x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
القوى البحرية في الجيوبوليتيكا
المؤلف: محمد رياض
المصدر: الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا
الجزء والصفحة: ص 76-80
18-1-2016
4799
كان على عكس راتزل وماكيندر وهاوسهوفر ومدرسة ميونخ الذين تبنوا افتراض سيطرة متعاظمة للقوى الأرضية، نجد مجموعة أخرى من الجيوبوليتيكيين الذين يرون للقوى البحرية أفضلية تمكنهم من السيطرة العالمية.
وأقدم هؤلاء الجيوبوليتيكيين المحدثين هو الأميرال ألفرد ماهان A. T. Mahan (1840 – 1914) القائد البحري الأمريكي، والذي نال شهرة واسعة كمؤرخ واستراتيجي بحري ممتاز، لم يكن ماهان إذن جغرافيا، لكنه تعرض في دراساته للموقع الجغرافي وأثره في نمو السيطرة البحرية، وهو حينما يكتب عن القوة البحرية فإنه يعني القوة العسكرية التي يمكن نقلها بالبحر إلى المكان المطلوب، دون أن يعني مجرد الأسطول البحري، ومن ثم فإن التحكم في البحار يعني لديه التحكم في القواعد البرية التي تتميز بالمواقع الاستراتيجية المتحكمة في النقل البحري والقواعد البحرية التي تحميها أشكال السواحل من جهة وعمق خلفيتها الأرضية من جهة ثانية.
وتصبح كتابات ماهان عن السيطرة البحرية مهمة وذات طابع جغرافي حينما يتناول العالم كله في نظرة استراتيجية، وقد أعرب عن ذلك الاتجاه الجغرافي الجيوبوليتيكي لأول (مشكلات آسيا) المنشور ، ١٩٠٠(1)الذي يركز فيه على مشكلات أورو آسيا، وقد شعر أن قارات العالم الشمالية هي مفتاح السيطرة العالمية، وأن قناتي السويس وبنما هما الحدود الجنوبية لعالم الشمال المتميز بتكاثف الحركة التجارية والسياسية العالمية.
ويؤكد ماهان أن أورو آسيا هي أهم جزء في العالم الشمالي، وأن روسيا تحتل موقعا أرضيا مسيطرا في آسيا، وأكد أنها ذات منعة ضد المهاجمين، بل شعر أن من غير الممكن مهاجمتها، ومع ذلك فهو يرى في هذا الموقع الأرضي المنيع مساوئ معينة أهمها أنها كتلة أرضية محبوسة.
ويصف ماهان المناطق الآسيوية بين درجات العرض ٤٠ ،٣٠ شمالا بأنها نطاق الاحتكاك والصراع بين روسيا وبريطانيا بين القوى الأرضية والقوى البحرية. وبما أنه يرى في القوى البحرية مفتاح السيطرة العالمية فإنه — بناء على ذلك — يتنبأ بأن بإمكان كل من بريطانيا وأمريكا المتحالفتين الحصول على السيادة العالمية باستخدامهما — احتلال — قواعد عسكرية تحيط بأورو آسيا نظرا لتفوق الحركة البحرية على الحركة الأرضية.
بل إن ماهان قد تنبأ بأن تحالفا بين الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان قد يحدث في يوم من الأيام ضد روسيا والصين معا، وعلى هذا فإن باستطاعتنا أن نقول إن ماهان قد كتب قبل ماكيندر بأربع سنوات عن أهمية الجزيرة العالمية أورو آسيا وعن الهرتلاند روسيا لكنه توصل إلى نتائج عكسية تماما لما توصل إليه ماكيندر من نتائج، ولعل ذلك مرتبط بشخص ماهان كرجل بحر يؤمن باستراتيجية البحار قبل كل شيء، كما أننا لا نعفي ماهان من تأثره بالأحوال السياسية التي عاصرها، حينما كانت بريطانيا في أوج مجدها العالمي مستندة في ذلك إلى موقع جزري آمن قاعدة بحرية ذات عمق أرضي وأكبر أسطول بحري حربي وتجاري في العالم، وقواعد حربية هامة عند مداخل البحار وعلى طول شرايين التجارة البحرية العالمية، كما أن تنبؤه ببزوغ نجم أمريكا يرتكز هو الآخر على كونها دولة شاسعة في صورة جزيرة ضخمة آمنة من أحداث وقوى أورو آسيا.
