x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
قصة الإعراب عند إبراهيم أنيس
المؤلف: محمد بن ابراهيم الحمد
المصدر: فقه اللغة مفهومه – موضوعاته – قضايا
الجزء والصفحة: ص 423 - 431
21-7-2016
11978
لم تتعرض اللغة العربية لنقد أحد من أبنائها قديماً وحديثاً كما تعرضت من قِبَل الدكتور إبراهيم أنيس، وذلك في كتابه (من أسرار اللغة) وبالذات في الفصل الذي عقده بعنوان: (قصة الإعراب)(1).
وقد كان متوجساً لما سيحدثه ذلك الفصل من ردود أفعال قوية، فأخذ يعتذر لنفسه في مقدمة الكتاب بقوله: (وقد يضيق بعض الناس في مصر بما جاء في هذا الكتاب، ويتنكرون له، ولا سيما الفصل الخاص بقصة الإعراب.
غير أني واثق كل الثقة أن تأكيدي لهم بأني لم أهدف إلا الدراسة العلمية البريئة من الأغراض والأهواء سيشفع لي عندهم فيما يمكن أن يظنوه خروجاً على المألوف المعهود في الدراسة العربية)(2).
وقد بدأ هذا الكتاب بعبارات توحي بأن اللغة مصنوعة، وبأن الإعراب حياكة وصنعة قامت على يد قوم من صناع الكلام حتى أصبح الإعراب حصناً منيعاً؛ فصار الأدباء، والشعراء يخافون من سطوة النحاة، وأصبح كل من يتكلم العربية يخافهم، ويراعي قواعدهم.
وكان يريد من ذلك كله أن يصل إلى أن الإعراب صنعة وليس سليقة، وأن الحركات الإعرابية ليست معروفة عند العرب، وإنما وضعت في أواخر القرن
ص423
الأول، وأن الحركات الإعرابية ليس لها مدلول.
ولهذا سمي ذلك الفصل الذي عقده (قصة الإعراب) وكأنه أراد من هذا العنوان أن يوحي للقارئ أن الإعراب قصة منسوجة، انظر إليه في بداية الفصل وهو يقول:
(ما أروعها قصة، لقد استمدت خيوطها من ظواهر لغوية متناثرة بين قبائل الجزيرة العربية، ثم حيكت، تم نسجها حياكة محكمة في أواخر القرن الأول الهجري، أو أوائل الثاني على يد قوم من صناع الكلام نشأوا معظم حياتهم في البيئة العراقية، ثم لم يكد ينتهي القرن الثاني الهجري حتى أصبح الإعراب حصناً منيعاً، امتنع حتى على الكتاب والخطباء والشعراء من فصحاء العربية، وشق اقتحامه إلا على قوم سُمُّوا فيما بعد: النحاة)(3).
يقول د. رمضان عبدالتواب مبيناً ذلك: (أما الدكتور إبراهيم أنيس فقد بدأ بمقدمة طويلة بين فيها كيف كان للنحاة العرب سلطان على الشعراء والأدباء، وأنهم لم يصادفوا من يهاجمهم إلا في النادر من أمثال (ابن مضاء القرطبي) الذي كتب كتاباً تصدى فيه لدحض علل النحاة.
ثم يذكر الدكتور أنيس أن المحاولة الثانية كانت محاولة إبراهيم مصطفى في كتابه: (إحياء النحو) وأنها كانت محاولة تعليمية؛ لتيسير تلك القواعد الإعرابية على الناشئين.
ثم انتقل الدكتور أنيس بعد ذلك إلى البحث عن آثار هذا الإعراب في
ص424
اللغات السامية الأخرى، غير أنه لم يتعرض للإعراب في الأكادية والحبشية والأوجاريتية، مع أن هذه اللغات الثلاث من أهم اللغات السامية في موضوع الإعراب، واستأثرت العبرية ببحثه في أقل من صفحة، وقال: إنها استأثرت ببحث المستشرقين كذلك، وعلل اعتقادهم في وجود الإعراب في اللغات السامية (بتأثرهم بما حدث في فروع الفصيلة الهندية الأوربية، فقد عرفوا أن الوضع الإعرابي الذي يسمى case ending كان شائعاً في لغاتهم القديمة كاليونانية واللاتينية، وأنه قد فقد من اللغات الأوربية الحديثة كالإنجليزية، والفرنسية، فتصوروا أن ما حدث في التطور التاريخي للفصيلة الهندية الأوربية قد تم مثله في الفصيلة السامية).
وبعد أن استعرض الدكتور أنيس إعراب اللاتينية باختصار، قال: (ولعل أهم فرق بين رموز الأسماء في اللاتينية، وبين حركاتنا الإعرابية أن الرموز اللاتينية لا تسقط مطلقاً من نهاية الأسماء حين الوقف عليها كما يحدث غالباً للحركات الإعرابية في لغتنا مما يجعلنا نرجح أن حركاتنا الإعرابية ليست رموزاً لغوية تشير إلى الفاعلية والمفعولية، أو غير ذلك).
