المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6689 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الفطرة
2024-11-05
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05



نقوش عن الاحوال الداخلية لشبه الجزيرة  
  
2612   03:56 مساءً   التاريخ: 27-8-2018
المؤلف : لطفي عبد الوهاب
الكتاب أو المصدر : العرب في العصور القديمة
الجزء والصفحة : ص147- 157
القسم : التاريخ / احوال العرب قبل الاسلام / عرب قبل الاسلام /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-2-2017 1997
التاريخ: 22-1-2017 2980
التاريخ: 2024-08-15 356
التاريخ: 2023-12-21 906

أ- نقوش عن الأحوال الداخلية لشبه الجزيرة:

هذه بعض أمثلة من النقوش، سواء منها ما عثر عليه بشبه الجزيرة أو في بلاد أخرى احتكت بها أو تعاملت معها بشكل أو بآخر وسجلت هذه الاحتكاكات أو هذه المعاملات نقوشها. وقد سبق أن ذكرت أن وجود عدد من النقوش بلغات مختلفة في إحدى المناطق يشير عادة إلى أن هذه المنطقة كانت نقطة التقاء أو مرور في هذه المنطقة، عادة ما يكون تجاريا، للفئات أو المجموعات التي تتحدث بهذه اللغات. ونحن نجد منطقة لها هذه الصفة في القسم الشمالي الأوسط من شبه الجزيرة، ففي واحة الجوف وغيرها من المواقع الأثرية عثر على عديد من النقوش النبطية والثمودية واللحيانية والمعينية والسبئية، كما تتكرر الظاهرة ذاتها في المنطقة الشمالية الغربية في شبه الجزيرة حيث نجد في موقع العلا عددًا من النقوش الدادانية والمعينية واللحيانية والثمودية والنبطية (1). ويلاحظ هنا أن النقوش المعينية من أندر النقوش في هذه المنطقة؛ لأنها مقصورة إلى حد كبير على جنوبي شبه الجزيرة. ونحن نستطيع أن ندرك مغزى تجمع هذه النقوش المختلفة اللغات في هذه المنطقة إذا تذكرنا أن هذه المنطقة يمر بها الخط التجاري البري الذي كان يتفرع من خط القوافل الطولي "الذي كان يخترق شبه الجزيرة من الجنوب إلى الشمال" جنوبي العلا ليصل إلى وادي الرافدين في منطقة تقع عند مدينة النجف الحالية.

كذلك مر بنا أن انتشار نقوش بلغة واحدة في مناطق عديدة من شبه الجزيرة يعني أن المتحدثين بهذه اللغة ينتشرون في كل هذه المنطقة، وهو أمر نجده واضحا في انتشار النقوش الثمودية "النجدية والتيمائية" على امتداد واسع يشمل وسط شبه الجزيرة حيث نجد نقوشا ثمودية كثيرة على واجهة جبل برمة وفي موقع البيجادية شرقي الدوادمي، ويمتد نحو الغرب لنجد مجموعة أخرى من هذه النقوش حول مدينة الطائف، وإلى الشمال حيث نجد مجموعة ثالثة على جبل ياطب وجبل المليحية، وإلى المنطقة الشمالية الغربية حيث نجد بعض هذه النقوش على جبل غنيم تدلنا على أنه المكان الأصلي والأول لعبادة صلم الوثنية، ثم بعدد من المواقع في المنطقة الشمالية الغربية من شبه الجزيرة، من بينها عدد من النقوش على واجهة أحد الجبال في وادي عكمة شمالي العلا، ونقش على جدار في منظر بني عطية بالقرب من القرية (2).

وبعض النقوش قد تقدم لنا معلومات تساعدنا على معرفة مدى الارتباط أو الاتصال بين لغة ولغة، ومن أمثلة ذلك النقوش المعينية السبئية "وهي نقوش بلغة جنوبية كما أسلفت" التي وجدت بموقع إثرا في منطقة قريات الملح في القسم الشمالي الأوسط من شبه الجزيرة والتي يحاول الباحثون اللغويون أن يجدوا فيها همزة الوصل بين لغة الجنوب ولغة الشمال، ومثل النقش الذي اكتشفه جوزف هاليفي في نقب الحجر بمنطقة نجران "عام 1772م" ومن هذا النقش عرف الباحثون اللغويون أن اللغة الجنوبية في شبه جزيرة العرب قريبة من اللغة الأكدية "البابلية والآشورية" واللغة الحبشية في بعض الجوانب مثل تكوين الأسماء وتصريف الأفعال وبعض المفردات والضمائر، ولكن وجود جمع التكسير بها يجعلها تقترب أكثر من لغة العرب الشماليين واللغة الحبشية. كذلك فإن الخط الذي كتب به النقش الذي نحن بصدد الحديث عنه كان البداية لمعرفة العلاقة بين الخط العربي الجنوبي وبين الخط الذي كتبت به بعض النقوش التي عثر عليها في سيناء، وهو الخط الذي يمثل حلقة الوصل بين الأبجدية الفينيقية والأبجدية المصرية القديمة التي أخذت عنها الأبجدية الفينيقية وطورتها (3).

كذلك نعرف من بعض النقوش معلومات عن الأحوال والنظم والقوانين والعبادات التي كانت سائدة في منطقة أو أخرى من شبه الجزيرة. وفي هذا المجال فقد تم العثور حتى الآن في اليمن وحدها على حوالي 4 آلاف نقش يرجع أقدمها إلى القرن التاسع أو الثامن ق. م. على أقل تقدير، ويمكن تصنيفها إلى عدة أنواع؛ فبعضها يتصل بنذور قدمها بعض الأشخاص إلى الآلهة "إلمقه" و"عشتار" و"شمس" وقد نقشوها على لوحات من البرونز وضعوها في معابد هذه الآلهة، ومنها نتعرف على جانب من عبادات المنطقة، وبعضها منقوش على جدران المعابد وبعض المباني العامة ليسجل ويخلد أسماء المهندسين المعماريين الذين أسهموا في بنائها، ومن هذه النقوش "إلى جانب البقايا الأثرية نفسها" نعرف إلى أي حد ازدهر فن المعمار في اليمن بحيث حرص المهندسون المعماريون أو القائمون على هذه المباني على الربط بين أسمائهم وبين العمل المعماري الذي قاموا به أو أسهموا فيه بشكل أو بآخر. ومن بين هذه النقوش كذلك مجموعة تسجل أحداثا تاريخية مثل ذكر حملة عسكرية أو تسجيل انتصار، ومجموعة تسجل أوامر الشرطة والأوامر الإدارية الداخلية التي نتعرف من خلالها على اتجاهات الحكومات التي قامت في المنطقة في تنظيم مجتمعهم وإشاعة الاستقرار فيه، ثم مجموعة لها قيمتها بالنسبة لدارس النظم السياسية وهي تسجل بعض القوانين التي تكشف النقاب عن تطور دستور طويل عرفته المنطقة، وأخيرا هناك عدد من النقوش الجنائزية الموجودة على عدد من المقابر والتي تشير إلى بعض الشعائر والطقوس والأسماء التي تعطينا فكرة عن تقاليد السكان في هذا المجال، إلى جانب بعض المعلومات التي قد تساعدنا الأسماء الموجودة في النصوص على التوصل إليها بشكل غير مباشر عن طريق المقارنة مع نصوص أخرى.

ومن بين هذه النقوش اليمنية -على سبيل المثال- نص وجد منقوشا على حجر في الحائط الجنوبي لمنزل كشف الأثريون عنه في "تمنع" في وادي بيهان "في قتبان"، والمنزل يدعى منزل "يَشَف". والنص يذكر شراء بعض أشخاص لهذا المنزل حسب القواعد والقوانين المرعية التي كانت سائدة في عهد الملك "شَهْرياجل يُهَرْجِبْ" ملك قتبان وعمه الوصي على العرش فرع كرب، والتي تباركها الآلهة "والنص يعدد هذه الآلهة". ومن تفصيلات النص يمكن للباحث أن يعرف شيئا عن عبادات منطقة قتبان وآلهتها، وعن بعض أنواع العمارة التي كانت سائدة في الفترة التي نقش فيها هذا النص، إذ إن النص يذكر لنا تفصيلات المبنى وغرفه وملحقاته، وعن نظام تسجيل العقارات، ثم نستطيع القول عن طريق المقارنة مع نصوص أخرى ظهر فيها اسم الملك المذكور في النص، أن هذا النص يرجع إلى أوائل القرن الأول ق. م.

على أكبر تقدير، وأخيرا فنحن نستطيع أن نعرف بمقارنة هذا النص مع نصوص أخرى أن انقلابا أو اغتصابا للعرش قد حدث في هذه الفترة (4).

ب- نقوش عن العلاقات الخارجية لشبه الجزيرة:

أما عن النقوش التي تعرفنا بالعلاقات الخارجية لشبه جزيرة العرب فسأقدم ثلاثة يمثل كل واحد منها نوعا من هذه العلاقات. والنقش الأول عثر عليه في وادي ماسل بالمنطقة الوسطى من شبه الجزيرة، وهو نقش سبئي يرجع تاريخه إلى 516م كتب باسم معد يكرب يعفر بمناسبة حملته ضد المنذر الثالث ملك الحيرة "وهي إمارة عربية في القسم الشمالي الشرقي لشبه الجزيرة" (5).

وذكر هذه الحملة في هذا النص يساعد على توضيح العلاقات الدولية التي كانت سائدة في ذلك الوقت. ودون دخول في التفاصيل فقد كان هناك صراع سياسي اقتصادي ديني متعدد الأطراف، ظهر فيه البيزنطيون والفرس والحبش واليمنيون ووجود وفاق أو خلاف بين هؤلاء الأطراف كان أمرًا يخضع لكثير من التغير من ظرف إلى ظرف، ومن هنا فإن احتكاكا أو اتصالا بين ملك اليمن وملك الحيرة "الذي كان تابعا للإمبراطور الفارسي" كان أمرا واردا.

والنقش الثاني واحد من عدد كبير من النقوش تشير إلى العرب أو إلى شبه الجزيرة العربية، عثر عليها بين السجلات الخاصة بملوك الدولة الآشورية والدولة البابلية الحديثة، ويعود أولها إلى عهد الملك الآشوري شلمنصر الثالث "858-824 ق. م" وآخرها إلى عهد نابونائيد "555-539 ق. م" آخر ملوك الدولة البابلية الحديثة. والنقش الذي نحن بصدد الحديث عنه يرجع إلى عصر الملك آشور بانيبال "668-633 ق. م" وفي هذا النقش يتحدث الملك عن حملة قام بها ضد "يواتع ملك العربية" ويذكر أنه قام بهذه الحملة ضده لأن يواتع قد تجاهله ولم يرسل له الجزية المقررة عليه. وبعد أن يصف آشور بانيبال سير الحملة وتفاصيل المعركة يختم نقشه بأن يذكر أنه انتصر على يواتع وسكان العربية الذين ثاروا معه وأنه سحق هؤلاء الثوار وأحرق خيامهم. أما يواتع نفسه فقد فر إلى أرض النبط (6). والنقش يلقي ضوءًا على التيارات التي كانت سائدة في شمالي شبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت، وهي منطقة أصبحت معبرا بين الدولة الآشورية واتجاه توسعها نحو سورية. ويبدو من النص أن العرب في هذه المنطقة العبورية كانوا قد اعترفوا بنوع من التبعية للملوك الآشوريين، ولكنها لم تكن تبعية لينة العريكة، وإنما كان فيها شد وجذب من حين إلى حين، كما يظهر لنا كذلك أن هذا الملك العربي الذي ربما كان مجرد شيخ لقبيلة قوية أو رئيسا لمجموعة متحالفة من القبائل في المنطقة، كانت له علاقات خارجية من النوع الذي يمكن أن نسميه علاقات حسن جوار مع منطقة الأنباط الموجودة تجاه الغرب.

ثم أشير إلى أقدم نقش عربي وجد في مصر، وهو نقش يرجع إلى العصر البطلمي "301-30 ق. م" ومدون بالخط العربي الغربي على تابوت التاجر المعيني "زيد إبل". والتابوت محفوظ في المتحف المصري بالقاهرة، وفي هذا النقش يتحدث زيد إبل عن معاملات بينه وبين كهنة المعابد المصرية نراه في ثنائها يقدم إلى هذه المعابر مقادير من المر وقصب الطيب مقابل أقمشة مصرية. ويذكر أنه استخدم سفينة في استيراد هذه المحاصيل العربية، كما يشير إلى دين عليه يستحق الوفاء في شهر حتحور. وفي موضع آخر في النص يشير إلى أنه وفَّى بكل ديونه في شهر كيهك. ويختم زيد إبل حديثه بنوع من الدعاء إلى الآلهة يبدو منه أن يبتهل إليها لكي تضفي حمايتها على تابوته، وهو يجمع في هذا الدعاء بين الإله المصري "أوزير - حابي" "وهو يورده في النص بنطق معرب هو أثر حف" وبين آلهة موطنه الأصلي (7).

ويستطيع دارس هذا النقش أن يتعرف من خلاله على مجموعة من الحقائق ومن بين هذه الحقائق على سبيل المثال مدى العلاقة الوثيقة التي كانت تربط بين هذا التاجر العربي وبين الكهنة المصريين، وهذه العلاقة الوثيقة يمكن أن نوائم بينها وبين عدد كبير من النقوش التي كتبت بلغة عربية جنوبية أو لغة عربية شمالية، وهي نقوش عثر على أعداد كبيرة منها في الصحراء المصرية الشرقية بين نهر النيل والبحر الأحمر، وتشير إلى نزوح عدد من سكان شبه الجزيرة العربية إلى هذه المنطقة في عهد البطالمة. كذلك بمقدورنا أن نستنتج من هذا النص اندماج هذا التاجر العربي في الحياة المصرية "وهو اندماج يمكن أن يكون واردا في حالة عدد كبير من العرب النازحين إلى مصر في تلك الفترة"، فنحن نرى هذا التاجر يتقدم بدعائه وابتهالاته لا إلى آلهته فحسب، بل كذلك إلى إله مصري. ثم هو لا يذكر هذا الإله المصري باسمه الذي كان شائعا بين اليونان المقيمين في مصر "وفي الواقع بين اليونان في خارج مصر، وقد كانت عبادة هذا الإله شائعة بينهم كذلك" وهو سرابيس، ولكنه يذكره باسمه المصري أوزير-حابي "بعد أن عربه إلى أثرحف" مما يشير إلى أن اندماج هذا التاجر لم يكن مع اليونان وإنما مع المصريين. بل لقد ذهب بعض الباحثين، بناء على هذا الاندماج، إلى أن "زيد إبل" أصبح في الواقع كاهنا في المعابد المصرية، وأن الكهنة المصريين قبلوا انخراطه في سلك رجال الدين المصريين، ورأوا في هذا ما ييسر عليهم الحصول على حاجتهم من البخور والطيوب اللازمة لأداء الشعائر والطقوس الدينية بشكل مباشر دون وساطة السوق التي ترفع وساطتها من ثمن هذه السلع بالضرورة.

وأخيرا فإن النقش يكشف لنا عن حقيقة مهمة هي أن المواصلات في هذه الفترة بين عرب شبه الجزيرة العربية وبين مصر لم تكن قاصرة على الطريق البري، وإنما كانت تتم كذلك عن الطريق البحري عبر البحر الأحمر، وفي الواقع نحن نعرف أن المواصلات البحرية عبر البحر الأحمر كانت قائمة، فقد وجدت أو أقيمت في مصر موانئ على شاطيء البحر الأحمر من الناحية المصرية مثل ميناء ميوس هرموس وميناء بيرينيكي "رأس بناس حاليا" وميناء القصير، كما أقام اليونان على الساحل الشرقي للبحر الأحمر من ناحية شبه الجزيرة العربية ميناء "ليوكي كومي" أو القرية البيضاء "الوجه حاليا"، ولكن الجديد الذي يقدمه لنا النص هو أن الطرق البحرية بين هذه الموانئ المتقابلة على البحر الأحمر بين مصر وشبه الجزيرة العربية لم تكن حكرًا على البحار اليونان وإنما كان الملاحون العرب يستخدمونها كذلك. ولهذه الحقيقة التي يكشفها النص أهميتها فإن النقوش العربية العديدة التي عثر عليها في صحراء مصر الشرقية كلها تقريبا نقوش مقتضبة؛ ومن ثم لم تتسع للإشارة إلى عدد من الحقائق، من بينها هذه الحقيقة.

ج- تقويم عام للنقوش:

وفي ختام الحديث عن النقوش أود أن أشير إلى أن هذا النوع من النصوص هو عادة أدق في تصويره للحقيقة التاريخية من غيره من النصوص، مثل تلك التي ترد ضمن كتابات تاريخية قد لا يكون كاتبها معاصرًا للأحداث التي يؤرخ لها أو قد يكون منحازًا، لسبب أو لآخر، لأحد الأطراف التي يكتب عنها. ولكن النقوش، من جهة أخرى، تكون عادة أقل شمولا من حيث إعطاء صورة متكاملة للمجتمع ككل، أو لفترة زمنية على شيء من الطول، فالنقش، في أغلب الأحوال، يتناول حدثا واحدا وقد لا يزيد على بضعة سطور في كثير من الأحيان وهو أمر نلمسه، على سبيل المثال، في الغالبية العظمى من النصوص اليمنية "السبئية أو الحميرية أو المعينية".

كذلك، فرغم دقة النقوش في تصوير الحقيقة بالنسبة لبعض الكتابات الأخرى، إلا أنه لا ينبغي لنا أن نأخذ ما تقدمه هذه النقوش كقضية مسلم بصحتها في كل الحالات، وربما كان من المؤشرات السليمة في الاعتماد على ما تقدمه لنا النقوش، هو أن نطمئن إليها إذا كانت تتحدث عن مسائل في الحياة اليومية العادية، كتسجيل عقار، أو صفقة تجارية، أو الإشارة إلى قانون، أو تقديم قربان لإله أو لعدد من الآلهة. ولكننا يجب أن نكون على شيء من الحذر إذا كان النقش يشير إلى ملك أو حاكم يتحدث عن منجزاته وبخاصة إذا كان الأمر يتعلق بانتصارت أحرزها على خصومه أو أعدائه، فالملوك أو الحكام في العصر القديم "وفي الواقع كل العصور" يميلون إلى المبالغة في تمجيد أنفسهم وأعمالهم إذا كان الحكم فرديا. وعلى سبيل المثال فإننا حين نسمع من أحد النصوص الآشورية التي تخص علاقة الآشوريين بالعرب أن الملك تجلات بيليسر الثالث "744-727 ق. م" قد اجتاح 15 مدينة للملك إيديبعلي العربي، فإننا يجب أن نتوقف قليلا، فهذه "المدن" قد لا تكون في الواقع أكثر من تجمعات بسيطة من الخيام. كذلك حين يذكر هذا الملك ذاته أنه قتل "ربما يقصد غَنَمًا" من الملكة سمسي، ملكة بلاد العرب، 30 ألف جمل فإننا يجب أن نتوقف مرة أخرى؛ فالملكة سمسي ليست ملكة لكل بلاد العرب، وإنما هي رئيسة لقبيلة أو ربما لعدد من القبائل المتحالفة على أكثر تقدير، و30 ألف جمل هو عدد مبالغ فيه دون شك في مثل هذه الدائرة الضيقة (8). ولكن هذه المبالغات، التي هي في الواقع من طبيعة الأشياء، لا تلغي قيمة النقش، أو حتى تقلل من هذه القيمة إلى حد ملموس، فالباحث لا يعتمد في دراسته على نقش واحد، وإنما يقارنه بغيره من النقوش أو المصادر الأخرى المتعلقة بالحدث أو الموقف الذي يكتب عنه، ومن هذه المقارنة يستطيع في أغلب الأحوال أن يقترب إلى حد كبير من الحقيقة التاريخية.

____________

(1) راجع أمثلة لبعض هذه النقوش في ملحق اللوحات: 19 أ - ج؛ راجع كذلك: مقدمة عن آثار المملكة العربية السعودية، صفحات 65، 96، 97.

(2) راجع: مقدمة عن آثار المملكة العربية السعودية، صفحات 17، 18، 156. راجع كذلك لوحات 20 أ - ج.

(3) عن النقوش المعينية - السبئية في القسم الشمالي الأوسط من شبه الجزيرة راجع حاشية 20. عن نقش نجران راجع: لوحة 21. راجع كذلك hitti: ذاته 51-52.

(4) توجد هذه النصوص في عدد من المجموعات هي:

cih: corpus inscriptionum semiticarum، pars ouarta، inscriptiones himva riticas et sabaeas continens "I-III". paris، "1889-1929".

res: repertoire depigraphie semitique "V-VII" paris "1928-1950".

sitz. a. w.w. ph hist: kl: sitzungsberichte، akademie der wissenschaft in wien، philosophisch-historische klasse.

se:collection of south arabian texts copied by the south arabia expedition of the academy of sciences in vienna.

كذلك يوجد عدد من هذه النصوص ضمن مجموعة anet مع ترجمة إلى الإنجليزية بقلم a.jamme، كما توجد مجموعات منشورة بأسماء مكتشفيها مثل مجموعات: glazer، halevy، jamme، philby، بينما توجد نقوش متفرقة مصورة في ahmed fakhry: المرجع السابق ذكره، عن نص تمنع في وادي بيهار، راجع: wendell phillips: ذاته، العرب

(5) مقدمة عن آثار المملكة العربية السعودية، ص18. هذا ويوجد بالمنطقة نقش آخر يشير إلى نوع من العلاقات "الخارجية" ولكن بين منطقة ومنطقة في داخل شبه الجزيرة العربية "على اعتبار أن شبه الجزيرة لم تكن تشكل دولة واحدة قبل ظهور الإسلام" ويشير هذا النص "المرجع ذاته، الصفحة ذاتها" إلى أن "أبي كرب" أسعد وابنه حسان ملكي سبأ و"ذوريدان" وحضرموت ويمنات خيما بالمنطقة "وادي ماسل الجمح" أثناء حملتهما على قبيلة سعد الموجودة بها. راجع صورة للنقش في ملحق اللوحات: لوحة 22.

(6) راجع النص في anet صفحات 297-298.

(7) F.Hommel: A Mineaean Inscription of the ptolemaic period، proceedings of the society of biblicaiarchaeology XVI "1984" صفحات 145-149.

h.schwarts: dies inschrifte des wuestentempels in redes je jahrbuch fuer klassische philologie cliii 1896، ص157. N. rhodokanakis die sarkophaginschrift von gizan zeitschrift fuer semitik un verwandte gebete II.

1942، صفحات 113-114. جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج2 بيروت 1969، صفحات 24-27. عبد المنعم عبد الحليم السيد: الجزيرة العربية ومناطقها وسكانها في النقوش القديمة في مصر بحث قدم في الندوة العالمية الأولى لدراسات الجزيرة العربية، الرياض 1977، صفحات 9-11، ويمتاز هذا البحث بأن كاتبه يبين هذا النص في ضوء بقية النصوص العربية النوبية والشمالية التي وجدت في مصر من جهة، والنصوص المصرية التي سبقت ذلك من جهة أخرى.

(8) نص الملك تجلات بيليسر الثالث في anet، ص284، وتبدو المبالغة في عدد 30 ألف من الجمال إذا قارناه بنص آخر من عهد الملك سنحاريب "704-681" arab ج2، ص158، نص رقم 358، وفيه نجد هذا الملك يغنم من ملكة عربية ألف جمل فقط، كذلك نجد نصا من عهد الملك أسرحدون "680-669 ق. م." anet ص 292، يتحدث بأرقام مختلفة هي 50 جملا و 65 جملا، ورغم أن هذه الأرقام الأخيرة هي مجرد زيادة فوق الجزية المقررة على ملكة وعلى ملك، إلا أنها مع ذلك لا يمكن أن تتناسب مع عدد من الجمال يزيد كثيرًا عن الألف.

 

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).