أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-5-2021
2288
التاريخ: 7-2-2017
1687
التاريخ: 20-7-2019
1849
التاريخ: 2023-09-16
1346
|
غزوة ذات السلاسل
حدثني ربيعة بن عثمان، عن ابن رومان؛ وحدثني أفلح بن سعد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش، عن أبي بكر بن حزم؛ وحدثني عبد الحميد بن جعفر؛ فكلٌّ قد حدثني منه طائفةً، وبعضهم أوعى للحديث من بعض، فجمعت ما حدثوني، وغير هؤلاء المسمين قد حدثني أيضاً، قالوا: بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن جمعاً من بليٍّ وقضاعة قد تجمعوا يريدون أن يدنوا إلى أطراف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عمرو بن العاص فعقد له لواءً أبيض، وجعل معه رايةً سوداء، وبعثه في سراة المهاجرين والأنصار - في ثلاثمائة - عامر بن ربيعة، وصهيب بن سنان، وأبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وسعد بن أبي وقاص؛ ومن الأنصار: أسيد بن حضير، وعباد بن بشر، وسلمة بن سلامة، وسعد بن عبادة. وأمره أن يستعين بمن مر به من العرب، وهي بلاد بليٍّ وعذرة وبلقين، وذلك أن عمرو بن العاص كان ذا رحمٍ بهم؛ كانت أم العاص بن وائل بلويةً، فأراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتألفهم بعمرٍو. فسار، وكان يكمن النهار ويسير الليل، وكانت معه ثلاثون فرساً، فلما دنا من القوم بلغه أن لهم جمعاً كثيراً، فنزل قريباً منهم عشاءً وهم شاتون، فجمع أصحابه الحطب يريدون أن يصطلوا - وهي أرضٌ باردةٌ - فمنعهم؛ فشق ذلك عليهم حتى كلمه في ذلك بعض المهاجرين فغالظه، فقال عمرو: أمرت أن تسمع لي وتطيع! قال: فافعل!
وبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخبره أن لهم جمعاً كثيراً ويستمده بالرجال، فبعث أبا عبيدة بن الجراح وعقد له لواءً، وبعث معه سراة المهاجرين - أبي بكر وعمر ،ما - والأنصار، وأمره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يلحق عمرو بن العاص. فخرج أبو عبيدة في مائتين، وأمره أن يكونا جميعاً ولا يختلفا. فساروا حتى لحقوا بعمرو بن العاص، فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ويتقدم عمراً، فقال له عمرو: إنما قدمت علي مدداً لي، وليس لك أن تؤمني، وأنا الأمير؛ وإنما أرسلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلي مدداً. فقال المهاجرون: كلا، بل أنت أمير أصحابك وهو أمير أصحابه! فقال عمرو: لا، بل أنتم مددٌ لنا! فلما رأى أبو عبيدة الاختلاف - وكان حسن الخلق، لين الشيمة - قال: لتطمئن يا عمرو، وتعلمن أن آخر ما عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن قال: " إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا ولا تختلفا " . وإنك والله إن عصيتني لأطيعنك! فأطاع أبو عبيدة، فكان عمرو يصلي بالناس. فآب إلى عمرو جمعٌ - فصاروا خمسمائة - فسار الليل والنهار حتى وطىء بلاد بليٍّ ودوخها ، وكلما انتهى إلى موضعٍ بلغه أنه كان بهذا الموضع جمع فلما سمعوا به تفرقوا، حتى انتهى إلى أقصى بلاد بليٍّ وعذرة وبلقين، ولقي في آخر ذلك جمعاً ليس بالكثير، فقاتلوا ساعةً وتراموا بالنبل، ورمي يومئذٍ عامر بن ربيعة بسهمٍ فأصيب ذراعه. وحمل المسلمون عليهم فهربوا، وأعجزوا هرباً في البلاد وتفرقوا، ودوخ عمرو ما هناك وأقام أياماً لا يسمع لهم بجمعٍ ولا بمكانٍ صاروا فيه، وكان يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشاء والنعم، وكانوا ينحرون ويذبحون، لم يكن في ذلك أكثر من ذلك، ولم تكن غنائم تقسم إلا ما ذكر له.
