جمال الدين ابن الحاجب
المؤلف:
د. محمد المختار ولد أباه
المصدر:
تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب
الجزء والصفحة:
ص322- 323
29-03-2015
2196
اشتهر جمال الدين بن الحاجب (ت 646 ه) بالفقه و الأصول، و عرف العلماء مختصريه الأصلي و الفرعي، و نالا حظوة بالغة عند الفقهاء و الأصوليين، و مع ذلك فقد كان عثمان بن عمر بن الحاجب شاعرا مجيدا و نحويا مبرزا. لقد تلمذ لابن منصور الأبياري و فيه يقول من جملة أبيات يمدح بها تلميذه ناصر الدين بن المنيّر و يذكر محاسن شيخه و هي:
لقد سئمت حياتي اليوم لولا مباحث ساكني الاسكنديه
كأحمد سبط أحمد حين يأتي بكل غريبة كالعبقريه
تذكّرني مباحثه زمانا و إخوانا لقيتهم سريه
ص322
زمانا كان الابياري فيه مدرسّنا و تغبطنا البريه
مضوا فكأنم إمّا منام وإما صبحة أضحت عشيه(1)
و قرأ ابن الحاجب القراءات على الإمام الشاطبي، و أخذ عنه شهاب الدين القرافي و ناصر الدين بن المنيّر، و من أهم كتبه في النحو الكافية المعروفة و التي شرحها رضي الدين محمد بن الحسن الاسترباذي المتوفى سنة 686 ه. كما شرح شافيته في التصريف.
و يقول عنه شوقي ضيف أنه كان دقيق النظر و خاض في تعليلات كثيرة مستنبطا منها ما لا يكاد يقف به عند حد، من ذلك تعليله بناء الاسم بشبه الحرف من وجه واحد، و منعه من الصرف بشبهه للفعل من وجهين لأن الشبه بالحرف يبعده عن الاسمية. و يعقد صلة بينه و بين ما لا يجانسه، بينما الشبه بالفعل قريب، و لذلك لا بد من تعدد وجهه حتى يبتعد الاسم عن بابه، و يتساءل: لم حذف الموصوف و أقيمت الصفة مقامه و لم يفعل ذلك في الموصول. و يجيب بأن الصفة تدل على الذات التي دل عليها الموصوف بنفسها باعتبار التعريف و التنكير، لأنها تابعة للموصوف في ذلك، و الموصول لا ينفك عن جعل الجملة التي معه في معنى اسم معرف، فلو حذفت لكانت الجملة نكرة و اختل المعنى(2).
و مما عرف من آرائه التي كاد ينفرد بها، أن مثل «غلامي» معرب مثل غلامه و غلامك، و أن الاستفهام لا يسوغ الابتداء بالنكرة منه إلا همزة الاستفهام المعادلة بأم مثل: أرجل في الدار أم امرأة(3)؟ و منها تخريجه للمسألة الزنبورية: فقال إن كلمة «إياها» منصوبة على الحال من الضمير في الخبر المحذوف، فالأصل «فإذا هو ثابت مثلها» ، ثم حذف المضاف فانفصل الضمير، و انتصب في اللفظ على الحال على سبيل النيابة. و قال إن المفعولين الثاني و الثالث «لأنبأ» في نحو أنبأت زيدا عمرا فاضلا، مفعول مطلق لأنهما نفس النبأ. و قد انتقد ابن هشام هذين القولين(4).
و نكتفي هنا بهذه الإشارة الموجزة من أعمال ابن الحاجب النحوي، ذلك أنها لم تنصهر في نظام نحو ابن مالك، و لو أنها صارت مع شرح الرضى موسوعة ذات قيمة كبرى في الدراسات النحوية، مثلها مثل شرح ابن يعيش للمفصل و كتاب الهمع للسيوطي.
ص323
_________________________
(1) راجع الديباج المذهب، في ترجمة ابن المنير.
(2) المدارس النحوية:345-346.
(3) المدارس النحوية:344(عازيا للرضى) .
(4) المدارس النحوية:245(عازيا للمغني و اللمع) .
الاكثر قراءة في أهم نحاة المدرسة المصرية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة