1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الاندلسي :

أمراء الطوائف

المؤلف:  شوقي ضيف

المصدر:  عصر الدول و الإمارات ،الأندلس

الجزء والصفحة:  ص 35-38

24-3-2016

2561

أمراء الطوائف(1) :

 تقوّض الصرح الشامخ الذي شاده بالأندلس أمراء البيت الأموي و خلفاؤه، و نشأ عن ذلك تفكك الدولة و استقلال مدنها الكبرى بأعمالها و قيام النظام المسمى بنظام أمراء الطوائف أو ملوك الطوائف، و قد بدأ منذ زمن الفتنة (٣٩٩-4٢٢ ه‍) إذ أخذت العناصر المختلفة تقتسم تلك البلدان، فكان للصقالبة أكثر بلدان الشرق و للعرب و البربر بلدان الموسطة و الغرب و الجنوب. و تنافست هذه البلدان تنافسا أدى إلى طور حضاري راق كما أدى إلى نهضة واسعة في الأدب و العلم. و في الوقت نفسه أخذت تتحارب فيما بينها، بل أدهى من ذلك أن بعض أولئك الأمراء أدى الجزية صاغرا لمسيحيي الشمال مما قوّى في نفوسهم فكرة استرداد الأندلس من العرب المسلمين. و نقف قليلا عند أهم المدن التي تكوّنت فيها هذه الإمارات.

   و أول مدينة نقف عندها قرطبة و قد اجتمع الملأ فيها أو كبار رجالاتها و وقع اختيارهم على أبي الحزم جهور ليكون أمينا على حكمها، و بذلك تأسّس فيها نظام جمهوري ارستقراطي يرأس الحكم فيه أبو الحزم جهور، و يساعده مستشارون يأخذ بمشورتهم في المسائل المهمة، و خلفه في الحكم سنة 4٣5 ابنه أبو الوليد محمد باتفاق الملأ، و فوّض التدبير إلى ابنه عبد الملك، فأساء السيرة و حاصره المأمون بن ذي النون، فاستغاث بالمعتمد بن عباد أمير إشبيلية، فوجه إليه ابنه الظافر سنة 46٢ في عسكر كثيف ففك ابن ذي النون حصاره، و غدر الظافر بعبد الملك فخلع بني جهور عن قرطبة و نفاه مع أبيه إلى شلطيش في الجنوب الغربي للأندلس، و اغتال حريز بن عكاشة الظافر ليلا، فأقبل المعتمد بجنوده و هرب ابن عكاشة و لحقته خيل فقتلته، و دخل المعتمد قرطبة و ولى عليها ابنه المأمون فظل يدير شئونها إلى أن قتله المرابطون سنة 4٨4 للهجرة.

و تعدّ إمارة إشبيلية أهم إمارات الطوائف لما قادت من حركة أدبية و علمية كبرى و لما صار إليها من بلدان كثيرة في شرقي الأندلس و غربيها، و أول من جمع زمام الحكم بيده بها قاضيها محمد بن إسماعيل اللخمي منذ سنة 4١4 إلى أن توفى سنة 4٣٣ و خلفه ابنه عباد الملقب بالمعتضد و كان جبارا سفاكا للدماء و أحاط نفسه بكوكبة كبيرة من الشعراء و اتسع بسلطانه على حساب جيرانه من العرب و البربر بينما كان يرهب المسيحيين في الشمال رهبة شديدة حتى ليدفع لهم الجزية صاغرا، و بذلك كان معولا كبيرا لهدم الإسلام و العروبة في الأندلس. و توفى سنة 46١ فخلفه ابنه المعتمد و في عهده بلغت الإمارة الذروة في السلطان إذ دان له كثير من البلدان في غربي الأندلس مثل قرمونة و شريش و شلب و في شرقيها مثل مالقة و مرسية، و ظل مثل أبيه يدفع الجزية صاغرا لملك ليون و قشتالة، و كان شاعرا و اجتمع له من الشعراء ما لم يجتمع لأي حاكم أندلسي، و كان مولعا بالشراب و مجالس الغناء، و عزله يوسف بن تاشفين في عبوره سنة 4٨4 و نفاه إلى أغمات في المغرب، و بها توفى سنة 4٨٨ للهجرة.

و قامت في الجنوب إمارة ثالثة هي إمارة غرناطة تملكتها صنهاجة و أول أمرائهم بها زاوى بن زيرى الذي اشتهر بهزيمته لخيران أمير المرية حين بايع المرتضى المرواني بالخلافة و زحف به على غرناطة. و خاف الكرة عليه من أهل الأندلس فرحل بما حازه من الأموال و الذخائر إلى موطنه في المغرب، و خلفه بغرناطة ابن أخيه حبوس بن ماكسن (4١٠-4٢٩ ه‍) و ورثه ابنه باديس (4٢٩-465 ه‍) و كان من أبطال الحروب و عظم سلطانه بهزيمته لزهير صاحب المرية و قتله سنة 4٢٩ ه‍ و خلفه حفيده عبد اللّه بن بلقّين، و ظل على غرناطة، إلى أن سلمها ليوسف بن تاشفين سنة 4٨4 للهجرة.

و قامت في الثغر الأعلى إمارة سرقسطة، ثار بها منذر بن يحيى التجيبى ممدوح ابن درّاج، و توفى سنة 4١4 فخلفه عليها ابنه المظفر يحيى و بعده ابنه منذر، و كان له ابن عم متهور كثير الحسد له فدخل عليه قصره و قتله، فانتهز الفرصة واليه على لاردة-و قيل على تطيلة-سليمان بن أحمد بن هود و انقضّ على سرقسطة سنة 4٣١، فهرب القاتل و خلصت له و لعقبه، و وليها بعده ابنه المقتدر أحمد و هو عميد بني هود و كان فارسا مغوارا و له غزوات مشهورة للمسيحيين في الشمال، و كان شاعرا و ممدّحا للشعراء. و جمع ألفونس السادس ملك ليون و قشتالة جيشا ضخما للاستيلاء على سرقسطة و باءت حملته بالإخفاق الذريع فأعاد الكرة سنة 456 و فاجأ النور مانديون بلدة بربشتر على مسافة 6٠ كيلو مترا في الشمال الشرقي من سرقسطة و اقتحموها و أنزلوا بأهلها مذبحة بشعة و سبوا منها خمسة آلاف من النساء و العذارى و باعوهن في الأسواق بيع الإماء، و بارك البابا إسكندر هذا العمل الوحشي الفظيع. و استعاد المقتدر البلدة حين استدار العام و مزّق المعتدين شر ممزق، و دانت له و شقة في الشمال الغربي من بربشتر و طرطوشة في الجنوب الشرقي من سرقسطة، و أخرج إقبال الدولة بن مجاهد من دانية على البحر المتوسط و أدخلها في إمارته، و توفى سنة 4٧4 و خلفه ابنه المؤتمن يوسف و كان شجاعا باسلا و حاميا للعلماء و الشعراء و توفى سنة 4٧٨ فولى بعده ابنه المستعين أحمد، و حين استولى يوسف بن تاشفين على ديار أمراء الطوائف رأى أن يتركه حاجزا بينه و بين المسيحين في الشمال، و توفى شهيدا في حروبه معهم سنة 5٠٣ و خلفه ابنه عماد الدولة عبد الملك، و حاول على بن يوسف بن ناشفين أخذ الإمارة منه، فاستعان بالنصارى و تملكها المرابطون حتى سنة 5١٢ إذ حاصرها النصارى و استولوا عليها و أخذوا في تملك بلاد الثغر الشمالي الأعلى إلى أن ملكوها جميعا.

و من الإمارات المهمة في موسطة الأندلس إمارة طليطلة ثار فيها زمن الفتنة في أواخر الدولة الأموية قاضيها ابن يعيش، و توفى سنة 4١٩ فتملكها إسماعيل بن ذي النون و أسرته البربرية طوال حقبة أمراء الطوائف، و توفى سنة 4٢٩ فخلفه فيها ابنه المأمون يحيى، و هو أعظم أمرائها قدرا، اجتمع عنده جلّة من الشعراء و الكتاب، و عنى ببناء قصر له تأنق فيه غاية التأنق مما جعل الأدباء و الشعراء يطنبون في وصفه، و توفى سنة 46٧ و خلفه حفيده القادر يحيى و كان قصير النظر سيء التدبير، و فغر ألفونس السادس فاه على ثغوره و جعل يطويها-كما يقول ابن سعيد-طي السجل للكتاب، فثار عليه أهل طليطلة و هرب إلى بعض حصونه و تملكها المتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس لمدة عشرة أشهر، و استردها القادر بمعونة ألفونس السادس، و أسلمها له سنة 4٧٨ على أن يساعده في أخذ بلنسية، فأخذها لمدة عامين إلى أن قتل سنة 4٨١. و كان قد تملكها زمن الفتنة صقلبيّان هما مبارك و مظفر و صارت لحفيد للمنصور بن أبي عامر يسمى عبد العزيز سنة 4١٧ و ظل يدبر شئونها حتى سنة 45٢ و وليها بعده ابنه المظفر عبد الملك، و استولى عليها القادر و ثار عليه قاضيها ابن جحّاف، و أخذ فارس نصراني يغير عليها هو السيد القنبيطور و استسلمت له سنة 4٨٧ فنكل بأهلها و ذبح الآلاف منهم و أحرق قاضيها حيّا، و مات سنة 4٩٢ و استولى عليها المرابطون سنة 4٩5.

و من إمارات الشرق المهمة-بجانب إمارة بلنسية-إمارة دانية تملكها أول الأمر في مدة أمراء الطوائف مجاهد الصقلبي منذ سنة 4٠5 إلى سنة 4٣6 و كان محبا للعلماء مجزلا العطاء لهم و للشعراء، و كان قد تملك مع دانية جزر البليار، و خلفه ابنه على الملقب بإقبال الدولة و منه تسلم دانية المقتدر صاحب سرقسطة سنة 46٨ و خلفه على ميورقة مولاه أغلب و تولاها بعده مبشر الصقلبي و آلت إلى المرابطين.

و من الإمارات المهمة في الشرق مرسية، و هي-كما أسلفنا-من بنيان عبد الرحمن الأوسط، و ثار بها في زمن أمراء الطوائف المرتضى المرواني و بايعه الصقالبة الذين تغلبوا على الشرق و ذهبوا به إلى غرناطة، فهزمهم زاوى بن زيرى و قتل المرتضى في المعركة، و خلفه على مرسية أبو عبد الرحمن بن طاهر، و ثار عليه أهلها و راسلوا المعتمد بن عباد فأرسل إليهم وزيره ابن عمار الشاعر فأخذها من يده و ثار بها لنفسه، و ثار عليه القائد عبد الرحمن بن رشيق، و تملكها أبو الحسن بن اليسع باسم المعتمد بن عباد ثم صارت للمرابطين. و من إمارات الشرق أيضا المرية و هي من بنيان الناصر على البحر المتوسط و قد تملكها الصقالبة ثم معن بن صمادح إلى أن توفى سنة 44٣ و ورثها ابنه المعتصم، و كان شاعرا و كريما جزل العطاء للشعراء، توفى سنة 4٨4 و جيش المرابطين يحاصره.

و من إمارات الغرب المهمة إمارة بطليوس، تملكها زمن أمراء الطوائف الأفطس عبد اللّه حتى سنة 4٣٠ فورثها عنه ابنه المظفر و هو من أعلم أمراء الطوائف و آدابهم، و خلفه عليها ابنه المتوكل سنة 46٠ و يؤثر له أنه انتدب أبا الوليد الباجي كبير فقهاء الأندلس في زمنه ليدعو أمراء الطوائف إلى توحيد كلمتهم ضد نصارى الشمال، غير أن دعوته-بسبب أطماعهم-ذهبت أدراج الرياح، و من يد المتوكل أخذ المرابطون هذه الإمارة و ما كان يتبعها من المدن مثل أشبونة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)انظر في هؤلاء الأمراء الذخيرة لابن بسام و المغرب لابن سعيد في بلدانهم و الجزء الرابع من تاريخ ابن خلدون و الحلة السيراء لابن الأبار في تراجمها، و كذلك التكملة، و الجزء الثاني و الثالث من البيان المغرب (طبع باريس) و الثاني من أعمال الأعلام (طبع بيروت) و كذلك الرابع بتحقيق د. إحسان عباس (طبع بيروت) و نفح الطيب للمقري (بتحقيق إحسان) في مواضع مختلفة و التبيان: مذكرات الأمير عبد اللّه بن بلقين آخر أمراء غرناطة (طبع دار المعارف) و دول الطوائف لمحمد عبد اللّه عنان (طبع القاهرة) و الصقالبة للعبادي (طبع مدريد) و الإسلام في المغرب و الأندلس لبروقنسال (ترجم إلى العربية) طبع القاهرة و التاريخ الأندلسي لعبد الرحمن الحجي و معالم تاريخ المغرب و الأندلس لحسين مؤنس و تاريخ البحرية الإسلامية في المغرب و الأندلس لعبد العزيز سالم و العبادي (طبع بيروت) .

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي