ــ آراء مالثوس في النمو الاقتصادي ومدى صلاحيتها  

ان نظرية مالثوس تمثل آراء المفكرين الاقتصاديين اللامعين حيث يرى بأن الطلب على العمال يعتمد على معدل تراكم رأس المال ، ونتيجة لارتفاع معدل نمو السكان بنسبة اكبر من الموارد الطبيعية المتوفرة في البلد يبدأ تناقص الغلة في العمل الذي يتغلب على التقدم الفني وبالتالي ينتهي المجتمع الى الركود ، كما ابرز أهمية النمو المتوازن بين القطاعات وأهميته لتحقيق النمو الاقتصادي⁽¹⁾ ، ان الافكار التي جاء بها الكلاسيكيون بالنمو الاقتصادي قسم منها تم تفنيده كالتقدم الفني والذي يقال انه لايـمكن استخدامه في القطاع الزراعي وانه سيؤخر قانون تناقص الغلة لفترة معينة ، ولكن الواقع اثبت غير ذلك حيث ان استخدام التقنية الحديثة في القطاع الزراعي خاصة ادى الى زيادة الانتاج الزراعي وتحقيق فائض به ، ففي الولايات المتحدة مثلا 1979م كان الانتاج بثلاثة اضعاف الانتاج عام 1932م ، علماً ان مساحة الارض المستخدمة عام1932 اكبر اما بالنسبة للنمو السكاني وفرضيتهم بأن زيادة الاجر تؤدي الى زيادة عدد السكان وبالعكس هذه الفرضية غير موجودة ، والدليل على ذلك عند المقارنة بين نسب النمو السكاني في الدول النامية والدول المتقدمة نجد ان الزيادة في الدول النامية وليس في الدول الرأسمالية ، وان زيادة عدد السكان يرجع الى عوامل دينية واجتماعية وثقافية.

اما بخصوص توزيع الناتج القومي لصالح الطبقة الرأسمالية وبقاء دخول الطبقات الاخرى عند حد ادنى وخاصة العمال ، ان هذا الاسلوب ثبت عدم صلاحيته بالقضاء على ملايين الفقراء في البلدان النامية ، وهذا يؤثر في نمو المجتمع في الأمد الطويل ، اذ يجب العدالة في التوزيع .

ــ نقد نظرية توماس روبرت مالثوس   

تتميز نظرية مالثوس بالفوضوية والتكلف في تشخيص اسباب بؤس الطبقات الدنيا بالمجتمع ومحاولة ايجاد طريقة تساند بها الطبقة الرأسمالية وتعطيها التبرير لذلك فهي تحاول ان تجعل من تجارب اتخذتها بعض الدول التي سادها النظام الرأسمالي ضمن فترة زمنية معينة قوانين اقتصادية يسري مفعولها دائماً وابداً بغض النظر عن الظرف التاريخي والنظام الاجتماعي السائد ، فالاحصائيات التي استند عليها مالثوس لإستقراء حركة السكان عبر التاريخ كانت تقتصر على الولايات المتحدة الامريكية للفترة الواقعة بين القرن السادس عشر والقرن الثامن عشر ، وهو يستقرئ هذه الاحصائيات ان النمو الكبير في حجم السكان في الولايات المتحدة الامريكية كان يعود لهجرة الاعداد الكبيرة من الدول الاوربية الى امريكا ولم يتحقق تاريخياً ذلك حسب إدعاء مالثوس ارتفاع انتاج المواد الغذائية وارتفاع مماثل في حجم السكان وهذا الارتفاع يستمر الى ان تكون الزيادة الحاصلة في حجم السكان اكثر من الارتفاع الحاصل في انتاج المواد الغذائية .

ففي حقيقة الامر هذا الشيء غير مطلق ابداً فهناك حالات وافقت بها انتاج المواد الغذائية وارتفاع المستوى المعاشي للفرد وخاصة في دول اوربا بعد ان استمرت عمليات النمو الاقتصادي بالوقت نفسه حصل انخفاض نسبة الولادات بحيث نما حجم السكان بصورة ابطأ وهناك الأدلة الكثيرة في الواقع العملي على ذلك وهناك تغيرات كبيرة حصلت في موارد الغذاء وهي لا تقل اهمية عن التغيرات التي حدثت في حجم السكان ، وتوسعت مساحة الاراضي الزراعية وتطورت أساليب البحث العلمي ، ان مالثوس يتصور الانسان مستهلك فقط والحقيقة هناك فرق واسع في الكائنات الحية بين الانسان والحيوان فالانسان لم يكن مستهلك فقط وانما هو مستهلك ومنتج بينما الحيوان مستهلك فقط وهو يُسخر لتغذية الانسان وقضاء اشغاله .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ متوكل عباس بن عباس محمد مهلهل ، مبادئ الاقتصاد ، ط1 ، دار المريخ للنشر ، الرياض ، 2009 ، ص67 .