية هادئة لمذاهب النحاة و آرائهم، القدامى منهم و المحدثين، من عيسى بن عمر و الخليل و سيبويه إلى ابن مالك و ابن عصفور و أبي حيان.
ص345
(و هو مع هذا كله شرح موجز، و تعليق مختصر، كما ذكر مصنفه في مقدمته مع وفاء بالحاجة، و تحقيق للمطلوب، يكثر فيه من ذكر الشواهد، على طريقة ابن مالك في تسهيله و شرحه، فيأتي بالشاهد إن وجد من القرآن الكريم، فإن لم يجد فيه شاهدا، عدل إلى الحديث الشريف فإن لم يجد فيه شاهده أتى به من الشعر، أو الرجز، أو كلام العرب و لذا نلحظ تأثره بشرح التسهيل لابن مالك في كثير من المواضيع) (6).
هذا و لابن عقيل في هذا الشرح وقفات و تحقيقات طريفة قلّ أن نجد لها مثيلا في الشروح الأخرى، منها على سبيل المثال:
عند قوله في التسهيل (ص 49) : و يغني-أي ظرف الزمان-من خبر اسم معنى مطلقا. . . و لم يمتنع نصبه و لا جره ب «في» خلافا للكوفيين. قال ابن عقيل: و هذا مبني على قولهم إن «في» للتبعيض حكاه السيرافي و ليس بصحيح، فإن «في» للظرفية بحسب الواقع في مصحوبها، و لهذا صحح: في الكيس درهم، و في الكيس ملؤه من الدراهم.
و عند قول التسهيل (ص 49) : و يفعل ذلك بالمكاني المتصرف بعد اسم عين راجحا إن كان المكاني نكرة يقول ابن عقيل: و الكوفيون كالبصريين في إجازة الرفع و النصب في هذا، و ناقل لزوم رفعه عن الكوفيين واهم.
و عند قوله (ص 54) : و قد يخبر هنا، (أي في باب كان و أخواتها و في باب «إن») بمعرفة عن نكرة اختيارا، يقول ابن عقيل: و ذلك لشبه المرفوع هنا بالفاعل، و المنصوب بالمفعول و منه قول القطامى:
و عند قول ابن مالك (ص 62) : و لا يخص حذف الاسم المفهوم معناه بالشعر، و قلّ ما يكون إلا ضمير الشأن، و عليه يحمل، «إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصوّرون» ، يقول الشارح: «فيكون نظير ما حكى سيبويه من قولهم إن بك زيد مأخوذ، و الأصل إنه «من أشد» فحذف ضمير الشأن كما في إنّ بك زيد. لا على زيادة «من» خلافا للكسائي. و يقول ابن عقيل: و ذلك لأن زيادة «من» مع اسم «إن» غير معروفة و أيضا فالمعنى يفسد على تقدير الزيادة إذ يصير إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون، و ليس كذلك إذ غيرهم أشد عذابا منهم كالكفرة و نحوهم، و إنما تكلف الكسائي معنى الزيادة لأن مذهبه منع حذف ضمير الشأن إذا وقع بعد هذه الأحرف اسم يصح عملها فيه كالمصورين، و ما حكاه سيبويه يرد عليه.
ص345
و عند قوله في التسهيل: و قد يخبر هنا بشرط الإفادة عن نكرة بنكرة، قال ابن عقيل: نحو ما حكى سيبويه «إن الفا في دراهمك بيض، و كقول امرئ القيس في رواية سيبويه:
و إن شفاء عبرة مهراقة فهل عند رسم دارس من معوّل
قال في التسهيل «أو بمعرفة» قال ابن عقيل: نحو ما حكى سيبويه «إن» قريبا منك زيد. و إن بعيدا منك عمرو و أنشد:
و عند قوله في التسهيل: «و لا تمنع نيابة المنصوب لسقوط الجار مع وجود المنصوب بنفس الفعل» . يقول ابن عقيل: فيجوز على هذا أن تقول في «اخترت زيدا الرجال» ، أي من الرجال و اختير الرجال زيدا، يرفع الرجال و نصب زيد، و بالعكس و هذا هو مذهب الفراء، و مذهب الجمهور يتعين رفع زيد و نصب الرجال، قال ابن عقيل و لم يتعرض المصنّف في شرحه لهذه المسألة.
و في باب التنازع عند قوله في التسهيل: «و الأحق بالعمل الأقرب لا الأسبق خلافا للكوفيين» ، يقول ابن عقيل: و عمل كل منهما مسموع و لكن الخلاف في الترجيح كما ذكر، و الراجح الأقرب كما يقول البصريون لنقل سيبويه عن العرب أن إعماله هو الأكثر و أن إعمال الأول قليل، قال المصنف: و مع قلته لا يكاد يوجد إلا في الشعر و البصريون يرجحون الثاني، و الكوفيون الأول. و قال بعض النحويين يتساويان، و قال النحاس: حكى بعض النحويين بأن الكوفيين يختارون إعمال الأول، قال و لم أجد ذلك على ما حكى. و نصوص النحويين متضافرة عن نقل هذا المذهب عن الكوفيين.
و نلاحظ في هذه الأمثلة الأسباب التي جعلت من شروح ابن عقيل نماذج مثالية لتدريس إمام المدرسة منونا من الخلاصة و التسهيل.
ص347
_____________________
(1) الدرر الكامنة:2 /267.
(2) شرح ابن عقيل:8 (مقدمة التحقيق) .
(3) شرح ابن عقيل:1 / 377 -381.
(4) شرح ابن عقيل:1 /492 -497.
(5) شرح ابن عقيل:2 /70.
(6) المساعد على تسهيل الفوائد (مقدمة التحقيق) ص (د) و ما بعدها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|