والحقيقة أن ماهان قد قام بدور كبير في الدعوة إلى إنشاء أسطول أمريكي قوي، وشق قناة (بنما) والحصول على قواعد بحرية أمريكية في الخارج احتلال الفلبين 1898 بعد الحرب مع إسبانيا، وكذلك فرض حمايتها على جزيرة كوبا واحتلال جزر جوام وهاواي في وسط المحيط الهادي واحتلال بورتوريكو لتأمين مدخل الملاحة في البحر الكاريبي وبذلك فإنه قد أثبت أن الآراء الجيوبوليتيكية يمكن أن تعمل لخدمة مصالح الدولة، تماما كما فعل هاوسهوفر ومدرسة ميونخ، لكن الفارق بين ماهان والجيوبوليتيكا الألمانية ربما يكمن في هزيمة ألمانيا.
ويمكننا أن نعد نيكولاس سبيكمان (N. Spykman(2 خليفة ماهان في استراتيجيته التي تناهض تفوق الهرتلاند وسيادته، لكنه لا يتفق مع ماهان في سيادة القوى البحرية، بل نراه في كل أفكاره يتأثر تأثرا عميقا بماكيندر في كل شيء سوى النتائج السياسية ( انظر خريطة 1 ).
لقد كان سبيكمان يخشى من سيطرة ألمانيا على القارة الأوروبية ومن ثم على الهرتلاند الأورو آسيوي، وبذلك يمهد الطريق للسيطرة العالمية الجرمانية، لهذا كان هدفه التطبيقي أن تعقَد محالفة بين أمريكا وبريطانيا كقوة بحرية، والاتحاد السوفيتي كقوة أرضية لمنع ألمانيا من تنفيذ مخططها العالمي.
وقد رأى سبيكمان في (الهلال الهاشمي) الذي يحيط بالهرتلاند عند ماكيندر مفتاح السياسة العالمية، ولهذا يسمي هذه الأراضي Rimland) أو الحافة التي تضم أوروبا البحرية الغربية والشرق الأوسط والهند وجنوب شرق آسيا والصين، هذا الإطار يتمتع بعدد كبير من السكان ومصادر ثروة غنية بالإضافة إلى استخدام البحر كخطوط حركة أساسية للتجارة والحرب.
وفي الحقيقة نجد سبيكمان يتبنى كل آراء ماكيندر، لكنه يعكس النتائج في قول مأثور مشابه لقول ماكيندر ويغايره، فهو يقول: من يحكم الإطار يحكم أورو آسيا، ومن يحكم أورو آسيا يتحكم في مصير العالم، ولكن تقطع الإطار وتقسمه بين القوى الأوروبية والأمريكية يجعل من المستحيل قيام الإطار بهذا الدور، أما إذا تمكنت دولة واحدة من السيطرة عليه فإن دور الإطار سيصبح واضحا في الحصول على السيطرة على العالم، وهو يخشى أن تتمكن ألمانيا من السيطرة على الإطار بعد أن تحتل أوروبا الغربية، ويصف سبيكمان الهرتلاند بأنه حقا قلب الكتلة الأرضية الكبيرة، لكنه قلب ميت لأنه حبيسالإطار من ناحية والتندرا والمحيط القطبي من ناحية ثانية، كما أنه قليل الثروات باستثناء التركستان والأورال؛ لأن بقية القلب تتكون من أراض موحشة جافة أو تحتلها مساحات شاسعة من الغابات المخروطية الباردة وأراضي الصقيع الدائم.
لكن نتائج سبيكمان تتميز بعدم الكفاية والبعد عن الإمكانية العملية، فمن الواضح أن منطقة الإطار لا يمكن أن تكون قوة واحدة، كما أن الإطار ليس سوى نطاق هامشي مهدد من الهرتلاند في الداخل والقوى الهامشية البحرية off Shore من الخارج وبريطانيا واليابان وشمال أفريقيا من مصر إلى المغرب، ولهذا إذا كان لقوى الإطار أن تنجح في تكوين وحدة أوروبية غربية، فإن هذا النجاح يتوقف على أن تفرض أوروبا المتحدة سلطانها المطلق على البحر المتوسط كله والشرق الأوسط كخطوة أولى، ثم السيطرة على بقية أفريقيا وأستراليا كخطوة ثانية تمهيدا للخطوة الحاسمة، وهي الاستيلاء على بقية الإطار في آسيا الجنوبية والشرقية.
وواضح مدى صعوبة هذه الإمكانية التي تجعلها في باب المستحيل، وبفرض أن المستحيل يمكن أن يحدث، فإن ذلك لا يدخل باب الاحتمالية إلا إذا كان هناك اتفاق وتفاهم بين هذه القوة الأوروبية المتوسعة وبين قوة الهرتلاند أو القوة الأمريكية، وفي مثل هذه الحالة توافق إحدى القوتين الهرتلاند أو أمريكا على مثل هذا التوسع دون أن يصيبها شيء منه؟ فإذا أصابت جزءا من الإطار، فإن فكرةَ تكوين قوة واحدة تسيطر على الإطار كله فكرة لا يمكن تحقيقها.
وعلى الصورة نفسها يمكن أن نقول إن الصين قد يمكنها أن تستولي على جنوب آسيا وشرقها، لكنها لن تتمكن من الاستيلاء على الإطار في الشرق الأوسط أو أوروبا دون اتفاق مع الهرتلاند.
إن أهمية الإطار اليوم لا تقع في إمكان قيامه كقوى موحدة، بل في أنه يقع تحت تأثير المنافسة بين القوى الخارجية عنه: أمريكا واليابان وبريطانيا والاتحاد السوفيتي، بل إن أفريقيا جنوب الصحراء وأستراليا تقع أيضا ضمن مجال هذه المنافسة، ودور أفريقيا في هذه المنافسة والصراع أصبح يتضح بجلاء كلما مر الوقت، وقد سبق لماكيندر أن أطلق على أفريقيا اسم الهرتلاند الثاني، لكنها حتى الآن ما زالت مرتبطة بعلاقات سياسية استراتيجية اقتصادية بدول الإطار.
وهكذا فإن بقاء الإطار مقسما بين دول عديدة مستقلة أو محايدة أو داخلة في فلك دول أخرى يبقي على توازن القوى العالمية، ويمنع تكوين قوة واحدة تسيطر على العالم، لكن ليس معنى هذا أن الإطار مؤهل للسيطرة العالمية على النحو السابق الشرح. وفي الوقت الحاضر نجد خطوط الحركة الداخلية بين الإطار والقوى الداخلية الكبرى كالصين أقوى من القوى البحرية التي يمكن أن تدعم دول الإطار دون تدخل القوى الداخلية، ولنا على ذلك مثالان في آسيا الشرقية والجنوبية الشرقية.
فإن القوى البحرية الأمريكية تدعمها قواعدها الضخمة في اليابان والفلبين وحلف جنوب شرق آسيا لم تستطع أن تمنع خطوط الاتصال الأرضي الداخلي بين الصين والاتحاد السوفيتي وكوريا الشمالية أو فيتنام الشمالية، وقد ظلت كل من كوريا وفيتنام الشمالية مركزا لقوى مناهضة بنجاح للقوى الأمريكية البحرية والجوية والأرضية، وهذا دليل واضح على أن القوى البحرية قد نالت أكثر مما هي عليه من مميزات في آراء كل من ماهان وسبيكمان.
إن تغلغل النفوذ الصيني عبر الخطوط الحديدية إلى سنكيانج تركستان الصينية والنفوذ الصيني إلى التبت وكوريا وفيتنام ليعبر عن قوى كبيرة من قوى الإطار في اتجاه الداخل، لكن يقابل ذلك أيضا القوى السوفيتية المتقدمة من الهرتلاند صوب التركستان، ولعل الخط الحديدي الجديد يربط سنكيانج بتركستان الروسيا أكثر من الصين، على أي الحالات فإن ماكيندر في عام ١٩٠٤ قد أشار إلى إمكانية نمو القوى الصينية صوب الداخل، وأن نطاق الهضاب الشاسعة والجبال العالمية والصحارى الواسعة في منغوليا والتبت وحوض تاريم وجبال كون لون وغيرها تعد عائقا طبيعيا أمام منافسة السوفيت الجدية، وبذلك فإن الصين هي الدولة الوحيدة من دول الإطار التي يمكن أن تتوسع داخليا على خطوط الانتقال والحركة إلى مساحات كبيرة، بينما لا يمكن لأوروبا أن تتوسع في الأراضي المقابلة لها من الداخل؛ لأنها تقع تحت الضغط المباشر للهرتلاند والقوى السوفيتية الجديدة.
_____________________
(1) Mahan, A. T. “The Problems of Asia and its Effects Upon International policies”, Boston 1900. “The Infleunce of Sea Power on History” 1890.
(2)Renner, G. “Peace by the Map” 1944.