 
					
					
						علم النحو في مصر والشام وعلماؤه  					
				 
				
					
						 المؤلف:  
						محمد الطنطاوي
						 المؤلف:  
						محمد الطنطاوي					
					
						 المصدر:  
						نشأة النحو وتاريخ اشهر النحاة
						 المصدر:  
						نشأة النحو وتاريخ اشهر النحاة					
					
						 الجزء والصفحة:  
						ص125- 128
						 الجزء والصفحة:  
						ص125- 128					
					
					
						 4-03-2015
						4-03-2015
					
					
						 7198
						7198					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				قد مضى أن القطرين في عصورهما الأولى لم يكونا مهدا وثيرا للنحو كما كانت بلاد المشرق، وحانت منهم التفاتات في أخريات الأيام إلى النحو، فظعنوا إلى العراق وسمعوا من علمائه, ثم نشروه في القطرين، غير أنهم كانوا يعدون على الأصابع، وقد ذكرنا أشهرهم سابقا.
وفي غضون هذه المدة وقُبَيْلها وبُعَيْدَها ورد بعض علماء العراق الشام كالزجاجي والفارسي وابن خالويه وابن جني، وبعضهم مصر كالتبريزي فقد عرفت في ترجمته أنه أقام بمصر فترة من الزمن تلقى عنه فيها ابن بابشاذ، وبعضهم القطرين غير أن ورود العلماء إلى القطرين يعتبر كرحلات في بلادهم الإسلامية فلا يترتب عليه آثار تجعل القطرين كالعراق مبعث العلم.
نعم، كان لتشجيع بني حمدان في الشام وتمجيدهم العروبة وعلماءها لأنهم عرب الداعي القوي في تحبيب العلماء الإقامة في الشام، فقد سبق أن ابن خالويه توطنها في ذرا سيف الدولة حتى توفي بحلب، ومن قبله الزجاجي الذي ما برح الشام حتى توفي بدمشق، ومن بعده ملك النحاة الذي نعم بخفض العيش في دمشق تحت ظلال نور الدين محمود بن زنكي، كما عرفت في ترجمته.
ظل القطران كذلك حتى قيضت لهما دولة الفاطميين التي كانت أوفر عناية مما قبلها، وبخاصة في الدواوين، إذ كانت تعمد إلى تعيين المراقب عليها ممن عرف بالنحو وعلوم اللغة العربية فلا تصدر مكاتبتها إلا بعد وقوفه عليها وموافقته على ما فيها لأن الدولة عربية، وممن تولى هذا المنصب فيها ابن بابشاذ وابن بري، ثم أعقبتها الدولة الأيوبية ولم تقصر شأواً عنها في هذا المضمار وإن كانت كردية الأصل, فإنها كانت  تبجل العلماء وتحبوهم, وقد عرفت في ترجمة الكندي أن الأمير (فروخشاه) أحسن وفادته في دمشق واستوزره وبنوا له مقاما غريبا فيها حتى قضى نحبه, وان الملك (عيسى) الأيوبي تلقى عنه كتاب سيبويه وشرحه وايضاح الفارسي, كما تلقى عضد الدولة عن الفارسي من قبل, بل إن هذا الملك بلغ حبه العربية وإجلاله ذويها (أنه قد شرط لكل من يحفظ المفصل للزمخشري مائة دينار وخلعة, فحفظه لهذا السبب جماعة).(1)
ص125
لهذا نشأ بالقطرين في هذا العهد بعض علماء النحو الذين أخذوا عن اسلافهم من القطرين, فكانوا يقفون كمن سبقهم من العلماء مذاهب العراقيين, لأنهم تلقوا نحوهم عنهم قبل اقفار المشرق من هذا العلم وعلمائه, وقد توارد اليهم في هذا الحين فئة من المغاربة الاندلسيين في عهد الدولتين: الفاطمية والايوبية.
وليس بخافٍ أن المشتغلين بالنحو في القطرين لهذا العدد –وإن زادت نسبتهم على سابقهم نسبيا- كانوا قليلي العدد, ولم يمتد أيامهم, على أن الشام كانت اوكس نصيبا من مصر, لكثرة الشغب بها من عدوان الصليبيين والتتر حينا بعد حين, حتى آل الأمر الى المماليك, وولى المسلمون وجوههم شطر القطرين بعد ان عصفت العواصف بالخلافة, فحدثت نهضة جديرة بالتقدير لهذا العلم, والكلام عليها في المطلب الثاني إن شاء الله.