وكان رافع بن أبي رافع الطائي يقول: كنت فيمن نفر مع أبي عبيدة ابن الجراح، وكنت رجلاً أغير في الجاهلية على أموال الناس، فكنت أجمع الماء في البيض - بيض النعام - فأجعله في أماكن أعرفها، فإذا مررت بها وقد ظمئت استخرجتها فشربت منها. فلما نفرت في ذلك البعث قلت: والله لأختارن لنفسي صاحباً ينفعني الله به. فاخترت أبا بكر الصديق فصحبته، وكانت له عباءةٌ فدكية ، فإذا ركب خلها عليه بخلالٍ، وإذا نزلنا بسطها. فلما قفلنا قلت: يا أبا بكر، رحمك الله! علمني شيئاً ينفعني الله به. قال: قد كنت فاعلاً ولو لم تسألني؛ لا تشرك بالله، وأقم الصلاة، وآت الزكاة، وصم رمضان، وحج البيت واعتمر، ولا تتأمر على اثنين من المسلمين. قال: قلت: أما ما أمرتني به من الصلاة والصوم والحج فأنا فاعله، وأما الإمارة فإني رأيت الناس لا يصيبون هذا الشرف وهذا الغنى وهذه المنزلة عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعند الناس إلا بها. قال: إنك استنصحتني فجهدت لك نفسي؛ إن الناس دخلوا في الإسلام طوعاً وكرهاً فأجارهم الله من الظلم، وهم عواد الله وجيران الله، وفي أمانته، فمن أخفر فإنما يخفر الله في جيرانه؛ وإن شاة أحدكم أو بعيره ليذهب فيظل ناتثاً عضله غضباً لجاره، والله من وراء جاره. قال: فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واستخلف أبو بكر ، جئته فقلت: يا أبا بكر، ألم تنهني أن أتامر على اثنين؟ قال: بلى، وأنا على ذلك! قال: فما لك تأمرت على أمة محمد؟ قال: اختلف الناس وخشيت عليهم الهلاك، ودعوا إلي فلم أجد لذلك بداً.
قال: وكان عوف بن مالك الأشجعي رفيقاً لأبي بكر وعمر ،ما معهما في رحلهما، فخرج عوف يوماً في العسكر فمر بقومٍ بأيديهم جزورٌ قد عجزوا عن عملها، فكان عوف عالماً بالجزر فقال: أتعطوني عليها وأقسمها بينكم. قالوا: نعم نعطيك عشيراً منها. فنحرها ثم جزأها بينهم، وأعطوه منها جزأً فأخذه فأتى به أصحابه، فطبخوه وأكلوا منه. فلما فرغوا قال أبو بكر وعمر ،ما: من أين لك هذا اللحم؟ فأخبرهما فقالا: والله ما أحسنت حين أطعمتنا هذا. ثم قاما يتقيآن، فلما فعل ذلك أبو بكر وعمر فعل ذلك الجيش، وقال أبو بكر وعمر ،ما لعوف: تعجلت أجرك! ثم أتى أبا عبيدة فقال له مثل ذلك.
وكان عمرو بن العاص حين قفلنا احتلم في ليلةٍ باردةٍ كأشد ما يكون من البرد، فقال لأصحابه: ما ترون؟ قد والله احتلمت، وإن اغتسلت مت! فدعا بماءٍ فتوضأ وغسل فرجه وتيمم، ثم قام فصلى بهم؛ فكان أول من بعث عوف بن مالك بريداً. قال عوف بن مالك: فقدمت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في السحر وهو يصلي في بيته، فسلمت عليه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عوف بن مالك؟ قلت: عوف بن مالك يا رسول الله! قال: صاحب الجزور؟ قلت: نعم. ولم يزد على هذا شيئاً، ثم قال: أخبرني! فأخبرته بما كان في مسيرنا وما كان بين أبي عبيدة بن الجراح وبين عمرو بن العاص ومطاوعة أبي عبيدة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يرحم الله أبا عبيدة بن الجراح! ثم أخبرته أن عمراً صلى بنا وهو جنبٌ ومعه ماءٌ لم يزد على أن غسل فرجه بماءٍ وتيمم، فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فلما قدم عمرو على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سأله عن صلاته فأخبره فقال: والذي بعثك بالحق لو اغتسلت لمت، لم أجد قط برداً مثله، وقد قال الله: " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً " . فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يبلغنا أنه قال شيئاً
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|