خطبة السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب (عليهم السلام) بحضرة أهل الكوفة |
1231
10:36 صباحاً
التاريخ: 28-10-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2019
706
التاريخ: 31-10-2019
839
التاريخ: 2-11-2019
598
التاريخ: 2-11-2019
962
|
عن حذيم بن شريك الأسدي (1) قال لما أتى علي بن الحسين زين العابدين بالنسوة من كربلاء، وكان مريضا، وإذا نساء أهل الكوفة ينتدبن مشققات الجيوب، والرجال معهن يبكون.
فقال زين العابدين عليه السلام - بصوت ضئيل وقد نهكته العلة -: إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم، فأومت زينب بنت علي بن أبي طالب عليهما السلام إلى الناس بالسكوت.
قال حذيم الأسدي: لم أر والله خفرة قط أنطق منها، كأنها تنطق وتفرغ على لسان علي عليه السلام، وقد أشارت إلى الناس بأن انصتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس، ثم قالت - بعد حمد الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله - أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختل (2) والغدر، والخذل!! ألا فلا رقأت العبرة (3) ولا هدأت الزفرة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا (4) تتخذون أيمانكم دخلا بينكم (5) هل فيكم إلا الصلف (6) والعجب، والشنف (7) والكذب، وملق الإماء وغمز الأعداء (8) أو كمرعى على دمنة (9) أو كفضة على ملحودة (10) ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون أخي؟! أجل والله فابكوا فإنكم أحرى بالبكاء فابكوا كثيرا، واضحكوا قليلا، فقد أبليتم بعارها، ومنيتم بشنارها (11) ولن ترحضوا أبدا (12) وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ حزبكم ومقر سلمكم، واسى كلمكم (13) ومفزع نازلتكم، والمرجع إليه عند مقاتلتكم ومدرة حججكم (14) ومنار محجتكم، ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم، وساء ما تزرون ليوم بعثكم، فتعسا تعسا! ونكسا نكسا! لقد خاب السعي، وتبت الأيدي، وخسرت الصفة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة، أتدرون ويلكم أي كبد لمحمد صلى الله عليه وآله فرثتم؟! وأي عهد نكثتم؟! وأي كريمة له أبرزتم؟! وأي حرمة له هتكتم؟! وأي دم له سفكتم؟! لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا! لقد جئتم بها شوهاء صلعاء، عنقاء، سوداء، فقماء خرقاء (15) كطلاع الأرض، أو ملأ السماء (16) .
أفعجبتم أن تمطر السماء دما، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون، فلا يستخفنكم المهل، فإنه عز وجل لا يحفزه البدار ولا يخشى عليه فوت الثار، كلا إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد، ثم أنشأت تقول عليها السلام:
ماذا تقولون إذ قال النبي لكم * ماذا صنعتم وأنتم آخر الأمم
بأهل بيتي وأولادي وتكرمتي * منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم
ما كان ذاك جزائي إذ نصحت لكم * أن تخلفوني بسوء في ذوي رحم
إني لأخشى عليكم أن يحل بكم * مثل العذاب الذي أودى على ارم ثم ولت عنهم.
قال حذيم: فرأيت الناس حيارى قد ردوا أيديهم في أفواههم، فالتفت إلي شيخ في جانبي يبكي وقد اخضلت لحيته بالبكاء، ويده مرفوعة إلى السماء، وهو يقول:
بأبي وأمي كهولهم خير كهول، ونساؤهم خير نساء، وشبابهم خير شباب ونسلهم نسل كريم، وفضلهم فضل عظيم، ثم أنشد:
كهولكم خير الكهول ونسلكم * إذا عد نسل لا يبور ولا يخزى .
فقال علي بن الحسين عليه السلام يا عمة اسكتي ففي الباقي من الماضي اعتبار، وأنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة، إن البكاء والحنين لا يردان من قد أباده الدهر، فسكتت.
ثم نزل عليه السلام وضرب فسطاطه، وأنزل نسائه ودخل الفسطاط.
___________
(1) حذيم بن شريك الأسدي: عده الشيخ في رجاله ص 88 من أصحاب الإمام علي بن الحسين عليه السلام.
(2) الختل: الخداع.
(3) رقأت: جفت.
(4) أي: حلته وأفسدته بعد إبرام.
(5) أي: خيانة وخديعة.
(6) الصلف: الذي يمتدح بما ليس عنده.
(7) الشنف: البعض بغير حق.
(8) الغمز: الطعن والعيب.
(9) الدمنة: المزبلة.
(10) الفضة: الجص. والملحودة: القبر.
(11) الشنار: العار.
(12) أي لن تغسلوها.
(13) أي: دواء جرحكم.
(14) المدرة زعيم القوم ولسانهم المتكلم عنهم.
(15) الشوهاء: القبيحة. والفقهاء إذا كانت ثناياها العليا إلى الخارج فلا تقع على السفلى. والخرقاء: الحمقاء.
(16) طلاع الأرض: ملؤها .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جمعية العميد تناقش التحضيرات النهائية لمؤتمر العميد الدولي السابع
|
|
|