ودونك أشهر العلماء في القطرين مرتبين على حسب وفياتهم:
أشهر نحاة القطرين:
1- الحوفي:
هو أبو الحسن علي بن إبراهيم (2)، وأصله من شبرا النخلة "من حوف بلبيس" بمحافظة الشرقية، ورد القاهرة فسمع من أبي بكر الأدفوي وبعض علماء المغرب الذين نزحوا إلى القاهرة، وسرعان ما اشتهر علمه وأدبه، فتصدر لإقراء العربية، وصنف في النحو "الموضح" استوفى فيه العلل والأصول، وقد لاحظ عليه ابن هشام في مقدمة كتابه "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" فرط عنايته بإعراب الواضحات كالمبتدأ والخبر والفاعل ونائبه والجار والمجرور والعاطف والمعطوف مما لا حاجة إليه، توفي سنة 430هـ.
2- ابن بابشاذ:
هو أبو الحسن طاهر بن أحمد المصري، وأصله من الديلم ولد ونشأ بمصر، ثم وفد إلى العراق لتجارة اللؤلؤ فجنحت نفسه إلى تلقي العلم عن علمائه وفتح عليه، ثم قفل إلى مصر وتصدر للإفادة في جامع عمرو بن العاص وتولى ديوان الإنشاء للفاطميين حتى لا يخرج منه كتاب إلا بعد عرضه عليه، وله مصنفات نحوية، منها شرح الجمل للزجاجي، وشرح الأصول لابن السراج، والتعليق المشهور بتعليق الغرفة، وقد انقطع آخر أيامه لعبادة الله في جامع عمرو، وعلا سطحه في ليلة مقمرة وبعينيه بقية من النوم، فزلت قدمه، ومات سنة 469هـ (3).
ص126
3- ابن بري: 
هو أبو محمد عبد الله بن بري المصري(4)، وأصله من المقدس، ولد ونشأ بمصر فأخذ عن الشنتريني النحوي وغيره، وشاع علمه فانتفع بالتلقي عنه خلق كثير، ورأس ديوان الرسائل كابن بابشاذ، وله مصنفات نحوية منها جواب المسائل العشر التي سأل ملك النحاة كما تقدم في ترجمته، ومع طول باعه في علوم اللغة كان يرسل كلامه كيفما اتفق، وكانت فيه غفلة عجيبة في غير العلم. توفي بمصر في شوال سنة 582هـ، وله ثلاث وثمانون سنة.
4- ابن معط:
هو أبو الحسين يحيى زين الدين بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي(5)، ولد بالمغرب من قبيلة زواوة، سمع من الجزولي وابن عساكر، ثم رحل إلى دمشق واستوطنها، وفيها انتفع الخلق بعلمه دراسة وتصنيفا، ثم أرغبه الملك الكامل الأيوبي في القدوم إلى مصر فتصدر بالجامع العتيق لدراسة النحو والأدب على أجر جزيل، ومن مصنفاته النحوية "الألفية" التي أشار إليها ابن مالك في مستهل ألفيته، وشرح الجمل للزجاجي، توفي في ذي القعدة بالقاهرة ودفن بالقرب من الإمام الشافعي سنة 628هـ.
5- ابن يعيش:
هو أبو البقاء يعيش موفق الدين بن علي بن يعيش، نشأ بحلب، وتلقى النحو عن فتيان الحلبي وغيره ثم ارتحل إلى بغداد أملا في السماع من كمال الدين الأنبارى لكن شاء القدر أن لا يراه، فقد توفي قبيل وصوله إلى بغداد فعرج على الموصل ولبث بها مديدة، ثم عاد إلى حلب، ولما عزم على التصدر للإقراء رحل إلى دمشق فالتقى بالشيخ تاج الدين الكندي السالف ترجمته، ثم سأله عن مسائل كثيرة، ومنها إعراب ما ذكره الحريري في المقامة الرحبية العاشرة وهو "حتى إذا لألأ الأفق ذنب السرحان، وآن انبلاج الفجر وحان" فاستبهم الإعراب على الكندي، ثم قال له: أردت إعلامي بمكانتك، وكتب بخطه شهادة بالثناء عليه، ثم قفل ابن يعيش بعد هذا التطواف إلى بلدة "حلب" واستقر فيها للإفادة فانتفع الناس به حتى دان له رؤساؤها بالتلمذة، وله شرح على "المفصل" في غاية الجودة، وشهرته تغني عن التعريف به، ولولا ضيق المجال لكتبت كلمة عنه أعرض فيها مزاياه وقد أفاض في ترجمة ابن يعيش تلميذه ابن خلكان في وفيات الأعيان، فقد تلقى عنه معظم كتاب "اللمع" لابن جني ونعته بالعلم والظرف والكياسة وخفة الروح.
ص127
 توفي رحمه الله بحلب "في جمادى الأولى" ودفن بتربته بالمقام المنسوب إلى سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام سنة 643هـ "وله تسعون سنة".
6- السخاوي:
هو أبو الحسن علي علم الدين بن محمد(6)، ولد في سخا "بمديرية الغربية" تلقى العلم عن البوصيري وغيره، ثم انتقل إلى دمشق وسمع من الكندي وغيره، وأربى على معاصريه مع الخلال الحميدة فازدحم الطلاب عليه في جامع دمشق، ومن تصانيفه النحوية شرح أحاجي الزمحشري، وشرحان للمفصل، وله ألغاز في النحو بديعة، توفي بدمشق سنة 643هـ، (7).
7- ابن الحاجب:
هو أبو عمر عثمان جمال الدين بن عمر الكردي الأصل المشهور بابن الحاجب لأن أباه كان حاجبا للأمير عز الدين موسك الصلاحي بالقاهرة، ولد ابن الحاجب بأسنا ثم تعهده أبوه بالقاهرة فحفظ القرآن ولما ييفع، وتلقى العلوم عن الشاطبي وغيره فتبحر في العربية حدثا، ثم انتقل إلى دمشق فأكب الناس عليه في متنوع الفنون إلا أنه غلب عليه النحو، وتردد مرارا أمام قاضي الشام ابن خلكان بسبب أداء شهادات، فكان يسأله عن مشاكل في العربية ذكر بعضا منها في ترجمته في وفيات الأعيان، ثم عاد إلى القاهرة وتصدر بالمدرسة الفاضلية، ثم انتقل إلى الإسكندرية، كان رحمه الله أصفى الناس ذهنا وأقدرهم بيانا مع الإيجاز اشتهر بالتصانيف المختصرة المنقحة في جملة من العلوم ورزقت مصنفاته القبول، فمنها في النحو: "الإيضاح" شرح المفصل للزمخشري، و "الأمالي" الذي هو الغاية في الدقة، "والكافية" وشرحها، والكافية على وجازتها حوت مقاصد النحو بأسرها(8)، فلا غرابة أن يتسابق حذاق النحاة في شرحها، ويضيق المقام عن استيعاب شروحها، وفي كشف الظنون تفصيلها، وممن شرحها: الرضي، والجامي، وسنذكر نبذة عن هذين الشرحين، في ترجمة أصحابهما، توفي رحمه الله في "شوال" بالإسكندرية سنة 646هـ، وله ست وسبعون سنة.
ص128
______________________________________
(1) راجع ترجمته الملك عيسى في وفيات الأعيان، وفي شذرات الذهب.
(2) انظر ترجمته في معجم الأدباء 12/ 221- 222.
(3) بابشاذ كلمة أعجمية بسكون الباء الثانية أو كسرها, وبأعجام الذال أو إهمالها, معناها الفرح والسرور.
(4) انظر معجم الأدباء 12/ 56-57.
(5) انظر ترجمته في معجم الأدباء 20/ 35- 36.
(6) ترجمته في النجوم الزاهرة بتاريخ وفاته وفيها أنه كان إماما علامة مقرئا بصيرا بالقراءات.
(7) كان له من العمر خمس وثمانون سنة.
(8) وقد شرح الجامي هذه (الكافية) في شرح سماه (الفرائد الضيائية) وعندي مخطوط الكافية بخط ابن الحاجب وعليه الفوائد الضيائية بخط الجامي.
				
				
					
					 الاكثر قراءة في  أهم نحاة المدرسة المصرية
					 الاكثر قراءة في  أهم نحاة المدرسة المصرية					
					
				 
				
				
					
					 اخر الاخبار
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة