أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2016
2221
التاريخ: 18-4-2017
11320
التاريخ: 3-7-2019
1557
التاريخ: 18-4-2017
11356
|
ينصرف معنى الأثر السلبي للأحكام الجزائية الأجنبية إلى فكرة قوة الشيء المقضي فيه، والتي تتضمن عدم جواز إقامة دعوى عمومية مرة أخرى على الشخص نفسه من أجل ذات الفعل المرتكب، بمعنى آخر عدم جواز محاكمة شخص ومعاقبته مرتين على نفس الفعل الإجرامي المرتكب(1) .
فكما هو معلوم إذا صدر حكم جزائي واستنفذ طرق الطعن، صار هذا الحكم عنوانا للحقيقة، وتنشأ قرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات العكس، فتنقضي بذلك الدعوى العمومية فلا يجوز اتخاذ إجراءات جزائية ضد نفس الأشخاص وبسبب ذات الوقائع التي فصل فيها وهذه الفكرة تجد سندها في ضرورة استقرار الأوضاع والمراكز القانونية، سواء تضمن الحكم الإدانة أو البراءة(2) .
كذلك أن الاعتراف بالأثر السلبي للحكم الجزائي تستوجبه اعتبارات العدالة الجزائية التي تتأذى كثيرا من محاكمة ومعاقبة الشخص على ذات الفعل مرتين، وهو ما جعل هذا الأثر يرتقي إلى درجة اعتباره من المبادئ القانونية المتعارف عليها عالميا(3).
وقوة الشيء المقضي فيه وحجية الأحكام الجزائية الصادرة لا تقتصر على حدود الدولة التي صدر فيها هذا الحكم، بل أن متطلبات العدالة الجزائية في هذه الحالة تقتضي توسيع نطاق هذه القوة، لتكون قرينة في مواجهة الجهات القضائية سواء في داخل الدولة التي صدر الحكم باسمها أو خارجها.
تزداد أهمية وضرورة الاعتراف بالأثر السلبي للأحكام الجزائية الأجنبية، إذا كانت الأنشطة الإجرامية تمت في سياق الجريمة المنظمة العابرة للحدود، فلا محالة أن هذه الجريمة في تتخذ بعدا خاصا يترتب عليه اختصاص أكثر من قضاء دولة في النظر في هذه الجريمة ومعاقبة مقترفيها، وهو ما قد يؤدي إلى خرق قاعدة عدم جواز معاقبة الشخص على نفس الفعل مرتين.
وقصد تفادي حالة محاكمة الشخص ومعاقبته على الفعل مرتين، عمدت الكثير من التشريعات الجزائية إلى تبني مبدأ الأثر السلبي للحكم الجزائي، حتى ولو كان هذا الحكم أجنبيا، وٕان كانت تختلف في سياستها المنتهجة في ذلك حول مدى وضوابط تطبيق هذا المبدأ، فغالبيتها تضع حدودا في ذلك بخلاف ما هو عليه الحال إذا تعلق هذا الأمر بحكم جزائي وطني.
اعترف المشرع الجزائري بالأثر السلبي للحكم الجزائي الأجنبي، وذلك في حدود معينة إذ لا يجوز تحريك دعوى عمومية والسير فيها أو محاكمة مرتكب جريمة إذا أثبت أنه حكمعليه نهائيا في الخارج أو أثبت أنه في حالة الحكم بالإدانة أنه قضى العقوبة أو سقطت عنه بالتقادم أو حصل على العفو عنها، وذلك إذا كان مرتكب الجريمة جزائريا والجريمة وقعت خارج إقليم الجمهورية، أو كان مرتكب الجريمة أجنبيا والجريمة واقعة بالجزائر.
أما بالنسبة للمشرع المصري فقد قصر الأثر السلبي المعترف به للحكم الجزائي الأجنبي على الأحكام الصادرة في جرائم وقعت خارج إقليم الجمهورية، إذ احتفظ للجهات القضائية بحق المحاكمة على الجرائم التي وقعت داخل الإقليم ولو صدر بموجبها حكم جزائي أجنبي(4)، وهو ذات الحكم الوارد في التشريع الفرنسي(5).
ما يلاحظ على خطة التشريعات الجزائية الوطنية المتبعة في مجال الأثر السلبي للأحكام الجزائية الأجنبية، أنها لم تتخذ من ذلك مبدأ عاما يسري في كل الحالات، وٕانما غلبت الاعتبارات المتعلقة بالسيادة الوطنية على حساب مصالح المجموعة الدولية ككل.
