أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-07-2015
2825
التاريخ: 27-03-2015
2776
التاريخ: 27-03-2015
3822
التاريخ: 27-03-2015
3490
|
كان الكسائي متعدد الجوانب، إذ كان من أئمة القراء واللغويين والنحاة؛ ولذلك كثر تلاميذه وتعددوا حسب الجوانب التي كان يتقنها ويحاضر فيها ويملي، فمنهم من أخذ عنه القراءات واللغة، ولعل أشهرهم أبو عبيد القاسم(1) بن سلام، وقد جمع من إملاءاته كثيرا في كتابه "معاني القرآن" وصور قراءاته في كتابه عن القراءات. وكانت له عناية شديدة باللغة ورواية غريبها على نحو ما هو معروف في كتابه الغريب المصنف. وتذكر له كتب النحو أنه كان يذكر أن بين العرب قوما ينصبون بإن وأخواتها الاسم والخبر جميعا، كقول بعض الشعراء :
إذا اسود جنح الليل فلتأت ولتكن ... خطاك خِفافا إن حراسنا أسدا
والجمهور يتأولون ذلك ومثله على الحال، وأن الخبر محذوف(2) . ومنهم من شدا عنه اللغة والشعر وأطرافا من النحو، وهم جماعة من المؤدبين، لعل أشهرهم علي(3) بن المبارك الأحمر مؤدب الأمين، وكان يحفظ كثيرا من القصائد وأبيات الغريب، وروى السيوطي أنه كان يزعم -مع الفراء - أن ما قد تكون أداة استثناء، بدليل قول بعض العرب: "كل شيء مَهَهٌ "سهل" ما النساءَ وذكرَهن" أي : إلا النساء وذكرهن. وتأوله النحاة بأن فعل الاستثناء بعد ما حذف، والتقدير: ما خلا أو ما عدا النساء وذكرهن (4).
وممن قرأ عليه اللغة والنحو وقراءة حمزة محمد(5) بن سعدان الضرير وكان
ص186
له كتاب كبير في القراءات، وألف في النحو مختصرا، وكان يجوِّز نداء الجنس المعرف بالألف واللام المشبه به مثل: "يا الأسد" أي: يا مثل الأسد(6). ومعروف أن الجمهور لا يجيز ذلك إلا مع أي, تقول: "يا أيها الأسد" ولا يجوز: "يا الأسد" ألبتة.
وممن غلبت عليه اللغة من تلاميذه علي(7) بن حازم اللحياني، وكان يتصدر للإملاء في زمن الفراء، واشتهر بكتاب في اللغة يسمى "النوادر". ودارت في كتب النحو له روايتان شاذتان شذوذا شديدا, أما الأولى فروايته أن من العرب من يجزم بأن الناصبة للمضارع، إذ ذكر أن بعض بني صباح من ضبة أنشده قول امرئ القيس:
إذا ما غدونا قال ولدان أهلنا ... تعالوا إلى أن يأتِنا الصيد نحطب
وقول بعض الرجاز:
أحاذر أن تعلمْ بها فتردها ... فتتركها ثقلا علي كما هيا
ويروى البيت الأول: "إلى أن يأتي الصيد" وإذن تسقط رواية اللحياني، أما البيت الثاني فقال ابن هشام: فيه نظر؛ لأن الراجز عطف على الفعل المسكن أفعالا منصوبة مما يدل على أنه مسكن للضرورة لا مجزوم(8) وأما الرواية الثانية فما ذكره من أنه سمع بعض العرب ينصب بلم الجازمة مثل لن تماما كقول بعض رجازهم:
في أي يومي من الموت أفر ... أيوم لم يُقْدَرَ أم يوم قدر
وكقراءة بعض القراء شذوذا : "أَلَمْ نَشْرَحَ لك صدرك" بفتح الحاء. وخرّج ذلك بعض النحاة على أن الأصل: "لم يُقْدرَنْ" و"أَلَمْ نَشْرَحن" ثم حُذفت نون التوكيد الخفيفة وبقيت الفتحة دليلا عليها(9). وهي على كل حال صيغ شاذة لا يعوَّل عليها في القواعد المطردة.
على كل حال، ليس بين من سميناهم من تلاميذ الكسائي من يمكن أن يقال
ص187
عنه: إنه نمَّى النحو الكوفي، وكأن هؤلاء التلاميذ تركوا هذه المهمة لعَلَمين هما الفراء، وسنفرد له فصلا خاصا، وهشام بن معاوية الضرير، وحري أن نخصه بكلمة مستقلة.
ص188
____________________
(1) انظر في ترجمة القاسم بن سلام: الزبيدي ص217، ونزهة الألباء ص136، وأبا الطيب اللغوي ص93، والفهرست ص112, ومعجم الأدباء 16/ 254، وتاريخ بغداد 12/ 403، وطبقات الشافعية 1/ 270 ، وطبقات القراء 2/ 16، وتهذيب التهذيب 8/ 315، وإنباه الرواة 3/ 12، وبغية الوعاة ص376.
(2) همع الهوامع 1/ 134.
(3) راجع ترجمته في الزبيدي ص147، وأبي الطيب اللغوي ص89، وتاريخ بغداد 12/ 104، ونزهة الألباء ص97، ومعجم الأدباء 13/ 5، وإنباه الرواة 2/ 313، وبغية الوعاة ص334.
(4) الهمع 1/ 233.
(5) انظر في ترجمته الزبيدي ص153, والفهرست ص110 ، وتاريخ بغداد 5/ 324، ونزهة الألباء ص144، ومعجم الأدباء 18/ 201، وطبقات القراء 2/ 143، وبغية الوعاة ص45.
(6) الهمع 1/ 174.
(7) راجع في ترجمته: الزبيدي ص147، وأبا الطيب اللغوي ص89، ونزهة الألباء ص176، ومقدمة تهذيب اللغة للأزهري، ومعجم الأدباء 14/ 106، وإنباه الرواة 2/ 255، وبغية الوعاة ص346.
(8) المغني ص27.
(9) المغني ص307.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|