أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-5-2017
3521
التاريخ: 21-6-2017
3086
التاريخ: 7-6-2017
3061
التاريخ: 23-5-2017
5495
|
انسانياً واجتماعياً مع البلد الجديد وأهله. وقد استقبلت المدينة المهاجرين من مكة واحتضنتهم، ولكن بقيت شريحة من اهل يثرب تعمل ضدّ الاسلام، وهم الذين اتخذوا صفة النفاق والكيد ضد الدين الجديد. وكان في مقدمتهم عبد الله بن ابي سلول، رأس النفاق. وقد وصفهم القرآن الكريم بالقول: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} [آل عمران: 167]، {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 168]. فهؤلاء المنافقين خذلوا المسلمين لاحقاً قبل ان تبدأ المعارك الكبرى، وثبطوا الناس عن القتال فكانوا اقرب الى الكفر منهم الى الايمان. فليس غريباً ان يعادي هؤلاء المنافقون المهاجرين ويعتبرونهم ثقلاً جديداً على مدينتهم.
لقد رافقت عملية الهجرة مشقة عظيمة انحصرت بشخصيات المهاجرين كالبعد عن الاهل وصعوبة التكيّف وضنك العيش، الا ان طبيعة المبادرة بقيّت بيد النبي (صلى الله عليه واله). فهو الذي كان يقود مجتمع المدينة وينظّم شؤون الدولة والافراد بما كان يوحيه اليه وحي السماء. فقد آخى (صلى الله عليه واله) بين المهاجرين والانصار، وآخى (صلى الله عليه واله) بينه وبين علي (عليه السلام)، وهو الذي كان يدعوهم جميعاً للقتال فيساهموا فيه ويشتركوا في تحمّل أعبائه الباهضة عدا ما يكون عند بعض الذين في قلوبهم مرض.
ولا شك ان المؤاخاة التي أعلنها رسول الله (صلى الله عليه واله) بين المهاجرين والانصار كان لها هدفان. الاول: اعادة تأهيل المهاجرين نفسياً واجتماعياً. والثاني: دمج مجتمع المهاجرين بمجتمع الانصار وتوحيدهم عقائدياً تحت راية الاسلام.
بينما كانت مؤاخاته (صلى الله عليه واله) مع علي (عليه السلام) تهدف الى تثبيت موقع علي (عليه السلام) منه (صلى الله عليه واله) ومن الرسالة ايضاً، حتى لا يفقد الذين اعماهم الحقد الجاهلي نظرتهم الواقعية لشخصيته الرسالية (عليه السلام) في خضمّ مشقة الهجرة وواقع المجتمع الجديد.
«قال ابن اسحاق: وآخى رسول الله (صلى الله عليه واله) بين اصحابه من المهاجرين والانصار... ثم اخذ بيد علي بن ابي طالب، فقال: هذا اخي» ثمّ علّق ابن اسحاق قائلاً: «فكان رسول الله (صلى الله عليه واله) سيد المرسلين، وامام المتقين ، ورسول ربّ العالمين، الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد، وعلي بن ابي طالب (رضي الله عنه) أخوين»، بينما كان حمزة بن عبد المطلب اسد الله واسد رسوله (صلى الله عليه واله) وعم رسول الله (صلى الله عليه واله)، وزيد بن حارثة مولى رسول الله (صلى الله عليه واله) أخوين.
وعلّق السهيلي على ذلك على ما في هامش «سيرة ابن هشام»: «آخى رسول الله (صلى الله عليه واله) بين أصحابه حين نزلوا بالمدينة، ليذهب عنهم وحشة الغربة، ويؤنسهم من مفارقة الاهل والعشيرة، ويشدّ أزر بعضهم ببعض. فلما عزّ الاسلام، واجتمع الشمل، وذهبت الوحشة انزل الله سبحانه: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: 75]، يعني في الميراث. ثم جعل المؤمنين كلهم اخوة فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] يعني في التوادد، وشمول الدعوة».
وقد كانت تلك الهجرة فريدة من نوعها، لان المهاجرين كانوا بحاجة الى تكيّف اجتماعي ؛ بينما كان المهاجرون والانصار معاً بحاجة الى تكيّف عقلي ونفسي مع العقيدة الجديدة. ولذلك كان دور علي (عليه السلام) الفكري والحربي البطولي والروحي وزهده في الحياة _ في دار الهجرة الجديد _ مهماً في تثبيت اسس الاسلام ورسالته الخالدة. وبالخصوص من خلال كفاحه مع جيش النبي (صلى الله عليه واله)، وجهاده في نشر مباني تلك العقيدة وتعليم القرآن، وضربه المثل الأعلى في القدوة.
ولم يكن التكيّف الاقتصادي للمهاجرين سهلاً، فقد بقي اغلبهم فقراء من أهل الصفة والفاقة، لا يملكون ما ينفقون. يروى ان صهيباً حين أراد الهجرة قال له كفار قريش: أتيتنا صعلوكاً حقيراً، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، ثم تريد ان تخرج بمالك ونفسك، والله لا يكون ذلك! فقال لهم صهيب: أرأيتم ان جعلت لكم مالي أتخلّون سبيلي؟ قالوا: نعم. قال: فاني جعلت لكم مالي. قال: فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه واله). فقال: ربح صهيب ربح صهيب.
وكان المهاجرون يصحبون رسول الله (صلى الله عليه واله) ويشتركون في قتال المشركين في الحروب التي خاضها (صلى الله عليه واله). وبقي علي (عليه السلام) زاهداً في معاشه وحياته. فقد كان يقاتل قتال الابطال ويشد على بطنه الحجر من الجوع.
ولكن التكيّف الاجتماعي والنفسي السريع كان مصحوباً بنـزول القرآن المجيد على النبي (صلى الله عليه واله) وايصاله الى المسلمين جميعاً. وكان القرآن وسنّة رسول الله (صلى الله عليه واله) تخلق وضعاً قانونياً جديداً للمجتمع الاسلامي الحديث، خصوصاً فيما يتعلّق بالعقود، والنكاح، والارث، والتعامل مع المؤمنين، والعبادات الجماعية. فكانت الاحكام الشرعية تثري المجتمع الجديد بقوانين النظام والحركة والعمل المشترك.
ان التكيّف السريع الذي تمّ بين المهاجرين والانصار كان متوقعاً على المدى القصير. لان الطرفين كانا يحملان تشابهاً وانسجاماً في التركيبة الثقافية والاجتماعية والاقصادية. ولكن ظهر الاختلاف واضحاً جلياً يوم السقيفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) عندما تنادوا: منّا امير ومنكم امير.
ولكن علياً (عليه السلام) الذي آخاه رسول الله (صلى الله عليه واله) مع نفسه أول الهجرة لم يكن يفكر بذلك الفصل بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه واله)، كما كان بعض الانصار والمهاجرين يفكر بعد وفاته (صلى الله عليه واله). فقد كان الانسجام الديني تاماً بينهما (عليهما السلام)، بل كان علي (عليه السلام) جزءً من رسول الله (صلى الله عليه واله) يحمل هم العقيدة، وينظر الى ما بعد فترة المصاعب والمشاق، وكان (عليه السلام) يرى اهداف الاسلام المستقبلية بنور الله عزّ وجلّ.
لقد كانت حياة علي (عليه السلام) مبنية على الهجرة في سبيل الله، والحركة من موضع الى آخر من أجل اعلاء الاسلام. فقد انتقل من مكة الى المدينة، ومن المدينة الى الكوفة، وانتقل في معاركه من المدينة الى البصرة، ومن الكوفة الى الشام. وبكلمة، فلم يركن الى العيش الرغيد في منطقة آمنة يسترخي فيها، كما كان البعض يتوقع. بل كان يتحرك _ بيقين _ حيث ما يُرضي الله تعالى ويُرضي رسوله (صلى الله عليه واله).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|