دافيـد هـيوم 1711-1776م  

استطاع دافيد هيوم الاستفادة من آراء الذين سبقوه حيث ان الفترة التي عاشها في انكلترا متأخرة وهو من الذين تأثر بهم آدم سميث الفيلسوف والمفكر الاقتصادي الذي له وزنه وكانت الافكار الاقتصادية وطروحات المفكرين قد وصلت الذروة فاستفاد من آراء الاخرين لكي تكون آرائه ناضجة وقد قال مقالته المشهورة بأن العمل اساس كل شيء وكل ما يمكن الحصول عليه في العمل وحاجتنا هي السبب الوحيد للعمل وأضاف بأن المعادن النفيسة هي ثروة الأمة والتجارة الخارجية هي المصدر الرئيسي الذي يزود الامة بهذه الثروة ويؤكد بأن العمل هو مصدر الثروة الوحيد وان الفائض من الذهب في الميزان التجاري والمحافظة عليه لا يزيد القدرة على تنميتـه بل على العكس يؤدي ال تدهوره⁽¹⁾ ، وحتى الاراضي الخصبة جداً لم تكن محفزاً لزيادة الثروة لكونها تدفع الافراد للعمل القليل ، دافيد هيوم يسند رأيه الى جون لوك ويرى في النقود ليست سوى رمز ويقول ان التغيير في أثمان النقود يلحقها تغيير في أثمان السلع لان أثمان السلع تتناسب مع الكمية النقدية المتداولة ، وقد حدد قيمة النقد بقوله ان الكمية النقدية المطلقة ليست ذات اهمية بالنسبة لمستوى الأسعار وانما الاهمية للكمية النقدية المتداولة حيث ان الجزء المكتنز لا تأثير له ، ويقول بأن تأثير ارتفاع الكمية النقدية يمكن ان ينجم عنه آثار ايجابية على الانتاج اذا لم يكن هذا الارتفاع على نفس القدر ونفس الفترة الزمنية بالنسبة لكآفة افراد المجتمع ، ويعتقد ان ارتفاع الكمية النقدية يؤدي الى ارتفاع مماثل في الاسعار ولكن بعد انقضاء مدة من الزمن وليس فوراً ، وهذه الفترة الانتقالية من بدء ارتفاع الكمية النقدية الى الارتفاع العام في الاسعار ايجابية بالنسبة للصناعة والاقتصاد ، لكون المنتجين حينما يحصلون على هذه الزيادة يحاولون استخدامها لأغراض انتاجية ، ولن يؤدي الطلب على الأيدي العاملة زيادة في الأجور لأن في اعتقاده ان العمال سوف لن يطالبون بزيادة الاجور وانما يباركون حظهم بوجود عمل افضل من فقده ، تحدث دافيد هيوم عن الفائدة بقوله ان سعر الفائدة المنخفض هو نتيجة لازدهار وتقدم البلد اقتصادياً وليس السبب الحافز في الانتاج الصناعي لغرض التصدير كما يقول التجاريون .

وسعر الفائدة يعبر عن الحالة الاقتصادية التي يعيشها البلد حيث يعني انخفاضها الازدهار وارتفاعها يعني برأيه تعثر الحياة الاقتصادية ، وفي مجال التجارة الخارجية يقول دافيد هيوم بأن تقسيم العمل الدولي يؤدي الى زيادة الرفاهية لدول العالم وهو عكس سياسة التجاريين في التجارة الخارجية بعدم السماح للاجانب غير ابناء البلد بالمتاجرة كما حصل في انكلترا وفرنسا حيث يقول في هذا المجال ان التجارة الخارجية تؤدي الى تكامل البلدان اقتصادياً في ضل تقسيم العمل الدولي ويقول ان تقدم فرنسا والمانيا في صالح انكلترا والاقتصاد الانكليزي سينهار في تضرر هذه البلدان اقتصادياً ، وله رأي في الاستيراد يناقض رأي التجاريين في القول ان في استيراد البضائع منافع تكمن في زيادة العرض السلعي في داخل البلد وينجم عنه اشباع حاجات المجتمع بأسعار منخفضة وبتقدير هيوم ان العدالة المطلقة بعيدة المنال والمنفعة العامة يمكن اعتبارها مؤشر لتحديد العدالة ودعا الى حالة بين الحرية الاقتصادية وتدخل الدولــة . 

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ عبد الرحمن يسري احمد ، تطور الفكر الاقتصادي ، مصدرسابق ، ص165.