وبعد أن درس ظاهرة الوقف في اللغة العربية ولهجاتها بشيء من التفصيل خرج علينا الدكتور أنيس بنظريته الجديدة في تفسير ظاهرة الإعراب في اللغة العربية)(4).
ص425
وفيما يلي تلخيص لنظرية إبراهيم أنيس(5):
1_ يرى أنه ليس للحركات الإعرابية مدلول ولا معنى، فلا تدل على فاعلية، أو مفعولية، أو إضافة، أو غير ذلك.
2_ يرى أن هذه الحركات إنما أُتي بها للتخلص من التقاء الساكنين، ولوصل الكلمات بعضها ببعض، وهذا هو نفس كلام قطرب.
ولكنه خاف أن يُسأل سؤال قطرب عن سبب التحريك، وتنوعه وعدم ثباته على حركة معينة، فزعم أن هناك عاملين تدخَّلا في تحديد حركة التخلص من التقاء الساكنين.
أحدهما: إيثار بعض الحروف لحركة معينة كإيثار حروف الحلق للفتحة مثلاً.
والآخر: هو الميل إلى تجانس الحركات المتجاورة، أو ما يسمى بـ: المناسبة الصوتية(6).
3_ يرى أن معنى الفاعلية والمفعولية لا يستفاد من هذه الحركات، وإنما من موقع كلٍّ من الفاعل والمفعول في الجملة العربية.
وحاول أن يثبت نظاماً معيناً للجملة العربية القديمة يلي فيها الفاعل الفعل، ويسبق المفعول.
يقول إبراهيم أنيس في قصة الإعراب تحت عنوان: (موقف الفاعل من المفعول في الجملة العربية):
ص426
(نكتفي هنا ببيان قصير عن موضع الفاعل من الجملة، وموضع المفعول منها؛ كي نبرهن على أن الفاعل لا يعرف بضم آخره، ولا المفعول بنصب آخره، بل يعرف كلٌّ منهما _ في غالب الأحيان _ بمكانه من الجملة التي حددته أساليب اللغة)(7).
ثم ضرب عدداً من الأمثلة؛ ليدلل بها على أن العلامات الإعرابية لا معنى لها.
ومن ذلك قوله: (ولا نكاد نعثر في القرآن الكريم على مفعول تقدم فاعله دون أن نعرف للآية وجهاً آخر من القراءات إلا في بضع آيات فيها الفاعل كلمة (الموت) مثل: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ}
{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ}
{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ}
{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ}
فما السر في مثل هذا يا ترى؟ أيكون _ والله أعلم _ نفوراً من التعجيل بذكر كلمة كريهة على النفس البشرية؟ أو أنه كانت هناك قراءات لم تُرْوَ لنا، أو لم نعثر عليها قرئت فيها كلمة (الموت) منصوبة, ويكون المعنى حينئذٍ مشاهدة الموت ومعاينة علاماته وأماراته؟)(8).
4_ يرى أن النحاة حين اعتقدوا أن للحركات مدلولاً حَرَّكوا أواخر الكلمات
ص427
التي لا داعي إلى تحريكها؛ لتطرد قواعدهم الإعرابية؛ فقالوا _ مثلاً _: (الشجر مورق) يقول: (فما السر _إذن_ في إصرار النحاة على تحريك الراء في كلمة الشجر بتلك الحركة الإعرابية المشهورة؟
في الحق أنه لا ضرورة للحركة في مثل هذا الموقع، ولكن النحاة حين أرادوا اطراد قواعدهم الإعرابية توهموا أن هنا _أيضاً_ حركة، والتمسوا لها وجهاً من وجوه الإعراب)(9).
5_ وعندما يأتي إلى الإعراب بالحروف فإنه يرجعه إلى اختلاف اللهجات؛ فيرى أن إحدى صوره تخص قبيلة معينة، والأخرى تخص قبائل أخرى.
فمثلاً بعض القبائل استخدمتها: مسلمون، والأخرى مسلمين، وبعضها تقول: أبو، والأخرى تقول: أبي، والثالثة تقول: أبا.
فجاء النحاة _كما يزعم_ وجمعوا كل هذه الصور، وخصوا كل صورة منها بحالة إعرابية معينة، فهو يفترض مثلاً أن هناك قبائل عربية كانت تنطق المثنى بالياء في جميع الحالات، ثم تطورت الياء فصارت ألفاً عند بعض القبائل في جميع الحالات؛ فلم يفهم النحاة سرَّ الموضوع؛ فجمعوا بين الصورتين، وخصوا الأولى بحالتي النصب والجر، وخصوا الثانية بحالة الرفع.
ويذهب إلى مثل هذا في الأفعال الخمسة، والأسماء الخمسة.
وقد توصل إلى ذلك دونما بينة أو برهان، وإنما قاله اعتماداً منه على أن النحو
ص428
مصنوع(10).
وبعد أن عَرَض لمسألة الإعراب بالحروف قال في نهاية الحديث:
(وهكذا نرى مما تقدم أن ما سماه النحاة إعراباً بالحروف لا يكاد يمتُّ لحقيقة اللغة بصلة، ولا يكاد يعدو _كما رأينا في عرضنا السريع_ أنه كان لبعض الكلمات المعينة أكثر من صورة في اللهجات السابقة، ولكن أصحاب اللهجة الواحدة كانوا يلتزمون صورة واحدة لا ينحرفون عنها في كل الحالات والمواضع)(11).