ولا يقتصر مبدأ الأثر السلبي على التشريعات الوطنية، فحسب، بل نجد حتى الاتفاقيات الدولية قد اعتنقت هذا المذهب، ومثال ذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي قضى بعدم جواز محاكمة ومعاقبة شخص سبق وأن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي وفقا للقانون والإجراءات الجزائية في بلد معين(6)، ويعد هذا الموقف مثالا يقتضى به، ذلك أن هذا العهد قد وضع قاعدة عامة مفادها عدم محاكمة الشخص مرتين على نفس الفعل، دون تفرقة بين ما إذا كانت الجرائم قد ارتكبت داخل الدولة نفسها أو خارجها وبغض النظر عن الدولة التي صدر فيها الحكم.
وتعتبر الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 من أهم الاتفاقيات التي قررت مبدأ عدم جواز محاكمة الشخص عن الفعل مرتين، وذلك نتيجة لاعتناق هذه الاتفاقية لمبدأ العالمية كمحدد للاختصاص القضائي، وهو ما يفرض إمكانية تكفل جهات قضائية تابعة لأكثر من دولة في الفصل والبث في الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية، فحسب هذه الاتفاقية يحق للدولة التي ارتكبت هذه الجرائم في إقليمها أو التي يوجد المجرم في إقليمها أن تحاكم مرتكبي هذه الجرائم، سواء كانوا من المواطنين أو من الأجانب، شريطة أنه لم يسبق وأن تمت محاكمتهم والفصل في قضيتهم (7) ومن الاتفاقيات التي تذكر أيضا في مجال الاعتراف بالأثر السلبي للأحكام الجزائية الأجنبية اتفاقية " تشنجن " Schengen حيث كرست هذه الاتفاقية فصلا خاصا لتطبيق مبدأ عدم جواز محاكمة الشخص عن ذات الفعل مرتين، بحيث أنه إذا صدر حكم جزائي نهائي ضد شخص من طرف إحدى الدول الأطراف في هذه الاتفاقية فإنه ينزع الحق عن سائر الدول الأطراف الأخرى في إعادة محاكمته، وذلك في حالتين إذا صدر حكم بالإدانة متى نفذت العقوبة أو يجرى تنفيذها أو لا يمكن تنفيذها استنادا إلى قانون الدولة التي أدانت هذا الشخص، وكذلك إذا صدر حكم قاضي بالبراءة (8) .
وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن التعاون الدولي في مجال تنفيذ الأحكام الجزائية الأجنبية يجسد حقيقة المهمة العلمية والاجتماعية للقانون الجزائي، وهذه المهمة لا تتحقق إلا بالتنسيق بين الأجهزة القضائية الجزائية بين الدول(9)، وهو ما يتماشى مع روح التعاون التي تنتاب دول العالم في جميع المجالات والميادين وخاصة المجال الجزائي بقصد مكافحة أخطر الجرائم المهددة لأمن واستقرار المجتمع الدولي، التي تعد الجريمة المنظمة العابرة للحدود إحداها.
من هنا تظهر أهمية إيجاد سياسة جزائية حديثة في مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، قائمة على إعداد خطط واستراتيجيات قصيرة وطويلة المد في المسائل الأمنية والقضائية بغية تشديد الخناق على الجماعات التي تضطلع بهذا النوع من الإجرام، سواء على المستوى الوطني أو على صعيد التعاون الدولي.
________________
1- صفوان محمد شديفات، مقال بعنوان : طبيعة الحكم الجزائي الأجنبي المرتبط بجريمة الإرهاب وآليات تنفيذه، دراسات علوم الشريعة والقانون، مجلة علمية محكمة تصدر عن عمادة البحث العلمي الجامعة الأردنية، المجلة 43 ، ملحق 1 - .2016ص 450 .
2- جمال سيف فارس، التعاون الدولي في تنفيذ الأحكام الجنائية الأجنبية، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة . مصر، سنة 2007. ص 155 و 156
3- صفوان محمد شديفات، مرجع سابق. نفس 450
4- أنظر المادة 04 من ق.ع.م.
5-V. Art 113-9. C.P.P Fr.
6- أنظر المادة 14 ف 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 .
7- أنظر المادة 36 ف 2 مط (أ)- 4 من الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961
8- V. Art du 54 au 58. Convention d’ application de l’ accord de Schengen.
9- صفوان محمد شديفات، مرجع سابق. ص 450
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|