أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-19
896
التاريخ: 18-11-2014
2112
التاريخ: 2024-03-26
930
التاريخ: 2024-03-05
879
|
التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن. فهو يعبر بالصورة المحسة المتخيلة عن المعنى الذهني، والحالة النفسية؛ وعن الحادث المحسوس، والمشهد المنظور؛ وعن النموذج الإنساني والطبيعة البشرية. ثم يرتقي بالصورة التي يرسمها فيمنحها الحياة الشاخصة، أو الحركة المتجددة. فإذا المعنى الذهني هيئة أو حركة ؛ وإذا الحالة النفسية لوحة أو مشهد؛ وإذا النموذج الإنساني شاخص حيّ، وإذا الطبيعة البشرية مجسّمة مرثية. فأما الحوادث والمشاهد، والقصص والمناظر، فيردها شاخصة حاضرة؛ فيها الحياة، وفيها الحركة؛ فإذا أضاف إليها الحوار فقد استوت لها كل عناصر التخييل. فما يكاد يبدأ العرض حتى يحيل المستمعين نظارة؛ وحتى ينقلهم نقلا إلى مسرح الحوادث الأول، الذي وقعت فيه أو ستقع ؛ حيث تتوالى المناظر، وتتجدد الحركات؛ وينسى المستمع أن هذا كلام يتلى، ومثل يضرب؛ ويتخيّل أنه منظر يعرض، وحادث يقع. فهذه شخوص تروح على المسرح وتغدو؛ وهذه سمات الانفعال بشتى الوجدانات، المنبعثة من الموقف، المتساوقة مع الحوادث؛ وهذه كلمات تتحرك بها الألسنة، فتنم عن الأحاسيس المضمرة.
إنها الحياة هنا، وليست حكاية الحياة.
فإذا ما ذكرنا أن الأداة التي تصوّر المعنى الذهني والحالة النفسية؛ وتشخص النموذج الإنسانيّ أو الحادث المرويّ، إنما هي ألفاظ جامدة، لا ألوان تصوّر، ولا شخوص تعبّر، أدركنا بعض أسرار الإعجاز في هذا اللون من تعبير القرآن.
والأمثلة على هذا الذي نقول هي القرآن كله، حيثما تعرض لغرض من الأغراض التي ذكرناها؛ حيثما شاء أن يعبّر عن معنى مجرّد، أو حالة نفسية، أو صفة معنوية، أو نموذج إنساني، أو حادثة واقعة، أو قصة ماضية، أو مشهد من مشاهد القيامة، أو حالة من حالات النعيم والعذاب؛ أو حيثما أراد أن يضرب مثلا في جدل أو محاجّة، بل حيثما أراد هذا الجدل إطلاقا، واعتمد فيه على الواقع المحسوس، والمتخيل المنظور.
وهذا هو الذي عنيناه حينما قلنا : «إن التصوير هو الأداة المفضّلة في أسلوب القرآن». فليس هو حلية أسلوب، ولا فلتة تقع حيثما اتفق. إنما هو مذهب مقرر، وخطة موحدة، وخصيصة شاملة، وطريقة معيّنة، يفتنّ في استخدامها بطرائق شتّى، وفي أوضاع مختلفة؛ ولكنها ترجع في النهاية إلى هذه القاعدة الكبيرة : قاعدة التصوير.
ويجب أن نتوسع في معنى التصوير، حتى ندرك آفاق التصوير الفني في القرآن. فهو تصوير باللون، وتصوير بالحركة، وتصوير بالتخييل؛ كما أنه تصوير بالنغمة تقوم مقام اللون في التمثيل.
وكثيرا ما يشترك الوصف، والحوار، وجرس الكلمات، ونغم العبارات، وموسيقى السياق، في إبراز صورة من الصور، تتملاها العين والأذن، والحس والخيال، والفكر والوجدان.
وهو تصوير حيّ منتزع من عالم الأحياء، لا ألوان مجردة وخطوط جامدة. تصوير تقاس الأبعاد فيه والمسافات ، بالمشاعر والوجدانات. فالمعاني ترسم وهي تتفاعل في نفوس آدمية حيّة، أو في مشاهد من الطبيعة تخلع عليها الحياة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|