6_ وعندما تحدث عن الإشارات التي تشير إلى وضع النحو, وتروي فزع العلماء من سماع اللحن في بعض الكلمات، أو الآيات؛ ما جعل العلماء والخلفاء يسعون إلى وضع النحو.
عندما تحدث إبراهيم أنيس عن هذا الموضوع قرر أن الكتب التي تكلمت عن هذه البدايات، وعن تلك الأخبار بأنها مختلقة للطرفة، وإلا فلا أساس لها من الصحة، وإنما أتي بها لبيان أهمية النحو.
وهذا الأمر خطير جداً؛ لأنه يقتضي الطعن في بعض الأخبار الواردة عن الثقات، وببعض النحاة الذين منهم الأئمة والقراء كأبي عمرو بن العلاء وغيره _رحمهم الله_.
هذه صورة مجملة لبعض القضايا التي أثارها الدكتور إبراهيم أنيس في ظاهرة
ص429
الإعراب.
والذي يتأمل ذلك يلحظ أنها دعاوى عريضة تقوم على المجازفة، وتخلو من الدليل، وتصورها كافٍ في الرد عليها، وفساد معظمها يغني عن إفسادها.
ولهذا واجهت اعتراضاً كبيراً، ولم تلق قبولاً لدى أي باحث من الباحثين.
وممن انبرى للرد عليه الدكتور مهدي المخزومي(12)، والدكتور محمد محمد حسين(13).
ومن أبرز الاعتراضات التي أثارها الدكتور المخزومي أن نظرية الدكتور أنيس لا تستطيع أن تفسر اختلاف اللهجات العربية في الوقف مثل لهجة أزد السراة الذين إذا وقفوا على المرفوع نطقوا بضمته وأطالوها فكأنما هي و، فيقولون في الجملتين: هل جاء خالد؟ وهل مررت بخالد؟: خالدو، وخالدي حين يريدون الوقف، فيقول الدكتور المخزومي: (فإذا لم تكن الحركات أعلاماً لمعان قصد إليها المتكلم، بل لم تعد أن تكون حركات يحتاج إليها في الكثير من الأحيان، توصل الكلمات بعضها مع بعض _ فكيف يفسر الوقف على خالد في لغة من ينتظر (وهي لغة أزد السراة)؟
ولماذا كانت الدال مرفوعة ومنصوبة ومخفوضة في الجمل الثلاث؟ ولماذا لا تكسر؛ لتنسجم حركة الدال مع حركة اللام قبلها؟
وعليه فإن القول بأن الحركات إنما هي سد للحاجة إلى وصل الكلمات بعضها
ص430
ببعض، وأنها ليست أعلاماً للمعاني التي قصد إليها المتكلم قول لم يحالفه التوفيق).
وكان كلام الدكتور المخزومي قصيراً في جملته كما أنه لم يشر إلى اللغات السامية الأخرى التي تعارض أصالة الإعراب فيها نظرية الدكتور أنيس تماماً.
هذا وقد رد العلماء على كل قضية من القضايا السابقة بالتفصيل سواء مما أورده المستشرقون، أو مما ادعاه إبراهيم أنيس.
ويقول الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله مبيناً عظم تلك الدعوى التي جاء بها إبراهيم أنيس: (وأبلغ ما يبدو التحامل على علماء النحو واللغة والبلاغة، بل على كتب التراث كلها _ في الفصلين الأخيرين: الثالث والرابع من كتاب إبراهيم أنيس (من أسرار اللغة) اللذين عقدهما تحت عنوان (قصة الإعراب ص198_274) و(الجملة العربية وأجزاؤها ونظامها ص275_352) وفيهما يشيع الشطط والمجازفة والتحامل الظالم الجهول، وكأنه يعرف نفور القارئ من ذلك كله، أو كأنه قصد إليه وتعمده على أسلوب طه حسين في كتاب (الشعر الجاهلي) الذي اختار الاستفزاز والإثارة طريقاً لبلوغ الشهرة، يدل على ذلك قوله في مقدمة هذا الكتاب: (وقد يضيق بعض الناس في مصر بما جاء في هذا الكتاب ويتنكرون له، ولا سيما الفصل الخاص بقصة الإعراب).
ص431
__________________
(1) انظر أسرار اللغة ص178_274.
(2) من اسرار اللغة ص5.
(3) من أسرار اللغة ص198.
(4) فصول في فقه العربية ص329_330
(5) انظر من أسرار اللغة ص198_284، وفصول في فقه العربية ص330_333.
(6) انظر من أسرار اللغة ص250_253.
(7) من أسرار اللغة ص243.
(8) من أسرار اللغة ص245_246.
(9) من أسرار اللغة ص256.
(10) انظر من أسرار اللغة ص270_274.
(11) من أسرار اللغة ص274.
(12) في كتابه (مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو) ص249-256.
(13) في كتابه مقالات في الأدب واللغة ص87_93.